الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع
168 -
عن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه ، قال: صليتُ وراء النّبيّ صلى الله عليه وسلم على امرأةٍ ماتت في نفاسها ، فقام في وسَطها. (1)
قوله: (عن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه) الفزاري. (2)
قوله: (على امرأةٍ) هي أمّ كعب ، سَمّاها مسلم في روايته من طريق عبد الوارث عن حسين المعلم، وذكر أبو نعيمٍ في الصّحابة ، أنّها أنصاريّة.
قوله: (ماتت في نفاسها) أي في مدّة نفاسها. أو بسبب نفاسها.
والأوّل: أعمّ من جهة أنّه يدخل فيه من ماتت منه أو من غيره.
(1) أخرجه البخاري (325 ، 1266 ، 1267) ومسلم (964) من طرق عن حسين بن ذكوان المعلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.
(2)
ابن هلال بن حريج بن مرّة ، يكنّى أبا سليمان.
قال ابن إسحاق: كان من حلفاء الأنصار، قدِمَتْ به أمّه بعد موت أبيه، فتزوجها رجلٌ من الأنصار، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعرض غلمان الأنصار، فمرّ به غلام، فأجازه في البعث، وعرض عليه سمرة فردّه، فقال: لقد أجزت هذا ورددتني، ولو صارعته لصرعته، قال: فدونكه فصارعه، فصرعه سمرة فأجازه. وعن عبد اللَّه بن بريدة، عن سمرة: كنت غلاماً على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكنت أحفظ عنه.
ونزل سمرة البصرة، وكان زياد يستخلفه عليها إذا سار إلى الكوفة، وكان شديداً على الخوارج، فكانوا يطعنون عليه، وكان الحسن وابن سيرين يثنيان عليه. ومات سمرة قبل سنة ستين.
قال ابن عبد البرّ: سقط في قدر مملوءٍ ماء حاراً، فكان ذلك تصديقاً لقول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة ولأبي محذورة: آخركم موتاً في النّار. قيل: مات سنة ثمان، وقيل سنة تسع وخمسين، وقيل في أول سنة ستين. قاله في الإصابة بتجوز.
والثّاني: أليق بخبر الباب ، فإنّ في بعض طرقه أنّها ماتت حاملاً ، ففي رواية للبخاري " مات في بطنٍ " (1) أي: بسبب بطنٍ. يعني: الحمل، وهو نظير قوله " عذّبت امرأة في هرّة "
قوله: (فقام في وسطها) بفتح السّين في روايتنا، وكذا ضبطه ابن التّين، وضبطه غيره بالسّكون، وللكشميهنيّ " فقام عند وسطها ".
وفيه مشروعيّة الصّلاة على المرأة، فإنّ كونها نفساء وصف غير معتبر.
وأمّا كونها امرأة.
فيحتمل: أن يكون معتبراً ، فإنّ القيام عليها عند وسطها لسترها، وذلك مطلوب في حقّها؛ بخلاف الرّجل.
ويحتمل: أن لا يكون معتبراً ، وأنّ ذلك كان قبل اتّخاذ النّعش للنّساء، فأمّا بعد اتّخاذه فقد حصل السّتر المطلوب ، ولهذا أورد البخاري التّرجمة مورد السّؤال (2).
وأراد عدم التّفرقة بين الرّجل والمرأة، وأشار إلى تضعيف ما رواه أبو داود والتّرمذيّ من طريق أبي غالب عن أنس بن مالك ، أنّه صلَّى على رجلٍ فقام عند رأسه، وصلَّى على امرأة فقام عند عجيزتها، فقال
(1) قال الحافظ في " الفتح ": قال ابن التيمي: قيل: وهم البخاري في هذه الترجمة (باب الصلاة على النفساء وسنتها). فظن أنَّ قوله " ماتت في بطن " ماتت في الولادة، قال: ومعنى ماتت في بطن ماتت مبطونة. قلت: بل الموهم له هو الواهم، فإنَّ عند البخاري في هذا الحديث من كتاب الجنائز " ماتت في نفاسها " وكذا لمسلم. انتهى.
(2)
فقال " باب أين يقوم من المرأة والرجل "؟
له العلاء بن زياد: أهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل؟ قال: نعم. (1)
وحكى ابن رشيد عن ابن المرابط ، أنّه أبدى لكونها نفساء عِلَّة مناسبة ، وهي استقبال جنينها ليناله من بركة الدّعاء.
