الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحكام وَجعلُوا الله على مايقولون وَكيلا فَاسْتحقَّ عَلَيْهِم الْوَفَاء بقوله تَعَالَى {وأوفوا بِعَهْد الله إِذا عاهدتم وَلَا تنقضوا الْأَيْمَان بعد توكيدها وَقد جعلتم الله عَلَيْكُم كَفِيلا} وهم يرغبون إِلَى الله أَن يُضَاعف لَهُم بِحسن نيتهم الأجور ويلجؤون إِلَيْهِ أَن يَجْعَل أئمتهم مِمَّن أَشَارَ تَعَالَى إِلَيْهِ بقوله {الَّذين إِن مكناهم فِي الأَرْض أَقَامُوا الصَّلَاة وَآتوا الزَّكَاة وَأمرُوا بِالْمَعْرُوفِ ونهوا عَن الْمُنكر وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور} إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَهَذِه نُسْخَة بيعَة أنشأتها على هَذِه الطَّرِيقَة مرتبَة على خلع وهى
الْحَمد لله الذى جعل بَين الْخلَافَة مثابة للنَّاس وَأمنا وَأقَام سور الْإِمَامَة وقاية للأنام وحصنا وَشد مِنْهَا بِالْعِصَابَةِ القرشية أزرا وشاد مِنْهَا بالعصبة العباسية ركنا وأغاث الْخلق بِإِمَام هدى حسن سيرة وَصفا سريرة فِرَاق صُورَة ورق معنى وَجمع قُلُوبهم عَلَيْهِ فَلم يستنكف عَن
الانقياد إِلَيْهِ إعلى وَلَا أدنى وَنزع جلبابها عَمَّن شغل قلبه بغَيْرهَا فَلم يعرها نظرا وَلم يصغ لَهَا أذنا وَصرف وَجههَا عَمَّن أَسَاءَ فِيهَا تَصرفا فَلم يرفع بهَا رَأْسا وَلم يعمر لَهَا مغنى
نحمده على نعم حلت للنفوس حِين حلت ومنن جلت الخطوب حِين جلت ومسار سرت إِلَى الْقُلُوب فسرت ومبار أقرَّت الْعُيُون فقرت وعوارف أمت الْخَلِيفَة فتوالت وَمَا ولت وَقدم صدق ثبتَتْ إِن شَاءَ الله فِي الْخلَافَة فَمَا تزلزلت وَلَا زلت
ونشهد أَن لَا أَله أَلا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة تكون لنا من دَرك الشكوك كالئة ولمهاوى الشّبَه دارئة وللمقاصد الجميلة حاوية ولشقة الزيغ والارتياب طاوية وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الذى نصح للْأمة إِذْ بلغ فشفى عليلها وأوردها من مناهل الرشد مَا أطفأ وهجها وَبرد غليلها وأوضح لَهُم مناهج الْحق ودعاهم إِلَيْهَا وَأَبَان لَهُم سبل الْهِدَايَة فِي {من اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا}
صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى آله أَئِمَّة الْخَيْر وَخير الْأَئِمَّة ورضى عَن أَصْحَابه أَوْلِيَاء الْعدْل وعدول الْأمة صَلَاة ورضوانا يعمان سَائِرهمْ ويشملان أَوَّلهمْ وَآخرهمْ سِيمَا الصّديق الفائز بِأَعْلَى الرتبتين صدقا وَتَصْدِيقًا والحائز قصب السَّبق فِي الفضيلتين علما وتحقيقا وَمن عدل الْأَنْصَار إِلَيْهِ عَن سعد بن عبَادَة بعد مَا أَجمعُوا على تَقْدِيمه وبادر الْمُهَاجِرُونَ إِلَى بيعَته اعترافا بتفضليه وتكريمه والفاروق الشَّديد فِي الله