المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأولأقوال العلماء في التضمين - التضمين النحوي في القرآن الكريم - جـ ١

[محمد نديم فاضل]

فهرس الكتاب

- ‌[وقفات مع الكتاب]

- ‌تمهيد

- ‌الفصل الأولفي حروف المعاني

- ‌المبحث الأولالتعريف بالحروف

- ‌المبحث الثانيمعاني الحروف

- ‌المبحث الثالثمدلول الحروفمن خلال السياق

- ‌المبحث الرابعوظيفة الحروف

- ‌الفصل الثاني

- ‌المبحث الأولأقوال العلماء في التضمين

- ‌المبحث الثانيموضوع التضمين

- ‌المطلب الأول: نشوء ظاهرة التضمين

- ‌المطلب الثاني: الغرض من التضمين

- ‌المطلب الثالث: فائدة التضمين

- ‌المطلب الرابع: قياسية التضمين وآراء العلماء فيه

- ‌الفصل الثالثصلة الحروف بالتضمين

- ‌المبحث الأولالتضمين وتناوب الحروف

- ‌المبحث الثانيالتضمين وزيادةالحروف وحذفها

- ‌أسباب حذف حروف المعاني

- ‌الفصل الرابعالتضمين وصلته بالفعل ومشتقاته

- ‌المبحث الأولالفعل ومكانته في الجملة

- ‌المطلب الأول: التضمين يجعل اللازم متعديا والمتعدي لازما:

- ‌المطلب الثاني: يجعل المتعدي بنفسه متعديا بحرف الجر:

- ‌المطلب الثالث: التضمين يجعل المتعدي بحرف الجر متعديا بنفسه

- ‌المطلب الرابع: التضمين يجعل الفعل المتعدي بحرف متعديا بآخر

- ‌المطلب الخامسالتضمين يجعل الفعل متعديا مرة ولازما أخرى،حسب تأويلنا له وتوجيهنا لمعناه

- ‌المطلب السادسالتضمين يجعل الفعل المتعدي لمفعول متعديا لمفعولين

- ‌المطلب السابع: يجعل المتعدي لمفعولين متعديا لواحد

- ‌المطلب الثامن:وتضمين فعل الظن معنى فعل اليقين في الأمور المحققة

- ‌المطلب التاسع: تضمين فعل معنى آخر

- ‌المطلب العاشر: تضمن الفعل الناقص معنى الفعل التام

- ‌المبحث الثانيالتضمين في المشتق

- ‌تقديم

- ‌ القسم الثاني

- ‌(أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)

- ‌(حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18)

- ‌(وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا) وقال: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ)

- ‌(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا)

- ‌(فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ)

- ‌(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا)

- ‌(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ)

- ‌(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ)

- ‌(وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ)

- ‌(وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)

- ‌(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ

- ‌(هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا

- ‌(الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) (2)

- ‌(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ)

- ‌(وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ)

- ‌(قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ)

- ‌(وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا)

- ‌(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)

- ‌(إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ (4)

- ‌(وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ)

- ‌(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ)

- ‌(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً)

- ‌(وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ)

- ‌(وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا)

- ‌(ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى)

- ‌(وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا)

- ‌(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ)

- ‌(فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ)

- ‌(اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ)

- ‌(الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا)

- ‌(إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)

- ‌(وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ)

- ‌(لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)

- ‌(يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّ

- ‌(الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ)

- ‌(إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا)

- ‌(يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ)

- ‌(تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ)

- ‌(إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعً

- ‌(وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)

- ‌(لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

- ‌(وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ)

- ‌(وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ)

- ‌(وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا)

- ‌(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ)

- ‌(فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30))

- ‌(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ)

- ‌(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ)

- ‌(فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ)

- ‌(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)

- ‌(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ)

- ‌(وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ)

- ‌(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)

- ‌(وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ)

- ‌(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ)

- ‌(وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا)

الفصل: ‌المبحث الأولأقوال العلماء في التضمين

‌المبحث الأول

أقوال العلماء في التضمين

التعريف بالمصطلح:

(أ) - في علم المعاني يطلق على الاقتباس.

(ب) - في علم العروض يطلق على عيب من عيوب القافية.

