الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ من خلفاء بنى الْعَبَّاس بالعراق
الْمُسْتَنْصر بِاللَّه
وَهُوَ أَبُو جَعْفَر الْمَنْصُور بن الظَّاهِر بأمرالله الْمُتَقَدّم ذكره كَانَ على مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبوهُ من الْعدْل وَحسن السِّيرَة وبويع لَهُ بالخلافة يَوْم موت أَبِيه فِي رَابِع عشر شهر رَجَب سنة ثَلَاث وَعشْرين وسِتمِائَة وبقى حَتَّى توفى يَوْم الْجُمُعَة لعشر خلون من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة وَكَانَت خِلَافَته سبع عشرَة سنة إِلَّا شهرا وَكَانَ لَهُ من الْأَوْلَاد المستعصم الآتى ذكره
الْحَوَادِث والماجريات فِي خِلَافَته
فِي أَيَّامه فِي سنة أَربع وَعشْرين وَخمْس وَعشْرين خرج التتر على بِلَاد الْإِسْلَام وفى سنة ثَمَان وَعشْرين وسِتمِائَة خرج التتر ثَانِيًا على بِلَاد الْإِسْلَام وعاثوا فَسَادًا وَضعف جلال الدّين بن خوارزم شاه عَن مقاومتهم
وَفِي سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة تسلم الفرنج الْقُدس بِالصُّلْحِ
وَفِي سنة تسع وَعشْرين فتح السُّلْطَان الْملك الْكَامِل آمد من بِلَاد الجزيرة وَفِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة سَار النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك من الكرك إِلَى بَغْدَاد ملتجئا إِلَى الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر لما حصل عِنْده من الْخَوْف من عَمه الْكَامِل وَقدم للخليفة تحفا عَظِيمَة وجواهر نفيسة فَأكْرمه الْخَلِيفَة وخلع عَلَيْهِ وعَلى أَصْحَابه وَكَانَ النَّاصِر دَاوُد متطلعا إِلَى أَن يحضرهُ الْخَلِيفَة فِي ملإ من النَّاس وَطلب ذَلِك مرَارًا فَلم يجبهُ الْخَلِيفَة إِلَى ذَلِك مُرَاعَاة لخاطر عَمه الْكَامِل صَاحب مصر فَكتب إِلَيْهِ أبياتا تَتَضَمَّن الاستعطاف فَجمع بَين المصلحتين واستحضره لَيْلًا ثمَّ عَاد النَّاصِر بعد ذَلِك إِلَى الكرك
وَمن غرائب الِاتِّفَاق فِي أَيَّامه انه وَقع خلف بَين مُلُوك بنى أَيُّوب بالديار المصرية والممالك الشامية فَبعث الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر محيى الدّين بن الجوزى ليصلح بَينهم
فاتفق أَنه مَاتَ فِي حُضُوره فِي سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَسنة خمس وَثَلَاثِينَ أَرْبَعَة سلاطين وهم الْكَامِل صَاحب مصر وَأَخُوهُ الْأَشْرَف صَاحب دمشق والعزيز صَاحب حلب وكيقباد صَاحب بِلَاد الرّوم فَقَالَ فِي ذَلِك المستخف الشَّاعِر
…
يَا إِمَام الْهدى أَبَا جَعْفَر الْمَنْصُور
يَا من لَهُ الفخار الأثيل
مَا جرى من رَسُولك الْآن محيى الدّين
فِي هَذِه الْبِلَاد قَلِيل
جَاءَ وَالْأَرْض بالسلاطين تزهى
وَغدا والديار مِنْهُم طلول
أقفر الرّوم والشآم ومصر
أَفَهَذَا مغسل أم رَسُول
…
وَبنى الْمدرسَة المستنصرية بِبَغْدَاد فِي الْجَانِب الشَّرْقِي مِنْهَا على دجلة مِمَّا يلى دَار الْخلَافَة وَجعل لَهَا اوقافا جليلة