الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَوَادِث والماجريات فِي خِلَافَته
لما اسْتَقر فِي الْخلَافَة وَسَار من البطائح إِلَى بَغْدَاد وَصله مهذب الدولة صَاحب البطائح بأموال جمة وَقَامَ بتدبير دولته بهاء الدولة بن عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه إِلَى أَن توفى بأرجان وَقد ملك الْعرَاق فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة وَكَانَ مُدَّة ملكه أَربع وَعِشْرُونَ سنة وَولى بعده بَغْدَاد وَمَا مَعهَا ابْنه (86 ب) سُلْطَان الدولة أَبُو شُجَاع إِلَى أَن تشغب عَلَيْهِ الْجند فِي سنة إِحْدَى عشرَة وَأَرْبَعمِائَة فاستخلف على الْعرَاق أَخَاهُ مشرف الدولة وَسَار إِلَى الأهواز ثمَّ بدا لَهُ فِي صرف أَخِيه مشرف الدولة فَبعث جَيْشًا لقتاله فَكَانَت الكسرة على جَيش سُلْطَان الدولة فَتَضَعَّفْت نَفسه وهرب إِلَى الأهواز فِي فل من النَّاس وبقى مشرف الدولة حَتَّى توفى فِي ربيع الأول سنة سِتّ عشرَة وَأَرْبَعمِائَة فَكَانَت مُدَّة ملكه خمس سِنِين وَعشْرين يَوْمًا وخلت بَغْدَاد من سُلْطَان فتسلط الأتراك على النَّاس بالمصادرات وطمع
أوباش النَّاس فِي رُؤَسَائِهِمْ ثمَّ سَار جلال الدولة بن بهاء الدولة من الْبَصْرَة إِلَى بَغْدَاد باستدعاء الْقَادِر الْخَلِيفَة والجند لَهُ فَخرج الْقَادِر لملتقاه وحلفه واستوثق مِنْهُ وَدخل بَغْدَاد ثَالِث رَمَضَان سنة ثَمَان عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَاسْتقر فِي بَغْدَاد خَاصَّة وَبَاقِي الْأَعْمَال لأبي كاليجار بن سُلْطَان الدولة
وَفِي أَيَّامه فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة ملك الرّوم مَدِينَة حمص واستولوا عَلَيْهَا وفيهَا حدث بِدِمَشْق زَلْزَلَة عَظِيمَة سقط مِنْهَا زهاء ألف دَار وَمَات تَحت الرَّدْم خلق كثير وخسفت قَرْيَة من قرى بعلبك وَخرج النَّاس من دُورهمْ إِلَى الصحارى وَفِي سنة عشرَة وَأَرْبَعمِائَة سقط بالعراق برد كبار وزن الْبردَة رطلان فَأَقل وأصغرها بِقدر الْبَيْضَة
وَفِي أَيَّامه توفّي الصاحب أَبُو الْقَاسِم بن عباد وَزِير فَخر الدولة بن ركن الدولة بن بويه بِالريِّ وَنقل إِلَى أصفهان فَدفن بهَا وَهُوَ أول من لقب الصاحب من الوزراء وَذَلِكَ أَنه كَانَ يصحب أَبَا الْفضل بن العميد فَقيل لَهُ صَاحب ابْن العميد ثمَّ أطلق عَلَيْهِ هَذَا اللقب
على قَتله فِي الثَّالِث من ذِي الْقعدَة إِحْدَى عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وعمره يَوْمئِذٍ سِتّ وَثَلَاثُونَ سنة وَولى بعده ابْنه الظَّاهِر لإعزاز دين الله أَبُو الْحسن عَليّ بن الْحَاكِم الْمُقدم ذكره فِي يَوْم عيد النَّحْر سنة إِحْدَى عشرَة 0 (87 ب) وَأَرْبَعمِائَة فبقى إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر
وَكَانَ على دمشق مُنِير الْخَادِم من جِهَة الْعَزِيز الفاطمي فولى عَلَيْهَا الْحَاكِم بن الْعَزِيز أَبَا مُحَمَّد الْأسود فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وثلاثمائة فيقى إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر وأفرط فِي التَّشَيُّع حَتَّى أَنه شهر رجلا مغربيا بهَا ونادى عَلَيْهِ هَذَا جَزَاء من يحب أَبَا بكر وَعمر فَلَا أحسن الله جزاءه
وَكَانَ على حلب سعد الدولة بن سيف الدولة بن حمدَان ثمَّ تقلدها أَبُو عَليّ بن مَرْوَان من الفاطمي خَليفَة مصر فِي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة وَلم يدخلهَا وَبقيت بيد سعد الدولة