(ج) - في علم اللغة يطلق على الإيداع والإدخال تقول: ضمن الشيء: أودعه إياه كما تودع الوِعَاء المتاع والميتَ القبرَ قال ابن الرقاع: أوكت عليه مضيقا من عواهنها

كما تضمن كشح الحرة الحبلا يُطلق في علم النحو على إشراب فعل معنى فعل ليعامل معاملته، ويجري مجراه. أو إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه وللعلماء فيه أقوال:

ص: 89

قال الزمخشري: يضمنون الفعل معنى فعل آخر فيجرونه مجراه ويستعملونه استعماله، مع إرادة معنى المتضمن قال: والغرض في التضمين إعطاء مجموع المعنيين، وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ ألا ترى كيف رجع معنى (وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ) إلى قولك: ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم.

وقال الشيخ سعد الدين التفتازاني في حاشية الكشاف: فإن قيل: الفعل المذكور إن كان مستعملا في معناه الحقيقي فلا دلالة على الفعل الآخر، وإن كان في معنى الفعل الآخر فلا دلالة على معناه الحقيقي. وإن كان فيهما جميعا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز. قلنا: هو في معناه الحقيقي مع حذف حال مأخوذة من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية. فمعنى (يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ): أي نادما على كذا، ولا بد من اعتبار الحال، وإلا كان مجازاً لا تضميناً، وكذا قوله تعالى:(يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) أي معترفين بالغيب. أ. هـ وقال ابن يعيش: والتحقيق في ذلك أن الفعل إذا كان في معنى فعل آخر، وكان أحدهما يصل إلى معموله بحرف والآخر يصل بآخر، فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه، إيذانا بأن هذا الفعل بمعنى ذلك الآخر، وذلك كقوله تعالى:(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ) وأنت لا تقول: رفثت إلى المرأة، وإنما: رفثت بها، لكنه لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء، وكنت تعدي أفضيت بـ (إلى)، جئت بـ (إلى) إيذانا بأنه في معناه.

ص: 90

وقال ابن النحاس في التعليقة: الفرق بين المضمن معنى الحرف وغير المضمن، أن المضمن معنى الحرف لا يجوز إظهار الحرف معه في ذلك المكان، وغير المضمن يجوز إظهار الحرف معه كما إذا قلنا في الظرف إنه يراد فيه معنى (في) فإنا لا نريد به أن الظرف متضمن معنى (في)، كيف ولو كان كذلك لبني وإنما تعني به أن قوةَ الكلام، قوةُ كلام آخر في ظاهره، وكذلك يجوز إظهار (في) مع الظرف فتقول:(خرجت يوم الجمعة) أي خرجت في يوم الجمعة، ولا تقول في أين وكيف مثلا: هل أين ولا أأين ولا هل كيف، ولا أكيف.

وقال السعد: حقيقة التضمين أن يقصد بالفعل معناه الحقيقي مع فعل آخر يناسبه. ثم قال: إن الفعل المذكور مستعمل في معناه الحقيقي مع حذف حال مأخوذة من الفعل الآخر بمعونة القرينة اللفظية، فقولنا: أحمد إليك فلاناً: أحمده مُنْهِيا إليك حمده، وقول اللَّه تعالى:(يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى) أي يقلبها نادما على. فالفعل المتروك وهو المضمن يعتبر قيدا للمذكور.

واعتُرض عليه بأن في كلامه تناقضا لأن قوله: (مع فعل آخر يناسبه) غير ملائم لقوله: (مع حذف حال) أي اسم لا فعل.

وقال السيد: من شأنهم أنهم يضمنون الفعل معنى فعل آخر فيُجرونه مجراه. فيقولون هيجني شوقاً فعدي إلى مفعولين بنفسه، وإن كان هو يتعدى إلى الثاني بـ (إلى). يقال: هيجه إلى كذا، لتضمنه معنى ذكَر. فإن قلت: إذا كان اللفظ مستعملا في المعنيين معا كان جمعا بين الحقيقة والمجاز، وإن كان مستعملا في أحدهما فلم يقصد به الآخر، فلا تضمين. قلت: هو مستعمل

ص: 91

في معناه الحقيقي فقط والمعنى الآخر مراد بلفظ محذوف يدل عليه ذكر ما هو من متعلقاته، فتارة يجعل المذكور أصلا في الكلام والمحذوف حالا كما في قوله تعالى:(وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) كأنه قيل: ولتكبروا اللَّه حامدين على ما هداكم. وتارة يجعل المحذوف أصلا والمذكور مفعولا كما مر من المثال، أو حالا كما يشير إليه قوله: يعترفون به، فإنه لا بد حينئذٍ من تقدير الحال: يعترفون به مؤمنين وإلا لم يكن تضمينا بل مجازا عن الاعتراف.

