المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الحادي عشر - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌الحديث الحادي عشر

‌الحديث الحادي عشر

170 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: لَمّا اشتكى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذكر بعض نسائه كنيسةً رأينها بأرض الحبشة ، يقال لها: مارية - وكانت أمّ سلمة وأمّ حبيبة أتتا أرض الحبشة - فذكرتا من حُسنها وتصاوير فيها ، فرفع رأسه صلى الله عليه وسلم ، وقال: أولئك إذا مات فيهم الرّجل الصّالح بنوا على قبره مسجداً ، ثمّ صوّروا فيه تلك الصّور ، أولئك شرار الخلق عند الله. (1)

قوله: (لَمّا اشتكى النّبيّ صلى الله عليه وسلم) وللبخاري من طريق هلال عن عروة عنها قالت: قال في مرضه الذي مات فيه. (2) ولمسلمٍ من حديث جندب ، أنّه صلى الله عليه وسلم قال نحو ذلك قبل أن يتوفّى بخمسٍ ، وزاد فيه " فلا تتّخذوا القبور مساجد ، فإنّي أنهاكم عن ذلك ".

وفائدة التّنصيص على زمن النّهي ، الإشارة إلى أنّه من الأمر المحكم الذي لَم ينسخ لكونه صدر في آخر حياته صلى الله عليه وسلم.

قوله: (رأينها) أي: هما ومن كان مهعما

قوله: (مارية) بكسر الراء وتخفيف الياء التحتانيّة.

قوله: (وكانت أمّ سلمة) أي: رملة بنت أبي سفيان الأمويّة

(1) أخرجه البخاري (417 ، 424 ، 1276 ، 3660) ومسلم (528) من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. واللفظ لمسلم.

(2)

وهو حديث عائشة الآتي بعده في العمدة.

ص: 473

قوله: (وأمّ حبيبة) أي: هند بنت أبي أُميَّة المخزوميّة ، وهما من أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وكانتا ممّن هاجر إلى الحبشة.

قوله: (أتتا أرض الحبشة) كانت أمّ سلمة قد هاجرت في الهجرة الأولى إلى الحبشة مع زوجها أبي سلمة بن عبد الأسد.

وهاجرت أمّ حبيبة وهي بنت أبي سفيان في الهجرة الثّانية مع زوجها عبيد الله بن جحش فمات هناك، ويقال: إنّه قد تنصّر، وتزوّجها النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعده.

وذكر أهل السّير. أنّ الأُولى كانت في شهر رجب من سنة خمس من المبعث، وأنّ أوّل من هاجر منهم أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، وقيل: وامرأتان، وقيل: كانوا اثني عشر رجلاً وقيل: عشرة، وأنّهم خرجوا مشاة إلى البحر فاستأجروا سفينة بنصف دينار.

وذكر ابن إسحاق. أنّ السّبب في ذلك أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه لَمّا رأى المشركين يؤذونهم ولا يستطيع أن يكفّهم عنهم: إنّ بالحبشة ملكاً لا يُظلم عنده أحدٌ، فلو خرجتم إليه حتّى يجعل الله لكم فرجاً، فكان أوّل من خرج منهم عثمان بن عفّان ومعه زوجته رقيّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأخرج يعقوب بن سفيان بسندٍ موصول إلى أنس قال: أبطأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم خبرهما، فقدِمت امرأة ، فقالت له: لقد رأيتهما وقد حمل عثمان امرأته على حمار، فقال: صحبهما الله، إنّ عثمان لأوّل من هاجر بأهله بعد لوط.

ص: 474

وذكر ابن إسحاق وموسى بن عقبة وغيرهما من أهل السّير ، أنّ المسلمين بلغهم ، وهم بأرض الحبشة أنّ أهل مكّة أسلموا، فرجع ناس منهم عثمان بن مظعون إلى مكّة فلم يجدوا ما أخبروا به من ذلك صحيحاً، فرجعوا، وسار معهم جماعة إلى الحبشة، وهي الهجرة الثّانية.

وسرد ابن إسحاق أسماء أهل الهجرة الثّانية ، وهم زيادة على ثمانين رجلاً.

وقال ابن جرير الطّبريّ: كانوا اثنين وثمانين رجلاً سوى نسائهم وأبنائهم، وشكّ في عمّار بن ياسر هل كان فيهم ، وبه تتكمّل العدّة ثلاثة وثمانين، وقيل: إنّ عدّة نسائهم كانت ثماني عشرة امرأة.

قوله: (إنّ أولئك) بكسر الكاف ، ويجوز فتحها.

قوله: (فمات) عطف على قوله " كان " وقوله " بنوا " جواب " إذا ".