حَتَّى توفّي بالفالج فِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَولى بعده ابْنه أَبُو الْفَضَائِل ثمَّ انتزعها مِنْهُ أَبُو نصر بن لُؤْلُؤ وخطب بهَا للْحَاكِم الفاطمي ثمَّ أمره الْحَاكِم بتسليمها الى نوابه فتسلموها مِنْهُ واستقرت بِأَيْدِيهِم حَتَّى وَليهَا مِنْهُم رجل اسْمه عَزِيز الْملك فَبَقيَ بهَا بَقِيَّة ايامه ثمَّ صَارَت إِلَى الظَّاهِر بن الْحَاكِم فوليها عَنهُ ابْن سُفْيَان فَبَقيَ إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر وَكَانَ على الْموصل حسام الدولة الْمُقَلّد بن الْمسيب الْعقيلِيّ وَهُوَ أول من استولى مِنْهُم على الْموصل ملكهَا فِي سنة ثَمَانِينَ وثلاثمائة وبقى حَتَّى قتل فِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وثلاثمائة بعد أَن عظم شَأْنه وَقَامَ مقَامه فِي ذَلِك ابْنه قرواش بن الْمُقَلّد
وَكَانَ على مَكَّة عِيسَى بن جَعْفَر ثمَّ ولى بعده
السُّلَيْمَانِي أَمِير مَكَّة الْمَدِينَة سنة تسعين وثلاثمائة بِأَمْر الْحَاكِم الفاطمي وأزال إمرة بني الْحُسَيْن مِنْهَا وحاول الْحَاكِم الفاطمي نقل الْجَسَد الشريف النَّبَوِيّ إِلَى مصر لَيْلًا فهاجت بهم ريح عَظِيمَة أظلم مِنْهَا الجو وكادت تقلع المباني من أَصْلهَا فردهم أَبُو الْفتُوح عَن ذَلِك وَعَاد إِلَى مَكَّة وَرجع أراء الْمَدِينَة إِلَيْهَا فوليها مِنْهُم هانىء بن دَاوُد بن قَاسم ثمَّ مهنا أَخُوهُ
قَالَ الشريف الْحَرَّانِي النسابة (88 ب) وَكَانَ بهَا فِي سنة ثَمَان وَأَرْبَعمِائَة أَبُو عمَارَة حَمْزَة وَمُقْتَضى كَلَامهم أَنه بقى إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر
وَكَانَ على الْيمن من بنى زِيَاد أَبُو الْجَيْش بن إِبْرَاهِيم فبقى حَتَّى توفّي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وثلاثمائة وَخلف طفْلا كعلته أُخْته هِنْد بنت أبي الْجَيْش مَعَ عبد لِأَبِيهِ أُسَمِّهِ رشد فبقى حَتَّى مَاتَ فَتَوَلّى مَكَانَهُ حُسَيْن بن سَلامَة وَصَارَ وزيرا لهِنْد وأخيها حَتَّى مَاتَا ثمَّ ملكوا
عَلَيْهِم طفْلا اسْمه إِبْرَاهِيم وَقيل عبد الله بن زِيَاد وَقَامَ بأَمْره عمته وَعبد من عبيد حُسَيْن بن سَلامَة أُسَمِّهِ مرجان فَقبض عبد لمرجان اسْمه قيس على الطِّفْل وَعَمَّته فِي سنة سبع وَأَرْبَعمِائَة واستبد بِالْملكِ ثمَّ قتل قيس بزبيد وَملك بعده نجاح عبد مرجان وَعظم شَأْنه وَركب بالمظلة وَضربت السِّكَّة باسمه وبقى إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر
وَكَانَ على خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر نوح بن مَنْصُور الساماني فَمَاتَ فِي سنة سبع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَقَامَ بِالْأَمر بعده أَبُو الْحَارِث مَنْصُور بن نوح فبقى حَتَّى قبض عَلَيْهِ بكتوزون فِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وسمل عَيْنَيْهِ وَأقَام فِي الْملك أَخَاهُ عبد الْملك وَهُوَ صبي صَغِير فَكتب مَحْمُود بن سبكتكين صَاحب غزنة إِلَى بكتوزون يُنكر عَلَيْهِ مَا كَانَ من فعله مَعَ مَنْصُور بن نوح ثمَّ سَار إِلَى خُرَاسَان فاستولى عَلَيْهَا وَقطع خطْبَة السامانية مِنْهَا وَبِذَلِك زَالَت دولتهم من خُرَاسَان وبقى مَا وَرَاء
النَّهر مَعَ عبد الْملك بن نوح وبكتوزون فَسَار إِلَيْهِم أيليك خَان ملك تركستان وَدخل بُخَارى عَاشر ذِي الْقعدَة سنة تسع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَقبض على عبد الْملك بن نوح وحبسه حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْس وزالت دولة السامانه مِمَّا وَرَاء النَّهر أَيْضا وَكَانَت قد انتشرت وطبقت أَكثر الأَرْض وَكَانَت من أحسن الدول سيرة وعدلا وتوالت (89 أ) عَلَيْهَا أَيدي مُلُوك التركستانية إِلَى أَن غلب عَلَيْهَا ملكشاة السلجوقي على مَا سَيَأْتِي ذكره
وَكَانَت غزنة أَولا مَعَ بنى سامان مَعَ خُرَاسَان فَلم تزل بِأَيْدِيهِم حَتَّى غلب عَلَيْهَا سبكتكين أحد مماليك أبي إِسْحَاق صَاحب جَيش غزنة للسامانية الْمُقدم ذكره فِي سنة سِتّ وَسِتِّينَ وثلاثمائة بعد موت أبي إِسْحَاق الْمَذْكُور وَذَلِكَ ابْتِدَاء ملك سبكتكين ثمَّ مَاتَ وَقَامَ بِالْأَمر بعده ابْنه إِسْمَاعِيل ثمَّ غلب عَلَيْهَا أَخُوهُ مَحْمُود بن سبكتكين واستضاف إِلَيْهَا بعض خُرَاسَان فِي سنة تسع وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَقطع خطْبَة السامانية وبقى حَتَّى توفى سنة
إِحْدَى وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة بعد ان فتح الْكثير من بِلَاد الْهِنْد وأحرق صَنَمهمْ الْأَعْظَم بسومنات وكسره وَحمل بعضه إِلَى غزنة فَجعله عتبَة جَامعهَا وَملك بعده ابْنه مُحَمَّد بن مَحْمُود بِعَهْد من أَبِيه إِلَيْهِ فبقى إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر
وَكَانَ على إفريقية الْمَنْصُور بن بلكين من جِهَة الْعَزِيز بن الْمعز الفاطمى وبقى حَتَّى توفى سنة خمس وَثَمَانِينَ وثلاثمائة وَقَامَ بِالْأَمر بعده ابْنه باديس بن الْمَنْصُور وبقى حَتَّى توفى سنة سِتّ وَأَرْبَعمِائَة فَجْأَة وَهُوَ نَائِم بَين أَصْحَابه وَقَامَ بِالْأَمر بعده ابْنه الْمعز بن باديس وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين وَبَقِي إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر فانتحل السّنة ورفض التَّشَيُّع
وَكَانَ بلكين بن زيرى صَاحب إفريقية قد غلب على الغرب الْأَوْسَط فِي سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة وأجلوا عَنهُ
مغراوة الَّذين كَانُوا بِهِ من تقادم السنين وَبعث الْعَزِيز الفاطمى من مصر جَيْشًا لاسترجاع ملكه بالغرب فِي سنة خمس وَسبعين وثلاثمائة فَلم يظفروا بِقصد ثمَّ استولى هِشَام بن الحكم الأموى بالأندلس على بِلَاد الْمغرب وَكتب لَهُ بذلك عهدا وبقى على ذَلِك إِلَى ان مَاتَ فِي سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة وَولى من بعده (89 ب) ابْن عَمه حمامة بن الْمعز بن عَطِيَّة فبقى إِلَى مَا بعد خلَافَة الْقَادِر
وَكَانَت تلمسان من الغرب الْأَوْسَط بيد صنهاجة إِلَى أَن اسْتَقل زيرى بن عَطِيَّة بِولَايَة الْمغرب وطرده الْمَنْصُور بن أبي عَامر من الغرب الْأَقْصَى فَصَارَ إِلَى تلمسان وَاسْتولى عَلَيْهَا ثمَّ عقد المظفر الأموى صَاحب الأندلس على بِلَاد الْمغرب للمعز بن زيرى سنة سِتّ وَتِسْعين وثلاثمائة
فَاسْتعْمل على تلمسان ابْنه يعلى واستقرت ولايتها فِي بنى زيرى إِلَى حِين انْقِرَاض دولتهم بلمتونة فِي أَيَّام أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين
وَكَانَ على الأندلس الْمُؤَيد هِشَام فبقى إِلَى سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة ثمَّ غَلبه على ذَلِك مُحَمَّد بن هِشَام بن عبد الْجَبَّار بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْمُقدم ذكره وتلقب بالمهدى فِي جُمَادَى الْآخِرَة من هَذِه السّنة ثمَّ غلب عَلَيْهِ سُلَيْمَان بن الحكم بن سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْمُقدم ذكره فِي شَوَّال مِنْهَا ثمَّ غلب عَلَيْهِ المهدى مُحَمَّد بن هِشَام ثمَّ عَاد هِشَام بن الحكم الْمُقدم ذكره فِي ذى الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ عَاد سُلَيْمَان بن الحكم الْمُقدم الذّكر فِي منتصف شَوَّال سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة وتلقب بالمستعين ثمَّ غلب عَلَيْهِ المهدى مُحَمَّد بن هِشَام الْمُتَقَدّم الذّكر فِي أخريات السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ غلب المستعين على قرطبة ثمَّ قتل المهدى مُحَمَّد بن هِشَام الْمَذْكُور وَعَاد الْمُؤَيد هِشَام هَذَا والمستعين فِي ذَلِك كُله محاصر قرطبة إِلَى أَن فتحهَا فِي سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة وَقتل الْمُؤَيد هشاما ثمَّ غَلبه