فاللفظ مستعمل في معناه الأصلي، وهو المقصود أصالة، لكن قصد بتبعيته معنى آخر يناسبه من غير أن يستعمل فيه ذلك اللفظ، ويقدر له لفظ آخر فلا يكون من الكناية ولا الإضمار بل من الحقيقة التي قصد منها معنى آخر يناسبها ويتبعها في الإرادة وحينئذٍ يكون واضحا بلا تكلف. اهـ.

وقال ابن جني: اعلم أن الفعل إذا كان بمعنى فعل آخر وكان أحدهما يتعدى بحرف والآخر بآخر، فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه إيذانا بأن هذا الفعل في معنى ذلك الآخر، فلذلك جيء معه

بالحرف المعتاد مع ما هو في معناه وذلك كقوله: رفثت إلى المرأة إنما تقول: رفثت بها أو معها، لكن لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء، وكنت تعدي أفضيت بـ (إلى)، جئت بـ (إلى) مع الرفث إيذانا وإشعارا أنه بمعناه، وكما جاؤوا بالمصدر فأجروه على غير فعله لما كان فيه معناه نحو قوله: وإن شئتم تعاودنا عوادا ومنه قول اللَّه تعالى: (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) وكذلك قوله تعالى: (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) أي مع اللَّه وأنت لا تقول سرت إلى

ص: 92

زيدِ أي معه، لكن لما كان معناه: من ينضاف في نصرتي إلى الله؟ جاز لذلك أن تأتي هنا بـ (إلى). وكذلك قوله تعالى: (هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى) وأنت إنما تقول: هل لك في كذا؟ لكن لما كان " هذا دعاء من موسى صلوات اللَّه عليه، صار تقديره: أدعوك وأرشدك إلى أن تزكى. وعليه قول الفرزدق: قد قتل اللَّه زيادا عني

لما كان معنى قتله: صرفه، عداه بـ عن. ووجدت في اللغة من

هذا الفن شيئا كثيرا لا يكاد يحاط به، ولعله لو جمع أكثره لا جميعه لجاء كتابا ضخما، وقد عرفت طريقه فإذا مر بك شيء منه فتقبله وأْنس به فإنه فصل من العربية لطيف حسن يدعو إلى الأنس بها والفقاهة فيها. أ. هـ وقال في موضع آخر: ومن عادة العرب وسننهم التي يسلكونها أنهم إذا أعطوا شيئا من شيء حكما ما، قابلوا ذلك بأن يعطوا المأخوذ منه حكما من أحكام صاحبه عمارة لبينهما وتتميما للشبه الجامع لهما. اهـ.

وقال السيوطي: إيقاع لفظِ موقع غيره لتضمنه معناه.

وقال ابن هشام: قد يُشربون لفظا معنى لفظ فيعطونه حكمه، وشممى ذلك تضمينا، وفائدته أن تؤدي كلمة مُؤدى كلمتين، ثم ذكر لذلك

أمثلة منها قوله تعالى: (وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) ضمن معنى (تُحرموه) فعدي إلى اثنين لا إلى واحد و (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ) ضمن معنى (تنووه) فعدي بنفسه لا بـ (على). و (لَا يَسَّمَّعُونَ

إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى) ضمن معنى (يُصغون) فعدي بـ (إلى). و (وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) ضمن معنى (يميز) فجيء بـ من. قال: وفائدة

ص: 93

التضمين أن يدل بكلمة واحدة على معنى كلمتين. وقال في معاني الباء: (وَقَد أَحسَنَ بِي) أي إليَّ وقيل: ضمن أحسن معنى لطف.

