المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث المائة وعشرة - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌الحديث المائة وعشرة

‌الحديث المائة وعشرة

159 -

عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ رضي الله عنه ، قال: شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الخوف فصففنا صفّين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. والعدوّ بيننا وبين القبلة ، وكبّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكبّرنا جميعاً ، ثمّ ركع وركعنا جميعاً ، ثمّ رفع رأسه من الرّكوع ورفعنا جميعاً ، ثمّ انحدر بالسّجود والصّفّ الذي يليه ، وقام الصّفّ المؤخّر في نحر العدوّ ، فلمّا قضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم السّجود ، وقام الصّفّ الذي يليه: انحدر الصّفّ المؤخّر بالسّجود ، وقاموا ، ثمّ تقدّم الصّفّ المؤخّر، وتأخّر الصّفّ المقدّم ، ثمّ ركع النّبيّ صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعاً ، ثمّ رفع رأسه من الرّكوع ورفعنا جميعاً ، ثمّ انحدر بالسّجود ، والصّفّ الذي يليه - الذي كان مؤخّراً في الرّكعة الأولى - فقام الصّفّ المؤخّر في نحر العدوّ ، فلمّا قضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم السّجود والصّفّ الذي يليه ، انحدر الصّفّ المؤخّر بالسّجود فسجدوا ، ثمّ سلَّم صلى الله عليه وسلم وسلَّمنا جميعاً.

قال جابرٌ: كما يصنع حرسكم هؤلاء بأمرائهم. وذكره مسلمٌ بتمامه. (1)

وذكر البخاريّ طرفاً منه: وأنّه صلَّى صلاة الخوف مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في الغزوة السّابعة ، غزوة ذات الرّقاع.

(1) أخرجه مسلم (840) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر به.

ورواه أيضاً (840) من طريق أبي الزبير عن جابر. وسيذكره الشارح.

ص: 401

قوله: (وذكر البخاريّ طرفاً منه) قال البخاري: وقال لي عبد الله بن رجاء، أخبرنا عمران القطان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه .. الحديث " كذا لأبي ذرّ، ولغيره " قال عبد الله بن رجاء " ليس فيه " لي ". وعبد الله بن رجاء هذا هو الغدانيّ البصري. قد سمع منه البخاريّ، وأمّا عبد الله بن رجاء المكّيّ فلم يُدركه.

وقد وصله أبو العبّاس السّرّاج في " مسنده " المبوّب فقال: حدّثنا جعفر بن هاشم حدّثنا عبد الله بن رجاء. فذكره. وعمران القطّان بصريٌّ لَم يخرج له البخاريّ إلَاّ استشهاداً.

قوله: (صلَّى صلاة الخوف) زاد السّرّاج " أربع ركعاتٍ، صلَّى بهم ركعتين ثمّ ذهبوا ثمّ جاء أولئك فصلَّى بهم ركعتين ". وللبخاري من وجهٍ آخر عن يحيى بن أبي كثيرٍ بسنده هذا. بزيادةٍ فيه (1). وذلك كلّه في غزوة ذات الرّقاع. ولجابرٍ حديثٌ آخر فيه ذكر صلاة الخوف على صفةٍ أخرى.

(1) أورده البخاري في " صحيحه " معلَّقاً (4136) وقال أبان: حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بذات الرقاع، فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها للنبي صلى الله عليه وسلم، فجاء رجلٌ من المشركين. وسيف النبي صلى الله عليه وسلم معلق بالشجرة، فاخترطه، فقال: تخافني؟ قال: لا، قال: فمن يمنعك مني؟ قال: الله. فتهدَّده أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأقيمت الصلاة، فصلَّى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلَّى بالطائفة الأخرى ركعتين، وكان للنبي صلى الله عليه وسلم أربع، وللقوم ركعتان. ووَصَله مسلم (843) عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان عن أبان به.

ومقصود الشارح بالزيادة. قصة الرجل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 402

قوله: (في الغزوة السّابعة) هي من إضافة الشّيء إلى نفسه على رأيٍ، أو فيه حذفٌ تقديره غزوة السّفرة السّابعة.

وقال الكرمانيّ وغيره: غزوة السّنة السّابعة. أي: من الهجرة.

قلت: وفي هذا التّقدير نظرٌ، إذ لو كان مراداً لكان هذا نصّاً في أنّ غزوة ذات الرّقاع تأخّرت بعد خيبر، ولَم يحتج البخاري إلى تكلّف الاستدلال لذلك بقصّة أبي موسى.

نعم. في التّنصيص على أنّها سابع غزوة من غزوات النّبيّ صلى الله عليه وسلم. تأييد لِمَا ذهب إليه البخاريّ من أنّها بعد خيبر، فإنّه إن كان المراد الغزوات التي خرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه مطلقاً وإن لَم يقاتل. فإنّ السّابعة منها تقع قبل أحد، ولَم يذهب أحدٌ إلى أنّ ذات الرّقاع قبل أحدٍ. إلَاّ ما كان من تردّد موسى بن عقبة.

وفيه نظرٌ. لأنّهم متّفقون على أنّ صلاة الخوف متأخّرة عن غزوة الخندق، فتعيّن أن تكون ذات الرّقاع بعد بني قريظة ، فتعيّن أنّ المراد الغزوات التي وقع فيها القتال، والأولى منها بدر والثّانية أحدٌ والثّالثة الخندق والرّابعة قريظة والخامسة المريسيع والسّادسة خيبر، فيلزم من هذا أن تكون ذات الرّقاع بعد خيبر للتّنصيص على أنّها السّابعة، فالمراد تاريخ الوقعة لا عدد المغازي.