وتعقّب: بأنّ الجنين كعضوٍ منها، ثمّ هو لا يُصلَّى عليه إذا انفرد وكان سقطاً (2) فأحرى إذا كان باقياً في بطنها أن لا يقصد. والله أعلم.
(1) سنن أبي داود (3194) والترمذي (1034). ورواه الإمام أحمد (12180) والطيالسي (2149)، وابن ماجه (1494) والطحاوي في " شرح معاني الآثار "(1/ 491) والبيهقي (4/ 33) والضياء في " المختارة "(7/ 241) من طرق عن أبي غالب به.
وقال الترمذي: حديث حسن. وقال الضياء: إسناده صحيح.
قال ابن الملقن في " البدر المنير "(5/ 257): قال الرافعي: ورأيت أبا علي الطبري حكى عن أنس في هذا الرجل " أنه وقف عند صدره ".
قلت: هذه الرواية غريبة، لا أعلم من خرجها. وقال النووي في " شرح المهذب ": إن هذا غلَطٌ صَرِيحٌ. قال: والصواب الموجود في كتب الحديث " أنه وقف عند رأسه ". انتهى كلامه
(2)
قال الشيخ ابن باز (3/ 257): القول بعدم الصلاة على السقط ضعيف ، والصواب شرعية الصلاة عليه إذا سقط بعد نفخ الروح فيه ، وكان محكوماً بإسلامه ، لأنه ميت مسلم فشُرعت الصلاة عليه كسائر المسلمين ، ولِما روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن المغيرة بن شعبة أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: والسقط يُصلَّى عليه ويُدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة. وإسناده حسن. والله أعلم. انتهى
قلت: هذا الحديث الذي ذكره الشيخ ابن باز رحمه الله لم يغب عن ابن حجر رحمه الله ، فقد أورده في " التلخيص "(2/ 231) وذكر أنَّ الدارقطني والطبراني أعلَاّه بالوقف ، وذكر أيضاً حديث جابر رضي الله عنه نحوه. وأعلّه بالوقف أيضاً كما سيأتي في كلامه
وقال في " الفتح "(11/ 489): في شرح حديث ابن مسعود رفعه " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح .. الحديث.
واستدل به على أنَّ السقط بعد الأربعة أشهر يُصلَّى عليه ، لأَنَّه وقت نفخ الروح فيه ، وهو منقول عن القديم للشافعي والمشهور عن أحمد وإسحاق.
وعن أحمد: إذا بلغ أربعة أشهر وعشراً ففي تلك العشر ينفخ فيه الروح ويُصلَّى عليه والراجح عند الشافعية ، أنه لا بدَّ من وجود الروح. وهو الجديد. وقد قالوا: فإذا بكى أو اختلج أو تنفَّس ثم بطل ذلك صُلِّي عليه ، وإلَاّ فلا.
والأصل في ذلك. ما أخرجه النسائي وصحَّحه ابن حبان والحاكم عن جابر رفعه: إذا استهلَّ الصبي ورث وصلِّي عليه. وقد ضعَّفه النووي في شرح المهذب.
والصواب أَنَّه صحيح الإسناد ، لكنَّ الْمُرجَّح عند الحفاظ وقفه. وعلى طريق الفقهاء لا أثر للتعليل بذلك ، لأنَّ الحكم للرفع لزيادته. قالوا: وإذا بلغ مائة وعشرين يوماً غُسِّل وكُفِّن ودُفن بغير صلاة. وما قبل ذلك لا يُشرع له غسل ولا غيره. انتهى
تنْبيه: روى حمّاد بن زيد عن عطاء بن السّائب ، أنّ عبد الله بن معقل بن مقرّن أتي بجنازة رجلٍ وامرأةٍ ، فصلَّى على الرّجل ، ثمّ صلَّى على المرأة. أخرجه ابن شاهين في الجنائز له، وهو مقطوع. فإنّ عبد الله تابعيّ.
تكميل: قال ابن عبد البر: لم يقل أحدٌ أنه لا يُصلَّى على ولد الزنا إلا قتادة وحده ، واختلف في الصلاة على الصبي.
فقال سعيد بن جبير: لا يُصلَّى عليه حتى يبلغ.
وقيل: حتى يُصلِّي.
وقال الجمهور: يُصلَّى عليه حتى السقط إذا استهل.