المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السادس والثمانون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌الحديث السادس والثمانون

‌الحديث السادس والثمانون

135 -

عن عائشة رضي الله عنها: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في خميصةٍ لَها أعلامٌ. فنظر إلى أعلامها نظرةً ، فلمّا انصرف ، قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهمٍ ، وأتوني بأنبجانيّة أبي جهمٍ. فإنّها ألْهتني آنفاً عن صلاتي. (1)

قال المصنِّف: الخميصة كساء مربع له أعلام. والأنبجانية: كساء غليظ

قوله: (خميصة) بفتح المعجمة وكسر الميم وبالصّاد المهملة، وهي كساء من صوف أسود أو خزّ مربّعة لها أعلام، ولا يُسمّى الكساء خميصة إلَاّ إن كان لها علم.

والأنبجانيّة: بفتح الهمزة وسكون النّون وكسر الموحّدة وتخفيف الجيم وبعد النّون ياء النّسبة ، كساء غليظ لا علم له.

وقال ثعلب: يجوز فتح همزته وكسرها، وكذا الموحّدة، يقال كبش أنبجانيّ إذا كان ملتفّاً، كثير الصّوف وكساء أنبجانيّ كذلك.

وأنكر أبو موسى المدينيّ على من زعم أنّه منسوب إلى منبج البلد المعروف بالشّام.

قال صاحب الصّحاح: إذا نسبت إلى منبج فتحت الباء. فقلتَ:

(1) أخرجه البخاري (366 ، 719 ، 5479) ومسلم (556) من طرق عن الزهري عن عروة عن عائشة به.

وللبخاري (366) معلّقاً ، ووصله مسلم (556) عن هشام عن أبيه عن عائشة نحوه.

ص: 160

كساء منبجانيّ أخرجوه مخرج منظرانيّ.

وفي الجمهرة: منبج موضع أعجميّ تكلمت به العرب ، ونسبوا إليه الثّياب المنبجانيّة.

وقال أبو حاتم السّجستانيّ: لا يقال كساء أنبجانيّ. وإنّما يقال منبجانيّ، قال: وهذا ممّا تخطئ فيه العامّة.

وتعقّبه أبو موسى كما تقدّم. فقال: الصّواب أنّ هذه النّسبة إلى موضع يقال له أنبجان، والله أعلم.

قوله: (إلى أبي جهم) كذا للأكثر وهو الصحيح. وللكشمهني " جهيم " بالتصغير. وهو عبيد الله ، ويقال عامر بن حذيفة القرشيّ العدويّ صحابيّ مشهور.

وإنّما خصّه صلى الله عليه وسلم بإرسال الخميصة؛ لأنّه كان أهداها للنّبيّ صلى الله عليه وسلم كما رواه مالك في " الموطّأ " من طريق أخرى عن عائشة قالت: أهدى أبو جهم بن حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها علم فشهد فيها الصّلاة، فلمّا انصرف ، قال: ردّي هذه الخميصة إلى أبي جهم.

ووقع عند الزّبير بن بكّارٍ ما يخالف ذلك، فأخرج من وجه مرسل ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أتي بخميصتين سوداوين فلبس إحداهما ، وبعث الأخرى إلى أبي جهم.

ولأبي داود من طريق أخرى " وأخذ كرديّاً لأبي جهم، فقيل: يا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم الخميصة كانت خيراً من الكرديّ.

قال ابن بطّالٍ: إنّما طلب منه ثوباً غيرها ليعلمه أنّه لَم يردّ عليه

ص: 161

هديّته استخفافاً به، قال: وفيه أنّ الواهب إذا ردّت عليه عطيّته من غير أن يكون هو الرّاجع فيها. فله أن يقبلها من غير كراهة.

قلت: وهذا مبنيّ على أنّها واحدة، ورواية الزّبير والتي بعدها تصرّح بالتّعدّد

قوله: (بأنبجانيّة أبي جهمٍ) وللبخاري " بأنبجانية أبى جهم بنِ حذيفةَ بن غانم من بنى عدى بن كعب ". وبقية نسبِه مُدرج في الخبر من كلام ابن شهاب

قوله: (ألهتني) في رواية لهما " شغلتني ". يقال لَهِي بالكسر إذا غفل، ولَهَا بالفتح إذا لعب.

قوله: (آنفاً) أي: قريباً، وهو مأخوذٌ من ائتناف الشّيء. أي: ابتدائه.

قوله: (عن صلاتي) أي: عن كمال الحضور فيها، كذا قيل.

