المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس والثمانون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌الحديث الخامس والثمانون

‌الحديث الخامس والثمانون

134 -

عن سُميٍّ مولى أبي بكر بن عبد الرّحمن بن الحارث بن هشامٍ عن أبي صالحٍ السّمّان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّ فقراء المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا: يا رسولَ الله ، قد ذهب أهل الدُّثور بالدّرجات العلى والنّعيم المقيم. قال: وما ذاك؟ قالوا: يصلّون كما نُصلِّي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدّقون ولا نتصدّق. ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا أعلمكم شيئاً تُدركون به من سبقكم ، وتسبقون من بعدكم. ولا يكون أحدٌ أفضل منكم ، إلَاّ من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى ، يا رسولَ الله. قال: تسبّحون وتكبّرون وتحمدون دبر كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين مرّةً.

قال أبو صالحٍ: فرجع فقراء المهاجرين ، فقالوا: سَمِع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ، ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

قال سُمي: فحدَّثت بعض أهلي هذا الحديث، فقال: وهِمْت، إنما قال: تسبح الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمد الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبّر الله ثلاثاً وثلاثين.

فرجعت إلى أبي صالح ، فقلت له ذلك، فأخذ بيدي. فقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، حتى تبلغ من جميعهن ثلاثة وثلاثين (1)

(1) أخرجه البخاري (807 ، 5970) ومسلم (595) من طرق عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وهذا سياق مسلم في صحيحه. وهو عند البخاري مختصراً كما سينبّه عليه الشارح رحمه الله

ص: 141

قوله: (سُمي) بضم أوله. بلفظ التصغير. وأبو بكر أحد الفقهاء السبعة.

قوله: (عن أبي صالحٍ السّمّان) هو ذكوان السمان.

قوله: (جاء فقراء المهاجرين) سُمِّيَ منهم في رواية محمّد بن أبي عائشة عن أبي هريرة. أبو ذرّ الغفاريّ. أخرجه أبو داود ، وأخرجه جعفر الفريابيّ في كتاب " الذّكر " له من حديث أبي ذرّ نفسه، وسُمِّيَ منهم أبو الدّرداء عند النّسائيّ وغيره من طرق عنه.

ولمسلمٍ من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أنّهم قالوا: يا رسولَ الله. فذكر الحديث، والظّاهر أنّ أبا هريرة منهم.

وفي رواية النّسائيّ عن زيد بن ثابت قال: أمرنا أن نسبّح. الحديث كما سيأتي لفظه، وهذا يمكن أن يقال فيه إنّ زيد بن ثابت كان منهم، ولا يعارضه قوله في رواية ابن عجلان عن سميٍّ عند مسلم " جاء فقراء المهاجرين " لكون زيد بن ثابت من الأنصار لاحتمال التّغليب.

قوله: (الدّثور) ضمّ المهملة والمثلثة جمع دثر - بفتحٍ ثمّ سكون - هو المال الكثير، وللبخاري " ذهب أهل الدثور من الأموال " ، و " مِن " في قوله " من الأموال " للبيان.

ص: 142

ووقع عند الخطّابيّ " ذهب أهل الدُّور من الأموال " وقال: كذا وقع الدُّور جمع دار ، والصّواب الدّثور. انتهى.

وذكر صاحب المطالع عن رواية أبي زيد المروزيّ أيضاً: الدّور.

قوله: (بالدّرجات العلى) ضمّ العين جمع العلياء وهي تأنيث الأعلى، ويحتمل: أن تكون حسّيّة، والمراد درجات الجنّات، أو معنويّة ، والمراد علوّ القدر عند الله.

قوله: (والنّعيم المقيم) وصفه بالإقامة إشارة إلى ضدّه وهو النّعيم العاجل، فإنّه قلَّ ما يصفو، وإن صفا فهو بصدد الزّوال. وفي رواية محمّد بن أبي عائشة المذكورة " ذهب أصحاب الدّثور بالأجور " وكذا لمسلمٍ من حديث أبي ذرّ.

قوله: (ويصومون كما نصوم) زاد في حديث أبي الدّرداء المذكور " ويذكرون كما نذكر " ، وللبزّار من حديث ابن عمر " صدَّقوا تصديقنا، وآمنوا إيماننا ".

زاد البخاري " ولهم فضل أموال " كذا للأكثر بالإضافة، وفي رواية الأصيليّ (1)" فضل الأموال "، وللكشميهنيّ " فضل من أموال ". وزاد أيضاً " يحجّون بها " أي: ولا نحجّ. يشكل عليه ما وقع في رواية جعفر الفريابيّ من حديث أبي الدّرداء " ويحجّون كما نحجّ " ، ونظيره ما وقع للبخاري " ويجاهدون "، ووقع عند البخاري من رواية ورقاء عن سميٍّ: وجاهدوا كما جاهدنا.

(1) هو عبدالله بن ابراهيم ، سبق ترجمته (1/ 114)

ص: 143

لكنّ الجواب عن هذا الثّاني ظاهر ، وهو التّفرقة بين الجهاد الماضي فهو الذي اشتركوا فيه ، وبين الجهاد المتوقّع فهو الذي تقدر عليه أصحاب الأموال غالباً. ويمكن أن يقال مثله في الحجّ.

ويحتمل: أن يقرأ " يحجّون بها " بضمّ أوّله من الرّباعيّ. أي: يعينون غيرهم على الحجّ بالمال.

قوله: (أفلا أعلمكم شيئاً) وللبخاري " فقال: ألا أحدّثكم بما إن أخذتم به " ، في رواية الأصيليّ " بأمرٍ إن أخذتم " ، وكذا للإسماعيليّ.

وسقط قوله " بما " من أكثر الرّوايات، وكذا قوله " به " ، وقد فسّر السّاقط في الرّواية الأخرى ، وفي رواية أبي داود " فقال: يا أبا ذرّ ألا أعلمك كلمات تقولهنّ ".

قوله: (تُدركون به من سبقكم) أي: من أهل الأموال الذين امتازوا عليكم بالصّدقة.

والسّبقيّة هنا: يحتمل: أن تكون معنويّة. وأن تكون حسّيّة.

قال الشّيخ تقيّ الدّين: والأوّل أقرب.

وسقط قوله " من سبقكم " من رواية الأصيليّ.

قوله: (ولا يكون أحدٌ أفضلَ منكم) وللبخاري " وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيهم " بفتح النّون وسكون التّحتانيّة، وفي رواية كريمة وأبي الوقت " ظهرانيه " بالإفراد، وكذا للإسماعيليّ.

قيل: ظاهره يخالف ما سبق ، لإنّ الإدراك ظاهره المساواة، وهذا

ص: 144

ظاهره الأفضليّة

وأجاب بعضهم: بأنّ الإدراك لا يلزم منه المساواة فقد يدرك ثمّ يفوق، وعلى هذا فالتّقرّب بهذا الذّكر راجح على التّقرّب بالمال.

ويحتمل: أن يقال: الضّمير في " كنتم " للمجموع من السّابق والمدرك، وكذا قوله " إلَاّ من عمل مثل عملكم " أي: من الفقراء فقال الذّكر، أو من الأغنياء فتصدّق ، أو أنّ الخطاب للفقراء خاصّة ، لكن يشاركهم الأغنياء في الخيريّة المذكورة فيكون كلّ من الصّنفين خيراً ممّن لا يتقرّب بذكرٍ ولا صدقة.

ويشهد له قوله في حديث ابن عمر عند البزّار " أدركتم مثل فضلهم " ولمسلمٍ في حديث أبي ذرّ " أوليس قد جعل لكم ما تتصدّقون؟ إنّ بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة " الحديث.

واستُشكل تساوي فضل هذا الذّكر بفضل التّقرّب بالمال مع شدّة المشقّة فيه.

وأجاب الكرمانيّ: بأنّه لا يلزم أن يكون الثّواب على قدر المشقّة في كلّ حالة، واستدل لذلك بفضل كلمة الشّهادة مع سهولتها على كثير من العبادات الشّاقّة.

