الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمعروف والتسريح بإحسان، في الرضاع والفصال، في الإيلاء والهجران
…
في
…
وفي
…
وفي.
وفي أجواء هذه العبادة لا يُغفل التشريع فطرة الإنسان وضروراته لأنه يتعامل مع بشر، لهم مشاعر وعواطف وطبائع تدفعهم إلى الإيلاء، إلى الامتناع عن المعاشرة، ولم يحرم الإيلاء، لأنه قد يكون علاجا، ولكن جعل له حدا أقصاه أربعة أشهر، لئلا يدع للرجل ما يريد من إعنات زوجته وإيذائها حين تبقى معلقة، فإذا استنفذ التشريع جميع وسائل الإصلاح لاستنقاذ هذه المؤسسة من الانهيار، جاء الطلاق علاجا واقيا.
أرأيت كيف ضُمن الإيلاء معنى الامتناع عن طريق الحرف (مِنْ) والذي كشف لنا الغامض وبين ما تضمنته مطاوي هذه الحروف من أسرار؟!.
* * *
قَالَ تَعَالَى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ)
(1).
لا يألونكم: لا يمنعونكم شرا ولا فسادا ليفيد معنى المنع وترك التقصير في المنع قاله العز، وقال الزمخشري: تعدى هنا إلى مفعولين على التضمين أي لا أمنعك نصحا ولا أنقصك، على حين جعله أبو حيان يتعدى إلى واحد بحرف الجر، نحو ما ألوت في الأمر، أي ما قصرت فيه، قيل: انتصب خبالا على التمييز المنقول من المفعول، وقيل: مصدر في موضع الحال.
وفي النهر الماد: الأحسن تخريجه على التضمين أي لا يمنعونكم فسادا، وقال البيضاوي: الأُلُؤُ: التقصير، لا يقصرون في الفساد وأصله أن يتعدى بالحرف وعدي إلى مفعولين على تضمين معنى المنع أو النقص. أما ابن الأنباري فقال: ويختص التضمين عن غيره من المعديات بأنه قد ينقل الفعل إلى أكثر من درجة ولذلك عدي ألوت بقصر الهمزة إلى مفعولين بعدما كان قاصرا وذلك في قولهم: لا ألوك نصحا ولا ألوك جهداً لمّا ضُمن معنى لا أمنعك ومنه (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا) والخبال تقطيع الأيدي والأرجل. ومثله العُكبري.
أقول: صورة ناطقة للغيظ الكظيم، والشر الدفين، واضحة الملامح تكشف عن دخيلتهم بفعل قاصر ألَوْت في الأمر عداه العليم إلى مفعولين لا يمنعونكم سوءا (لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا) ليفضحَ كل خالجة من أهل الكتاب في إعنات المسلمين والكَيد والدس لهم ونَثر الشوك في كل سبيل
…
فهل ينخدع بعدها المسلمون فيمنحونهم الود أو الثقة أو الولاء؟!.
الفعل قاصر فلماذا عدَّاه الجليل؟ ليكون المسلم حصيفا عاقلا فلا يفضي إليهم بالمودة، أو يأمنهم على أسرار الجماعة المسلمة أو يتخذ منهم بطانة ليجعلهم أمناء على مصالحه، ولم يَرِد هذا التحذير مقصورا على فترة
تاريخية معنية، لا
…
ولكنها حقيقة مكشوفة نجدها في واقعنا اليوم بشكل ملموس حين تبلغ بنا الهزيمة الروحية إلى أن نجاملهم على حساب عقيدتنا بل نطيعهم، فنلقى العنت الذي يتمنونه لنا، ونلقى الخبال الذي يدسونه في صفوفنا فنضعف ونستخذي.
أجل
…
لقد شارفَنا هذا المعنى وتَلوحَ لنا بعضه من حيث إن الحال والتمييز فضلة قد يُستغنى عنهما، أما المفعول فعمدة لا يصح معنى الفعل بدونه، ثم لم جاء العليم سبحانه بالفعل القاصر (أَلَو) ثم عداه، ولم يأت بالفعل المتعدي (منع) وهو في معناه؟ وأجيب: إن نفيَ الألؤ عنهم إثباتٌ لضده فيهم، فهم لا يفتُرون ولا يضعفون ولا يُقصرون في إيذاء حَمَلة لواء الدعوة وأصحاب العقيدة، بل يجتهدون في إيذائهم. أما (منع) ففيه موقف سلبي لهذه البطانة فلو وجدوا أذى موجها إلى المؤمنين أو مكيدة تدبر لهم، حالوا دون وصولها إليهم، فالتضمين فتح كلا السبيلين على المؤمنين من هذه العصابة المجرمة - أهل الكتاب: يهودا كانوا أو نصارى.
فإن تباعد عنك شيء من أسرار هذه اللغة، فصُره إليك بالتأتي وحسن التأويل، لأنه دقيق المسلك يُسفر عن وجهه عند الفحص عن كنهه.
إنه التضمين ..
فيه من الأسرار كل مَظِنةٍ
…
بالأُنس تبسُطُ أوجُه الجُلَّاسِ
* * *