المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثاني والثمانون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌الحديث الثاني والثمانون

‌الحديث الثاني والثمانون

131 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي من الليل ثلاث عشرة ركعةً يوتر من ذلك بخمسٍ ، لا يجلس في شيءٍ إلَاّ في آخرها. (1)

قوله: (يُصلِّي من الليل ثلاث عشرة ركعةً) وللبخاري عن مسروق، قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل؟ فقالت: سبع وتسع وإحدى عشرة، سوى ركعتي الفجر " ، وما أجابت به مسروقاً فمرادها ، أنّ ذلك وقع منه في أوقات مختلفة، فتارة كان يُصلِّي سبعاً وتارة تسعاً وتارة إحدى عشرة.

وأمّا حديث القاسم عنها عند البخاري " كان يُصلِّي من الليل ثلاث عشرة ، منها الوتر وركعتا الفجر ، وفي رواية مسلم من هذا

(1) أخرجه مسلم (737) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة. بتمامه.

ولَم يخرّجه البخاري في صحيحه بهذا اللفظ ، وإنما أخرج نحوه برقم (1140) من طريق حنظلة عن القاسم عن عائشة بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلِّي من الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر.

قال الشيخ أبو الحسن عبيد الله بن محمد المبارك فوري رحمه الله. في كتابه " مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح "(4/ 263) بعد أن عزاه التبريزي للمتفق عليه. قال: فيه نظر؛ لأنَّ قوله: يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلَاّ في آخرها، ليس عند البخاري، بل هو من أفراد مسلم، وكأن المصنف قلَّد في ذلك الجزري وصاحب المنتقى والمنذري حيث نسبوا هذا السياق إلى الشيخين، والعجب من الحافظ أنه قال بعد ذكره في بلوغ المرام: متفق عليه. مع أنه عزاه في التلخيص لمسلم فقط، اللهم إلَاّ أن يقال: إنهم أرادوا بذلك أنَّ أصل الحديث متفق عليه لا السياق المذكور بتمامه، ولا يخفى ما فيه. انتهى

ص: 113

الوجه " كانت صلاته عشر ركعات ، ويوتر بسجدة ، ويركع ركعتي الفجر ، فتلك ثلاث عشرة " ، فمحمولٌ على أنّ ذلك كان غالب حاله.

وللبخاري ومسلم من رواية أبي سلمة عنها ، أنّ ذلك كان أكثر ما يصليه في الليل، ولفظه " ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة " الحديث، وفيه ما يدلّ على أنّ ركعتي الفجر من غيرها ، فهو مطابق لرواية القاسم.

وأمّا ما رواه الزّهريّ عن عروة عنها كما في البخاري بلفظ: كان يُصلِّي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثمّ يُصلِّي إذا سمع النّداء بالصّبح ركعتين خفيفتين.

فظاهره يخالف ما تقدّم.

فيحتمل: أن تكون أضافت إلى صلاة الليل سنّة العشاء ، لكونه كان يُصلِّيها في بيته.

أو: ما كان يفتتح به صلاة الليل ، فقد ثبت عند مسلم من طريق سعد بن هشام عنها ، أنّه كان يفتتحها بركعتين خفيفتين.

وهذا أرجح في نظري ، لأنّ رواية أبي سلمة التي دلَّت على الحصر في إحدى عشرة جاء في صفتها عند البخاري وغيره: يُصلِّي أربعاً ثمّ أربعاً ثمّ ثلاثاً.

فدلَّ على أنّها لَم تتعرّض للرّكعتين الخفيفتين ، وتعرّضت لهما في رواية الزّهريّ.

ص: 114

والزّيادة من الحافظ مقبولة، وبهذا يجمع بين الرّوايات.

وينبغي أن يستحضر هنا ذكر الرّكعتين بعد الوتر ، والاختلاف هل هما الرّكعتان بعد الفجر أو صلاة مفردة بعد الوتر؟.