قوله: (قال أبو صالحٍ: فرجع فقراء المهاجرين .. إلى قوله .. فضل الله يؤتيه من يشاء) زادها مسلم في رواية ابن عجلان عن سميٍّ قال أبو صالح. ثمّ ساقه مسلم من رواية روح بن القاسم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة. فذكر طرفاً منه. ثمّ قال: بمثل حديث قتيبة، قال:

ص: 145

إلَاّ أنّه أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح: فرجع فقراء المهاجرين.

قلت: وكذا رواه أبو معاوية عن سهيل مدرجاً. أخرجه جعفر الفريابيّ، وتبيّن بهذا أنّ الزّيادة المذكورة مرسلة.

وقد روى الحديث البزّار من حديث ابن عمر. وفيه " فرجع الفقراء " فذكره موصولاً ، لكن قد قدّمت أنّ إسناده ضعيف.

ورواه جعفر الفريابيّ من رواية حرام بن حكيم - وهو بحاءٍ وراءٍ مهملتين - عن أبي ذرّ. وقال فيه: فقال أبو ذرّ: يا رسولَ الله إنّهم قد قالوا مثل ما نقول. فقال: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

ونقل الخطيب: أنّ حرام بن حكيم يرسل الرّواية عن أبي ذرّ.

فعلى هذا لَم يصحّ بهذه الزّيادة إسناد، إلَاّ أنّ هذين الطّريقين يقوى بهما مرسل أبي صالح.

قوله: (وتسبّحون وتكبّرون وتحمدون) كذا في رواية ابن عجلان. تقديم التّكبير على التّحميد خاصّة، وفيه أيضاً قول أبي صالح " يقول: الله أكبر وسبحان الله والحمد لله " ، ومثله لأبي داود من حديث أمّ الحكم، وله من حديث أبي هريرة " تكبّر وتحمد وتسبّح " ، وكذا في حديث ابن عمر.

ووقع في أكثر الأحاديث تقديم التّسبيح على التّحميد وتأخير التّكبير ، وهذا الاختلاف دالٌّ على أن لا ترتيب فيها، ويستأنس لذلك بقوله في حديث الباقيات الصّالحات " لا يضرّك بأيّهنّ

ص: 146

بدأت " (1).

لكن يمكن أن يقال: الأولى البداءة بالتّسبيح لأنّه يتضمّن نفي النّقائض عن الباري سبحانه وتعالى، ثمّ التّحميد ، لأنّه يتضمّن إثبات الكمال له، إذ لا يلزم من نفي النّقائض إثبات الكمال. ثمّ التّكبير إذ لا يلزم من نفي النّقائض وإثبات الكمال أن يكون هنا كبير آخر، ثمّ يختم بالتّهليل الدّالّ على انفراده سبحانه وتعالى بجميع ذلك.

قوله: (دبر كلّ صلاة) وللبخاري " خلف كلّ صلاة " ، وهذه الرّواية مفسّرة للرّواية. وهي قوله " دبر كلّ صلاة " ، ولجعفرٍ الفريابيّ في حديث أبي ذرّ " إثر كلّ صلاة ".

وأمّا رواية " دبر " فهي بضمّتين، قال الأزهريّ: دبر الأمر. يعني: بضمّتين ، ودبره. يعني: بفتحٍ ثمّ سكون: آخره.

وادّعى أبو عمرو الزّاهد: أنّه لا يقال بالضّمّ إلَاّ للجارحة، ورد بمثل قولهم أعتق غلامه عن دبر.

ومقتضى الحديث. أنّ الذّكر المذكور يقال عند الفراغ من الصّلاة، فلو تأخّر ذلك عن الفراع ، فإن كان يسيراً بحيث لا يعدّ معرضاً ، أو كان ناسياً أو متشاغلاً بما ورد أيضاً بعد الصّلاة كآية الكرسيّ فلا

(1) أخرجه مسلم في الصحيح (2137) عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلَاّ الله، والله أكبر. لا يضرك بأيهن بدأت.

ص: 147

يضرّ.