بَأْسا واللين فِي الله جانبا والموفى للخلافة حَقًا والمؤدى للْإِمَامَة وَاجِبا والقائم فِي نصْرَة الدّين حق الْقيام حَتَّى عَمت فتوحه الْأَمْصَار مشارقا ومغاربا وأطاعته العناصر الْأَرْبَعَة إِذْ كَانَ لله طَائِعا وَمن الله خَائفًا وَإِلَى الله رَاغِبًا وذى النورين الْمعول عَلَيْهِ من بَين سَائِر أَصْحَاب الشورى تنويها بقدرة والمخصوص بِالِاخْتِيَارِ تفخيما لأَمره من حصر فِي بَيته فَلم يمنعهُ ذَلِك عَن تِلَاوَة كتاب الله وَذكره وَشَاهد سيوف قاتليه عيَانًا فقابل فتكاتها بجميل صبره وأبى الْحسن الذى أعرض عَن الْخلَافَة
حِين سئلها واستعفى مِنْهَا بَعْدَمَا اضْطر إِلَيْهَا وَقبلهَا وكشف لَهُ عَن حَقِيقَة الدُّنْيَا فَمَا أم قبلتها بِقَلْبِه وَلَا ولى وَجهه قبلهَا وَصرح بمقاطعتها بقوله يَا صفراء غرى غيرى يَا بَيْضَاء غرى غيرى لما وَصلهَا من وَصلهَا وَسَائِر الْخُلَفَاء الرَّاشِدين بعدهمْ الناهجين نهجهم والواردين وردهم
أما بعد فَإِن للْإِمَامَة شُرُوطًا يجب اعْتِبَارهَا فِي الإِمَام ولوازم لَا يغْتَفر فَوَاتهَا فِي الِابْتِدَاء وَلَا فِي الدَّوَام وأوصافا يتَعَيَّن إعمالها وآداباء لَا يسع إهمالها من أهمها الْعَدَالَة الَّتِى ملاكها التَّقْوَى وأساسها مراقبة الله تَعَالَى فِي السِّرّ والنجوى وَبهَا تقع الهيبة لصَاحِبهَا فِي الْقُلُوب فيجل وتميل النُّفُوس إِلَيْهَا فَلَا تمل فهى الملكة الداعية إِلَى ترك الْكَبَائِر واجتنابها والزاجرة عَن الْإِصْرَار على الصَّغَائِر وارتكابها والباعثة على مُخَالفَة النَّفس ونهيبها عَن الشَّهَوَات والصارفة عَن انتهاك حرمات الله الَّتِى هى أعظم الحرمات والموجبة للتعفف عَن الْمَحَارِم والحاملة عَن تجنب الظلامات ورد الْمَظَالِم والشجاعة الَّتِى بهَا حماية الْبَيْضَة والذب عَنْهَا والاستظهار بالغزو على
نكاية الطَّائِفَة الْكَافِرَة والغض مِنْهَا وَالْقُوَّة بِالشَّوْكَةِ على تَنْفِيذ الْأَوَامِر وإمضائها وَإِقَامَة الْحُدُود واستيفائها وَنشر كلمة الْحق وإعلائها ودحض كلمة الْبَاطِل وإخفائها وَقطع مَادَّة الْفساد وحسم أدوائها والرأى الْمُؤَدى إِلَى السياسة وَحسن التَّدْبِير والمغنى فِي كثير من الْأَمَاكِن عَن مزِيد الْجد والتشمير والمعين فِي خدع الْحَرْب ومكائده والمسعف فِي مصَادر كل أَمر وموارده 3 هَذَا وَقد جعلنَا الله تَعَالَى أمة وسطا ووعظنا بِمن سلف من الْأُمَم مِمَّن تمرد وعتا أَو تجبر وسطا وعصم امتنا أَن تَجْتَمِع على الضلال وصان جَمعنَا عَن الْخَطَأ فِي الْفِعْل والمقال وندبنا إِلَى الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ والنهى عَن الْمُنكر وسوغ لأئمتنا الِاجْتِهَاد فِي النَّوَازِل وَالْأَحْكَام فاجتهادهم لَا يحظر وَلَا يُنكر خُصُوصا فِي شَأْن الْإِمَامَة الَّتِى هى آكِد أَسبَاب المعالم الدِّينِيَّة وأقواها وَأَرْفَع المناصب الدُّنْيَوِيَّة وأعلاها وأعز الرتب رُتْبَة وأغلاها وأحقها بِالنّظرِ فِي أمرهَا وأولاها وَكَانَ الْقَائِم بِأَمْر الْمُسلمين الْآن
