الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الولايات المتحدة
إنه لمما يسعدني ويشرفني كرئيس لمنظمة الخدمة الإسلامية بولاية نيوجيرزي، ونائب رئيس الجمعيات الإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. . أن أتقدم بالشكر لرئيس وأعضاء الرابطة الإسلامية في مكة المكرمة على دعوتهم هذه التي أتاحت لي اللقاء بكم وعرض أوضاع المسلمين ومشاكلهم في ديار المهجر الأمريكي على مسامعكم الكريمة، للوقوف على تلك الأوضاع والمشاكل التي آمل من مجلسكم الكريم المساهمة في حل تلك المشاكل حتى تتقوى أواصر الإسلام والمسلمين في تلك البلاد ويبقى الإسلام عزيزا كريما في كل آن وزمان.
وقبل أن أعرض على مسامعكم الكريمة أوضاعنا ومشاكلنا أود أن أنقل إليكم أصالة عن نفسي ونيابة عن منظمة الخدمة الإسلامية في ديار المهجر تحيات المسلمين الحارة وتمنياتهم الطيبة آملين على الله أن يحقق هذا المؤتمر ما فيه صالح الإسلام والمسلمين، وأن يحقق على يديكم وأنتم قادة الإسلام في هذا الزمان ما يصبو إليه ديننا الحنيف من عز وسؤدد ومجد امتثالا لقوله تعالى:{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} (1) صدق الله العظيم.
وإنني إذ أستعرض أحوال المسلمين في ديار المهجر الأمريكي أود أن أنقل لمسامعكم الكريمة المعلومات التالية:
1 -
يزيد عدد المسلمين في ديار المهجر عن مليوني نسمة منتشرين في مختلف الولايات المتحدة ويزيد هذا العدد عاما بعد عام، ويتركز معظم المسلمين في الجهات الشمالية الشرقية من الولايات المتحدة وأخصها: ولاية نيوجيرزي، ونيويورك، وأوهايو، ومتشغان، وشيكاغو، وكذلك في الجهة الجنوبية الغربية منها مثل: كاليفورنيا، وتكساس، وسان فرانسيسكو، ولويزيانا، وفلوريدا، ويعمل معظمهم في التجارة الحرة وفي المصانع.
إن هؤلاء المهاجرين قدامى. . هاجر طلبا للعمل وبعضهم طلبا للعلم، وبعضهم حديثو الهجرة، والظروف التي أجبرتهم على النزوح لا بد وأنها معروفة لديكم أيها الأخوة الكرام، ولكن بسبب الظروف والأوضاع السائدة في وطننا الحبيب فلسطين وعلى أثر الاحتلال الإسرائيلي البغيض لبيت المقدس الشريف. . أجبر عدد كبير على النزوح هربا من التسلط اليهودي للشباب العربي المسلم، وخلال السنوات الثمان الماضية وعلى الأخص بعد حرب حزيران عام 1967 ازداد عدد المهاجرين من ديار المقدس الشريف ومن مختلف الأقطار العربية: كمصر، وسوريا، ولبنان، واليمن، والعراق بالإضافة إلى المسلمين الآخرين النازحين من مختلف الأقطار الإسلامية الأخرى: كتركيا، والباكستان والقارة الهندية، وجنوب شرق آسيا، والقوقاز، والدول الإفريقية وغيرها من بقية الأقطار التي يرزح المسلمون فيها تحت وطأة الظلم والطغيان وأخص ذلك دول شرق أوروبا: كيوغوسلافيا، وجنوب روسيا، والفلبين.
(1) سورة المنافقون الآية 8
أغلب المسلمين في ديار المهجر ضائعون في متاهة. . إذ لا رابطة تجمعهم ولا مركز يأويهم بسبب البيئة والمجتمع الذي يحيط بهم، مما جعل الكثيرين منهم ينخرطون في هذا المجتمع الغريب عن عاداتهم وتقاليدهم وعقيدتهم ودينهم حتى عهد قريب، عندما تنادي الرجال المثقفون منهم لعمل رابطة تجمع بينهم وتثبت في نفوسهم أواصر عقيدتهم ودينهم، فنشأت بعض المراكز الصغيرة انتشرت هنا وهناك يتخذها هؤلاء المسلمون كمجتمع للتعارف والتباحث في مختلف المجالات والشئون وتقوية الروابط وأواصر الدين الحنيف في نفوسهم، ومن خلال هذه المراكز ازداد الشعور لإيجاد رابطة أقوى تجمع بين هذه المراكز لزيادة الاتصال وتقوية الروابط بين مختلف الجاليات الإسلامية في الولايات المتحدة وكندا.
