الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْأمة فِي تَأْخِير إِقَامَة الإِمَام قَالَ النَّوَوِيّ فِي روضته فَإِن لم يكن من يصلح إِلَّا وَاحِد تعيّنت عَلَيْهِ وَلَزِمَه طلبَهَا إِن لم يبتدوه
الْفَصْل الثَّانِي
فِي شُرُوط الْإِمَامَة وَقد أعتبر أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة رضي الله عنهم (10 ب) لصِحَّة عقدهَا أَرْبَعَة عشر شرطا فِي الإِمَام
الأول الذُّكُورَة فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الْمَرْأَة وَاحْتج لَهُ بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ من حَدِيث أبي بكرَة رضى الله عَنهُ أَنه قَالَ نفعنى الله بِكَلِمَة سَمعتهَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَيَّام الْجمل بعد مَا كدت أَن ألحق بأصحاب الْجمل فأقاتل مَعَهم قَالَ لما بلغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن أهل فَارس ملكوا بنت كسْرَى قَالَ لن يفلح قوم وَلَو أَمرهم امْرَأَة زَاد التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ فَلَمَّا قدمت عَائِشَة الْبَصْرَة ذكرت قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعصمني الله تَعَالَى بِهِ
وَالْمعْنَى فِي ذَلِك أَن الإِمَام لَا يَسْتَغْنِي عَن الإختلاط بِالرِّجَالِ والمشاورة مَعَهم فِي الْأُمُور وَالْمَرْأَة مَمْنُوعَة من ذَلِك وَلِأَن الْمَرْأَة نَاقِصَة فِي أَمر نَفسهَا حَتَّى لَا تملك النِّكَاح فَلَا تجْعَل إِلَيْهَا الْولَايَة على غَيرهَا
الثَّانِي الْبلُوغ فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الصبى لِأَنَّهُ مولى عَلَيْهِ وَالنَّظَر فِي أُمُوره إِلَى غَيره فَكيف يجوز أَن يكون نَاظرا فِي أُمُور الْأمة على أَنه رُبمَا أخل بالأمور قصدا لعلمه بِعَدَمِ التَّكْلِيف
الثَّالِث الْعقل فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة ذَاهِب الْعقل بجنون أَو غَيره لِأَن الْعقل آلَة التَّدْبِير فَإِذا فَاتَ الْعقل فَاتَ التَّدْبِير وَقد قسم الماوردى زَوَال الْعقل إِلَى مَالا يُرْجَى زَوَاله وَمَا يُرْجَى زَوَاله
فَأَما مَا لَا يُرْجَى زَوَاله كالجنون والخبل فَيمْنَع من عقد الْإِمَامَة سَوَاء كَانَ مطبقا لَا يتخلله إفاقة أَو تخلله إفاقة وَسَوَاء كَانَ زمن الْجُنُون أَكثر من زمن الْإِفَاقَة أَو زمن الْإِفَاقَة أَكثر من زمن الْجُنُون
وَأما مَا يُرْجَى زَوَاله كالإغماء فَلَا يمْنَع من انْعِقَاد الْإِمَامَة لِأَنَّهُ مرض قَلِيل اللّّبْث سريع الزَّوَال
الرَّابِع الْبَصَر فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الْأَعْمَى لِأَنَّهُ إِذا منع عقد ولَايَة الْقَضَاء (11 ب) وَجَوَاز الشَّهَادَة فَمَنعه صِحَة الْإِمَامَة أولى
أما عشَاء الْعين وَهُوَ أَن لَا يبصر مَعَه لَيْلًا فَإِنَّهُ لَا يمْنَع صِحَة عقدهَا لِأَنَّهُ مرض فِي زمَان الدعة يُرْجَى زَوَاله
وَأما ضعف الْبَصَر فقد قَالَ الماوردى إِنَّه إِن كَانَ يمْنَع مَعَه معرفَة الْأَشْخَاص إِذا رَآهَا فَإِنَّهُ يمْنَع من الإنعقاد وَإِن كَانَ لَا يمْنَع معرفَة الْأَشْخَاص عِنْد رؤيتها لم يمْنَع من الِانْعِقَاد