فلَان بن فلَان الفلانى مِمَّن حاد عَن الصِّرَاط الْمُسْتَقيم وسلك غير النهج القويم وَمَال عَن سنَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فأدركه الزلل وقارف المآثم فَعَاد بالخلل فعاث فِي الأَرْض فَسَادًا وَخَالف الرشد عنادا وَمَال إِلَى الغى اعْتِمَاد وَأسلم إِلَى الْهوى قيادا قد انْتقل عَن طور الْخلَافَة وعزيز الإنافة إِلَى طور الْعَامَّة فاتصف بصفاتهم واتسم بسماتهم فمنكر يجب عَلَيْهِ إِنْكَاره قد بَاشرهُ وصديق سوء يتَعَيَّن عَلَيْهِ إبعاده قد وازره وَظَاهر إِن سلك فسبيل التُّهْمَة والارتياب أَو قصد أمرا نحا فِيهِ غير الصَّوَاب منهمك على شهواته منعكف على لذاته متشاغل عَن امْر الْأمة بِأَمْر بنيه وَبنَاته الْجُبْن رَأس مَاله وَعدم الراى قرينه فِي أَفعاله وأقواله قد قنع من الْخلَافَة باسمها ورضى من الْإِمَامَة بوسمها وَظن أَن السؤدد فِي لبس السوَاد فَمَال إِلَى الحيف وتوهم أَن الْقَاطِع الغمد فَقطع النّظر عَن السَّيْف
وَلما أطلع النَّاس مِنْهُ على هَذِه الْمُنْكَرَات وعرفوه بِهَذِهِ السمات وتحققوا فِيهِ هَذِه الوصمات رَغِبُوا فِي استبداله وَأَجْمعُوا على خلعه وزواله فلجؤوا إِلَى السُّلْطَان
الْأَعْظَم الْملك الفلانى بِالْأَلْقَابِ السُّلْطَانِيَّة إِلَى آخرهَا نصر الله جُنُوده وأسمى جدوده وأرهف على عداة الله حُدُوده ففوضوا أَمرهم فِي ذَلِك إِلَيْهِ وألقوا كلهم عَلَيْهِ فَجمع أهل الْحل وَالْعقد مِنْهُم وَمن تصدر إِلَيْهِم الْأُمُور وَترد عَنْهُم فاستخاروا الله تَعَالَى وخلعوه من ولَايَته وَخَرجُوا عَن بيعَته وانسلخوا عَن طَاعَته وجردوه عَن خِلَافَته تَجْرِيد السَّيْف من القراب وطووا حكم إِمَامَته كطى السّجل للْكتاب وعندما تمّ هَذَا الْخلْع وانطوى حكمه على الْبَتّ وَالْقطع التمس النَّاس إِمَامًا يقوم بِأُمُور الْإِمَامَة فيوفيها وَيجمع شُرُوطهَا ويستوفيها فَلم يَجدوا لَهَا أَهلا وَلَا بهَا أَحَق وَأولى وأوفى بهَا وأملى من السَّيِّد الْأَعْظَم الإِمَام النَّبَوِيّ سليل الخلافه ووليد الإمامه أبي فلَان فلَان العباسي الطالع الله مثلا أَمِير الوؤمنين (179 أ) لازال شرفه باذخا وعرينه الشريف شامخا وعهد ولَايَته لعهد كل ولَايَة نَاسِخا فساموه بيعتها فلبى وشاموا برق ولَايَته فَأجَاب وَمَا تأبى علما مِنْهُ بانها تعيّنت عَلَيْهِ وانحصرت فِيهِ فَلم تَجِد أَعلَى مِنْهُ فتعدل إِلَيْهِ إِذْ هُوَ ابْن بجدتها وَفَارِس نجدتها