وقال ابن القيم: في قول اللَّه تعالى: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) يضمنون يشرب معنى يروى فيعدونه بالباء التي تطلبها فيكون ذلك دليلا على الفعلين أحدهما بالتصريح به والثاني بالتضمن والإشارة إليه بالحرف الذي يقتضيه مع غاية الاختصار، وهذا من بديع اللغة ومحاسنها وكمالها، وهذا أحسن من أن يقال: يشرب منها فإنه لا دلالة فيه على الري، وأن يقال: يروى بها لأنه لا يدل على الشرب بصريحه بل باللزوم، فإذا قال: يشرب بها، دل على الشرب بصريحه وعلى الري عن طريق الباء فتأمله.

وقال السيوطي: المتضمن معنى شيء لا يلزم أن يجري مجراه في كل شيء، ومن ثم جاز دخول الفاء في خبر المبتدأ المتضمن معنى الشرط نحو: الذي يأتيني فله درهم وامتنع في الاختيار جزمه عند البصريين ولم يجيزوه إلا في الضرورة وأجاز الكوفيون جزمه تشبها بجواب الشرط ووافقهم ابن مالك.

قال أبو حيان: ولم يسمع من كلام العرب الجزم في ذلك إلا الشعر.

زعم بعضهم أن التضمين بالمعنى الذي ذكره السعد، وهو جَعْل وصف الفعل المتروك حالا من فاعل المذكور، يسمى تضمينا بيانيا وأنه مقابل للنحوي وقيل: إن التضمين من باب المجاز، ويعتبر المعنى الحقيقي قيداً وهذا الذي اعتبره الزمخشري. فعلى مذهب السعد يقال: ولا تأكلوا أموالهم ضامّيها. وعلى مذهب الزمخشري: ولا تضموها إليها آكلين. وقيل: التضمين من الكناية، لفظ أريد به لازم معناه. والجمع بين الحقيقة والمجاز إنما يتأتى

ص: 94

على قول الأصوليين: إن قرينة المجاز لا يُشترط أن تكون مانعة. أما على قول البيانيين: فيشترط أن تكون القرينة مانعة، فقيل: التضمين حقيقة ملوحة لغيرها، وقيل: التضمين من باب المجاز، وقيل: التضمين من باب الكناية.

قال ابن تيمية: والعرب تضمن الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته، ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف، تقوم مقام بعض كما يقولون في قوله تعالى:(لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ) أي مع نعاجه و (مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ) أي مع الله. ونحو ذلك

والتحقيق ما قاله نحاة البصرة من التضمن فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها إلى نعاجه وكذلك قوله تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) ضمن معنى يزيغونك ويصدونك وكذلك قوله: (وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) ضمن معنى نجيناه وخلصناه. وكذلك قوله: (عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) ضمن يروى ونظائره كثيرة.

وقال الزركشي: التضمين إعطاء الشيء معنى الشيء وتارة يكون في الأسماء وفي الأفعال وفي الحروف فأما في الأسماء فهو أن تضمن اسما معنى اسم لإفادة معنى الاسمين جميعا كقوله تعالى: (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ) ضمن حقيق معنى حريص ليفيد أنه محقوق يقول الحق وهو حريص عليه. وأما الأفعال فأن تُضمن فعلا معنى فعل آخر ويكون فيه معنى الفعلين جميعا، وذلك بأن يكون الفعل يتعدى بحرف فيأتي متعديا بحرف

ص: 95

آخر ليس من عادته التعدي به، فيحتاج إما إلى تأويله أو تأويل الفعل ليصح تعديه به. واختلفوا أيهما أولى، فذهب أهل اللغة وجماعة من النحويين إلى أن التوسع في الحرف، وأنه واقع موقع غيره من الحروف أوْلى. وذهب المحققون إلى أن التوسع في الفعل وتعديته بما لا يتعدى لتضمنه معنى ما يتعدى بذلك الحرف أوْلى لأن التوسع في الأفعال أكثر. مثاله: قوله تعالى: (عَيْنًا يشَرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ) ضمن يشرب معنى يروى لأنه لا يتعدى بالباء فلذلك دخلت الباء، وإلا فيشرب يتعدى بنفسه وأريد باللفظ الشرب والري معا فجمع بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد، وقيل: التجوز في الحرف وهو الباء

فإنها بمعنى (مِنْ) وقيل: لا مجاز أصلا، بل العين ها هنا إشارة إلى المكان الذي ينبع منه الماء لا إلى الماء نفسه، نحو نزلت بعين فصار مكانا يشرب به.

وعلى هذا (فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ) قال الراغب: وهذا بخلاف المجاز، فإن فيه العدول عن مسماه بالكلية، ويراد به غيره كقوله تعالى:(جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) فإنه استعمل أراد في مقاربة السقوط لأنه من لوازم الإرادة، وأن من أراد شيئا فقد قارب فعله، ولم يرد باللفظ هذا المعنى الحقيقي الذي هو الإرادة ألبتَّةَ، والتضمين أيضا مجاز لأن اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا، والجمع بينهما مجاز خاص يسمونه بالتضمين تفرقة بينه وبين المجاز المطلق.

وقال الزركشي: يراعى في التعدية المحذوف. الرفث إلى: الإفضاء.

أتوا على: أشرفوا. يرد بإلحاد: يُهمّ، ثم قال: ولم أجد مراعاة الملفوظ إلا في موضعين: أحدهما؛ (يُقَالُ لَه وُ إِبرَاهيمُ) على قول ابن الضائع: أنه

ص: 96

ضمن يقال معنى ينادي، وأورد على نفسه كيف عدي باللام والنداء لا يتعدى به، وأجاب: بأنه روعي الملفوظ به وهو القول: قلت له. الثاني: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ) فإنه قد يقال: كيف يتعلق التكليف بالمرضع؟ وأجيب: بأنه ضمن حرم: المعنى اللغوي وهو المنع فاعترض كيف عدي بـ (على) والمنع لا يتعدى به؟ وأجيب بأنه روعي الملفوظ به وهو: (وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ) ثم نقل قول القاضي أبي بكر في كتابه إعجاز القرآن: هو حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم أو صفة هي عبارة عنه ثم قسمه إلى قسمين: أحدهما ما يفهم من البنية كقولك: معلوم، فإنه يوجب أنه لا بد من عالم، والثاني من معنى العبارة من حيث لا يصح إلا به كالصفة، فضارب يدل على مضروب. قال: والتضمين كله إيجاز وذكر أن (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) من باب التضمين لأنه تضمن تعليم الاستفتاح في الأمور باسمه على جهة التعظيم لله أو التبرك باسمه.

وفي كلام ياسين بن زين الدين العليمي في حاشيته على شرح التصريح على التوضيح ثمانية أقوال في التضمين:

الأول: أنه مجاز مرسل لأن اللفظ استمعل في غير معناه لعلاقة وقرينة.

الثاني: أن فيه جمعا بين الحقيقة والمجاز لدلالة المذكور على معناه بنفسه وعلى معنى المحذوف بالقرينة.

الثالث: أن الفعل المذكور مستعمل في حقيقته لم يُشرب معنى غيره - كما جرى عليه صاحب الكشاف - ولكن مع حذف حال مأخوذة من الفعل

ص: 97

الآخر المناسب بمعونة القرينة اللفظية كما ذكر السعد. وقال السيد: ذهب بعضهم إلى أن اللفظ مستعمل في معناه الحقيقي فقط، والمعنى الآخر مراد بلفظ محذوف يدل عليه ما هو من متعلقاته. وفيما مثل به جعل المحذوف أصلاً والمذكور مفعولا كـ أحمد إليك فلاناً أي أُنهي إليك حمده، يعني أن المذكور يدل على ذلك، كما يدل على الحال، وقد أراد السيد بيان وجه آخر ليفيد أن ذلك أمر اعتباري لا ينحصر فيما قاله السعد.

الرابع: أن اللفظ مستعمل في معناه الأصلي، فيكون هو المقصود أصالة، ولكن قصد بتبعيته معنى آخر، فلا يكون من الكناية ولا الإضمار.

الخامس: أن المعنيين مرادان على طريقة الكناية، فيراد المعنى الأصلي توصلا إلى المقصود، ولا حاجة إلى التقدير إلا لتصوير المعنى.

السادس: أن المعنيين مرادان على طريق عموم المجاز.

السابع: أن دلالته غير حقيقية ولا تجوز في اللفظ، وإنما التجوزُ في إفضائه إلى المعمول، وفي النسبة غير التامة. ونقل ذلك عن ابن جني وقال: ألا ترى أنهم حملوا النقيض على نقيضه فعدوه بما يتعدى به، كما عدوا (أسر) بالباء حملاً على (جهر)، و (فَضُل) بـ عن حملاً على (نَقَص) وقد علق هذا القول على الصحة.