الْخَامِس السّمع فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الْأَصَم وَهُوَ الَّذِي لَا يسمع الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يتَعَذَّر عَلَيْهِ بذلك سَماع مصَالح الْمُسلمين وَلِأَن ذَلِك يمْنَع ولَايَة الْقَضَاء فَلِأَن يمْنَع ولَايَة الْإِمَامَة أولى
أما ثقل السّمع وَهُوَ الَّذِي يدْرك مَعَه الصَّوْت العالي فقد
قيل إِنَّه يمْنَع الْإِمَامَة وَقيل لَا يمْنَع
السَّادِس النُّطْق فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الْأَخْرَس لما فِي ذَلِك من فَوَات مصَالح الْأمة بِعَدَمِ الْقُدْرَة على النُّطْق عِنْد الْخطاب وَاخْتلف فِي تمتمة اللِّسَان وَنَحْوهَا فَقيل يمْنَع انْعِقَاد الْإِمَامَة وَقيل لَا يمْنَع
السَّابِع سَلامَة الْأَعْضَاء من نقص يمْنَع اسْتِيفَاء الْحَرَكَة وَسُرْعَة النهوض فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة من ذهبت يَدَاهُ أَو رِجْلَاهُ لعجز عَمَّا يلْحقهُ من حُقُوق الْأمة
أما مَا يمْنَع بعض الْعَمَل أَو فقد بِهِ بعض النهوض كذهاب بعض الْيَدَيْنِ أَو إِحْدَى الرجلَيْن فَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ الماوردى وَصَححهُ الرافعى من أَئِمَّة أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة أَنه لَا تَنْعَقِد مَعَه الْإِمَامَة وَخَالف أَبُو سعد الْمُتَوَلِي من أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة فِي ذَلِك فَذهب إِلَى انْعِقَادهَا وَلَا أثر لما لَا يُؤثر فَقده من الإعضاء فِي رَأْي وَلَا عمل
وَلَا نهوض كَقطع الذّكر والأنثيين وَنَحْو ذَلِك
قلت وَقد رَأَيْت فِي مناهج الْفِكر ومباهج العبر أَن الْخصي إِن خصي قبل التسع حفظت عَلَيْهِ صِفَات الطفولية حَتَّى إِذا غضب بَكَى كالطفل إِذا غضب وَإِن خصي لما بعد ثَمَانِي عشرَة سنة حفظت عَلَيْهِ صِفَات الرجولية (11 ب) وَإِن خصي لما بَين ذَلِك فَأَي الْأَمريْنِ كَانَ إِلَيْهِ أقرب فَهُوَ إِلَى طبعه أميل فَإِن صَحَّ ذَلِك فَيَنْبَغِي أَن يُرَاعِي مثله فِي قطع الذّكر والأنثيين
الثَّامِن الْحُرِّيَّة فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة من فِيهِ رق فِي الْجُمْلَة سَوَاء الْقِنّ والمبعض وَالْمكَاتب وَالْمُدبر وَالْمُعَلّق عتقه بِصفة لِأَن الرَّقِيق مَحْجُور للسَّيِّد فأموره تصدر عَن رَأْي غَيره فَكيف يسصلح لولاية أُمُور الْأمة
التَّاسِع الْإِسْلَام فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الْكَافِر على أى أَنْوَاع الْكفْر أَصْلِيًّا كَانَ أَو مُرْتَدا لِأَن الْمَقْصُود من الإِمَام
مارعاة امور الْمُسلمين وَالْقِيَام بنصرة الدّين وَمن لَا يكون مُسلما لَا يُرَاعى مصلحَة الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين
الْعَاشِر الْعَدَالَة فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الْفَاسِق وَهُوَ المتابع لشهوته الْمُؤثر لهواه من ارْتِكَاب الْمَحْظُورَات والإقدام على الْمُنْكَرَات لِأَن المُرَاد من الإِمَام مُرَاعَاة النّظر للْمُسلمين وَالْفَاسِق لم ينظر فِي أَمر دينه فَكيف ينظر فِي مصلحَة غَيره
أما مَا يتَعَلَّق بالاعتقاد لعروض شُبْهَة ففى انْعِقَاد إِمَامَته مَعَه خلاف وَظَاهر كَلَام الماوردى أَنه لايمنع كَمَا لَا يمْنَع من ولَايَة الْقَضَاء وَقبُول الشَّهَادَة
الْحَادِي عشر الشجَاعَة والنجدة فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة الجبان لِأَنَّهُ مُحْتَاج إِلَى الشجَاعَة ليتوصل بذلك إِلَى حماية الْبَيْضَة وَجِهَاد الْعَدو اللَّذين هما جلّ الْمَطْلُوب من نصيب الإِمَام لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى تجيهز الجيوش وَفتح الْبِلَاد والحصون وَقتل الْأَعْدَاء فَإِذا لم يكن شجاعا لم يسْتَطع ذَلِك
الثَّانِي عشر الْعلم الْمُؤَدى إِلَى الإجتهاد فِي النَّوَازِل وَالْأَحْكَام فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة غير الْعَالم بذلك لِأَنَّهُ مُحْتَاج لِأَن يصرف الْأُمُور على النهج القويم ويجريها على الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وَلِأَن يعلم الْحُدُود ويستوفى الْحُقُوق ويفصل (12 أ) الْخُصُومَات بَين النَّاس وَإِذا لم يكن عَالما مُجْتَهدا لم يقدر على ذَلِك
الثَّالِث عشر صِحَة الرأى والتدين فَلَا تَنْعَقِد إِمَامَة ضَعِيف الرأى لِأَن الْحَوَادِث الَّتِي تكون فِي دَار الأسلام ترفع إِلَيْهِ وَلَا يتَبَيَّن لَهُ طَرِيق الْمصلحَة إِلَّا إِذا كَانَ ذَا رأى صَحِيح وتدبير سَائِغ وناهيك أَن أَبَا الطّيب التنبي قد رجح الرأى على الشجَاعَة فِي شعره فَقَالَ
…
الرأى قبل الشجَاعَة الشجعان
…
هُوَ أول وهى الْمحل الثَّانِي
الرَّابِع عشر النّسَب فَلَا تَنْعَقِد الأمامة بِدُونِهِ وَالْمرَاد أَن يكون من قُرَيْش وهم بَنو النَّضر بن كنَانَة
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ من رِوَايَة ابْن عمر رضى الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لَا يزَال هَذَا الْأَمر فِي قُرَيْش مَا بقى مِنْهُم اثْنَان وَقد احْتج الصّديق رضى الله عَنهُ على الْأَنْصَار يَوْم السَّقِيفَة حِين اجْتَمعُوا على سعد بن عبَادَة وَقَالُوا منا أَمِير ومنكم أَمِير بقول النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْأَئِمَّة من قُرَيْش فَرَجَعُوا إِلَيْهِ فِي ذَلِك وأذعنوا لقَوْله وَقد ادّعى الماوردى الْإِجْمَاع على اعْتِبَار هَذَا الشَّرْط مَعَ وُرُود النَّص بِهِ ثمَّ قَالَ وَلَا عِبْرَة بضرار حِين شَذَّ فجوزها فِي جَمِيع النَّاس قَالَ الرَّافِعِيّ من أَئِمَّة أَصْحَابنَا الشَّافِعِيَّة فَإِن لم يُوجد قرشى مستجمع للشروط فكنانى فَإِن لم يُوجد كنانى فَرجل من ولد إِسْمَاعِيل عليه السلام فَإِن لم يكن فيهم رجل مستجمع للشرائط فَفِي تَهْذِيب البغوى أَنه يُولى رجل من الْعَجم وفى التَّتِمَّة للمتولى أَنه يُولى جرهمي
قلت وجرهم أصل الْعَرَب المسعربة الَّذين هم ولد