ومزيل غمتها وَكَاشف كربتها ومجلى غياهبها وَمُحَمّد عواقبها وموضح مذاهبها وحاكمها المكين بل رشيدها الْأمين فَنَهَضَ الْمقَام الشريف السلطانى الملكى الفلانى الْمشَار إِلَيْهِ قرن الله مقاصده الشَّرِيفَة بالنجاح وأعماله الصَّالِحَة بالفلاح وَبدر إِلَى بيعَته فَبَايع وائتم بِهِ من حضر من أهل الْحل وَالْعقد فتابع وقابل عقدهَا بِالْقبُولِ فَمضى وَلزِمَ حكمهَا فانقضى واتصل ذَلِك بِسَائِر الرّعية فانقادوا وَعَلمُوا صَوَابه فَمَشَوْا على سنَنه وماحادوا وشاع ذَلِك فِي الأوصار وطارت بِهِ مخلقات البشائر إِلَى سَائِر الأقطار فتعرفوا مِنْهُ الْيمن فسارعوا إِلَى امتثاله وتحققوا صِحَة الْأَمر وثباته بعد اضطرابه واعتلاله واستعاذوا من نقص يُصِيبهُ بعد تَمَامه بِهَذَا الْخَلِيفَة وكماله فَعندهَا أبانت الْخلَافَة العباسية عَن طيب عنصرها وَجَمِيل وفائها وكريم مظهرها وجادت بجزيل الامتنان وتلا لِسَان كرمها الوفى على وَليهَا الصَّادِق {هَل جَزَاء الْإِحْسَان إِلَّا الْإِحْسَان} فجدد لَهُ بالسلطنة الشَّرِيفَة عهدا وطوق جيده بتفويضها إِلَيْهِ عقدا وَجعله وَصِيَّة فِي الدّين
وولية فِي أَمر الْمُسلمين وقلده أَمر الممالك الإسلامية وَألقى إِلَيْهِ مقاليدها وَملكه أزمتها وحقق لَهُ مواعيدها وَعقد لَهُ لواءها وَنشر عَلَيْهِ أعلامها وَصَرفه فِيهَا على الْإِطْلَاق وفوض إِلَيْهِ أَحْكَامهَا وَألبسهُ الخلعة السَّوْدَاء فَكَانَت لسؤدده شعارا وأسبغ عَلَيْهِ رداءها فَكَانَ لَهُ دثار وَكتب لَهُ الْعَهْد فسقى الْمعَاهد صوب العهاد ولهج الْأَنَام بِذكرِهِ فاطمأنت الْعباد والبلاد وعندما تمّ هَذَا الْفَصْل وتقرر هَذَا الأَصْل وأمست الرعايا بِمَا آتَاهُم الله من فَضله فرحين وبنعمته مستبشرين طُولِبَ أهل الْبيعَة بِمَا يحملهم على الْوَفَاء وَيمْنَع بيتعهم من التكدر بعد الصفاء من تَوْثِيق عقدهَا بمؤكد أيمانها وَالْإِقَامَة على الطَّاعَة لخليفتها وسلطانها فبادروا إِلَى ذَلِك مُسْرِعين وَإِلَى دَاعِيَة مهطعين وبالغوا فِي المواثيق وأكدوها وشددوا فِي الْإِيمَان وعقدوها وأقسموا بِاللَّه الذى لَا إِلَه إلاهو عَالم الْغَيْب وَالشَّهَادَة عَالم خَائِنَة الْأَعْين وَمَا تخفى الصُّدُور فِي البدء والإعادة على الْوَفَاء لَهما والموالاة والنصح والمصافاة والموافقة والمشايعة وَالطَّاعَة والمتابعة يوالون من والاهما ويعادون من
عاداهما لايقعدون عَن مناصرتهما عِنْد ملمة ولايرقبون فِي عدوهما إِلَّا وَلَا ذمَّة جارين فِي ذَلِك على الدَّوَام والاستمرار والثبوت واللزوم والاستقرار على أَن من بدل مِنْهُم من ذَلِك شرطا أَو أعفى لَهُ رسما أَو حاد عَن طَريقَة أَو غير لَهُ حكما أَو سلك فِي ذَلِك غير سَبِيل الْأَمَانَة أَو اسْتحلَّ الْغدر أَو أضمر الْخِيَانَة مُعْلنا أَو مسرا فِي كُله أَو بعضه متأولا أومحتالا