الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
موضوع التضمين
وفيه مطالب:
المطلب الأول: نشوء ظاهرته.
المطلب الثاني: غرضه.
المصب الثالث: فائدته.
المطلب الرابع: قياسي أم سماعي.
المطلب الأول: نشوء ظاهرة التضمين
لماذا اختصت بعض الأفعال بحرف معين كفعل قصد الذي يتعدى بـ (إلى) وفعل عمد المتعدي باللام على الفصيح؟ لعل هذا التخصيص وارد من قبل الملابسة الواقعة بين معنى الفعل ومعنى الحرف الملازم له، عمد والعمود والعمدة تفيد معنى الارتكاز والتحامل على الشيء بثبات، وهذا لا يتوافق مع
إلى أو عن أو سواه وإنما مع اللام التي تفيد الاختصاص أو الملك. وكذلك فعل قصد، والقصد والمقصود الذي يفيد التوجه إلى غاية مخصوصة ونهاية يطلبها، وهذا يتناسب مع إلى التي تفيد الغاية. وفعل رغب إذا أفاد انصراف النفس عن شأن من الشؤون تعدى بـ (عَنْ) وإذا أفاد انغماسها تعدى بفي.
فإذا كان هذا هو سر اختصاص هذه الحروف فكيف نفسر تعدّي الفعل
بغير حرفه المعتاد؟ وكيف نفسر بعض الشواهد التي تخرج فيها الحروف عن معانيها المعتادة أو خصوصياتها؟ أقول: هذه عادة للعرب مألوفة وسنة مسلوكة: إذا أعطَوا شيئاً من شيء حكما قابلوا ذلك بأن يُعطوا المأخوذ منه حُكما من أحكام صاحبه، عمارة لبينهما، وتتميما للشبه الجامع بينهما. (فشرب) أعطيناه حكما من أحكام صاحبه (استمتع) في تعديته بالباء عمارة لبينهما، وحين غمض تفسير هذه الظاهرة على علمائنا الأجلاء، ساقهم الاجتهاد العقلي إلى افتراضٍ قدَّروه
لتعليل هذه الظاهرة هو: (التضمين) وغالبا يكون الافتراض سبيلا للتعليل والتفسير منذ القديم.
جاء في حاشية السجاعي على القطر لابن هشام أن أول من قدر التضمين البياني هو السعد أخذاً من عبارة وقعت للزمخشري في الكشاف على ما ذكره ابن كمال باشا في رسالة التضمين.
وجاء في أمالي السهيلي ما يلي: وتعدية (يخالف) بـ (عَنْ) في قوله تعالى: (يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ) محمول على ينحرفون أو يروغون، ومثله تعدية رحيم بالباء في قوله تعالى:(وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) حملا على رؤوف (بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) ألا تقول: رافت به، ولا تقول: رحمت به؟
والرفث بمعنى الإفضاء في قوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) ومنها الإحماء في قوله تعالى: (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا