المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني 161 - عن جابر رضي الله عنه ، أنّ - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني 161 - عن جابر رضي الله عنه ، أنّ

‌الحديث الثاني

161 -

عن جابر رضي الله عنه ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلَّى على النّجاشيّ ، فكنت في الصّفّ الثّاني ، أو الثّالث. (1)

قوله: (صلَّى على النّجاشيّ) وللبخاري من رواية هشام بن يوسف عن ابن جريج عن عطاء: قد توفي اليوم رجلٌ صالح من الحبش - بفتح المهملة والموحّدة بعدها معجمة - وفي رواية مسلم من طريق يحيى بن سعيد عن ابن جريجٍ " مات اليوم عبدٌ لله صالح أصحمة ". وللبخاري من طريق ابن عيينة عن ابن جريجٍ " فقوموا فصلّوا على أخيكم أصْحَمة " بمهملتين. وزن أربعة

وللبخاري عن محمد بن سنان عن سليم بن حيان عن سعيد بن ميناء عن جابر: صلَّى على أصْحَمة النجاشي. قال البخاري عَقِبه: وقال يزيد بن هارون وعبد الصمد عن سليم " أصحمة " وتابعه عبد الصمد. انتهى

ووقع في رواية المستملي: وقال يزيد عن سليمٍ " أصحمة " وتابعه عبد الصّمد.

أمّا رواية يزيد. فوصلها البخاري ومسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة

(1) أخرجه البخاري (1254 ، 1257 ، 3664 ، 3665) ومسلم (952) من طرق عن عطاء عن جابر رضي الله عنه. واللفظ للبخاري.

وأخرجه البخاري (1269 ، 3666) ومسلم (952) من طريق سليم بن حيان عن سعيد بن ميناء، عن جابر. ولمسلم (952) من رواية أبي الزبير عن جابر نحوه.

ص: 416

عنه، وأمّا رواية عبد الصّمد. فوصلها الإسماعيليّ من طريق أحمد بن سعيد عنه.

تنْبيه: وقع في جميع الطّرق التي اتّصلت لنا من البخاريّ " أصحمة " بمهملتين بوزن أفعلة. مفتوح العين في المسند والمعلَّق معاً.

وفيه نظرٌ ، لأنّ إيراد البخاري يشعر بأن يزيد خالف محمّد بن سنان، وأنّ عبد الصّمد تابع يزيد، ووقع في مصنّف ابن أبي شيبة عن يزيد " صحمة " بفتح الصّاد وسكون الحاء فهذا متّجه.

ويتحصّل منه. أنّ الرّواة اختلفوا في إثبات الألف وحذفها.

وحكى الإسماعيليّ ، أنّ في رواية عبد الصّمد " أصخمة " بخاءٍ معجمة وإثبات الألف، قال: وهو غلط ، فيحتمل أن يكون هذا محلّ الاختلاف الذي أشار إليه البخاريّ.

وحكى كثيرٌ من الشّرّاح ، أنّ رواية يزيد ورفيقه " صحمة " بالمهملة بغير ألف.

وحكى الكرمانيّ ، أنّ في بعض النّسخ في رواية محمّد بن سنان " أصحبة " بموحّدةٍ بدل الميم.

قوله: (فكنت في الصّفّ الثّاني ، أو الثّالث) ولمسلم من طريق أيّوب عن أبي الزّبير عن جابر قصّة الصّلاة على النّجاشيّ ، فقال: فقمنا فصفّنا صفّين. فعُرِف بهذا أنّ من روى عنه كنت في الصّفّ الثّاني أو الثّالث شكّ. هل كان هنالك صفّ ثالث أم لا؟.

ص: 417

وللبخاري عن قتادة عن عطاء عن جابر بزيادة " فصفّنا وراءه " وله أيضاً " فصلَّى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ، ونحن صفوف " ووقع في حديث أبي هريرة الماضي بلفظ " فصفّوا خلفه ".

وفي الحديث دلالة على أنّ للصّفوف على الجنازة تأثيراً - ولو كان الجمع كثيراً - لأنّ الظّاهر أنّ الذين خرجوا معه صلى الله عليه وسلم كانوا عدداً كثيراً، وكان الْمُصلَّى فضاء ولا يضيق بهم لو صفّوا فيه صفّاً واحداً، ومع ذلك فقد صفّهم.

