الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من خلفاء بني الْعَبَّاس بالعراق
المستعصم بِاللَّه
وَهُوَ أَبُو أَحْمد عبد الله بن الْمُسْتَنْصر بِاللَّه الْمُقدم ذكره كَانَ ضَعِيف الرَّأْي وَالْبَصَر بتدبير الْأُمُور ذَا طمع بُويِعَ لَهُ بالخلافة عقب موت أَبِيه الْمُسْتَنْصر لعشر خلون من جُمَادَى الْآخِرَة سنة أَرْبَعِينَ وسِتمِائَة بِاتِّفَاق من أهل الدولة وبقى حَتَّى قَتله التتر فِي وقْعَة هولاكو فِي الْمحرم سنة سِتّ وَخمسين وسِتمِائَة فَكَانَت مُدَّة خِلَافَته سبع عشرَة سنة وَكَانَ لَهُ ولد اسْمه أَبُو بكر
الْحَوَادِث والماجريات فِي خِلَافَته
لما ولي الْخلَافَة استبد كبراء دولته بِالْأَمر وحسنوا لَهُ قطع الأجناد ومداراة التتر فَفعل ذَلِك وأبطل أَكثر العساكر وَكَانَ التتر من أَوْلَاد جنكزخان قد خَرجُوا على بِلَاد الاسلام
على مَا تقدم وملكوا أَكثر بِلَاد الشرق وَالشمَال وَكَانَ أهل الكرخ من محلات بَغْدَاد رافضة فَجرى بَينهم وَبَين أهل السّنة فتْنَة بِبَغْدَاد فَأمر أَبُو بكر بن الْخَلِيفَة المستعصم ركن الدّين دوادار الْعَسْكَر ونهبوا الكرخ وهتكوا النِّسَاء وَزَادُوا فَرَكبُوا مِنْهُنَّ الْفَوَاحِش وَكَانَ للمستعصم وَزِير يُقَال لَهُ مؤيد الدّين بن العلقمي رَافِضِي فشق ذَلِك عَلَيْهِ فَكتب الى هولاكو بن طولى بن جنكزخان ملك التتر وأطمعه فِي الْبِلَاد فَخرج هولاكو للاستيلاء على بِلَاد الْخَلِيفَة وَكَانَ بركَة بن طوجى خَان صَاحب بِلَاد الشمَال الَّتِي قاعدتها الْآن السراي قد أسلم على يَد الباخرزي أحد مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وأوصاه بالخليفة المستعصم وَكتب بركَة الى الْخَلِيفَة يعرفهُ ذَلِك وَأَنه معاضده وناصره وانتظمت الصُّحْبَة بَينه وَبَين الْخَلِيفَة فَمر هولاكو على بركَة قَاصِدا بَغْدَاد فاعترضه بركَة وَمنعه من ذَلِك وَقَالَ ان الْخَلِيفَة صَاحِبي فَلَا سَبِيل الى وصولك اليه وان لم ترجع عَنهُ حاربتك فتوقف هولاكو حِينَئِذٍ عَن قصد بَغْدَاد سنتَيْن
حَتَّى مَاتَ بركَة فقصد بَغْدَاد حِينَئِذٍ وَكَانَ عَسْكَر بَغْدَاد قبل ولَايَة المستعصم مائَة الف فَارس فقطعهم المستعصم ليحمل الى التتر متحصل اقطاعاتهم فَصَارَ عسكرها دون عشْرين ألف فَارس وَلما قَارب التتر بَغْدَاد خرج عَسْكَر الْخَلِيفَة لقتالهم ومقدمهم ركن الدّين الدوادار فَالْتَقوا على مرحلَتَيْنِ من بَغْدَاد وَجرى بَينهم قتال شَدِيد انهزم فِي آخِره عَسْكَر الْخَلِيفَة وَدخل بَعضهم بَغْدَاد مُنْهَزِمًا وَسَار بَعضهم الى جِهَة الشَّام وَنزل هولاكو ملك التتر على بَغْدَاد من الْجَانِب الشَّرْقِي وَنزل أميران من أمرائه من الْجَانِب الغربي قبالة دَار الْخلَافَة وَخرج الْوَزير مؤيد الدّين بن العلقمى إِلَى هولاكو فتوثق مِنْهُ لنَفسِهِ وَعَاد إِلَى الْخَلِيفَة المستعصم وَقَالَ إِن هولاكو يبقيك فِي الْخلَافَة كَمَا فعل بسُلْطَان الرّوم وَيُرِيد أَن يُزَوّج ابْنَته من ابْنك ابي بكر وَحسن لَهُ الْخُرُوج الى هولاكو فَخرج اليه المستعصم فِي جمع عَظِيم من أكَابِر أَصْحَابه فأنزله فِي جِهَة ثمَّ استدعى الْوَزير الْفُقَهَاء والأماثل حَتَّى اجْتمع هُنَاكَ جَمِيع سَادَات بَغْدَاد من الْعلمَاء وَغَيرهم وَصَارَ أهل بَغْدَاد يخرجُون الى التتر طَائِفَة بعد طَائِفَة حَتَّى تكاملوا
فبذل فيهم التتر السَّيْف وقتلوهم وَلم ينج مِنْهُم الا الْقَلِيل وهجموا دَار الْخلَافَة وَقتلُوا كل من فِيهَا من الْأَشْرَاف والأكابر وَلم يسلم مِنْهُم الا من كَانَ صَغِيرا فَأخذ اسيرا ودام الْقَتْل والنهب فِي بَغْدَاد أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ نُودي بالأمان وَقتل الْخَلِيفَة المستعصم وَلم يُوقف على كَيْفيَّة قَتله فَقيل خنق وَقيل جعل فِي عدل ورفس حَتَّى مَاتَ وَقيل غرق فِي دجلة واستبقى هولاكو الْوَزير ابْن العلقمي مُدَّة يسيرَة فِي الوزارة ثمَّ قَتله
وَمِمَّا وَقع فِي أَيَّامه بالديار المصرية أَن الْفَارِس اقطاي أحد أُمَرَاء الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب كَانَ قد وَقع بَينه وَبَين الْملك المعزأيبك التركماني صُورَة فَعمل الْملك الْمعز الْحِيلَة فِي أمره حَتَّى قَتله فَتغير اصحابه من ذَلِك وَخَرجُوا قَاصِدين الشَّام من جِهَة سوق الْغنم فوجدوا الْبَاب مغلقا فَأَحْرقُوهُ وَخَرجُوا مِنْهُ فَسمى الْبَاب المحروق وَبِذَلِك يعرف الى الْآن