الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَلما وَصله الْخَبَر أَخذ الْبيعَة لنَفسِهِ على من عِنْده وَسَار إِلَى بَغْدَاد فَدَخلَهَا لثمان خلون من جُمَادَى الأولى من السّنة الْمَذْكُورَة وَكَانَ نقش خَاتمه بِاللَّه عَليّ بن أَحْمد يَثِق وبقى حَتَّى توفى لثنتى عشرَة لَيْلَة خلت من ذى الْقعدَة سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ بعد أَن طَال مَرضه شهورا وعمره يَوْمئِذٍ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة وَأشهر وَدفن فِي دَار مُحَمَّد بن طَاهِر بِبَغْدَاد وَمُدَّة خِلَافَته سِتّ سِنِين وَسِتَّة أشهر وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَكَانَ لَهُ من الْأَوْلَاد المستكفى بِاللَّه الآتى ذكره
الحدوادث والماجريات فِي خِلَافَته
كَانَ كثير الْعَسْكَر وافر الْأَمْوَال قد وطأ لَهُ أَبوهُ المعتضد الْأُمُور وَسَار بسيرة أَبِيه وَفِي أَيَّامه اشتدت شَوْكَة القرامطة وحصروا طغج أَمِير دمشق عَن بنى طولون ثمَّ اجْتمعت عَلَيْهِم العساكر فَقتل مقدمهم يحيى الْمَعْرُوف بالشيخ وَأقَام أَخُوهُ الْحُسَيْن مقَامه وَتسَمى أَحْمد وَأظْهر شامة فِي وَجهه وَزعم أَنَّهَا آتِيَة وَكثر
جمعه فَصَالحه طغج على مَال دَفعه إِلَيْهِ وَسَار إِلَى حمص فحصرها حَتَّى خطب لَهُ على منبرها وتلقب المهدى أَمِير الْمُؤمنِينَ وعهد إِلَى ابْن عَمه عبد الله ولقبه المدثر وَزعم أَنه المدثر الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن ثمَّ سَار إِلَى حماة والمعرة وسلمية فَقتل حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان فَخرج إِلَيْهِ المكتفى بِنَفسِهِ وَسَار من بَغْدَاد حَتَّى نزل الرقة وجهز إِلَيْهِ العساكر فهرب وَمَعَهُ ابْن عَمه المدثر فَوَقع الْقَبْض عَلَيْهِمَا بالبرية وأحضرا إِلَى المكتفى فَسَار بهما إِلَى بَغْدَاد فَقَتَلَهُمَا وطيف بِرَأْس صَاحب الشامة (73 أ) وتفاقم أَمر القرامطة فِي كل جِهَة ونهبوا طبرية وَسَارُوا إِلَى جِهَة الْكُوفَة وَقَطعُوا الطَّرِيق على الْحجَّاج من طَرِيق الْعرَاق وفتكوا بهم عَن آخِرهم وَأخذُوا مِنْهُم أَمْوَالًا جمة وَبلغ عدَّة الْقَتْلَى من الْحجَّاج فِيمَا يُقَال عشْرين ألفا ثمَّ جهز المكتفى جَيْشًا مَعَ مُحَمَّد ابْن سُلَيْمَان الْكَاتِب فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ فَسَار حَتَّى استولى على دمشق وَتوجه إِلَى مصر وَبهَا يَوْمئِذٍ هَارُون بن خمارويه بن أَحْمد بن طولون فَوَقع الْحَرْب بَينه وَبَين مُحَمَّد بن سُلَيْمَان فَقتل هَارُون فِي المعركة وَقَامَ عَمه شَيبَان بن أَحْمد بن طولون مقَامه ثمَّ طلب
الْأمان فَأَمنهُ مُحَمَّد بن سُلَيْمَان ثمَّ هرب شَيبَان لَيْلًا فَلم يُوجد وَاسْتولى مُحَمَّد بن سُلَيْمَان على مصر وَأمْسك بنى طولون وَخرب مَنَازِلهمْ حَتَّى لم يبْق مِنْهَا إِلَّا الْجَامِع