وهذا هو الذي فهمه مالك بن هبيرة الصّحابيّ الْمُقدَّم ذكره ، فكان يصفّ من يحضر الصّلاة على الجنازة ثلاثة صفوف سواء قلّوا أو كثروا، ويبقى النّظر فيما إذا تعدّدت الصّفوف والعدد قليل، أو كان الصّفّ واحداً والعدد كثيراً. أيّهما أفضل؟.

وفي قصّة النّجاشيّ عَلَمٌ من أعلام النّبوّة، لأنّه صلى الله عليه وسلم أعلمهم بموته في اليوم الذي مات فيه، مع بُعد ما بين أرض الحبشة والمدينة.

واستدل به على منع الصّلاة على الميّت في المسجد ، وهو قول الحنفيّة والمالكيّة.

لكن قال أبو يوسف: إن أُعدّ مسجد للصّلاة على الموتى لَم يكن في الصّلاة فيه عليهم بأس.

قال النّوويّ: ولا حجّة فيه، لأنّ الممتنع عند الحنفيّة إدخال الميّت المسجد لا مجرّد الصّلاة عليه، حتّى لو كان الميّت خارج المسجد جازت الصّلاة عليه لمن هو داخله.

ص: 418

وقال ابن بزيزة وغيره: استدل به بعض المالكيّة وهو باطلٌ ، لأنّه ليس فيه صيغة نهي، ولاحتمال أن يكون خرج بهم إلى المصلَّى لأمرٍ غير المعنى المذكور، وقد ثبت أنّه صلى الله عليه وسلم صلَّى على سهيل بن بيضاء في المسجد (1)، فكيف يترك هذا الصّريح لأمرٍ محتمل؟.

بل الظّاهر أنّه إنّما خرج بالمسلمين إلى الْمُصلَّى لقصد تكثير الجمع الذين يصلّون عليه، ولإشاعة كونه مات على الإسلام، فقد كان بعض النّاس لَم يدْرِ كونه أسلم.

فقد روى ابن أبي حاتم في " التّفسير " من طريق ثابت ، والدّارقطنيّ في " الأفراد " والبزّار من طريق حميدٍ كلاهما عن أنس ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لَمّا صلَّى على النّجاشيّ ، قال بعض أصحابه: صلَّى على عِلْج من الحبشة، فنزلت (وإنّ من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أُنزل إليكم) الآية.

وله شاهد في معجم الطّبرانيّ " الكبير " من حديث وحشيّ بن حرب ، وآخر عنده في " الأوسط " من حديث أبي سعيد ، وزاد فيه. أنّ الذي طعن بذلك فيه كان منافقاً.

واستدل به.

وهو القول الأول: على مشروعيّة الصّلاة على الميّت الغائب عن البلد. بذلك قال الشّافعيّ وأحمد وجمهور السّلف، حتّى قال ابن حزم: لَم يأت عن أحدٍ من الصّحابة منعه.

(1) أخرجه مسلم في " صحيحه "(2297) من حديث عائشة رضي الله عنها.

ص: 419

قال الشّافعيّ: الصّلاة على الميّت دعاء له، وهو إذا كان ملفّفاً يُصلِّي عليه. فكيف لا يُدعى له وهو غائب ، أو في القبر بذلك الوجه الذي يُدعى له به وهو ملفّف؟.

القول الثاني: عن الحنفيّة والمالكيّة. لا يُشرع ذلك.

القول الثالث: عن بعض أهل العلم. إنّما يجوز ذلك في اليوم الذي يموت فيه الميّت ، أو ما قرب منه ، لا ما إذا طالت المدّة. حكاه ابن عبد البرّ.

القول الرابع: قال ابن حبّان: إنّما يجوز ذلك لمن كان في جهة القبلة، فلو كان بلد الميّت مستدبر القبلة مثلاً لَم يجز.

قال المحبّ الطّبريّ: لَم أر ذلك لغيره ، وحجّته حجّة الذي قبله: الجمود على قصّة النّجاشيّ.

وستأتي حكاية مشاركة الخطّابيّ لهم في هذا الجمود.

وقد اعتذر من لَم يقل بالصّلاة على الغائب عن قصّة النّجاشيّ بأمورٍ:

الأول: أنّه كان بأرضٍ لَم يصلِّ عليه بها أحدٌ، فتعيّنت الصّلاة عليه لذلك.

ومن ثَمَّ قال الخطّابيّ: لا يُصلَّى على الغائب إلَاّ إذا وقع موته بأرضٍ ليس بها من يُصلِّي عليه.