وظاهر قوله " كلّ صلاة " يشمل الفرض والنّفل، لكن حمله أكثر العلماء على الفرض، وقد وقع في حديث كعب بن عُجْرة عند مسلم التّقييد بالمكتوبة (1)، وكأنّهم حملوا المطلقات عليها، وعلى هذا. هل يكون التّشاغل بعد المكتوبة بالرّاتبة بعدها فاصلاً بين المكتوبة والذّكر ، أو لا؟ محلّ النّظر، والله أعلم

قوله: (ثلاثاً وثلاثين) يحتمل: أن يكون المجموع للجميع. فإذا وزّع كان لكل واحد إحدى عشرة، وهو الذي فهمه سهيل بن أبي صالح. كما رواه مسلم من طريق روح بن القاسم عنه.

لكن لَم يتابع سهيل على ذلك، بل لَم أر في شيء من طرق الحديث كلّها التّصريح بإحدى عشرة إلَاّ في حديث ابن عمر عند البزّار. وإسناده ضعيف.

والأظهر: أنّ المراد أنّ المجموع لكل فرد فرد، فعلى هذا ففيه تنازع أفعال في ظرف ومصدر ، والتّقدير تسبّحون خلف كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين وتحمدون وتكبّرون كذلك.

قوله: (قال سُمَيٌ: فحدثتُ بعض أهلي هذا الحديث فقال: وهمت) وللبخاري " فاختلفنا بيننا " ، وظاهره أنّ أبا هريرة هو القائل، وكذا قوله " فرجعت إليه " وأنّ الذي رجع أبو هريرة إليه

(1) صحيح مسلم (596) بلفظ: معقبات لا يخيب قائلهنَّ أو فاعلهن دُبر كل صلاة مكتوبة، ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة.

ص: 148

هو النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فالخلاف في ذلك وقع بين الصّحابة.

لكن بيّن مسلم في رواية ابن عجلان عن سميٍّ ، أنّ القائل " فاختلفنا " هو سُميٌّ، وأنّه هو الذي رجع إلى أبي صالح، وأنّ الذي خالفه بعض أهله. ولفظه " قال سُميٌّ: فحدّثت بعض أهل هذا. الحديث، قال: وهمت، فذكر كلامه. قال: فرجعت إلى أبي صالح.

وعلى رواية مسلم اقتصر صاحب العمدة، لكن لَم يوصِل مسلمٌ هذه الزّيادة، فإنّه أخرج الحديث عن قتيبة عن الليث عن ابن عجلان ، ثمّ قال: زاد غير قتيبة في هذا الحديث عن الليث، فذكرها.

والغير المذكور ، يحتمل أن يكون شعيب بن الليث أو سعيد بن أبي مريم، فقد أخرجه أبو عوانة في " مستخرجه " عن الرّبيع بن سليمان عن شعيب، وأخرجه الجوزقيّ والبيهقيّ من طريق سعيد.

وتبيّن بهذا. أنّ في رواية عبيد الله بن عمر عن سميٍّ في حديث الباب إدراجاً، وقد روى ابن حبّان هذا الحديث من طريق المعتمر بن سليمان بالإسناد المذكور. فلم يذكر قوله " فاختلفنا إلخ ".

قوله: (وتكبّر ثلاثا وثلاثين) وللبخاري " ونكبِّر أربعاً وثلاثين " وهو قول بعض أهل سُميٍّ كما تقدّم التّنبيه عليه من رواية مسلم، وقد تقدّم احتمال كونه من كلام بعض الصّحابة.

وقد جاء مثله في حديث أبي الدّرداء عند النّسائيّ، وكذا عنده من حديث ابن عمر بسندٍ قويٍّ، ومثله لمسلمٍ من حديث كعب بن عُجْرة، ونحوه لابن ماجه من حديث أبي ذرّ ، لكن شكّ بعض رواته في

ص: 149

أنّهنّ أربع وثلاثون.

ويخالف ذلك ما في رواية محمّد بن أبي عائشة عن أبي هريرة عند أبي داود ففيه " ويختم المائة بلا إله إلَاّ الله وحده لا شريك له إلخ "، وكذا لمسلمٍ في رواية عطاء بن يزيد عن أبي هريرة، ومثله لأبي داود في حديث أمّ الحكم، ولجعفرٍ الفريابيّ في حديث أبي ذرّ.

قال النّوويّ: ينبغي أن يجمع بين الرّوايتين بأن يكبّر أربعاً وثلاثين ، ويقول معها: لا إله إلَاّ الله وحده. إلخ.