ويسرني أن أعلن على مسامعكم الكريمة أنه تم والحمد لله تكوين مجلس أعلى للتنسيق بين المنظمات الإسلامية الكبرى في أمريكا الشمالية ويعرف باسم " المجلس الإسلامي للتنسيق بين المنظمات الإسلامية " وفي تلك البلاد يعرف بـ " I. C. C. N. A " ولأول مرة التقت جميع المنظمات الإسلامية في تلك البلاد في هذا المجلس الإسلامي الأعلى لخدمة الإسلام
هذا عن أوضاع المسلمين في ديار المهجر، أما عن مشاكلهم فأود أن أعرض على مسامعكم أيها الأخوة الكرام أهم المشاكل التي نتعرض لها والتي تواجهنا ونعمل جاهدين على تذليلها بالرغم من المصاعب التي نتعرض لها.
1 -
المشاكل التي تواجهنا في إقامة الشعائر الدينية والصلاة الجامعة في مختلف المناسبات مثل: أيام الجمع والأعياد والوفيات.
2 -
مشاكل التعليم لأبناء المهاجرين الناشئين.
3 -
مشاكل الزواج والوفيات.
فبالنسبة للمشكلتين الأولى والثانية: أود أن أعرض على مسامعكم الكريمة أن المسجد في نشأته الأولى منذ قيام الإسلام كان مركز عبادة مثلما كان مركزا للتعليم، فكان المسلمون الأوائل يتخذون من المسجد مدرسة يتلقون فيها مبادئ الدين الحنيف واللغة والفقه الإسلامي على يد أئمة المسلمين العظام.
وما من أحد ينكر أثر المسجد في إحياء اللغة والدين وتخريج الأئمة والمتعلمين من المسلمين، والمسلمون
في أميركا بحاجة ماسة إلى إقامة المساجد هناك لاتخاذها مراكز عبادة ومراكز للتعليم.
وإنني أقترح إقامة مسجدين في أمريكا، وثالث في كندا، وذلك في الأماكن التي يزدحم ويكثر عدد المسلمين فيها ليكونوا قريبين من المسلمين وتحقيقا للغاية المنشودة من إقامة هذه المساجد أقترح أن يلحق بها بناء خاص لاتخاذه مدرسة لتعليم الناشئة من أبناء المسلمين أمور دينهم الحنيف ولغتهم العربية الفصحى مع ما يتطلب من إيجاد مكتبة عربية إسلامية خاصة تابعة للمسجد والمدرسة تضم مختلف المراجع والمصادر والكتب العلمية والأدبية الإسلامية؛ لتكون مرجعا لطلاب العلم وليكون الطالب على اطلاع تام بمختلف العلوم الدينية والآداب الإسلامية.
وأقترح أن يكون في المدرسة جناح خاص داخلي لهؤلاء الطلاب المسلمين، تذليلا للمصاعب التي قد تواجه المسلمين الذين يبعدون عن هذه المدارس أو المساجد وأن تبدأ المدرسة بصفوف أولية منظمة يتدرج الطالب فيها سنة بعد سنة من صف إلى صف حتى تكون مدرسة تامة ينال فيها الطالب من العلم ما يناله أخوه في وطننا الأم وحتى أن مستوى هذه المدارس لن يكون أقل من مستوى مثيلاتها في تلك البلاد المهجرية، وأقترح أن تدعهم المدرسة بمدرسين أكفاء مؤهلين لكل مادة من مواد الدراسة في هذه النقطة يتوفر مثل هؤلاء المعلمين والحمد لله ولذلك لا بد من المساهمة في توفير الأموال اللازمة ورصدها لهذه الغاية النبيلة.
أما بالنسبة للمشكلة الثالثة وهي الزواج والوفيات:
فبالنسبة للزواج: إن أهم ما يتعلق بهذه المشكلة هو اجتذاب الكتابيات لأبناء المسلمين في تلك البلاد أو هؤلاء الناشئة يتطلعون إلى تلك الكتابيات للزواج منهن: بحكم اختلاط البيئة والمجتمع أولا، وعدم توفر المرشدين الدينيين الذين يرشدونهم إلى الصراط السوي، فما من شك أن المدارس الأميريكية منذ الصفوف الأولى الابتدائية حتى الثانوية وفي الجامعات يكون الطلاب والطالبات فيها خليطا لذلك تنشأ عادات التعارف بما فيها من مساوئ بين هؤلاء الطلاب والطالبات بغض النظر عن دينهم وعقيدتهم، ولذلك ينجذب هؤلاء الطلاب المسلمين إلى التطلع للأجنبيات للزواج منهن، وفي هذه الحالة فإن المسلم عندما يتزوج من غير مسلمة كنصرانية أو يهودية أو ملحدة ويرتبط بها يبتعد ابتعادا كليا عن دينه ومجتمعه وعقيدته، ونكون بذلك قد خسرنا أبناءنا ونكون مسئولين أمام الله ورسوله والمؤمنين عن فسادهم وعن تحويلهم عن دينهم، بالإضافة إلى الجمعيات التبشيرية والدينية العلمانية التي تسلط أضواءها عليهم لاجتذابهم حيث تعرض عليهم بسخاء تام وتستدرجهم إلى الانضمام وراء تلك الجمعيات التي تهدف إلى القضاء على الإسلام والمسلمين.