قوله: (بنوا على قبره مسجداً) فيه إشارة إلى نهي المسلم عن أن يُصلِّي في الكنيسة فيتّخذها بصلاته مسجداً. والله أعلم.

قوله: (ثم صوّروا فيه تلك الصّور) الصور بضم المهملة وفتح الواو جمع صورة، وحكي: سكون الواو في الجمع أيضا. وللبخاري " تيك الصّور " بالياء التّحتانيّة بدل اللام، وفي الكاف. فيها وفي أولئك ، ما في أولئك الماضية.

وإنّما فعل ذلك أوائلهم ليتأنّسوا برؤية تلك الصّور ، ويتذكّروا

ص: 475

أحوالهم الصّالحة فيجتهدوا كاجتهادهم، ثمّ خلف من بعدهم خلوف جهلوا مرادهم ، ووسوس لهم الشّيطان أنّ أسلافكم كانوا يعبدون هذه الصّور ويعظّمونها فعبدوها، فحذّر النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن مثل ذلك سدّاً للذّريعة المؤدّية إلى ذلك.

وفي الحديث دليل على تحريم التّصوير، وحمل بعضهم الوعيد على من كان في ذلك الزّمان لقرب العهد بعبادة الأوثان، وأمّا الآن فلا. وقد أطنب ابن دقيق العيد في ردّ ذلك (1)

وقال البيضاويّ: لَمّا كانت اليهود والنّصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لشأنهم ، ويجعلونها قبلة يتوجّهون في الصّلاة نحوها واتّخذوها أوثاناً ، لعنهم ومنع المسلمين عن مثل ذلك، فأمّا من اتّخذ مسجداً في جوار صالح وقصد التّبرّك بالقرب منه لا التّعظيم له ولا التّوجّه نحوه. فلا يدخل في ذلك الوعيد (2).

(1) قال ابن دقيق في كتابه " إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام "(1/ 377): وقد تظاهرت دلائل الشريعة على المنع من التصوير والصور. ولقد أبعد غاية البعد مَن قال: إن ذلك محمول على الكراهة، وإن هذا التشديد كان في ذلك الزمان، لقرب عهد الناس بعبادة الأوثان. وهذا الزمان حيث انتشر الإسلام وتمهدت قواعده - لا يساويه في هذا المعنى. فلا يساويه في هذا التشديد - هذا أو معناه - وهذا القول عندنا باطل قطعاً. لأنه قد ورد في الأحاديث: الإخبار عن أمر الآخرة بعذاب المصوّرين. وأنهم يقال لهم " أحيوا ما خلقتم " وهذه عِلَّة مخالفة لِمَا قاله هذا القائل ، وقد صرَّح بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم المشبهون بخلق الله ، وهذه عِلَّة عامة مستقلة مناسبة. لا تخصُّ زماناً دون زمان. وليس لنا أن نتصرف في النصوص المتظاهرة المتضافرة بمعنى خيالي يمكن أن يكون هو المراد، مع اقتضاء اللفظ التعليل بغيره. وهو التشبه بخلق الله. انتهى.

(2)

قال الشيخ ابن باز (1/ 680): هذا غلط واضح ، والصواب تحريم ذلك ، ودخوله تحت الأحاديث الناهية عن اتخاذ القبور مساجد. فانتبه واحذر. والله الموفق.

ص: 476

وقد يقول بالمنع مطلقاً من يرى سدّ الذّريعة ، وهو هنا متّجه قويّ (1).

وفي الحديث جواز حكاية ما يشاهده المؤمن من العجائب، ووجوب بيان حكم ذلك على العالم به، وذمّ فاعل المحرّمات، وأنّ الاعتبار في الأحكام بالشّرع لا بالعقل.

وفيه كراهية الصّلاة في المقابر سواء كانت بجنب القبر أو عليه أو إليه، وفي ذلك حديثٌ رواه مسلم من طريق أبي مرثد الغنويّ مرفوعاً " لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها أو عليها "

قوله: (أولئك شرار الخلق عند الله) يشعر بأنه لو كان ذلك جائزاً في ذلك الشرع ما أطلق عليه صلى الله عليه وسلم أنَّ الذي فعله شر الخلق ، فدلَّ على أنَّ فعل صور الحيوان (2) فعل محدث أحدثه عباد الصور. والله أعلم

(1) قال الشيخ (3/ 266): هذا هو الحق لعموم الأحاديث الواردة بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد ، ولَعْنُ من فعل ذلك ، ولأنّ بناء المساجد على القبور من أعظم وسائل الشرك بالمقبورين فيها. والله أعلم

(2)

قوله " الحيوان ". يدخل في عمومه كلُّ ما فيه حياة كالآدمي والبهائم.

ص: 477