المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث التسعون 139 - عن عبد الله بن عمر رضي الله - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث التسعون 139 - عن عبد الله بن عمر رضي الله

‌الحديث التسعون

139 -

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين وهو قائمٌ ، يفصل بينهما بجلوسٍ. (1)

قوله: (وهو قائمٌ) قال ابن المنذر: الذي حمل عليه جلّ أهل العلم من علماء الأمصار ذلك.

ونقل غيرُه عن أبي حنيفة: أنّ القيام في الخطبة سنّة وليس بواجبٍ، وعن مالك رواية: أنّه واجب، فإن تركه أساء وصحّت الخطبة، وعند الباقين: أنّ القيام في الخطبة يشترط للقادر كالصّلاة.

واستدل للأوّل بحديث أبي سعيد في البخاري ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله ، وبحديث سهل: مُري غلامك يعمل لي أعواداً أجلس عليها. (2)

وأجيب: عن الأوّل ، أنّه كان في غير خطبة الجمعة. وعن الثّاني ، باحتمال أن تكون الإشارة إلى الجلوس أوّل ما يصعد وبين الخطبتين.

واستدل للجمهور بحديث جابر بن سمرة الآتي ، وبحديث كعب

(1) أخرجه البخاري (878 ،) ومسلم (681) من طريق خالد بن الحارث ، والبخاري (886) من طريق بشر بن المفضل كلاهما عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً، ثم يجلس، ثم يقوم. قال: كما يفعلون اليوم. واللفظ لمسلم. وللبخاري (928) " كان يخطب خطبتين يقعد بينهما.

واللفظ الذي ذكره المقدسي هنا عند النسائي والدارقطني كما سيذكره الشارح.

(2)

هذه إحدى روايات حديث سهل رضي الله عنه عند البخاري، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله رقم (142).

ص: 206

بن عُجْرة ، أنّه دخل المسجد ، وعبد الرّحمن بن أبي الحكم يخطب قاعداً، فأنكر عليه. وتلا (وتركوك قائماً)، وفي رواية ابن خزيمة: ما رأيت كاليوم قطّ إماماً يؤمّ المسلمين يخطب وهو جالس، يقول ذلك مرّتين.

وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوسٍ: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً وأبو بكر وعمر وعثمان، وأوّل من جلس على المنبر معاوية.

وبمواظبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم على القيام، وبمشروعيّة الجلوس بين الخطبتين، فلو كان القعود مشروعاً في الخطبتين ما احتيج إلى الفصل بالجلوس.

ولأنّ الذي نقل عنه القعود كان معذوراً. فعند ابن أبي شيبة من طريق الشّعبيّ ، أنّ معاوية إنّما خطب قاعداً لَمّا كثر شحم بطنه ولحمه.

وأمّا من احتجّ: بأنّه لو كان شرطاً ما صلَّى من أنكر ذلك مع القاعد.

فجوابه: أنّه محمول على أنّ من صنع ذلك خشي الفتنة، أو أنّ الذي قعد قعد باجتهادٍ كما قالوا في إتمام عثمان الصّلاة في السّفر، وقد أنكر ذلك ابن مسعود ، ثمّ إنّه صلَّى خلفه فأتمّ معه. واعتذر بأنّ الخلاف شرّ (1).

وفي الباب حديث جابر بن سمرة ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً ثمّ يجلس ثمّ يقوم فيخطب قائماً، فمن نبّأك أنّه كان يخطب جالساً فقد كذب. أخرجه مسلم.

(1) تقدّم الكلام عليه. انظر رقم (137)

ص: 207

وهو أصرح في المواظبة من حديث ابن عمر. إلَاّ أنّ إسناده ليس على شرط البخاريّ.

وروى ابن أبي شيبة من طريق طاوسٍ قال: أوّل من خطب قاعداً معاوية حين كثر شحم بطنه. وهذا مرسل. يعضده ما روى سعيد بن منصور عن الحسن قال: أوّل من استراح في الخطبة يوم الجمعة عثمان ، وكان إذا أعيا جلس ولَم يتكلم حتّى يقوم، وأوّل من خطب جالساً معاوية.