لإبطاله أَو نقضه فقد برِئ من حول الله المتين وقوته الواقية وركنه الشَّديد وذمته الوافية إِلَى حول نَفسه وقوته وركنه وذمته وكل أمْرَأَة فِي عصمته الْآن أَو يَتَزَوَّجهَا مُدَّة حَيَاته طَالِق ثَلَاث بِصَرِيح لَفظه لَا يتَوَقَّف على نِيَّة لَا يفرق فِيهِ بَين زمن سنة وَلَا بِدعَة وَلَا رَجْعَة فِيهِ وَلَا مثنوية وكل مَمْلُوك فِي ملكه أَو يملكهُ فِي بَقِيَّة عمره من ذكر أَو أُنْثَى حر من أَحْرَار الْمُسلمين وكل مَا هُوَ على ملكه أَو يملكهُ فِي بَقِيَّة عمره إِلَى آخر أَيَّامه من عين أوعرض صَدَقَة للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وَعَلِيهِ الْحَج إِلَى بَيت الله الْحَرَام ثَلَاثِينَ حجَّة بِثَلَاثِينَ عمْرَة رَاجِلا حافيا حاسرا لَا يقبل الله مِنْهُ غير الْوَفَاء بهَا بَاطِنا وَلَا ظَاهرا وإهداء
مائَة بَدَنَة فِي كل حجَّة مِنْهَا فِي عسرته ويسرته لَا تجزئة وَاحِدَة مِنْهَا عَن حجَّة الْإِسْلَام وعمرته وَصَوْم الدَّهْر خلا المنهى عَنهُ من أَيَّام السّنة وَصَلَاة ألف رَكْعَة فِي كل لَيْلَة لايباح لَهُ دون أَدَائِهَا غمض وَلَا سنة لايقبل مِنْهُ صرفا وَلَا عدلا وَلَا يُؤجر على شئ من ذَلِك قولا وَلَا فعلا مَتى ورى فِي ذَلِك أَو اسْتثْنى أَو تَأَول أَو استفتى كَانَ الْحِنْث عَلَيْهِ عَائِدًا وَله إِلَى دَار الْبَوَار قائدا مُعْتَمدًا فِي ذَلِك أَشد الْمذَاهب فِي سره وعلانيته على نِيَّة المستحلف لَهُ دون نِيَّته وأمضوها بيعَة محكمَة المباني ثَابِتَة الْقَوَاعِد كَرِيمَة المساعى جميلَة الْمَقَاصِد طيبَة الجنى جميلَة العوائد قَاطِعَة الْبَرَاهِين ظَاهِرَة الشواهد وَأشْهدُوا على أنفسهم بذلك من حضر مجْلِس هَذَا العقد من قَضَاء الْإِسْلَام وعلمائه وأئمة الدّين وفقهائه بعد أَن أشهدوا الله عَلَيْهِم وَكفى بِاللَّه شَهِيدا وَكفى بِهِ للخائنين خصيما {فَمن نكث فَإِنَّمَا ينْكث على نَفسه وَمن أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله فسيؤتيه أجرا عَظِيما} وَالله تَعَالَى يَجْعَل انتقالهم من ادنى إِلَى اعلى وَمن يسرى إِلَى يمنى ويحقق
لَهُم بِمن اسْتَخْلَفَهُ عَلَيْهِم وعده الصَّادِق بقوله تَعَالَى {وعد الله الَّذين آمنُوا مِنْكُم وَعمِلُوا الصَّالِحَات ليَستَخْلِفنهم فِي الأَرْض كَمَا اسْتخْلف الَّذين من قبلهم وليمكنن لَهُم دينهم الَّذِي ارتضى لَهُم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا} إِن شَاءَ الله تَعَالَى