وقال غيره: بل يجمع بأن يختم مرّة بزيادة تكبيرة ، ومرّة بلا إله إلَاّ الله على وفق ما وردت به الأحاديث.

قوله: (حتى تبلغ من جميعهن ثلاثة وثلاثين) وللبخاري " حتّى يكون منهنّ كلّهنّ ثلاث وثلاثون " بكسر اللام تأكيداً للضّمير المجرور. قوله: (ثلاث وثلاثون) بالرّفع وهو اسم كان.

وفي رواية كريمة والأصيليّ وأبي الوقت (1)" ثلاثاً وثلاثين " ، وتوجّه بأنّ اسم كان محذوف ، والتّقدير حتّى يكون العدد منهنّ كلّهنّ ثلاثاً وثلاثين.

وفي قوله " منهنّ كلّهنّ " الاحتمال المتقدّم: هل العدد للجميع أو المجموع؟

وفي رواية ابن عجلان ظاهرها أنّ العدد للجميع ، لكن يقول ذلك مجموعاً، وهذا اختيار أبي صالح.

(1) هو عبدالأول بن عيسى السجزي ، سبق ترجمته (1/ 130)

ص: 150

لكنّ الرّواية الثّابتة عن غيره الإفراد، قال عياض: وهو أولى. ورجّح بعضهم الجمع للإتيان فيه بواو العطف.

والذي يظهر أنّ كلاً من الأمرين حسنٌ، إلَاّ أنّ الإفراد يتميّز بأمرٍ آخر ، وهو أنّ الذّاكر يحتاج إلى العدد، وله على كلّ حركة لذلك - سواء كان بأصابعه أو بغيرها - ثواب لا يحصل لصاحب الجمع منه إلَاّ الثّلث.

تنبيه: وقع في رواية ورقاء عن سُميٍّ عند البخاري في الدّعوات في هذا الحديث " تسبّحون عشراً وتحمدون عشراً وتكبّرون عشراً ".

ولَم أقف في شيء من طرق حديث أبي هريرة على من تابع ورقاءَ على ذلك. لا عن سميٍّ ولا عن غيره.

ويحتمل: أن يكون تأوّل ما تأوّل سهيل من التّوزيع، ثمّ ألغى الكسر.

ويعكّر عليه: أنّ السّياق صريح في كونه كلام النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وقد وجدت لرواية العشر شواهد:

منها عن عليّ عند أحمد، وعن سعد بن أبي وقّاص عند النّسائيّ، وعن عبد الله بن عمرو عنده، وعن أبي داود والتّرمذيّ، وعن أمّ سلمة عند البزّار، وعن أمّ مالك الأنصاريّة عند الطّبرانيّ.

وجمع البغويّ في " شرح السّنّة " بين هذا الاختلاف باحتمال أن يكون ذلك صدر في أوقات متعدّدة. أوّلها عشراً عشراً ، ثمّ إحدى عشرة إحدى عشرة ، ثمّ ثلاثاً وثلاثين ثلاثاً وثلاثين.

ص: 151

ويحتمل: أن يكون ذلك على سبيل التّخيير، أو يفترق بافتراق الأحوال.

وقد جاء من حديث زيد بن ثابت وابن عمر ، أنّه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يقولوا كلّ ذكر منها خمساً وعشرين. ويزيدوا فيها لا إله إلَاّ الله خمساً وعشرين.

ولفظ زيد بن ثابت: أمرنا أن نسبّح في دبر كلّ صلاة ثلاثاً وثلاثين ونحمد ثلاثاً وثلاثين ونكبّر أربعاً وثلاثين، فأُتي رجلٌ في منامه ، فقيل له: أمركم محمّد أن تسبّحوا - فذكره - قال: نعم. قال: اجعلوها خمساً وعشرين، واجعلوا فيها التّهليل. فلمّا أصبح أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأخبره ، فقال: فافعلوه. أخرجه النّسائيّ وابن خزيمة وابن حبّان.

