الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضَّرْب الثَّانِي الْعَزْل الصَّادِر من جِهَة لى الْعَهْد وَقد صرح اصحابنا الشَّافِعِيَّة بِأَنَّهُ لايجوز لولى الْعَهْد ان يستبد بعزل نَفسه فَلَو استعفى من عَهده لم يبطل عَهده بِمُجَرَّد الاستعفاء فَلَو أَعْفَاهُ الإِمَام نظر فَإِن وجد غَيره مِمَّن يقوم مقَامه صَحَّ اعفاؤه حِينَئِذٍ وَإِن لم يُوجد غَيره لم يَصح إعفاؤه
الْفَصْل السَّابِع
فِي ذكر الْوَظَائِف الَّتِي كَانَت تصدر عَن الْخَلِيفَة فِي الزَّمن الْمُتَقَدّم وَمَا يصدر عَنهُ الْآن من تَفْوِيض السلطنة إِلَى السُّلْطَان وَيرجع الْمَقْصُود من ذَلِك إِلَى عشر وظائف
الْوَظِيفَة الأولى الوزارة وَهِي على ضَرْبَيْنِ
الضَّرْب الأول وزارة التَّفْوِيض وَهِي أَن يستوزر الإِمَام من يُفَوض إِلَيْهِ تَدْبِير الْأُمُور بِرَأْيهِ وإمضائه على اجْتِهَاده وَهِي أجل الولايات بعد الْخلَافَة قَالَ الْمَاوَرْدِيّ فَهُوَ ينظر فِي كل ماينظر فِيهِ الْخَلِيفَة
الضَّرْب الثَّانِي وزارة التَّنْفِيذ وَالنَّظَر فِيهَا مَقْصُور على رَأْي الإِمَام وتدبيره والوزير فِيهَا وَاسِطَة بَينه وَبَين الرعايا والولاة يُؤدى عَنهُ مَا أَمر وَينفذ مَا ذكر ويمضى مَا حكم ويجيز تَقْلِيد الْوُلَاة وتجهيز الجيوش وَنَحْو ذَلِك وَرُبمَا عبر عَن هَذَا الْوَزير بالوساطة وَقد أجَاز الْمَاوَرْدِيّ فِي هَذَا الْوَزير أَن يكون ذِمِّيا وَأنْكرهُ عليهإمام الْحَرَمَيْنِ إنكارا شَدِيدا
الْوَظِيفَة الثَّانِيَة الْإِمَارَة وَهِي أَيْضا على ضَرْبَيْنِ على اخْتِيَار من الإِمَام وتشتمل على عمل مَحْدُود وَتنظر مَعْهُود بِأَن يُفَوض إِلَيْهِ الْخَلِيفَة إِمَارَة بلد أَو أقليم ويوليه (22 ب) على جَمِيع أَهله وَيجْعَل إِلَيْهِ النّظر فِي الْمَعْهُود من أَعماله
الضَّرْب الثَّانِي إِمَارَة الأستيلاء وَهِي الَّتِي تَنْعَقِد
على اضطرار بِأَن يستولى الْأَمِير بِالْقُوَّةِ على بِلَاد يقلده الْخَلِيفَة إمارتها ويفوض إِلَيْهِ تدبيرها فَيكون باستيلائه مستبدأ بِالتَّدْبِيرِ والسياسة والخليفة بِإِذْنِهِ فِي الْأُمُور منفذا لأحكام الدّين ليخرج من الْفساد إِلَى الصِّحَّة
الْوَظِيفَة الثَّالِثَة الْإِمَارَة على الْقِتَال وَهِي على أَرْبَعَة أضْرب
الضَّرْب الأول الْإِمَارَة على قتال الْمُشْركين وَهِي تَارَة تكون مَقْصُورَة على سياسة الْجَيْش وتدبير الْحَرْب وَتارَة يُفَوض إِلَيْهِ جَمِيع أَحْكَامه من تَدْبِير الْجَيْش وسياسة الْحَرْب وَقِسْمَة الْغَنَائِم وَعقد الصُّلْح وَغير ذَلِك حَتَّى لَا يخرج عَنهُ شَيْء من أمرهَا
الضَّرْب الثَّانِي الْإِمَارَة على قتال أهل الرِّدَّة بِأَن يرْتَد قوم حكم بِإِسْلَامِهِمْ إِمَّا بولادتهم على الْإِسْلَام وَإِمَّا بِإِسْلَامِهِمْ عَن كفر فيجهز إِلَيْهِم الإِمَام من يقاتلهم كَمَا فعل أَبُو بكر الصّديق رضي الله عنه حِين ارْتَدَّت الْعَرَب
بعد وَفَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم
الضَّرْب الثَّالِث الْإِمَارَة على قتال أهل الْبَغي وَهِي أَن تبغى طَائِفَة من الْمُسلمين ويخالفوا رأى الْجَمَاعَة ويخرجوا عَن طَاعَة الإِمَام بِتَأْوِيل بَاطِل فيجهز إِلَيْهِم الإِمَام من يقاتلهم
الضَّرْب الرَّابِع الْإِمَارَة على قتال الْمُحَاربين وهم قطاع الطَّرِيق بِأَن يجْتَمع طَائِفَة من أهل الْفساد على شهر السِّلَاح وَقطع الطّرق وَأخذ الْأَمْوَال وَقتل الْأَنْفس وَمنع السَّائِل فيجهز الإِمَام من يقاتلهم حَتَّى يرجِعوا عَن ذَلِك
الْوَظِيفَة الرَّابِعَة الْقَضَاء وَهِي الْقيام بالأحكمام الشَّرْعِيَّة وتنفيذها على أوَامِر الشَّرْع وَقطع المنازعات وَقد كَانَ (23 أ) الْقَضَاء فِي الزَّمن الْمُتَقَدّم قاصرا على قَاض وَاحِد من أَي مَذْهَب كَانَ بِبَغْدَاد الَّتِي هِيَ قَاعِدَة الْخلَافَة حِينَئِذٍ وَينصب هُوَ من يختاره من اهل مذْهبه أَو غَيرهم وَرُبمَا جعل بالجانب الشَّرْقِي متن بَغْدَاد قَاضِيا وبالجانب الغربي منهات قَاضِيا وَرُبمَا ولى القَاضِي بالبلاد
والنواحي من تَحت يَده وَرُبمَا كَانَ للناحية الْوَاحِدَة قَاض مُسْتَقل
قلت وعَلى هَذَا النهج فِي انْفِرَاد قَاض كَانَت الديار المصرية فِي الدولة الفاطمية حَتَّى رَأَيْت عهدا مَكْتُوبًا لِابْنِ النُّعْمَان فِي خلَافَة الْحَاكِم بِأَمْر الله الفاطمي قد كتب لَهُ بالديار المصرية وأجناد الشَّام وبلاد الْمغرب مُضَافا إِلَى ذَلِك النّظر فِي الصَّلَاة ودور الضَّرْب وَلم يزل الْأَمر جَارِيا بالديار المصرية على قَاض وَاحِد من لدن ذَلِك وَإِلَى الدولة الظَّاهِرِيَّة بيبرس البندقداري فِي سلطنته وَالْقَاضِي بهَا يَوْمئِذٍ القَاضِي تَاج الدّين بن الْأَعَز الشَّافِعِي فَحدث فِي أَيَّامه أوجب نصب السُّلْطَان اربعة قضتاة من كل مَذْهَب من الْمذَاهب الْأَرْبَعَة قَاض وَالْأَمر على ذَلِك بالديار المصرية الى الْآن
الْوَظِيفَة الْخَامِسَة ولَايَة الْمَظَالِم وَهِي قَود المتظالمين إِلَى التناصف بالرهبة وزجر المتنازعين عَن التجاحد بالهيبة وَهِي ولَايَة دَائِرَة بَين سطوة الْوُلَاة وَتثبت الْقُضَاة وَهِي فِي معنى حكم نَائِب السلطنة الان بَين
الْخُصُوم بِأَحْكَام السياسة
الْوَظِيفَة السَّادِسَة النقابة على ذوى الْأَنْسَاب كنقابة الطالبيين وَمن فِي معناهم على معنى نقابة الْأَشْرَاف فِي زَمَاننَا
الْوَظِيفَة السَّابِعَة النّظر على إِقَامَة الصَّلَوَات الْخمس وَالْجُمُعَة والصلوات المندوبة كالتراويح وَنَحْوهَا وَقد كَانَت هَذِه الْوَظِيفَة فِي الزَّمن الْمُتَقَدّم وَظِيفَة جليلة لَا يليلها إِلَّا جليل الْقدر من أهل الدّيانَة
الْوَظِيفَة الثَّامِنَة الْإِمَارَة على الْحَج من تسيير الحجيج وتدبير أَمرهم وَإِقَامَة الْحَج وَالْقِيَام بمناسكه (23 ب) وَأَحْكَامه
الْوَظِيفَة التَّاسِعَة جباية الصَّدقَات وَهِي الزكوات الْوَاجِبَة فِي الْمَوَاشِي والنقود والزروع وتحصيلها من أَرْبَابهَا وَحملهَا إِلَى بَيت المَال
الْوَظِيفَة الْعَاشِرَة النّظر فِي الْحِسْبَة وَهِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَمَا فِي معنى ذَلِك مِمَّا ينخرط فِي هَذَا السلك
قلت وَقد كَانَ فِي الزَّمن الْمُتَقَدّم يكْتب بِكُل ولَايَة من هَذِه الولايات عهد عَن الْخَلِيفَة بِمَا يَقع بِهِ لتولية وتشملها عَلامَة الْخَلِيفَة على عَادَة الولايات فِي ذَلِك وَلم يزل ذَلِك مستمرا إِلَى حِين انْقِرَاض الْخلَافَة من بَغْدَاد أما بعد انْتِقَال الْخلَافَة إِلَى الديار المصرية فقد صَارَت عَلامَة الْخَلِيفَة مَقْصُورَة على عهد السُّلْطَان بتفويض الْأُمُور الْعَامَّة إِلَيْهِ وتفاصيل الْأُمُور يشملها خطّ السُّلْطَان بِحكم تَفْوِيض الْخَلِيفَة ذَلِك إِلَيْهِ