وهذه العبارة أقرب إلى إرادة السّنة من العبارة التي وقعت عند أحمد بلفظ " وكانت صلاة الخوف في السّابعة " فإنّه يصحّ أن يكون التّقدير في الغزوة السّابعة. كما يصحّ في غزوة السّنة السّابعة.

ص: 403

تكميلٌ: قال البخاري: وقال معاذ (1): حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بنخل، فذكر صلاة الخوف ".

أورده مختصراً معلَّقاً ، لأنَّ غرضه الإشارة إلى أنَّ روايات جابر متفقة على أنَّ الغزوة التي وقعت فيها صلاة الخوف هي غزوة ذات الرقاع.

لكن فيه نظرٌ ، لأنَّ سياق رواية هشام عن أبي الزبير هذه تدلُّ على أنه حديث آخر في غزوة أخرى ، وبيان ذلك أنَّ في هذا الحديث عند الطيالسي وغيره " أنَّ المشركين ، قالوا: دعوهم فإنَّ لهم صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم ، قال: فنزل جبريل فأخبره ، فصلَّى بأصحابه العصر. وصفهم صفين " فذكر صفة صلاة الخوف ، وهذه القصة إنما هي في غزوة عسفان.

وقد أخرج مسلم هذا الحديث من طريق زهير بن معاوية عن أبي الزبير بلفظٍ يدل على مغايرة هذه القصة لغزوة محارب في ذات الرقاع ، ولفظه عن جابر قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم قوماً من جهينة ، فقاتلونا قتالاً شديداً ، فلمَّا أنْ صلينا الظهر قال: المشركون لو مِلنا عليهم ميلة

(1) قال ابن حجر في " الفتح "(7/ 528): قوله (وقال معاذ حدثنا هشام) كذا للأكثر. وعند النسفي ، وقال: معاذ بن هشام حدثنا هشام ، وفيه ردٌّ على أبي نعيم ومَن تبِعه في الجزم بأنَّ معاذاً هذا هو ابن فضالة شيخ البخاري ، ومعاذ بن هشام ثقة صاحب غرائب ، وقد تابعه ابنُ علية عن أبيه هشام. وهو الدستوائي. أخرجه الطبري في " تفسيره " ، وكذلك أخرجه أبو داود الطيالسي في " مسنده " عن هشام عن أبي الزبير. ولمعاذ بن هشام عن أبيه فيه إسناد آخر. أخرجه الطبري عن بُندار عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن سليمان اليشكري عن جابر. انتهى

ص: 404

واحدة لأفظعناهم ، فأَخبر جبريلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك ، قال: وقالوا: ستأتيهم صلاة هي أحبُّ إليهم من الأولاد. فذكر الحديث.

وروى أحمد والترمذي وصحَّحه والنسائي من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان ، فقال المشركون: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم " فذكر الحديث في نزول جبريل لصلاة الخوف.

وروى أحمد وأصحاب السنن وصحَّحه ابن حبان من حديث أبي عياش الزرقي قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان فصلَّى بنا الظهر ، وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد ، فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة ، ثم قال: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم. فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر ، فصلَّى بنا العصر. ففرقنا فرقتين الحديث " وسياقه نحو رواية زهير عن أبي الزبير عن جابر ، وهو ظاهر في اتحاد القصة.

وقد روى الواقدي من حديث خالد بن الوليد قال: لَمَّا خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية لقيته بعسفان ، فوقفت بإزائه وتعرضت له ، فصلَّى بأصحابه الظهر فهممنا أن نغير عليهم فلم يعزم لنا ، فأطلع الله نبيه على ذلك ، فصلَّى بأصحابه العصر صلاة الخوف. الحديث " وهو ظاهر فيما قررته أنَّ صلاة الخوف بعسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع ، وأنَّ جابراً روى القصتين معاً.

فأما رواية أبي الزبير عنه ففي قصة عسفان ، وأما رواية أبي سلمة

ص: 405

ووهب بن كيسان وأبي موسى المصري عنه. ففي غزوة ذات الرقاع. وهي غزوة محارب وثعلبة.

وإذا تقرَّر أنَّ أول ما صُلّيت صلاة الخوف في عسفان ، وكانت في عمرة الحديبية - وهي بعد الخندق وقريظة - وقد صليت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع - وهي بعد عسفان - فتعيَّن تأخُّرها عن الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضاً ، فيقوى القولُ بأنها بعد خيبر ، لأنَّ غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية.

وأما قول الغزالي: إن غزوة ذات الرقاع آخر الغزوات. فهو غلط واضح. وقد بالغ ابن الصلاح في إنكاره.

وقال بعض من انتصر للغزالي: لعله أراد آخر غزوة صُلّيت فيها صلاة الخوف.

وهذا انتصار مردودٌ أيضاً. لِمَا أخرجه أبو داود والنسائي وصححه بن حبان من حديث أبي بكرة ، أنه صلَّى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف.

وإنما أسلم أبو بكرة في غزوة الطائف باتفاق ، وذلك بعد غزوة ذات الرقاع قطعاً ، وإنما ذكرت هذا استطراداً لتكمل الفائدة.

ص: 406