ويؤيّده ما وقع عند أحمد وأبي داود من رواية عبد الله بن أبي قيس عن عائشة بلفظ " كان يوتر بأربعٍ وثلاث، وستّ وثلاث، وثمان وثلاث، وعشر وثلاث، ولَم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة ، ولا أنقص من سبع.

وهذا أصحُّ ما وقفت عليه من ذلك، وبه يجمع بين ما اختلف عن عائشة من ذلك. والله أعلم.

قال القرطبيّ: أشْكلَتْ روايات عائشة على كثير من أهل العلم ، حتّى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنّما يتمّ لو كان الرّاوي عنها واحداً أو أخبرت عن وقت واحد: والصّواب أنّ كلّ شيء ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعدّدة وأحوال مختلفة بحسب النّشاط وبيان الجواز. والله أعلم.

وظهر لي أنّ الحكمة في عدم الزّيادة على إحدى عشرة. أنّ التّهجّد والوتر مختصّ بصلاة الليل، وفرائض النّهار - الظّهر وهي أربع ، والعصر وهي أربع ، والمغرب وهي ثلاث وتر النّهار - فناسب أن تكون صلاة الليل كصلاة النّهار في العدد جملة وتفصيلاً

وأمّا مناسبة ثلاث عشرة ، فبضمّ صلاة الصّبح ، لكونها نهاريّة إلى ما بعدها

ص: 115

قوله: (يوتر من ذلك بخمسٍ ، لا يجلس في شيءٍ إلَاّ في آخرها)(1).

(1) هذه اللفظة لَم يخرجها البخاري كما ذكرتُه قبلاً ، ولذا لَم يتكلَّم عليه ابن حجر.

قال ابن رجب الحنبلي في فتح الباري (9/ 102): وقد تكلَّم في حديث هشام هذا غيرُ واحدٍ. قال ابن عبد البر: قد أنكره مالك. وقال: مذ صار هشام إلى العراق أتانا عنه ما لَم يعرف منه. وقد أعلَّه الأثرم بأنه يقال في حديثه: كان يوتر بواحدة، كذا رواه مالك وغيره عن الزهري. ورواه عمرو بن الحارث ويونس عن الزهري، وفي حديثهما: يُسلّم من كل ركعتين، ويوتر بواحدة ، وقد خرجه مسلم من طريقهما أيضاً. وكذا رواه ابن أبي ذئب والأوزاعي عن الزهري. خرَّج حديثهما أبو داود 0

قال الأثرم: وقد روى هذا الحديث عن عائشة غير واحد، لَم يذكروا في حديثهم ما ذكره هشام عن أبيه من سرْد الخمس.

ورواه القاسم عن عائشة، في حديثه: يوتر بواحدة.

ولَم يوافق هشاماً على قوله إلَاّ ابن إسحاق، فرواه عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة - بنحو رواية هشام. وخرجه أبو داود من طريقه كذلك.

ورواه أيضا سعد بن هشام عن عائشة، واختلف عليه فيه:

فخرجه مسلم من رواية قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام، أنه سأل عائشةَ عن وتر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: كان يُصلِّي تسع ركعات، لا يجلس إلَاّ في الثامنة، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثُمَّ ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي ركعة، ثم يقعد، فيذكر الله ويحمده ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يُصلِّي ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما أسنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه الأول، فتلك تسع يا بني.

وقد خرّجه أبو داود بلفظ آخر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي ثمان ركعات، لا يجلس فيهن إلَاّ عند الثامنة، فيجلس فيذكر الله، ثم يدعو، ثم يسلّم تسليماً، ثم يُصلِّي ركعتين وهو جالس بعدما يسلم، ثم يُصلِّي ركعة، فتلك إحدى عشرة ركعة.

وفي هذه الرواية: أنه كان يُصلِّي الركعتين جالساً قبل الوتر، ثم يوتر بعدها بواحدة.

وهذا يخالف ما في رواية مسلم.

ورواه سعد بن هشام عن عائشة، واختلف عليه في لفظه: فروي عنه: الوتر بتسعٍ، وروي عنه: بواحدة.