وَمن غَرِيب مَا وَقع مَا حَكَاهُ مُحي الدّين بن عبد الظَّاهِر فِي خطط الْقَاهِرَة أَن أَحْمد بن طولون رأى فِي مَنَامه كَأَن الله تَعَالَى تجلى على تِلْكَ الْجِهَة خلا الْجَامِع فَقص ذَلِك على عَابِر ماهر فَقَالَ لَهُ إِن جَمِيع هَذِه الْأَمَاكِن تخرب خلا الْجَامِع فَإِن الله تَعَالَى يَقُول {فَلَمَّا تجلى ربه للجبل جعله دكا} وَكَانَ الْأَمر كَمَا عبر وَاسْتقر مُحَمَّد بن سُلَيْمَان بعد ذَلِك متأمرا على مصر كَمَا سياتى ذكره فِي الْكَلَام على وُلَاة الْأَمْصَار
وَفِي سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ انْتَهَت زِيَادَة النّيل إِلَى يَوْم النيروز ثَلَاثَة عشر ذِرَاعا ثمَّ توقف فَلم يزدْ إِلَى الْعَاشِر من توت واستسقى النَّاس فِي هَذَا الْيَوْم وعاودوا الاسْتِسْقَاء مَرَّات فَزَاد بعد ذَلِك أَربع أَصَابِع وَنصفا
ولايات الْأَمْصَار فِي خِلَافَته
كَانَ على مصر قبله هَارُون بن خمارويه بن أَحْمد بن طولون
ودمشق (73 ب) بيد القرامطة من حِين اقتلعوها من نواب هَارُون إِلَى أَن قتل فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ
فوليها عَن المكتفى شَيبَان بن أَحْمد بن طولون فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ بعث المكتفى مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الواثقى الْكَاتِب فاستولى على مصر وانتزعها من بنى طولون وَخرب مَنَازِلهمْ وأزال ملكهم عَنْهَا وَكتب المكتفى كتابا بِالْفَتْح إِلَى سَائِر الأقطار قد ذكرته برمتِهِ على طوله فِي كتابى صبح الْأَعْشَى فِي كِتَابه الإنشا وَبقيت بيد مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الْكَاتِب إِلَى أَن ولى عَلَيْهَا المكتفى عِيسَى بن مُحَمَّد النوشرى فِي سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ ثمَّ تغلب عَلَيْهَا مُحَمَّد بن عَليّ ثمَّ عَاد إِلَيْهَا النوشرى وَكَانَ قد تغلب على دمشق القرامطة على مَا تقدم ذكره فانتزعها مِنْهُم فِي سنة إِحْدَى
وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَأقَام عَلَيْهَا وعَلى حلب أَحْمد بن كيغلغ أَمِيرا فبقى فِيهَا إِلَى مَا بعد خلَافَة المكتفى
وَولى على ديار ربيعَة وديار مُضر من بِلَاد الجزيرة أَبَا الهيجاء عبد الله بن حمدَان وَلم أَقف على عماله بِمَكَّة وَالْمَدينَة
وَكَانَت الْيمن بيد بنى زِيَاد
وَكَانَ مَا وَرَاء النَّهر وخرسان بيد إِسْمَاعِيل بن أَحْمد ابْن أَسد بن سامان إِلَى ان مَاتَ وملكها بعده ابْنه أَبُو نصر أَحْمد بن إِسْمَاعِيل وَأرْسل المكتفى إِلَيْهِ التَّقْلِيد
وَكَانَ على إفريقية قبله أَبُو الْعَبَّاس عبد الله بن إِبْرَاهِيم ابْن أبي الغرانيق فتوفى فِي شعْبَان سنة تسعين وَمِائَتَيْنِ وَولى ابْنه زِيَادَة الله فَأقبل على اللَّذَّات وَاللَّهْو وَقتل إخْوَته وعمومته وقوى أَمر أبي عبد الله الشيعى داعى