وروى عبد الرّزّاق عن معمر عن قتادة ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يخطبون يوم الجمعة، حتّى شقّ على عثمان القيام فكان يخطب قائماً ثمّ يجلس، فلمّا كان معاوية خطب الأولى جالساً والأخرى قائماً.

ولا حجّة في ذلك لمن أجاز الخطبة قاعداً ، لأنّه تبيّن أنّ ذلك للضّرورة.

قوله: (يفصل بينهما بجلوسٍ) وللبخاري من رواية بشر بن المفضل عن عبيد الله عن نافع " يخطب خطبتين يقعد بينهما " ، مقتضاه أنه كان يخطبهما قائماً. وصرَّح به في رواية خالد بن الحارث عن عبيد الله. ولفظه " كان يخطب قائماً ثم يقعد ثم يقوم "(1).

وللنّسائيّ والدّارقطنيّ من هذا الوجه (2) " كان يخطب خطبتين

(1) رواية خالد بن الحارث في الصحيحين. وقد تقدّم ذكرها في تخريج الحديث.

(2)

أي من رواية بشر بن المفضل عن عبيد الله.

ص: 208

قائماً يفصل بينهما بجلوسٍ ".

وغفل صاحب العمدة فعزا هذا اللفظ للصّحيحين.

ورواه أبو داود بلفظ " كان يخطب خطبتين: كان يجلس إذا صعد المنبر حتّى يفرغ المؤذّن، ثمّ يقوم فيخطب، ثمّ يجلس فلا يتكلم، ثمّ يقوم فيخطب "

واستفيد من هذا أنّ حال الجلوس بين الخطبتين لا كلام فيه، لكن ليس فيه نفي أن يذكر الله أو يدعوه سرّاً.

واستدل به الشّافعيّ في إيجاب الجلوس بين الخطبتين. لمواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك مع قوله " صلّوا كما رأيتموني أصلي ".

قال ابن دقيق العيد: يتوقّف ذلك على ثبوت أنّ إقامة الخطبتين داخل تحت كيفيّة الصّلاة، وإلا فهو استدلال بمجرّد الفعل.

وزعم الطّحاويّ: أنّ الشّافعيّ تفرّد بذلك.

وتعقّب: بأنّه محكيّ عن مالك أيضاً في رواية، وهو المشهور عن أحمد نقله شيخنا في شرح التّرمذيّ.

وحكى ابن المنذر: أنّ بعض العلماء عارض الشّافعيّ: بأنّه صلى الله عليه وسلم واظب على الجلوس قبل الخطبة الأولى، فإن كانت مواظبته دليلاً على شرطيّة الجلسة الوسطى فلتكن دليلاً على شرطيّة الجلسة الأولى.

وهذا متعقّب: بأنّ جلّ الرّوايات عن ابن عمر ليست فيها هذه الجلسة الأولى. وهي من رواية عبد الله العمريّ المضعّف فلم تثبت المواظبة عليها، بخلاف التي بين الخطبتين.

ص: 209

وقال صاحب " المغني ": لَم يوجبها أكثر أهل العلم ، لأنّها جلسة ليس فيها ذكر مشروع فلم تجب، وقدّرها مَن قال بوجوبها بقدر جلسة الاستراحة وبقدر ما يقرأ سورة الإخلاص.

واختلف في حكمتها.

فقيل: للفصل بين الخطبتين، وقيل: للرّاحة.

وعلى الأوّل - وهو الأظهر - يكفي السّكوت بقدرها، ويظهر أثر الخلاف أيضاً فيمن خطب قاعداً لعجزه عن القيام.

وقد ألزم الطّحاويّ مَن قال بوجوب الجلوس بين الخطبتين. أن يُوجب القيام في الخطبتين، لأنّ كلاًّ منهما اقتصر على فعل شيء واحد.

وتعقّبه الزين بن المنير. وبالله التّوفيق.

ص: 210