المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث السادس والتسعون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٣

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌باب التشهُّد

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌الحديث السادس والسبعون

- ‌الحديث السابع والسبعون

- ‌الحديث الثامن والسبعون

- ‌الحديث التاسع والسبعون

- ‌باب الوتر

- ‌الحديث الثمانون

- ‌الحديث الواحد والثمانون

- ‌الحديث الثاني والثمانون

- ‌باب الذكر عقب الصّلاة

- ‌الحديث الثالث والثمانون

- ‌الحديث الرابع والثمانون

- ‌الحديث الخامس والثمانون

- ‌الحديث السادس والثمانون

- ‌باب الجمع بين الصلاتين في السفر

- ‌الحديث السابع والثمانون

- ‌باب قصر الصلاة في السفر

- ‌الحديث الثامن والثمانون

- ‌باب الجمعة

- ‌الحديث التاسع والثمانون

- ‌الحديث التسعون

- ‌الحديث الواحد والتسعون

- ‌الحديث الثاني والتسعون

- ‌الحديث الثالث والتسعون

- ‌الحديث الرابع والتسعون

- ‌الحديث الخامس والتسعون

- ‌الحديث السادس والتسعون

- ‌باب صلاة العيدين

- ‌الحديث السابع والتسعون

- ‌الحديث الثامن والتسعون

- ‌الحديث التاسع والتسعون

- ‌الحديث المائة

- ‌الحديث المائة وواحد

- ‌باب صلاة الكسوف

- ‌الحديث المائة واثنان

- ‌الحديث المائة وثلاثة

- ‌الحديث المائة وأربعة

- ‌الحديث المائة وخمسة

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌الحديث المائة وستة

- ‌الحديث المائة وسبعة

- ‌باب صلاة الخوف

- ‌الحديث المائة وثمانية

- ‌الحديث المائة وتسعة

- ‌الحديث المائة وعشرة

- ‌كتاب الجنائز

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

الفصل: ‌الحديث السادس والتسعون

‌الحديث السادس والتسعون

145 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: الَم تنزيل السّجدة ، وهل أتى على الإنسان. (1)

قوله: (الَم تنزيل) بضمّ اللام على الحكاية، وقوله " السّجدة " بالنّصب.

قال ابن بطّال: أجمعوا على السّجود فيها، وإنّما اختلفوا في السّجود بها في الصّلاة. انتهى

قوله: (وهل أتى على الإنسان) زاد الأصيليّ في روايته " حينٌ من الدّهر "(2) والمراد أن يقرأ في كلّ ركعة بسورةٍ، وكذا بيّنه مسلم من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن أبيه بلفظ " الم تنزيل، في الرّكعة الأولى، وفي الثّانية: هل أتى على الإنسان ".

وفيه دليل على استحباب قراءة هاتين السّورتين في هذه الصّلاة من هذا اليوم. لِمَا تشعر الصّيغة به من مواظبته صلى الله عليه وسلم على ذلك أو إكثاره منه.

بل ورد من حديث ابن مسعود التّصريح بمداومته صلى الله عليه وسلم على ذلك، أخرجه الطّبرانيّ ولفظه " يديم ذلك " ، وأصله في ابن ماجه بدون

(1) أخرجه البخاري (850 ، 1018) ومسلم (880) من طريق سعد بن إبراهيم عن الأعرج عن أبي هريرة به.

(2)

ولمسلم (حينٌ من الدهر لَم يكن شيئاً مذكوراً)

ص: 262

هذه الزّيادة ورجاله ثقات، لكن صوّب أبو حاتم إرساله.

وكأنّ ابن دقيق العيد لَم يقف عليه ، فقال في الكلام على حديث الباب: ليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائماً اقتضاء قويّاً.

وهو كما قال بالنّسبة لحديث الباب، فإنّ الصّيغة ليست نصّاً في المداومة ، لكنّ الزّيادة التي ذكرناها نصّ في ذلك.

