الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِالسَّيْفِ السَّيْف وَالْقَتْل الْقَتْل فَإِنَّهُم مستوجبون لَهما وهم لهيبته ملقحون وَالله الْمُسْتَعَان وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْقَدِيم الْإِحْسَان
وعَلى هَذَا
كتب الْمَأْمُون بِخَطِّهِ عهد على بن مُوسَى العلوى الْمَعْرُوف بالرضى بالخلافة بعده
وَهَذِه نسخته
هَذَا كتاب كتبه عبد الله بن هَارُون الرشيد أَمِير الْمُؤمنِينَ بِيَدِهِ لعلى بن مُوسَى بن جَعْفَر ولى عَهده
أما بعد فَإِن الله عز وجل اصْطفى الْإِسْلَام دينا وَاصْطفى لَهُ من عباده رسلًا دالين عَلَيْهِ وهادين إِلَيْهِ يبشر أَوَّلهمْ بآخرهم وَيصدق تاليهم ماضيهم حَتَّى انْتَهَت نبوة الله إِلَى مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم على فَتْرَة
من الرُّسُل ودروس من الْعلم وَانْقِطَاع من الوحى واقتراب من السَّاعَة فختم الله بِهِ النَّبِيين وَجعله شَاهدا لَهُم ومهيمنا عَلَيْهِم وَأنزل عَلَيْهِ كِتَابه الْعَزِيز الذى {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِل من بَين يَدَيْهِ وَلَا من خَلفه تَنْزِيل من حَكِيم حميد} بِمَا أحل وَحرم ووعد وأوعد وحذر وأنذر وَأمر بِهِ وَنهى عَنهُ لتَكون لَهُ الْحجَّة الْبَالِغَة على خلقه و {ليهلك من هلك عَن بَيِّنَة وَيحيى من حَيّ عَن بَيِّنَة وَإِن الله لسميع عليم} فَبلغ عَن الله رسَالَته ودعا إِلَى سَبيله بِمَا امْرَهْ بِهِ من الْحِكْمَة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة والمجادلة بالتى هِيَ أحسن ثمَّ بِالْجِهَادِ والغلظة حَتَّى قَبضه الله إِلَيْهِ وَاخْتَارَ لَهُ مَا عِنْده صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا انْقَضتْ النُّبُوَّة وَختم الله بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم الوحى والرسالة جعل لَهُ قوام الدّين ونظام أَمر الْمُسلمين بالخلافة وإتمامها وعزها وَالْقِيَام بِحَق الله فِيهَا بِالطَّاعَةِ الَّتِى بهَا تُقَام فَرَائض الله وحدوده وَشَرَائِع الْإِسْلَام وسننه ويجاهد بهَا عدوه فعلى خلفاء الله طَاعَته فِيمَا
استحفظهم واسترعاهم من دينه وعباده وعَلى الْمُسلمين طَاعَة خلفائهم ومعاونتهم على إِقَامَة حق الله وعدله وَأمن السبل وحقن الدِّمَاء وَصَلَاح ذَات الْبَين وَجمع الألفة وَفِي إخلال ذَلِك اضْطِرَاب حَبل الْمُسلمين واختلالهم وَاخْتِلَاف ملتهم وقهردينهم واستعلاء عدوهم وتفرق الْكَلِمَة وحسرات الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
فَحق على من اسْتَخْلَفَهُ الله فِي أرضه وائتمنه على خلقه أَن يُؤثر مَا فِيهِ رضى الله وطاعته ويقر لما الله واقفة عَلَيْهِ وسائلة عَنهُ وَيحكم بِالْحَقِّ وَيعْمل بِالْعَدْلِ فِيمَا حمله الله وقلده فَإِن الله عز وجل يَقُول لنَبيه دَاوُد عليه السلام {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَلَا تتبع الْهوى فيضلك عَن سَبِيل الله إِن الَّذين يضلون عَن سَبِيل الله لَهُم عَذَاب شَدِيد بِمَا نسوا يَوْم الْحساب} وَقَالَ عز وجل {فوربك لنسألنهم أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يعْملُونَ} وبلغنا أَن
عمر بن الْخطاب قَالَ لَو ضَاعَت سخلة بِجَانِب الْفُرَات لتخوفت أَن يسألنى الله عَنْهَا وأيم الله أَن المسؤول عَن خَاصَّة نَفسه الْمَوْقُوف على عمله فِيمَا بَين الله وَبَينه متعرض لأمر كَبِير وعَلى خطر عَظِيم فَكيف بالمسؤول عَن رِعَايَة الْأمة وَبِاللَّهِ الثِّقَة وَإِلَيْهِ المفزع وَالرَّغْبَة فِي التَّوْفِيق مَعَ الْعِصْمَة والتسديد وَالْهِدَايَة إِلَى مَا فِيهِ ثُبُوت الْحجَّة والفوز من الله بالرضوان وَالرَّحْمَة وَأنْظر الْأَئِمَّة لنَفسِهِ وأنصحهم لله فِي دينه وعباده وخلافته فِي أرضه من عمل بِطَاعَة الله وَكتابه وَسنة نبيه عليه السلام فِي مُدَّة أَيَّامه واجتهد وأجهد رَأْيه وَنَظره فِيمَن يوليه عَهده ويختاره لإمامة الْمُسلمين ورعايتهم بعده وينصبه علما لَهُم ومفزعا فِي جَمِيع ألفتهم وَلم شعثهم وحقن دِمَائِهِمْ والأمن بِإِذن الله من فرقتهم وَفَسَاد ذَات بَينهم وَاخْتِلَافهمْ وَرفع نزع الشَّيْطَان وكيده عَنْهُم فَإِن الله عز وجل جعل الْعَهْد بالخلافة من تَمام أَمر الْإِسْلَام وكماله وَعزة وَصَلَاح اهله وألهم
