الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جلس السُّلْطَان فِي التَّارِيخ الْمَذْكُور مَجْلِسا عَاما وَأثبت نِسْبَة وَبَايَعَهُ بالخلافة وأشركه مَعَه فِي الدُّعَاء لَهُ على المنابر مقدما فِي ذَلِك على السُّلْطَان إِلَّا انه لم يثبت اسْمه فِي السِّكَّة على الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وبقى حَتَّى توفّي فِي شهور سنة احدى وَسبع مائَة وَكَانَت خِلَافَته اربعين سنة تَقْرِيبًا بعد أَن حج فِي سلطنة الْملك الْمَنْصُور لاجين فِي سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة وزودها السُّلْطَان مبلغ سبع مائَة ألف دِرْهَم وَكَانَ لَهُ من الْأَوْلَاد المستكفى بِاللَّه الْآتِي ذكره وَغَيره
الْحَوَادِث والماجريات فِي خِلَافَته
لما بُويِعَ لَهُ بالخلافة رقم اسْم السُّلْطَان فِي السِّكَّة ودعى لَهُ قبل السُّلْطَان فِي الْخطْبَة وَحفظ لَهُ مَا يجب حفظه من مِقْدَاره إِلَّا أَن السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر لم يُمكنهُ من التَّصَرُّف وَالرُّكُوب وَالنُّزُول بل هيأ لَهُ برجا يُقيم فِيهِ فبقى على ذَلِك الى ان ملك السُّلْطَان الْأَشْرَف خَلِيل ابْن الْمَنْصُور قلاوون فأسكنه بالكبش على الْقرب من الْجَامِع الطولوني وَكَانَ يخْطب بِنَفسِهِ فِي جَامع القلعة
وَيصلى وَلم يُطلق تصرفه إِلَى أَن تسلطن الْملك الْمَنْصُور لاجين فأباح لَهُ التَّصَرُّف حَيْثُ شَاءَ وأركبه مَعَه فِي الميادين
وفى أَيَّامه فِي سنة سِتِّينَ وسِتمِائَة رتب السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر الْقُضَاة أَرْبَعَة من كل مَذْهَب قَاض وَكَانَ قبل ذَلِك فِي الدولة الفاطمية وَمَا قبلهَا والدولة الأيوبية وَمَا بعْدهَا قَاض وَاحِد وَهُوَ يَسْتَنِيب من يختاره من الْمذَاهب على قَاعِدَة الْخلَافَة العباسية بِبَغْدَاد بل اجْتمع فِي الدولة الفاطمية فِي أَيَّام الْحَاكِم بِأَمْر الله الفاطمى مصر وأجناد الشَّام وبلاد الْمغرب لقاض وَاحِد وَكَانَ سَبَب اسْتِقْرَار الْقُضَاة الْأَرْبَعَة أَن القَاضِي كَانَ فِي اول ل الدولة الظَّاهِرِيَّة ابْن بنت الْأَعَز وَكَانَ شافعيا فَكَانَ إِذا ورد عَلَيْهِ شئ من غير مذْهبه توقف فِي إثْبَاته فَاخْتَارَ السُّلْطَان أَرْبَعَة قُضَاة ليحكم كل مِنْهُم بِمَا يسوغ فِي مذْهبه وفى هَذِه السّنة كَانَ بالديار المصرية غلاء شَدِيد فَجمع السُّلْطَان الْفُقَرَاء وَأخذ لنَفسِهِ خمس مائَة فَقير ولولده بركَة خَان خمس مائَة ولنائبه بيليك الخازندار ثَلَاثمِائَة وَفرق البَاقِينَ
على الْأُمَرَاء على قدر طبقاتهم وَأمر لكل فَقير برطلين خبْزًا فَمَا رئى بعد ذَلِك بالديار المصرية فَقير يسْأَل
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وسِتمِائَة ختن السُّلْطَان وَلَده بركَة خَان وَأمر الْأُمَرَاء والمقدمين والجند والقضاة وَالْفُقَهَاء والفقراء والعوام ان يحضروا أَوْلَادهم ليختنهم مَعَ وَلَده فأحضر إِلَيْهِ ألف وسِتمِائَة وَخَمْسَة وَأَرْبَعُونَ صَغِيرا خَارِجا عَن أَوْلَاد الْأُمَرَاء والمقدمين فَأمر لكل مِنْهُم بكسوة على قدره وَمِائَة دِرْهَم وَرَأس غنم وختن الْجَمِيع مَعَ وَلَده
وَفِي سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة قصد أبغا بن هولاكو ملك التتر الديار المصرية ولقيه الظَّاهِر بيبرس صَاحب الديار المصرية فَهَزَمَهُ بِعَين جالوت أَشد هزيمَة وَعَاد إِلَى بِلَاده وَرجع السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر إِلَى الديار المصرية
وَفِي سنة تسع وَتِسْعين وسِتمِائَة قصد غازان ملك التتر إِلَى الديار المصرية ولقيه السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد ابْن قلاوون على حمص فإنهزم الْمُسلمُونَ وَاسْتشْهدَ مِنْهُم
جمَاعَة ثمَّ عَاد إِلَى الديار المصرية وَرجع غازان إِلَى بِلَاده
وَفِي أَيَّامه فِي سنة أَربع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة فتح السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر بيبرس صَاحب الديار المصرية يافا وأنطاكية وانتزعهما من الفرنج وَأخذ بغراس وبهسنا ودربساك وَغَيرهَا وانتزعها من الأرمن
وَفِي سنة سبع وَسِتِّينَ أَخذ مصياف من أَيدي الإسماعيلية
وَفِي سنة تسع فتح حصن الأكراد وحصن عكار وتسلم قلعة العليقة وبلادها من الإسماعيلية
وَفِي سنة إِحْدَى وَسبعين تسلم نوابه من الإسماعيلية مَا بَقِي من قلاعهم وَهِي الْكَهْف والمينقة والقدموس
وَفِي سنة أَربع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة فتح الْمَنْصُور قلاوون حصن المرقب وَفِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ فتح صهيون وَفِي سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ فتح طرابلس بعد أَن مضى عَلَيْهَا مَعَ الفرنجة مائَة وَخمْس وَثَمَانُونَ سنة واشهر وأعجز الْمُلُوك السالفة فتحهَا وهدمها بأسرها بعد الْفَتْح وَفِي سنة تسعين وسِتمِائَة فتح ابْنه الْأَشْرَف خَلِيل عكا وهدمها وأخلى الفرنج من الرعب أَكثر بِلَاد السَّاحِل مثل صيدا وبيروت وصور وانطرطوس وتسلمها الْمُسلمُونَ وَأمر بهدمها فهدمت وتكاملت جَمِيع الْبِلَاد الساحلية لِلْإِسْلَامِ وَفِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة فتح الْأَشْرَف خَلِيل أَيْضا قلعة الرّوم وسماها قلعة الْمُسلمين وَكَانَت كرْسِي خَليفَة الأرمن وَفِي سنة إِحْدَى وَتِسْعين وسِتمِائَة راك السُّلْطَان الْملك الْمَنْصُور حسام الدّين لاجين بِلَاد الديار المصرية وَهُوَ الروك الحسامي إِلَّا أَنه لم يَأْتِ روكه على النمط الْمُعْتَبر فِي التَّحْرِير وَفِي أَيَّامه استنقذ يَعْقُوب بن عبد الْحق المريني سُلْطَان الغرب الْأَقْصَى مَدِينَة سلا من يَد الفرنج بعد ان استولوا عَلَيْهَا وغزاهم بالأندلس