ورواه أبان عن قتادة بهذا الإسناد، ولفظه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث، ولا يقعد إلَاّ في آخرهن. قال الإمام أحمد: فهذه الرواية خطأ. =

ص: 116

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= يشير إلى إنها مختصرة من رواية قتادة المبسوطة.

وقد روي في هذا المعنى من حديث ابن عباس وأم سلمة. وقد تكلَّم الأثرم في إسنادهما. وطعن البخاري في حديث أم سلمة بانقطاعه، وذكر أنَّ حديث ابن عمر في الوتر بركعة ، أصحُّ من ذلك ..

ثم قال ابن رجب: وأجاز أحمد وأصحابه وإسحاق ، أن يوتر بثلاث موصولة، وأن يوتر بخمس لا يجلس إلَاّ في آخرهن، وبتسع لا يجلس إلَاّ في الثامنة، ولا يسلم ثم يقوم فيصلّي ركعة، ثم يسلم؛ لِمَا جاء في حديث عائشة المتقدم.

وجعلوا هذه النصوص خاصةً تخص عموم حديث صلاة الليل مثنى مثنى، وقالوا في التسع والسبع والخمس: الأفضل أن تكون بسلام واحد؛ لذلك.

فأما الوتر بسبع، فنصَّ أحمد على أنه لا يجلس إلَاّ في آخرهن.

ومن أصحابنا مَن قال: يجلس عقيب السادسة بتشهد، ولا يسلم.

وقد اختلف ألفاظ حديث عائشة في ذلك. انتهى كلام ابن رجب.

وقال الشيخ أبو الحسن المبارك فوري رحمه الله في " مرعاة المفاتيح ": قوله: (لا يجلس في شيء) أي: للتشهد. (إلَاّ في آخرها) أي: لا يجلس في ركعة من الركعات الخمس إلَاّ في آخرهن، وفيه دليل على مشروعية الإيتار بخمس ركعات بقعدة واحدة، وهذا أحد أنواع إيتاره صلى الله عليه وسلم كما أنَّ الإيتار بواحدة أحدها كما أفاده حديثها السابق ، وعلى أنَّ القعود على آخر كل ركعتين غير واجب.

ففيه ردٌ على مَن قال بتعيين الثلاث، وبوجوب القعود بعد كل من الركعتين.

قال الترمذي: وقد رأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم الوتر بخمس، وقالوا: لا يجلس في شيء منهن إلَاّ في آخرهن، وروى محمد بن نصر في " قيام الليل " عن إسماعيل بن زيد ، أنَّ زيد بن ثابت كان يوتر بخمس ركعات لا ينصرف فيها. أي: لا يسلم.

وقال الشيخ سراج أحمد السرهندي في شرح الترمذي: وهو مذهب سفيان الثوري، وبعض الأئمة. انتهى.

قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي: وهو الظاهر من كلام الشافعي ومذهبه، فقد حكى الربيع بن سليمان في (اختلاف مالك والشافعي) الملحق بكتاب الأم (ج7 ص189) أنه سأل الشافعي عن الوتر بواحدة ليس قبلها شيء؟ ، فقال الشافعي: نعم، والذي أختار أن أصلي عشر ركعات ثم أوتر بواحدة. ثم حكى الحجة عنه في ذلك. =

ص: 117

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثم قال: قال الشافعي: وقد أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بخمس ركعات. لا يجلس ولا يسلم إلَاّ في الآخرة منهن " فقلت للشافعي: فما معنى هذا؟ قال: هذه نافلة يسع أن يوتر بواحدة وأكثر، ونختار ما وصفت من غير أن نضيق غيره.

وانظر المجموع للنووي (ج4 ص12، 13) فقد رجح جواز هذا لدلالة الأحاديث الصحيحة عليه. انتهى

والحديث مُشكل على الحنفية جداً، فإنهم قالوا بوجوب القعود والتشهد بعد كل من الركعتين في الفرض والنفل جميعاً، وأجابوا عنه بوجوه كلها مردودة باطلة.