والطّريق التي علَّقها البخاري عقب الحديث ، وقال هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال النبي صلى الله عليه وسلم: كنت أنظر إلى علِمها، وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني. تدلّ على أنّه لَم يقع له شيء من ذلك ، وإنّما خشي أن يقع لقوله " فأخاف ". وكذا في رواية مالك " فكاد " فلتؤوّل الرّواية الأولى.

وطريق هشام بن عروة. أخرجه أحمد وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود من طريقه، ولَم أر في شيء من طرقهم هذا اللفظ.

نعم. اللفظ الذي ذكرناه عن الموطّأ قريب من هذا اللفظ المعلَّق،

ص: 162

ولفظه: " فإنّي نظرت إلى علمها في الصّلاة فكاد يفتنني ".

والجمع بين الرّوايتين بحمل قوله " ألهتني " على قوله " كادت " فيكون إطلاق الأولى للمبالغة في القرب لا لتحقّق وقوع الإلهاء.

قال ابن دقيق العيد: فيه مبادرة الرّسول صلى الله عليه وسلم إلى مصالح الصّلاة، ونفي ما لعله يخدش فيها. وأمّا بعثه بالخميصة إلى أبي جهم فلا يلزم منه أن يستعملها في الصّلاة. ومثله قوله في حلة عطارد حيث بعث بها إلى عمر " إنّي لَم أبعث بها إليك لتلبسها "، ويحتمل: أن يكون ذلك من جنس قوله " كل فإنّي أناجي من لا تناجي ".

ويستنبط منه كراهية كلّ ما يشغل عن الصّلاة من الأصباغ والنّقوش ونحوها. وفيه قبول الهديّة من الأصحاب والإرسال إليهم والطّلب منهم.

واستدل به الباجيّ على صحّة المعاطاة لعدم ذكر الصّيغة.

وقال الطّيبيّ: فيه إيذانٌ بأنّ للصّور والأشياء الظّاهرة تأثيراً في القلوب الطّاهرة والنّفوس الزّكيّة، يعني فضلاً عمّن دونها.

تنبيهٌ: قوله " فأخاف أن تفتنّي " في روايتنا بكسر المثنّاة وتشديد النّون، وفي رواية الباقين بإظهار النّون الأولى وهو بفتح أوّله من الثّلاثيّ.

تكميل: قال البخاري: باب الالتفات في الصلاة. ثم روى حديث عائشة ، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة؟ فقال: هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد. ثم أورد حديث

ص: 163

الباب.

لَم يبين البخاري حكمَه؛ لكن الحديث الذي أورده دلَّ على الكراهة وهو إجماع؛ لكن الجمهور على أنها للتنزيه.

وقال المتولي: يحرم إلا للضرورة، وهو قول أهل الظاهر.

وورد في كراهية الالتفات صريحاً على غير شرط البخاري عدة أحاديث.

منها: عند أحمد وابن خزيمة من حديث أبي ذر رفعه: لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لَم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف " ومن حديث الحارث الأشعري نحوه. وزاد " فإذا صليتم فلا تلتفتوا ". وأخرج الأول أيضاً أبو داود والنسائي.

والمراد بالالتفات المذكور ما لَم يستدبر القبلة بصدره أو عنقه كله.

وسبب كراهة الالتفات. يحتمل: أن يكون لنقص الخشوع، أو لترك استقبال القبلة ببعض البدن.

قوله: (هو اختلاس) أي: اختطاف بسرعة. قال الطيبي: سُمي اختلاسا تصويراً لقبح تلك الفعلة بالمختلس؛ لأنَّ المصلي يقبل عليه الرب سبحانه وتعالى، والشيطان مرتصد له ينتظر فوات ذلك عليه، فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة.

ثم أورد البخاري حديث عائشة في قصة أنبجانية أبي جهم، ووجه دخوله في الترجمة أنَّ أعلام الخميصة إذا لَحَظَها المصلِّي وهي على عاتقه كان قريباً من الالتفات ، ولذلك خلعها معللاً بوقوع بصره على

ص: 164

أعلامها ، وسَمَّاه شغلاً عن صلاته.

وكأن البخاري أشار إلى أنَّ علة كراهة الالتفات كونه يؤثر في الخشوع كما وقع في قصة الخميصة. ويحتمل: أن يكون أراد أن ما لا يستطاع دفعه معفو عنه؛ لأنَّ لَمْح العين يغلب الإنسان ، ولهذا لَم يُعِد النبي صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة.

ص: 165