قلت والذى اسْتَقر عَلَيْهِ الْحَال فِي كِتَابَة بيعات الْخُلَفَاء بالديار المصرية الْآن أَن يتعاطى كِتَابه الْبيعَة كتاب الحكم الَّذين هم موقعوقضاة الْقُضَاة وَلَا إِلْمَام لَهُم بصنعة الْإِنْشَاء فَإِن وَقعت الْعِنَايَة بِكِتَابَة تِلْكَ الْبيعَة أَمر كَاتب السِّرّ من لَهُ ملكه فِي صَنْعَة الْإِنْشَاء من رُؤُوس كتاب الدِّيوَان فَأَنْشَأَ لَهَا صَدرا على طَريقَة كتاب الْإِنْشَاء مفتتحا بِخطْبَة مُشْتَمِلَة على براعة استهلال تناسب الْمقَام وتدفع إِلَى من يتعاطى كِتَابَة تِلْكَ الْبيعَة من كتاب الحكم فيصدر بهَا مَا يَكْتُبهُ ثمَّ تأتى عقب ذَلِك بِصُورَة الْحَال الْوَاقِعَة فِي الْبيعَة سردا وَيشْهد فِي آخرهَا
وَهَذِه نُسْخَة بيعَة الإِمَام الْأَعْظَم المعتضد بِاللَّه أَبى الْفَتْح خَليفَة الْعَصْر
الْمَوْضُوع لَهُ هَذَا الْكتاب وصدرها من إنْشَاء عَلامَة الْعَصْر وَإِمَام أهل الْأَدَب الشَّيْخ تقى الدّين بن حجَّة مُشِيرا فِيهِ إِلَى سُلْطَانه الْقَائِم ببيعته الْملك الْمُؤَيد أَبى النَّصْر شيخ ملوحا بِذكر شيخ الْإِسْلَام قاضى الْقُضَاة جلال الدّين البلقينى وهى
الْحَمد لله الذى شدّ عضد الْأمة بِمن أَمْسَى بِهِ معتضدا وأسعفنا من الْبَيْت النبوى بخليفة مَا برح شيخ الْمُلُوك فِي تَقْدِيم بَيته الشريف مُجْتَهدا وَأقَام الْعلم العباسي بعد أَبى مُسلم بأبى النَّصْر فَأكْرم حسن الختام وَحسن الِابْتِدَاء فَلهُ الْحَمد أَولا وآخرا وَبَاطنا وظاهرا ونكرر حَمده على سُلْطَان مؤيد تحف بِهِ الْعلمَاء والأعلام وَظهر لجلالهم فِي أَيَّامه الزاهرة بهجة فَقَالَ موريا هَذَا زمَان مَشَايِخ الْإِسْلَام نحمده على حكمته الَّتِى اقْتَضَت أَن تكون الْخلَافَة عُمْدَة لأحكام يَزُول بهَا الالتباس وَهُوَ الْقَائِل {يَا دَاوُد إِنَّا جعلناك خَليفَة فِي الأَرْض فاحكم بَين النَّاس} وَأشْهد أَن لَا أَله الا الله وَحده لَا شريك لَهُ الْقَادِر الذى أطلع بدور الْخلَافَة كَامِلَة فِي الْمطَالع
الهاشمية وبل ظمأ الْإِسْلَام لسقايتها العباسية ونشهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الذى يجب تَقْدِيم آل بَيته فِي إِيضَاح كل أَمر وإشكاله فصلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله صَلَاة يصل بهَا الْحق إِلَى أربابه وينتظم شَمل أَبى الْفَتْح بأبى النَّصْر فِي ذهَاب كل مِنْهُمَا وإيابه مَا تراعت فِي مدائحه النَّظَائِر وملئت بالبديع بطُون الدفاتر
تَنْبِيه قد ذكر مُحَمَّد بن عمر المدائنى فِي كتاب الْقَلَم والدواة أَنه كَانَ يكْتب للخلفاء فِي قرطاس من ثلثى طومار والطومار هُوَ الفرخة الْوَرق الْكَامِلَة وَالْمرَاد الْوَرق البغدادى فَإِن الْخلَافَة بِبَغْدَاد كَانَت وَحِينَئِذٍ فَكَانَت البيعات تكْتب فِي قطع الثُّلثَيْنِ الْمَذْكُور والذى يظْهر أَن ذَلِك كَانَ فِي أول أَمرهم وَأَنه بعد ذَلِك كَانَ يكْتب لَهُم فِي قطع البغدادى الْكَامِل أما الْآن فالذى اسْتَقر عَلَيْهِ الْحَال فِيمَا يكْتب فِيهِ بيعات الْخُلَفَاء من بنى الْعَبَّاس بالديار المصرية