أحدها: أنَّ المعنى لا يجلس في شيء للسلام بخلاف ما قبله من الركعات، ذكره القاري.

وقد رده صاحب البذل حيث قال: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الحنفية قائلون بأنَّ الوتر ثلاث لا يجوز الزيادة عليها، فإذا صلَّى خمس ركعات، فإن نوى الوتر في أول التحريمة لا يجوز ذلك؛ لأنَّ الزيادة على الثلاث ممنوعة، وإن نوى النفل في أول التحريمة لا يؤدي الوتر بنية النفل.

وإن قيل: إنها كانت في ابتداء الإسلام ثم استقرَّ الأمر على أنَّ الوتر ثلاث ركعات. فينافيه حديث زرارة بن أوفي عند أبي داود: فلم تزل تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدن، فنقص من التسع ثنتين، فجعلها إلى الست والسبع وركعتيه وهو قاعد حتى قبض على ذلك.

وثانيها: أنَّ المنفي جلسة الفراغ والاستراحة ، أي: لا يجلس في شيء من الخمس جلسة الفراغ والاستراحة إلَاّ في آخرها. أي: بعد الركعة الآخرة، يعني بعد الفراغ منها، وكانت الركعتان نافلتي الوضوء أو غيرها والثلاثة وتراً.

وفيه أنَّ تخصيص الجلوس المنفي بجلوس الاستراحة والفراغ يحتاج إلى دليل، وإذ لا دليل على ذلك فهو مردود على قائله، على أنَّ قوله: إلَاّ في آخرهن يدلُّ على وجود الجلوس في آخر الركعات الخمس، بناء على أنَّ " في " للظرفية، وهي تقتضي تحقق الجلوس داخل الصلاة لا خارجها، وعلى أنَّ الأصل في الاستثناء الاتصال، وهذا ينافي كون المراد بالجلوس المنفي جلسة الفراغ.

وثالثها: أنَّ المعنى لَم يكن يُصلِّي من تلك الخمس جالساً ، إذ قد ورد أنه كان يُصلِّي قائماً وقاعداً، وعلى هذا فالمنفي من الجلوس هو الجلوس مقام، والاستثناء في قوله: إلَاّ في آخرهن منقطع، كما في الوجه الثاني ، والمعنى لا يُصلِّي جالساً إلَاّ بعد أن يفرغ من =

ص: 118

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الخمس. وهذا أيضاً مردودٌ لِمَا تقدم آنفاً.

ورابعها: أنَّ المراد بقوله " آخرهن " الركعتان الأخيرتان، فالثلاثة الأول من الخمس وتر ، والركعتان بعده هما اللتان كان يُصلّيهما النبي صلى الله عليه وسلم جالساً بعد الوتر، والمعنى لَم يكن يُصلِّي شيئاً من تلك الخمس جالساً إلَاّ الركعتين الأخيرتين منها، وعلى هذا فالاستثناء متصل.

وفيه أنَّ هذا يردُّه قوله: يوتر من ذلك بخمس؛ لأنه يدل على أنَّ الركعات الخمس كلها ركعات الوتر.

ويبطله أيضاً رواية الشافعي بلفظ: كان يوتر بخمس ركعات لا يجلس ولا يسلم إلَاّ في الآخرة منها، ورواية أبي داود " يوتر منها بخمس لا يجلس في شيء من الخمس حتى يجلس في الآخرة فيسلم " وهذا ظاهر.

وخامسها: أنَّ المراد بآخرهن الركعة الأخيرة ، والمنفي بالجلوس الجلوس الخاص وهو الذي فيه تشهد بلا تسليم، فالمعنى لا يجلس بهذه المثابة إلَاّ في ابتداء الركعة الأخيرة.

وأما الجلوس بعد الركعتين فهو على المعروف المتبادر يعني مع التسليم.

وهذا أيضاً مردود ، يردُّه رواية الشافعي وأبي داود، كما لا يخفي.

وهذه الوجوه كلها تحريف للحديث الصحيح وإبطال لمؤاده. انتهى كلام صاحب المرعاة.

ص: 119