الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَوَادِث والهاجريات فِي خِلَافَته
لما ولى الْخلَافَة قَامَ بتدبير دولته السُّلْطَان بركيارق بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق ثمَّ غلب تتش بن ألب أرسلان على حلب وحران والرها والبلاد الجزرية وديار بكر وخلاط وأذربيجان وهمذان وكمل عسكره خمسين ألف مقَاتل وَبعث يطْلب أَن يخْطب لَهُ بِبَغْدَاد عَن المستظهر الْخَلِيفَة فَأُجِيب إِلَى ذَلِك وخطب لَهُ بهَا وَسَار بركيارق إِلَى أصفهان وَبهَا أَخُوهُ مَحْمُود فَمَرض مَحْمُود فَمَاتَ فِي سلخ شَوَّال سنة سبع وَثَمَانِينَ وَأَرْبع مائَة وَاسْتقر بركيارق فِي السلطنة مَكَانَهُ ثمَّ سَار بركيارق إِلَى عَمه تتش فَالْتَقَيَا على الْقرب من الرى وَانْهَزَمَ عَسْكَر تتش وَقتل فِي المعركة فِي صفر من هَذِه السّنة واستقامت السلطنة لبركيارق ثمَّ سَار بركيارق فِي سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَدخل بَغْدَاد وأعيدت لَهُ الْخطْبَة فِي صفر من هَذِه السّنة ثمَّ خرج بركيارق من بَغْدَاد وَسَار لِحَرْب أَخِيه مُحَمَّد وَقصد الرى فنزلها ثمَّ سَار
بركيارق من الرى إِلَى بَغْدَاد وَضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأُمُور فَطلب من الْخَلِيفَة مَالا يَسْتَعِين بِهِ فَحمل إِلَيْهِ الْخَلِيفَة خمسين ألف دِينَار وَلم يكفه ذَلِك حَتَّى مد يَده إِلَى مَال الرّعية وَسَار مُحَمَّد بن ملكشاه بن ألب أرسلان وَمَعَهُ أَخُوهُ سنجر فِي طلب بركيارق حَتَّى وصل إِلَى بَغْدَاد وبركيارق مَرِيض قد اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَض وأيس مِنْهُ فتحول إِلَى الْجَانِب الغربى مَحْمُولا ثمَّ وجد خفَّة فَسَار عَن بَغْدَاد إِلَى وَاسِط وَدخل مُحَمَّد وسنجر إِلَى بَغْدَاد فَشكى إِلَيْهِمَا المستظهر سوء سيرة بركيارق وخطب لمُحَمد بِبَغْدَاد فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة وَكَانَ بَين مُحَمَّد وبركيارق حروب آخِره ان حصل الصُّلْح على بِلَاد لكل وَاحِد مِنْهُمَا يخْطب لَهُ فِيهَا وَلما وصل خبر الصُّلْح إِلَى المستظهر خطب بِبَغْدَاد لبركيارق وأقيم إيلغازى بن أرتق شحنة لَهُ بِبَغْدَاد ثمَّ توفى بركيارق فِي ثانى شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة على الْقرب من أصفهان فَحمل إِلَيْهَا فَدفن فِيهَا بعد أَن حلف الْعَسْكَر لوَلَده ملكشاه بن بركيارق على أَن يكون سُلْطَانا مَكَانَهُ وعمره
يَوْمئِذٍ أَربع سِنِين وَأَرْبَعَة أشهر وَجعل الْأَمِير أياز أتابكه فَكَانَت سلطنة بركيارق اثنتى عشرَة سنة واربعة أشهر قاسى فِيهَا عدَّة حروب