وفي هذه المنطقة الهامة أحملكم المسئولية التامة أمام الله لإنقاذ هذا الجيل المسلم من براثن الفساد والطغيان التي يتعرضون لها في تلك البلاد فإذا ما ساهمتم في القضاء عليها بإتاحة الفرص المناسبة لهم. . نكون قد تحملنا جميعا المسئولية التامة ولا بد أنكم على علم تام بالعواقب الوخيمة المتربصة لديننا الحنيف إذا لم نعمل على إيقافها قبل فوات الأوان، وأحثكم أيها الإخوة الكرام على التجاوب معي في هذه النقطة لإنقاذ أبنائنا وإرشادهم إلى الصراط المستقيم قبل فوات الأوان، وأحثكم أيها الأخوة الكرام على التجاوب معي في هذه النقطة لإنقاذ أبنائنا وإرشادهم إلى الصراط المستقيم وأكرر على مسامعكم قوله تعالى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (1) صدق الله العظيم، لذلك لا بد من إرشاد الشباب المسلم وهدايته إلى أمور دينه ودنياه في كل ما يتعرض له حتى يتطلع أولئك الشباب المسلم إلى الزواج من المسلمات حسب تقاليدنا وشريعتنا السمحاء فنكون بذلك قد حققنا الغاية الكبرى من الحفاظ على ديننا وإسلامنا ونسلنا في المستقبل.
وأما بالنسبة للوفيات:
وحين ينتقل المسلم إلى جوار ربه في تلك البلاد تجري له المراسم للدفن حسب الطريقة المتبعة في تلك البلاد وهي الطريقة غير الإسلامية بسبب افتقار المسلمين لإيجاد الأماكن الإسلامية لتجهيز الميت ودفنه على الطريقة الإسلامية الشرعية، ولذلك أقترح إيجاد غرفة خاصة ضمن أبنية المسجد المقترح لهذه الغاية.
إنني إذ أعرض على مسامعكم هذه الأوضاع والمشاكل والمقترحات أنقلها إليكم بأمانة وإخلاص تأمين حسب معرفتي ومشاهدتي وخبرتي الطويلة حيث إنني موجود في تلك البلاد ما ينوف عن ربع قرن، وما زلت في تلك البلاد متحملا بشرف كبير الإشراف على الأوضاع وحل مشاكل المسلمين هناك أود أن أجزم القول على مسامعكم الكريمة أنه إذا أردنا حل مشاكل المسلمين المعروضة هذه. . لا بد وأن نعمل جاهدين على تذليلها حسب ما اقترحته عليكم وإذا ساهمتم معي بشرف وإخلاص تامين نكون قد حققنا الغاية المنشودة لإعلاء صرح الإسلام والمسلمين في تلك البلاد المهجرية، وتكونوا قد عملتم على ما أوجبه ديننا الحنيف وما أمر به رسولنا الكريم بأن المسلم للمسلم وأن المسلم أخ المسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، وإنني واثق من تجاوبكم الكريم ومساهمتكم الفعالة، وقبل أن أختم رسالتي هذه أود من صميم قلبي أن أشكر كل فرد فيكم وأحييكم تحية إسلامية حارة كما أكرر شكري العميق لسكرتير عام الرابطة وصاحب المعالي الشيخ محمد صالح القزاز ومساعديه وأعضاء الرابطة الإسلامية في مكة المكرمة الذين أتاحوا لي هذه الفرصة الكريمة للالتقاء بكم في هذا الاجتماع العتيد، وأعاهدكم أنني سوف أعمل جاهدا على إعلاء كلمة الله، وإشادة صرح الإسلام
(1) سورة التوبة الآية 105
والمسلمين في تلك البلاد ما وسعني من قوة وجهد، معتمدا على الله وعلى مساهمتكم الفعالة لنصرة ديننا الحنيف والله يحفظكم ويرعاكم سندا للإسلام وذخرا للمسلمين، {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (1)
كما أنني قد حملت أن أنقل سلامات وتحيات مسلمي مدينة باترسون في ولاية نيوجرسي الأمريكية لصاحب الجلالة الملك خالد بن عبد العزيز المعظم على دعمه ومساعدته في إنشاء المركز الإسلامي فيها، ويتجهون بكل الامتنان لصاحب المعالي الشيخ الجليل محمد صالح القزاز الأمين العام للرابطة على المساعدات التي تقدمها الرابطة للمسلمين هنا وفي جميع أمريكا والعالم، كما أنهم يطلبون الغفران والرحمة للملك المسلم الشهيد فيصل بن عبد العزيز طيب الله ثراه وأدخله فسيح جناته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
(1) سورة محمد الآية 7