واستحسنه الرّويانيّ من الشّافعيّة. وبه ترجم أبو داود في السّنن " الصّلاة على المسلم يليه أهل الشّرك ببلدٍ آخر ".

ص: 420

وهذا محتمل. إلَاّ أنّني لَم أقف في شيء من الأخبار على أنّه لَم يُصلَّ عليه في بلده أحدٌ.

الثاني: قول بعضهم: كشف له صلى الله عليه وسلم عنه حتّى رآه، فتكون صلاته عليه كصلاة الإمام على ميّت رآه ولَم يره المأمومون ، ولا خلاف في جوازها.

قال ابن دقيق العيد: هذا يحتاج إلى نقل، ولا يثبت بالاحتمال.

وتعقّبه بعض الحنفيّة: بأنّ الاحتمال كافٍ في مثل هذا من جهة المانع.

وكأنّ مستند قائل ذلك ما ذكره الواقديّ في " أسبابه " بغير إسناد عن ابن عبّاس قال: كشف النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن سرير النّجاشيّ حتّى رآه. وصلَّى عليه.

ولابن حبّان من حديث عمران بن حصين: فقام وصفّوا خلفه ، وهم لا يظنّون إلَاّ أنّ جنازته بين يديه. أخرجه من طريق الأوزاعيّ عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المُهلَّب عنه.

ولأبي عوانة من طريق أبان وغيره عن يحيى " فصلَّينا خلفه. ونحن لا نرى إلَاّ أنّ الجنازة قدّامنا ".

الثالث: من الاعتذارات أيضاً. أنّ ذلك خاصّ بالنّجاشيّ ، لأنّه لَم يثبت أنّه صلى الله عليه وسلم صلَّى على ميّت غائب غيره.

قال المُهلَّب: وكأنّه لَم يثبت عنده قصّة معاوية الليثيّ.

وقد ذكرتُ في ترجمته في الصّحابة أنّ خبره قويّ بالنّظر إلى مجموع

ص: 421

طرقه. (1)

(1) قال الشارح في " الإصابة "(6/ 159): معاوية بن معاوية المزني: ويقال: الليثي. ذكره البغوي وجماعة. وقالوا: مات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وردت قصته من حديث أبي أمامة وأنس مسندة. ومن طريق سعيد بن المسيب والحسن البصري مرسلة.

فأخرج الطبراني ومحمد بن أيوب بن الضريس في " فضائل القرآن " وسمويه في " فوائده " وابن منده والبيهقي في " الدلائل " كلهم من طريق محبوب بن هلال عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس بن مالك قال: نزَلَ جبرائيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد مات معاوية بن معاوية المزني. أتحب أن تُصلي عليه؟ قال: نعم. فضرب بجناحيه فلم يبق أَكَمَةٌ ولا شجرةٌ إلَاّ قد تضعضعت فرفع سريره حتى نظر إليه. فصلّى عليه وخلفه صفان من الملائكة كل صف سبعون ألف ملك ، فقال: يا جبرائيل بِمَ نال معاوية هذه المنزلة؟ قال: بحب (قل هو الله أحد) وقراءته إياها جائياً وذاهباً وقائماً وقاعداً وعلى كل حال. وأول حديث بن الضريس: كان النبي صلى الله عليه وسلم بالشام.

ومحبوب. قال أبو حاتم: ليس بالمشهور. وذكره ابن حبان في الثقات.

وأخرجه ابن سنجر في " مسنده " وابن الأعرابي وابن عبد البر. ورويناه بعلو في " فوائد حاجب الطوسي " كلهم من طريق يزيد بن هارون أنبأنا العلاء أبو محمد الثقفي سمعت أنس بن مالك يقول: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فطلعت الشمس يوماً بنور وشعاع وضياء لَم نره قبل ذلك فتعجب النبي صلى الله عليه وسلم من شأنها إذ أتاه جبريل فقال: مات معاوية بن معاوية الليثي. فبعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه. قال: بِمَ ذاك؟ قال: بكثرة تلاوته (قل هو الله أحد)

فذكر نحوه. وفيه: فهل لك أن تصلّي عليه فأقبض لك الأرض؟ قال: نعم. فصلى عليه.

والعلاء أبو محمد. هو ابن زيد الثقفي واه. وأخطأ في قوله الليثي.

