الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها أن عثمان لم ينكر على عبد الرحمن بن عوف طلاقه امرأته ثلاثا، ومنها أن أبا هريرة وابن عباس وعبد الله بن عمر، وعائشة وعبد الله بن الزبير لم ينكروا على من استفتى في طلاق الثلاث، ولم يعيبوا عليه ذلك، ولم يقل أحد منهم لمن استفتاه في ذلك بئس ما صنعت، وما روي من إنكار ابن عباس وغيره من الصحابة على من طلق امرأته مائة أو ألفا فإنما إنكاره لما زاد عما جعل إليه من الثلاث، وروي ما يوافق ذلك عن شريح والشعبي وغيرهما من التابعين (1) وقد يقال: يرد هذا ما روي عن عمر وابن عمر وابن عباس وعمران بن حصين أنهم أثموا من طلاق ثلاث، وقالوا: إنه عصى ربه، وتوعدوا من يطلق ثلاثا في مجلس واحد بالأذى كما روي عنهم ذلك فيمن تجاوز الثلاث في طلاقه، وإذا فليس الإنكار خاصا بما زاد على الثلاث (2).
وأما المعنى فإن الشرع قد جعل الطلاق إلى الزوج يمضي منه ما شاء ويبقى ما شاء، دون أن يكون عليه في ذلك حرج، كما أنه لا يحرم عليه أن يعتق ما شاء من عبده ويتصدق بما شاء من ماله، ويبقي من ذلك ما شاء بل له أن يأتي على ذلك كله، وأجيب بأن الأصل فيما ذكر أنه من القربات، فله أن يفعل من ذلك ما شاء، ويؤجر عليه ما لا يضر بنفسه، بخلاف الطلاق فإن الأصل فيه الحظر لما تقدم، ولأنه أبغض الحلال إلى الله، وقد شرع على صفة معينة، فينبغي التزامها في إيقاعه.
(1) ص - من البحث.
(2)
ص - من البحث.
المسألة الثانية: فيما يترتب على إيقاع الطلاق الثلاث بلفظ واحد
وفيه مذاهب
المذهب الأول أنه يقع ثلاثا
، وهو مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين من بعدهم، وقد استدلوا لذلك بأدلة من الكتاب والسنة والآثار، والإجماع والقياس.
أما الكتاب:
فمنه قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (1)؛ فإنه يدل على أنه إذا قال الزوج لامرأته: أنت طالق، أنت طالق، في طهر لزمه اثنتان، وإذا فيلزمه اثنتان إذا أوقعهما معا في كلمة واحدة (2)؛ لأنه لم يفرق بين ذلك أحد، وأيضا حكم الله بتحريمها عليه بعد الثالثة في قوله:{فَإِنْ طَلَّقَهَا} (3) الآية، ولم يفرق أحد بين إيقاعها في طهر أو أطهار، فوجب الحكم بإلزامه بالجميع على أي وجه أوقعه، مباح أو محظور، واعترض بأن المراد بالآية الطلاق المأذون فيه، وإيقاع الثلاث معا غير مأذون فيه، فكيف يستدل بها في الإلزام بطلاق وقع على غير الوجه المباح، وهي لم تتضمنه؟
(1) سورة البقرة الآية 229
(2)
وكذا الثلاث إذا أوقعها معا.
(3)
سورة البقرة الآية 230