ولفظ ابن عمر: رأى رجلٌ من الأنصار فيما يرى النّائم - فذكر نحوه. وفيه فقيل له: سبّح خمساً وعشرين واحمد خمساً وعشرين وكبّر خمساً وعشرين وهلَّل خمساً وعشرين فتلك مائة. فأمرهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن يفعلوا كما قال. أخرجه النّسائيّ وجعفر الفريابيّ.

واستنبط من هذا أنّ مراعاة العدد المخصوص في الأذكار معتبرة ، وإلَاّ لكان يمكن أن يقال لهم: أضيفوا لها التّهليل ثلاثاً وثلاثين.

وقد كان بعض العلماء يقول: إنّ الأعداد الواردة كالذّكر عقب الصّلوات إذا رتّب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد المذكور لا يحصل له ذلك الثّواب المخصوص. لاحتمال أن يكون

ص: 152

لتلك الأعداد حكمة وخاصّيّة تفوت بمجاوزة ذلك العدد.

قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في " شرح التّرمذيّ ": وفيه نظرٌ، لأنّه أتى بالمقدار الذي رتّب الثّواب على الإتيان به فحصل له الثّواب بذلك، فإذا زاد عليه من جنسه كيف تكون الزّيادة مزيلة لذلك الثّواب بعد حصوله؟. انتهى.

ويمكن أن يفترق الحال فيه بالنّيّة، فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الأمر الوارد ثمّ أتى بالزّيادة فالأمر كما قال شيخنا لا محالة، وإن زاد بغير نيّة بأن يكون الثّواب رتّب على عشرة مثلاً فرتّبه هو على مائة فيتّجه القول الماضي.

وقد بالغ القرافيّ في " القواعد ". فقال: من البدع المكروهة الزّيادة في المندوبات المحدودة شرعاً، لأنّ شأن العظماء إذا حدّوا شيئاً أن يوقف عنده ويعدّ الخارج عنه مسيئاً للأدب. انتهى.

وقد مثّله بعض العلماء بالدّواء يكون مثلاً فيه أوقيّة سكّر فلو زيد فيه أوقيّة أخرى لتخلف الانتفاع به، فلو اقتصر على الأوقيّة في الدّواء ثمّ استعمل من السّكّر بعد ذلك ما شاء لَم يتخلف الانتفاع.

ويؤيّد ذلك أنّ الأذكار المتغايرة إذا ورد لكلٍّ منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لَم تحسن الزّيادة على العدد المخصوص ، لِمَا في ذلك من قطع الموالاة ، لاحتمال أن يكون للموالاة في ذلك حكمة خاصّة تفوت بفواتها، والله أعلم.

ص: 153

قال ابن بطّال عن المُهلَّب (1): في هذا الحديث فضل الغنيّ نصّاً لا تأويلاً، إذا استوت أعمال الغنيّ والفقير فيما افترض الله عليهما، فللغنيّ حينئذٍ فضل عمل البرّ من الصّدقة ونحوها ممّا لا سبيل للفقير إليه.

قال: ورأيت بعض المتكلمين ذهب إلى أنّ هذا الفضل يخصّ الفقراء دون غيرهم، أي: الفضل المترتّب على الذّكر المذكور، وغفل عن قوله في نفس الحديث " إلَاّ من صنع مثل ما صنعتم " ، فجعل الفضل لقائله كائناً من كان.

وقال القرطبيّ: تأوّل بعضهم قوله " ذلك فضل الله يؤتيه " بأن قال: الإشارة راجعة إلى الثّواب المترتّب على العمل الذي يحصل به التّفضيل عند الله، فكأنّه قال: ذاك الثّواب الذي أخبرتكم به لا يستحقّه أحد بحسب الذّكر ولا بحسب الصّدقة، وإنّما هو بفضل الله.

قال: وهذا التّأويل فيه بُعدٌ، ولكن اضطرّه إليه ما يعارضه.

وتعقّب: بأنّ الجمع بينه وبين ما يعارضه ممكن من غير احتياج إلى التّعسّف.

وقال ابن دقيق العيد: ظاهر الحديث القريب من النّصّ أنّه فضّل الغنيّ، وبعض النّاس تأوّله بتأويلٍ مستكره كأنّه يشير إلى ما تقدّم.