الثامن: أنه لا بد في التضمين من إرادة معنيين في لفظ واحد على وجه يكون كل منهما بعض المراد، وبذلك يفارق الكناية فإن أحد المعنيين تمام المراد، والآخر وسيلة إليه، وهذا اختيار ابن كمال باشا وقد علق هذا القول على الثبوت.

وقال الدسوقي: مشيرا إلى قول ابن هشام (وفائدته أن تؤدي كلمة مؤدى كلمتين) ظاهر في أن الكلمة تستعمل في حقيقتها ومجازها والجمع بين الحقيقة والمجاز إنما يتأتى على قول الأصوليين: إن قرينة المجاز لا يشترط

ص: 98

أن تكون مانعة، أما على قول البيانيين فيشترط أن تكون القرينة مانعة فقيل: التضمين حقيقة ملوحة لغيرها.

وقال الصبان على الأشموني: إن التضمين النحوي إشراب كلمة معنى أخرى بحيث تؤدي المعنيين، والتضمين البياني تقدير حال تناسب الحرف وتمنع كون التضمين النحوي ظاهراً عن البياني، للخلاف في كون النحوي قياسياً وإن كان الأكثرون على أنه قياسي، كما في ارتشاف أبي حيان دون البياني.

وقال ابن كمال باشا: في رسالة له في التضمين: فالتضمين أن يقصد بلفظ معناه الحقيقي ويلاحظ معه معنى لفظ آخر يناسبه ويدل عليه بذكر شيء من متعلقات الآخر كقولك: أحمد إليك فلانا، فإنك لاحظت فيه مع الحمد معنى الإنهاء ودللت عليه بذكر صلته أعنى كلمة (إلى) كأنك قلت: أُنهي حمده إليك، وإنما أطلقت اللفظ لينتظم الاسم، فإن التضمين لا اختصاص له بالفعل، أفصح عن ذلك صاحب الكشاف في سورة الزخرف حيث قال في تفسير قوله تعالى:(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ) وضمن اسمه تعالى معنى وصف، فلذلك علق به الظرف في قوله: في السماء وفي الأرض كما تقول: هو حاتم في طيءٍ، حاتم في تغلب، على تضمين معنى الجود الذي اشتهر به، كأنَّك قلت: هو جواد في طيءٍ جواد في تغلب.

ولغفوله عن هذا قال الفاضل التفتازاني: وحقيقة التضمين أن يقصد بالفعل معناه الحقيقي مع فعل آخر يناسبه، وتبعه الفاضل الشريف حيث قال: التضمين أن يُقصد بلفظ فعل معناه الحقيقي. والقاعدة في التضمين أن يراد الفعلان معا قصداً وتبعاً لأن أحدهما مذكور بذكر صلته، ولأن ذكر الصلة غير لازم للتضمين

ص: 99

كما إذا ضمن اللازم معنى المتعدي، وتكون تعديته قرينة للتضمين، وبالجملة لابد في التضمين من إرادة معنيين من لفظ واحد على وجه يكون كل واحد منهما بعض المراد فبه تفارق الكناية، فإن أحد المعنيين فيها تمام المراد والآخر وسيلة لا يكون مقصوداً أصالة، وبما قررناه اندفع ما قيل: الفعل المذكور إن كان في معناه الحقيقي فلا دلالة على الفعل الآخر، وإن كان في معنى الفعل الآخر فلا دلالة على المعنى الحقيقي، وإن كان فيهما جميعا لزم الجمع بين الحقيقة والمجاز.

وقال الأستاذ حسين والي: والتضمين مبحث ذو شأن في العربية، وللعلماء في تخريجه طرق مختلفة فقال بعضهم: إنه حقيقة، وقال بعضهم: إنه مجاز، وقال آخرون: إنه كناية. وقال بعضهم: إنه جمع بين الحقيقة والمجاز على طريقة الأصوليين، لأن العلاقة عندهم لا يشترط فيها أن تمنع من إرادة المعنى الحقيقي، وقد وجدوا مخرجا من هذا فقالوا: التضمين حقيقة ملوحة لغيرها.