خلفاء من توكيده لمن يختارونه لَهُ من بعدهمْ مَا عظمت بِهِ النِّعْمَة وشملت فِيهِ الْعَافِيَة وَنقض الله بذلك مر أهل الشقاق والعداوة والسعى فِي الْفرْقَة والرفض للفتنة وَلم يزل أَمِير الْمُؤمنِينَ مُنْذُ أفضت إِلَيْهِ الْخلَافَة فاختبر بشاعة مذاقها وَثقل محملها وَشدَّة مؤنتها وَمَا يجب عَلَيْهِ من تقلدها من ارتباط طَاعَة الله ومراقبته فِيمَا حمله مِنْهَا فأنصب بدنه وأسهر عينه وَأطَال فكره فِيمَا فِيهِ عز الدّين وقمع الْمُشْركين وَصَلَاح الْأمة وَنشر الْعدْل وَإِقَامَة الْكتاب وَالسّنة وَمنعه ذَلِك من الْخَفْض والدعة مهنأ الْعَيْش علما بِمَا الله سائله عَنهُ وحرصا أَن يلقى الله مناصحة فِي دينه وَعبادَة ومختارا لولاية عَهده ورعاية الْأمة من بعده أفضل من يقدر عَلَيْهِ فِي دينه وورعه وَعلمه وأرجاهم للْقِيَام بِأَمْر الله وَحقه مناجيا الله بالاستخارة فِي ذَلِك
ومسألته إلهامه مَا فِيهِ رِضَاهُ وطاعته فِي ليله ونهاره ومعملا فِي طلبه والتماسه من اهل بَيته من ولد عبد الله بن الْعَبَّاس وعَلى بن ابي طَالب فكره وَنَظره مُقْتَصرا مِمَّن علم حَاله ومذهبه مِنْهُم على علمه وبالغا فِي المسأله عَمَّن خفى عَلَيْهِ امْرَهْ جهده وطاقته حَتَّى استقصى امورهم بمعرفته وابتلى اخبارهم مشاهده وكشف مَا عِنْدهم مساءلة فَكَانَت خيرته بعد استخارته لله واجهاده نَفسه فِي قَضَاء حَقه وبلاده من الْبَيْتَيْنِ جَمِيعًا على بن مُوسَى بن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن على بن الْحُسَيْن بن على بن أَبى طَالب لما راى فَضله البارع وَعَمله الناصع وورعه الظَّاهِر وزهده الْخَالِص وتخليه من الدُّنْيَا وتسلمه من النَّاس وَقد استبان لَهُ مَا لم تزل الْأَخْبَار عَلَيْهِ متواطئة والألسن عَلَيْهِ متفقة والكلمة فِيهِ جَامِعَة وَلما لم يزل يعرفهُ بِهِ من الْفضل يافعا وناشئا وحدثا ومكتهلا فَقعدَ لَهُ بالعهد بالخلافة إيثارا لله وَالدّين ونظرا للْمُسلمين
وطلبا للسلامة وثبات الْحجَّة والنجاة فِي الْيَوْم الذى يقوم فِيهِ النَّاس لرب الْعَالمين ودعا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَلَده وَأهل بَيته وخاصته وقواده وخدمه فَبَايعُوهُ مسارعين مسرورين عَالمين بإيثار أَمِير الْمُؤمنِينَ طَاعَة الله على الْهوى فِي وَلَده وَغَيرهم مِمَّن هُوَ أشبك بِهِ رحما وَأقرب قرَابَة وَسَماهُ الرضى إِذا كَانَ رضى عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ فَبَايعُوا معشر أهل بَيت أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن الْمَدِينَة المحروسة من قواده وجنده وَعَامة الْمُسلمين الرضى من بعده على اسْم الله وبركته وَحسن قَضَائِهِ لدينِهِ وعباده بيعَة مبسوطة إِلَيْهَا أَيْدِيكُم منشرحة لَهَا صدوركم عَالمين بِمَا أَرَادَ أَمِير الْمُؤمنِينَ بهَا وآثر طَاعَة الله وَالنَّظَر لنَفسِهِ وَلكم فِيهَا شاكرين لله على مَا ألهم أَمِير الْمُؤمنِينَ من قَضَاء حَقه فِي رعايتكم وحرصه على رشده وصلاحكم راجين عائدته فِي ذَلِك فِي جمع ألفتكم وحقن دمائكم وَلم شعثكم وسد ثغوركم وَقُوَّة دينكُمْ وَرَغمَ عَدوكُمْ واستقامة أُمُوركُم وسارعوا إِلَى طَاعَة الله وَطَاعَة