وله طريق ثالثة عن أنس. ذكرها ابن منده من رواية أبي عتاب في " الدلائل " عن يحيى بن أبي محمد عنه. قال: ورواه نوح بن عمرو عن بقية عن محمد بن زياد عن أبي أمامة نحوه.

قلت: وأخرجه أبو أحمد الحاكم في " فوائده " والطبراني في " مسند الشاميين " والخلال في " فضائل قل هو الله أحد " وابن عبد البر جميعاً من طريق نوح. فذكر نحوه. وفيه: فوضع جبرائيل جناحه الأيمن على الجبال فتواضعت حتى نظرنا إلى المدينة.

قال ابن حبان في ترجمة العلاء الثقفي من " الضعفاء ". بعد أنْ ذكر له هذا الحديث: سرقَهَ شيخٌ من أهل الشام فرواه عن بقية. فذكره.

قلت: فما أدري عَنَى نوحاً أو غيره. فإنه لَم يذكر نوحاً في الضعفاء.

وأما طريق سعيد بن المسيب المرسلة. فرويناها في " فضائل القرآن " لابن الضريس من طريق علي بن زيد بن جدعان عنه.

وأما طريق الحسن البصري. فأخرجها البغوي وابن منده من طريق صدقة بن أبي سهل عن يونس بن عبيد عن الحسن عن معاوية بن معاوية المزني ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غازياً بتبوك فأتاه جبريل. فقال: يا محمد هل لك في جنازة معاوية بن معاوية المزني؟ فذكر الحديث. وهذا مرسل.

وليس المراد بقوله: " عن " أداة الرواية. وإنما تقدَّم الكلام أنَّ الحسن أخبر عن قصة معاوية المزني.

قال ابن عبد البر: أسانيد هذا الحديث ليست بالقوية ، ولو أنها في الأحكام لَم يكن في شيء منها حجة. ومعاوية بن مقرن المزني معروف هو وإخوته. وأما معاوية بن معاوية فلا أعرفه.

قلت: قد يحتج به من يجيز الصلاة على الغائب ، ويدفعه ما ورد أنه رُفعت الحجب حتى شهد جنازته فهذا يتعلق بالأحكام. والله أعلم. انتهى كلام ابن حجر.

ص: 422

واستند مَن قال بتخصيص النّجاشيّ لذلك إلى ما تقدّم من إرادة إشاعة أنّه مات مسلماً ، أو استئلاف قلوب الملوك الذين أسلموا في حياته.

قال النّوويّ: لو فتح باب هذا الخصوص لانسدّ كثير من ظواهر الشّرع، مع أنّه لو كان شيء ممّا ذكروه لتوفّرت الدّواعي على نقله.

وقال ابن العربيّ المالكيّ: قال المالكيّة: ليس ذلك إلَاّ لمحمّدٍ، قلنا: وما عمل به محمّد تعمل به أمّته، يعني لأنّ الأصل عدم الخصوصيّة. قالوا: طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه، قلنا: إنّ ربّنا عليه لقادر ، وإنّ نبيّنا لأهل لذلك، ولكن لا تقولوا إلَاّ ما روّيتم، ولا تخترعوا حديثاً من عند أنفسكم، ولا تحدّثوا إلَاّ بالثّابتات ودعوا

ص: 423

الضّعاف، فإنّها سبيل تلافٍ، إلى ما ليس له تلافٍ.

وقال الكرمانيّ: قولهم رفع الحجاب عنه ممنوع، ولئن سلمنا فكان غائباً عن الصّحابة الذين صلوا عليه مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

قلت: وسبق إلى ذلك الشّيخ أبو حامد في تعليقه، ويؤيّده حديث مجمّع بن جارية - بالجيم والتّحتانيّة - في قصّة الصّلاة على النّجاشيّ ، قال: فصففنا خلفه صفّين ، وما نرى شيئاً. أخرجه الطّبرانيّ، وأصله في ابن ماجه.

لكن أجاب بعض الحنفيّة عن ذلك: من أنّه يصير كالميّت الذي يُصلِّي عليه الإمام وهو يراه ولا يراه المأمومون ، فإنّه جائز اتّفاقاً.

فائدةٌ: أجمع كلّ من أجاز الصّلاة على الغائب أنّ ذلك يُسقِط فرض الكفاية، إلَاّ ما حكي عن ابن القطّان أحد أصحاب الوجوه من الشّافعيّة. أنّه قال: يجوز ذلك ولا يسقط الفرض.

ص: 424