قال: والذي يقتضيه النّظر أنّهما إن تساويا وفضّلت العبادة الماليّة

(1) المهلب بن أحمد بن أبي صفرة أسيد بن عبد الله الاسدي. تقدمت ترجمته (1/ 12).

ص: 154

أنّه يكون الغنيّ أفضل، وهذا لا شكّ فيه، وإنّما النّظر إذا تساويا وانفرد كلّ منهما بمصلحةٍ ما هو فيه أيّهما أفضل؟.

إن فُسّر الفضل بزيادة الثّواب ، فالقياس يقتضي أنّ المصالح المتعدّية أفضل من القاصرة فيترجّح الغنيّ.

وإن فُسّر بالأشرف بالنّسبة إلى صفات النّفس ، فالذي يحصل لها من التّطهير بسبب الفقر أشرف فيترجّح الفقر، ومن ثَمَّ ذهب جمهور الصّوفيّة إلى ترجيح الفقير الصّابر.

وقال القرطبيّ: للعلماء في هذه المسألة خمسة أقوال.

ثالثها: الأفضل الكفاف، رابعها: يختلف باختلاف الأشخاص، خامسها: التّوقّف.

وقال الكرمانيّ: قضيّة الحديث أنّ شكوى الفقر تبقى بحالها. وأجاب: بأنّ مقصودهم كان تحصيل الدّرجات العلا والنّعيم المقيم لهم أيضاً لا نفي الزّيادة عن أهل الدّثور مطلقاً. انتهى.

والذي يظهر أنّ مقصودهم إنّما كان طلب المساواة.

ويظهر أنّ الجواب وقع قبل أن يعلم النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّ متمنّي الشّيء يكون شريكاً لفاعله في الأجر كما في الصحيحين من حديث ابن مسعود الذي أوّله " لا حسد إلَاّ في اثنتين "، فإنّ في رواية التّرمذيّ من وجه آخر التّصريح: بأنّ المنفق والمتمنّي إذا كان صادق النّيّة في الأجر سواء (1).

(1) سنن الترمذي (2325) عن أبي كبشة الأنماري: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وفيه: أحدثكم حديثاً فاحفظوه. قال: إنما الدنيا لأربعة نفر. عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً. فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه الله علماً ولَم يرزقه مالاً فهو صادق النية. يقول: لو أنَّ لي مالاً لعملتُ بعمل فلان فهو نيته. فأجرهما سواء ، وعبد رزقه الله مالاً ولَم يرزقه علماً فهو يخبط في ماله بغير علمٍ. لا يتقى فيه ربه ، ولا يصل فيه رحمه ، ولا يعلم لله فيه حقاً. فهذا بأخبث المنازل ، وعبد لَم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أنَّ لي مالاً لعملت فيه بعمل فلانٍ فهو نيته. فوزرهما سواء. قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح

ص: 155

وكذا قوله صلى الله عليه وسلم: من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من يعمل بها من غير أن ينقص من أجره شيء " (1) فإنّ الفقراء في هذه القصّة كانوا السّبب في تعلّم الأغنياء الذّكر المذكور، فإذا استووا معهم في قوله ، امتاز الفقراء بأجر السّبب مضافاً إلى التّمنّي، فلعل ذلك يقاوم التّقرّب بالمال.

وتبقى المقايسة بين صبر الفقير على شظف العيش ، وشكر الغنيّ على التّنعّم بالمال، ومن ثَمَّ وقع التّردّد في تفضيل أحدهما على الآخر.

وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدّم.

أنّ العالم إذا سئل عن مسألة يقع فيها الخلاف أن يجيب بما يلحق به المفضول درجة الفاضل، ولا يجيب بنفس، الفاضل لئلا يقع الخلاف، كذا قال ابن بطّال

وكأنّه أخذه من كونه صلى الله عليه وسلم أجاب بقوله " أَلا أدلّكم على أمر تساوونهم فيه " وعدل عن قوله: نعم هم أفضل منكم بذلك.

وفيه التّوسعة في الغبطة، وهي تمنّي المرء أن يكون له نظير ما للآخر

(1) أخرجه مسلم في صحيحه (1017) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.

ص: 156

من غير أن يزول عنه، والفرق بينها وبين الحسد المذموم.

