الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول
الفعل ومكانته في الجملة
الفعل في كل لغة راقية هو مصدر التعبير عن أفكار المتحدثين بها، يصور النشاط والحركة وكل ما تموج به الحياة من فكر ووجدان، واللغات البدائية أكثر ما تعتمد على الأسماء، وتستعين بقدر قليل من الأفعال. وحين يرتفع مستوى تفكيرها، وتستعين بإضافة ألفاظ إلى هذه الأفعال، تُنوع دلالتها، وتُعدد معانيها كالظروف والحروف.
فالبطاقة الشخصية لكل فعل تحتوي على: بنيته، وصيغته، تعديا ولزوما، وكذلك في اشتقاقه وتصريفه، وفيما يرافقه من حروف المعاني، ومستوى الجماعة التي تستخدمه، والدلالات التي تسلطها عليه، والظروف التي تطرأ عليه، نعم؛ ظفرت الأفعال باهتمام العلماء، علماء اللغة والنحو والصرف، وكان لها نصيب وافر من هذه الدراسات، وكذلك حروف المعاني ذات الدلالة
الوظيفية للكشف عن هوية الأفعال. فالفعل لا يتم معناه منفصلا عن معموله لأنه مفتقر إليه ومقترن بما يحتاج إلى تمام معناه.
وكان لعلماء الأندلس قصب السبق في هذه الدراسة، وقد ألفت كتب في
الأفعال وكانت أشبه بالرسائل، وكتب حوت فصولا خاصة بالأفعال، وكتب خصصت بالأفعال، والفعل كما هو معروف لازم أو متعدٍ. وأسباب تعدي اللازم أصالة ثمانية: الهمزة، والتضعيف، وزيادة الهمزة، والسين، والتاء، وزيادة ألف المفاعلة، وزيادة حرف الجر، وحذف حرف الجر توسعا، وتحويل اللازم إلى باب نصر لقصد المغالبة، وأخيرا: التضمين.
والحق أن تعدية الفعل سماعية فما سُمعت تعديته بحرف لا يجوز تعديته بغيره، وما لم تُسمع تعديته لا يجوز أن يُعدى بهذه الأسباب إلا على وجه من التضمين، وأسباب لزوم الفعل المتعدي أصالة خمسة.
تحويل المتعدي إلى فَعُلَ بضم العين بقصد التعجب والمبالغة، وضعف
العامل لتأخيره، وصيرورته مطاوعا، والضرورة، وأخيرا التضمين.