وقد أشار أبو الوليد الباجيّ في رجال البخاريّ: إلى الطّعن في سعد بن إبراهيم لروايته لهذا الحديث، وأنّ مالكاً امتنع من الرّواية عنه لأجله، وأنّ النّاس تركوا العمل به لا سيّما أهل المدينة. انتهى.

وليس كما قال، فإنّ سعداً لَم ينفرد به مطلقاً، فقد أخرجه مسلم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عبّاسٍ مثله، وكذا ابن ماجه والطّبرانيّ من حديث ابن مسعود، وابن ماجه من حديث سعد بن أبي وقّاص، والطّبرانيّ في " الأوسط " من حديث عليّ.

وأمّا دعواه أنّ النّاس تركوا العمل به فباطلة، لأنّ أكثر أهل العلم من الصّحابة والتّابعين قد قالوا به كما نقله ابن المنذر وغيره، حتّى إنّه ثابتٌ عن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف والد سعد وهو من كبار التّابعين من أهل المدينة ، أنّه أمّ النّاس بالمدينة بهما في الفجر يوم الجمعة. أخرجه ابن أبي شيبة بإسنادٍ صحيحٍ.

وكلام ابن العربيّ يشعر بأنّ ترك ذلك أمر طرأ على أهل المدينة ، لأنّه قال: وهو أمر لَم يعلم بالمدينة، فالله أعلم بمن قطعه كما قطع غيره. انتهى.

ص: 263

وأمّا امتناع مالك من الرّواية عن سعد فليس لأجل هذا الحديث، بل لكونه طعن في نسب مالك، كذا حكاه ابن البرقيّ عن يحيى بن معين، وحكى أبو حاتم عن عليّ بن المدينيّ قال: كان سعد بن إبراهيم لا يحدّث بالمدينة فلذلك لَم يكتب عنه أهلها.

وقال السّاجيّ: أجمع أهل العلم على صدقه. وقد روى مالك عن عبد الله بن إدريس عن شعبة عنه، فصحّ أنّه حجّة باتّفاقهم. قال: ومالك إنّما لَم يرو عنه لمعنىً معروف، فأمّا أن يكون تكلم فيه فلا أحفظ ذلك. انتهى.

وقد اختلف تعليل المالكيّة بكراهة قراءة السّجدة في الصّلاة.

فقيل: لكونها تشتمل على زيادة سجود في الفرض.

قال القرطبيّ: وهو تعليل فاسد بشهادة هذا الحديث.

وقيل: لخشية التّخليط على المُصلِّين، ومن ثَمَّ فرّق بعضهم بين الجهريّة والسّريّة ، لأنّ الجهريّة يؤمن معها التّخليط، لكن صحّ من حديث ابن عمر (1) أنّه صلى الله عليه وسلم قرأ سورة فيها سجدة في صلاة الظّهر فسجد بهم فيها، أخرجه أبو داود والحاكم، فبطلت التّفرقة.

ومنهم: من علَّلَ الكراهة بخشية اعتقاد العوامّ أنّها فرض.

قال ابن دقيق العيد: أمّا القول بالكراهة مطلقاً فيأباه الحديث،

(1) قال الشيخ ابن باز رحمه الله (2/ 486): قوله (لكن صحَّ من حديث ابن عمر) في تصحيحه نظرٌ ، والصواب أنه ضعيفٌ ، لأنَّ في إسناده عند أبي داود رجلاً مجهولاً يُدعى أُميَّة كما نصَّ على ذلك أبو داود في رواية الرملي عنه ، ونبّه عليه الشوكاني في نيل الأوطار. والله أعلم

ص: 264

لكن إذا انتهى الحال إلى وقوع هذه المفسدة فينبغي أن تُترك أحياناً لتندفع، فإنّ المستحبّ قد يترك لدفع المفسدة المتوقّعة، وهو يحصل بالتّرك في بعض الأوقات. انتهى.

وإلى ذلك أشار ابن العربيّ بقوله: ينبغي أن يفعل ذلك في الأغلب للقدرة، ويقطع أحياناً ، لئلا تظنّه العامّة سنّة. انتهى.

وهذا على قاعدتهم في التّفرقة بين السّنّة والمستحبّ.

وقال صاحب المحيط من الحنفيّة: يستحبّ قراءة هاتين السّورتين في صبح يوم الجمعة بشرط أن يقرأ غير ذلك أحياناً ، لئلا يظنّ الجاهل أنّه لا يجزئ غيره.

وأمّا صاحب الهداية منهم. فذكر أنّ عِلَّة الكراهة: هجران الباقي وإيهام التّفضيل.

وقول الطّحاويّ يناسب قول صاحب المحيط، فإنّه خصّ الكراهة بمن يراه حتماً لا يجزئ غيره ، أو يرى القراءة بغيره مكروهة.

فائدتان.

الأولى: لَم أر في شيء من الطّرق التّصريح بأنّه صلى الله عليه وسلم سجد لَمّا قرأ سورة تنزيل السّجدة في هذا المحلّ ، إلَاّ في كتاب الشّريعة لابن أبي داود من طريق أخرى عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاسٍ قال: غدوتُ على النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر ، فقرأ سورة فيها سجدة. فسجد. الحديث، وفي إسناده من ينظر في حاله.

وللطّبرانيّ في الصّغير من حديث عليّ ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة

ص: 265

الصّبح. في تنزيل السّجدة " لكن في إسناده ضعف.

الثّانية: قيل: الحكمة في اختصاص يوم الجمعة بقراءة سورة السّجدة ، قصد السّجود الزّائد حتّى أنّه يستحبّ لمن لَم يقرأ هذه السّورة بعينها أن يقرأ سورة غيرها فيها سجدة، وقد عاب ذلك على فاعله غير واحدٍ من العلماء.

ونسبهم صاحب الهدي إلى قلة العلم ونقص المعرفة.

لكن عند ابن أبي شيبة بإسنادٍ قويّ عن إبراهيم النّخعيّ أنّه قال: يستحبّ أن يقرأ في الصّبح يوم الجمعة بسورةٍ فيها سجدة.

وعنده من طريقه أيضاً ، أنّه فعل ذلك فقرأ سورة مريم.

ومن طريق ابن عون ، قال: كانوا يقرءون في الصّبح يوم الجمعة بسورةٍ فيها سجدة. وعنده من طريقه أيضاً قال: وسألت محمّداً - يعني ابن سيرين - عنه فقال: لا أعلم به بأساً.

فهذا قد ثبت عن بعض علماء الكوفة والبصرة. فلا ينبغي القطع بتزييفه.

وقد ذكر النّوويّ في زيادات الرّوضة هذه المسألة وقال: لَم أر فيها كلاماً لأصحابنا، ثمّ قال: وقياس مذهبنا أنّه يكره في الصّلاة إذا قصده. انتهى.

وقد أفتى ابن عبد السّلام قبله بالمنع وببطلان الصّلاة بقصد ذلك، قال صاحب المهمّات: مقتضى كلام القاضي حسين الجواز.

وقال الفارقيّ في فوائد المهذّب: لا تستحبّ قراءة سجدة غير

ص: 266

تنزيل، فإن ضاق الوقت عن قراءتها قرأ بما أمكن منها ولو بآية السّجدة منها.

ووافقه ابن أبي عصرون في كتاب الانتصار. وفيه نظرٌ.

تكملة: قيل: إنّ الحكمة في هاتين السّورتين الإشارة إلى ما فيهما من ذكر خلق آدم وأحوال يوم القيامة، لأنّ ذلك كان وسيقع يوم الجمعة، ذكره ابن دحية في العلم المشهور ، وقرّره تقريراً حسناً.

ص: 267