وَمن غَرِيب شَأْنه أَنه كَانَ كلما خطب لَهُ بِبَغْدَاد وَقع فِيهَا الغلاء وَلما مَاتَ بركيارق سَار أياز وَمَعَهُ ملكشاه بن بركيارق ودخلوا بَغْدَاد فِي سَابِع عشر ربيع الآخر وخطب لملكشاة بن بركيارق بجوامع بَغْدَاد موت بركيارق ثمَّ سَار أَخُوهُ السُّلْطَان مُحَمَّد بن ملكشاه بن ألب أرسلان إِلَى بَغْدَاد وَنزل بالجانب الغربي وبقى أياز وملكشاه بالجانب الشرقى وَجرى بَينهمَا مراجعات كَانَ آخرهَا أَن حلف السُّلْطَان مُحَمَّد لِابْنِ أَخِيه ملكشاه وأتابكه أياز وَحضر أياز والأمراء عِنْد مُحَمَّد وأحضروا ملكشاه عِنْد عَمه مُحَمَّد فَأكْرمه واستقرت السلطنة لمُحَمد وَذَلِكَ لسبع بَقينَ من جُمَادَى الأولى سنة ثَمَان وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة ثمَّ أعمل السُّلْطَان مُحَمَّد الْحِيلَة فِي قتل أياز فَقتل فِي الدهاليز غيلَة ثمَّ خرج السُّلْطَان من بَغْدَاد بعد ذَلِك لأموره ثمَّ عَاد إِلَيْهَا فَمَاتَ بهَا فِي ذى الحجه سنة تسع وَخمْس مائَة بعد أَن لقى من الحروب والمشاق
مَالا مزِيد عَلَيْهِ مَعَ سيرته العادلة وأبطاله المكوس فِي جَمِيع بِلَاده وعهد بِالْملكِ بعده إِلَى وَلَده مَحْمُود بن مُحَمَّد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن دَاوُد بن مِيكَائِيل ابْن سلجوق وعمره يَوْمئِذٍ أَربع عشرَة سنة وَجلسَ مَحْمُود على تخت السلطنة يَوْم وَفَاة أَبِيه بالتاج والسوارين وخطب لَهُ بالسلطنة فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من ذى الْحجَّة
وَمن غَرِيب الِاتِّفَاق أَنه لما توفى السُّلْطَان ألب أرسلان توفى بعده الْقَائِم بامر الله وَلما توفى ملكشاه توفى بعده المقتدى وَلما توفى مُحَمَّد توفى بعده المستظهر
وَفِي أَيَّام المستظهر استولت الفرنج على أنطاكية وَوَضَعُوا السَّيْف فِي الْمُسلمين ونهبوا أَمْوَالهم ثمَّ سَارُوا إِلَى المعرة فاستولوا عَلَيْهَا وَوَضَعُوا السَّيْف فِي الْمُسلمين ونهبوا اموالهم وَسَارُوا إِلَى حمص فَصَالحهُمْ اهلها وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وَأَرْبع مائَة استولى الفرنج على بَيت الْمُقَدّس وملكوه من أيدى الْخُلَفَاء الفاطميين وَأَقَامُوا يقتلُون فِي الْمُسلمين مُدَّة أَيَّام وَقتل من الْمُسلمين فِي الْمَسْجِد الْأَقْصَى مَا يزِيد على تسعين ألف نفس مِنْهُم جمَاعَة
من أَئِمَّة الْمُسلمين وعلمائهم وعبادهم مِمَّن جاور هُنَاكَ ثمَّ فِي سنة سبع وَتِسْعين استولوا على جبيل وعكا ثمَّ استولوا فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخَمْسمِائة على مَدِينَة طرابلس من يَد صَاحبهَا ابْن عمار كَمَا تقدم بعد نهب وسبى ثمَّ فِي سنة أَربع وَخمْس مائَة ملكوا مَدِينَة صيدا وقصدوا حلب وصالحهم صَاحبهَا الْملك رضوَان على اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ ألف دِينَار يحملهَا إِلَيْهِم مَعَ خُيُول وَثيَاب وَوَقع الْخَوْف فِي قلب أهل الشَّام فَصَالحهُمْ أهل صور على سَبْعَة آلَاف دِينَار وصالحهم صَاحب شيز على أَرْبَعَة آلَاف دِينَار وصالحهم صَاحب حماه على ألفى دِينَار وَقصد بردويل أحد مُلُوك الفرنجة الديار المصرية فَانْتهى إِلَى الفرما ودخلها وحرقها وَحرق جَامعهَا ومساجدها ودخلها وَهُوَ مَرِيض فَهَلَك فِي الطَّرِيق قبل وُصُوله إِلَى الْعَريش فشق أَصْحَابه بَطْنه ورموا حشوته فِي السبخة الْمَعْرُوفَة الْآن بسبخة بردويل من طَرِيق الشَّام فهى ترْجم إِلَى الْآن