وقال الأستاذ محمد الخضر حسين: للتضمين غرض هو الإيجاز، وللتضمين قرينة هي تعدية الفعل بالحرف وهو يتعدى بنفسه أو تعديه بنفسه وهو يتعدى بالحرف. وللتضمين شرط هو وجود مناسبة بين الفعلين، وكثرة وروده في الكلام المنظوم والمنثور تدل على أنه أصبح من الطرق المفتوحة في وجه كل ناطق بالعربية متى حافظ على شرطه، فالكلام الذي يشمل على فعل عدي بحرف وهو يتعدى بنفسه، أو عدي بحرف وهو يتعدى بغيره يأتي على وجهين:

ص: 100

الوجه الأول: ألا يكون هناك فعل يناسب الفعل المنطوق به حتى تخرج الجملة على طريقة التضمين، ومثل هذا نَصِفه بالخطأ والخروج عن العربية ولو صدرت عن العارف بفنون الكلام.

الوجه الثاني: أن يكون هناك فعل يصح أن يقصد المتكلم لمعناه مع معنى الفعل الملفوظ، وبه يستقيم النظم، وهذا إن صدر ممن شأنه العلم بوضع الألفاظ العربية، ومعرفة طرق استعمالها، حُمل على وجه التضمين الصحيح كما قال سعد الدين التفتازاني: فشمرت عن ساق الجد إلى اقتناء ذخائر العلوم. والتشمير لا يتعدى بـ (إلى) فيحمل على أنه قد ضمن شمر معنى (الميل) الذي هو سبب التشمير عن ساق الجد. من هنا نعلم أن من يُخطئ العامة في أفعال متعدية بنفسها، وهم يعدونها بالحرف مصيب في تخطئته، وليس معنى هذا أن التضمين سائغ للعارف بطرق البيان دون غيره، إنما أريد أن العارف بوجود استعمال الألفاظ لا نبادر إلى تخطئته متى وجدنا لكلامه مخرجا من التضمين الصحيح.

وذكر أبو البقاء في كتابه الكليات عن بعض العلماء أن التضمين ليس من باب الكناية ولا من باب الإضمار بل من باب الحقيقة إذا قصد بمعناه الحقيقي معنى آخر يناسبه ويتبعه في الإرادة، وذكر عن بعضهم أن التضمين إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه وهو نوع من المجاز. ومن هذا الفن في اللغة شيء كثير لا يكاد يحاط به. فقوله هذا يوحي بأن التضمين قياسي وليس بسماعي.

والتضمين إلحاق مادة بأُخرى لتضمنها معناها باتحاد أو تناسب. وظاهر من هذا أن الكلمة تستعمل في حقيقتها ومجازها (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) أي يمتنعون بالحلف عنهم. وليس حقيقة الإيلاء الإ الحلف،

ص: 101

فاستعماله في الامتناع عن الوطء هو طريق المجاز، من باب إطلاق السبب على المسبب وبذلك جمع بين الحقيقة والمجاز. على رأي علماء الأصول: إن قرينة المجاز لا يشترط أن تكون مانعة بخلاف رأي البيانيين أنها مانعة فقالوا: التضمين حقيقة ملوحة بغيرها. فالتضمين من خلال النظريات الدلالية المعاصرة يحسن أن نتناوله بشيء من المرونة في تفسير اللفظ، فاللغة حياة، وألا نأخذ المعنى المعجمي المصبوب في قوالب جامدة فمعنى اللفظ يتعاون عليه السياق والمقام ولهذا السبب فرق علماء الأصول عند استنباط الأحكام بين نوعين من دلالة اللفظ. الدلالة الوضعية كما تواضع عليها علماء اللغة، والدلالة الإطلاقية أو الأصولية. فاللغة لا تنفرد بالدلالة دون تدخل قصد المتكلم ومقام البيان.

التضمين إذاً مجلى من مجالي الفكر تظهر فيه قدرة الألفاظ على اختزان المعاني، فاللفظ قد يشمل على معانٍ كثيرة، والتضمين يومئ إلى واحد منها أو أكثر بلمحة تدل عليه وفي التلويح غنى عن التصريح. وقد يَنشد المتكلم معنى من المعاني فلا يأتي باللفظ الدال عليه، بل بلفظ هو تبيعه أو رديفه، فإذا دل على التابع أبان عن المتبوع.

ص: 102