وفيه المسابقة إلى الأعمال المحصّلة للدّرجات العالية لمبادرة الأغنياء إلى العمل بما بلغهم، ولَم ينكر عليهم صلى الله عليه وسلم فيؤخذ منه أنّ قوله " إلَاّ من عمل " عامّ للفقراء والأغنياء خلافاً لمن أوّله بغير ذلك

وفيه أنّ العمل السّهل قد يدرك به صاحبه فضل العمل الشّاقّ. وفيه فضل الذّكر عقب الصّلوات.

واستدل به البخاريّ على فضل الدّعاء عقيب الصّلاة لأنّه في معناها، ولأنّها أوقات فاضلة يرتجى فيها إجابة الدّعاء.

وزعم بعضهم: أنّ الدّعاء بعد الصّلاة لا يشرع، متمسّكاً بالحديث الذي أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن الحارث عن عائشة: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا سلَّم لا يثبت إلَاّ قدر ما يقول: اللهمّ أنت السّلام ومنك السّلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

والجواب: أنّ المراد بالنّفي المذكور نفي استمراره جالساً على هيئته قبل السّلام إلَاّ بقدر أن يقول ما ذُكر، فقد ثبت ، أنّه كان إذا صلَّى أقبل على أصحابه (1) ، فيُحمل ما ورد من الدّعاء بعد الصّلاة على أنّه كان يقوله بعد أن يقبل بوجهه على أصحابه.

وقد ثبت عن معاذ بن جبل ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال له: يا معاذ. إنّي والله لأحبّك، فلا تدع دبر كلّ صلاة أن تقول: اللهمّ أعنّي على

(1) أخرجه البخاري (809) من حديث سمرة ، والبخاري ومسلم من حديث زيد بن خالد ومن حديث أنس رضي الله عنهم.

ص: 157

ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. أخرجه أبو داود والنّسائيّ وصحّحه ابن حبّان والحاكم.

وحديث أبي بكرة في قول: اللهمّ إنّي أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر، كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو بهنّ دبر كلّ صلاة. أخرجه أحمد والتّرمذيّ والنّسائيّ وصحّحه الحاكم.

وحديث سعد ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ منهن دبر الصلاة: اللهم إني أعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر. أخرجه البخاري.

وحديث زيد بن أرقم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في دبر كلّ صلاة: اللهمّ ربّنا وربّ كلّ شيء. الحديث أخرجه أبو داود والنّسائيّ.

وحديث صهيب رفعه " كان يقول إذا انصرف من الصّلاة: اللهمّ أصلح لي ديني. الحديث. أخرجه النّسائيّ ، وصحّحه ابن حبّان وغير ذلك.

فإن قيل: المراد بدبر كلّ صلاة قرب آخرها وهو التّشهّد.

قلنا: قد ورد الأمر بالذّكر دبر كلّ صلاة، والمراد به بعد السّلام إجماعاً، فكذا هذا حتّى يثبت ما يخالفه.

وقد أخرج التّرمذيّ من حديث أبي أُمامة: قيل: يا رسولَ الله. أيّ الدّعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الأخير ودبر الصّلوات المكتوبات.

ص: 158

وقال: حسن.

وأخرج الطّبريّ من رواية جعفر بن محمّد الصّادق قال: الدّعاء بعد المكتوبة أفضل من الدّعاء بعد النّافلة. كفضل المكتوبة على النّافلة.

ومناسبة ذِكر البخاري لحديث المغيرة وأبي هريرة في " باب الذكر بعد الدعاء " أنّ الذّاكر يحصل له ما يحصل للدّاعي إذا شغله الذّكر عن الطّلب كما في حديث ابن عمر رفعه: يقول الله تعالى: من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السّائلين. أخرجه الطّبرانيّ بسندٍ ليّن.

وحديث أبي سعيد بلفظ: من شغله القرآن وذكري عن مسألتي. الحديث أخرجه التّرمذيّ وحسّنه.

وفيه أنّ العمل القاصر قد يساوي المتعدّي خلافاً لِمَن قال: إنّ المتعدّي أفضل مطلقاً، نبّه على ذلك الشّيخ عزّ الدّين بن عبد السّلام.

ص: 159