الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم (1)» - وهو في الصحيح - صريح في عموم الشفعة في كل عقار لم يقسم سواء أمكنت قسمته بلا ضرر أم لا.
ومن جهة المعنى الذي أثبت الشارع الشفعة فيه للشريك لإزالة ضرر الشركة وهذا المعنى موجود في الأرض التي لا يمكن قسمتها أكثر من غيرها لتمكنه في غيرها بإزالة ضرر الشركة في القسمة فيما يقسم بلا ضرر وأما ما لا يمكن قسمته إلا بضرر فهو أعظم ضررا من غيره فكيف لا تثبت به وهذا هو الصحيح وهو أحد القولين في مذهب الإمام أحمد. اهـ (2)
(1) صحيح البخاري الشفعة (2257)، صحيح مسلم المساقاة (1608)، سنن النسائي البيوع (4701)، سنن أبو داود البيوع (3514)، سنن ابن ماجه الأحكام (2499)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 399)، سنن الدارمي البيوع (2628).
(2)
الفتاوى السعدية ص437.
الاشتراك في المنقولات
لا يخلو أمر المنقول من حالين: إما أن يكون متصلا بالأرض كالبناء والغراس مما يباع مع الأرض فهذا يؤخذ بالشفعة تبعا لأصله قال ابن قدامة رحمه الله بعد أن حكاه قولا واحدا في المذهب بغير خلاف: ولا نعرف فيه بين من أثبت الشفعة خلافا. اه (1).
وإما أن يكون منفصلا عنه: كالزرع والثمرة وغيرهما من المنقولات، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الشفعة لا تثبت فيه تبعا ولا منفردا لأن الشفعة بيع في الحقيقة وما كان منفصلا لا يدخل في البيع تبعا.
قال الشربيني في شرحه قول صاحب المنهاج: لا تثبت في منقول. ما نصه: لا تثبت الشفعة في منقول كالحيوان والثياب سواء أبيعت وحدها أم مضمومة إلى أرض للحديث المار فإنه يخصها بما تدخله القسمة والحدود والطرق وهذا لا يكون في المنقولات، ولأن المنقول لا يدوم بخلاف العقار فيتأبد فيه ضرر المشاركة والشفعة تملك بالقهر فناسب مشروعيتها عند شدة الضرر، والمراد بالمنقول ابتداء لتخرج الدار إذا انهدمت بعد ثبوت الشفعة فإن نقضها يؤخذ بالشفعة. اهـ.
وقال أيضا في شرحه قول صاحب المنهاج: وكذا ثمر لم يؤبر في الأصح. ما نصه: ويأخذ الشفيع الشجر بثمرة حدثت بعد البيع ولم تؤبر عند الأخذ لأنها قد تبعت الأصل في البيع فتبعته في الأخذ بخلاف ما إذا أبرت عنده فلا يأخذها لانتقاء التبعية. أما المؤبرة عند البيع إذا دخلت بالشرط فلا تؤخذ لما سبق من انتفاء التبعية فتخرج بحصتها من الثمن. اه (2).
وقال ابن قدامة رحمه الله القسم الثاني ما لا تثبت فيه الشفعة تبعا ولا مفردا وهو الزرع والثمرة الظاهرة تباع مع الأرض فإنه لا يؤخذ بالشفعة مع الأصل، ثم ذكر توجيه ذلك بقوله: لأنه لا يدخل في البيع
(1) المغني ج5 ص258.
(2)
مغني المحتاج ج2 ص296 - 297.
تبعا فلا يؤخذ بالشفعة كقماش الدار وعكسه البناء والغراس وتحقيقه أن الشفعة بيع في الحقيقة لكن الشارع جعل له سلطان الأخذ بغير رضا المشتري فإن بيع الشجر وفيه ثمرة غير ظاهرة كالطلع غير المؤبر دخل في الشفعة لأنها تتبع في البيع فأشبهت الغراس في الأرض، وأما ما بيع مفردا من الأرض فلا شفعة فيه سواء كان مما ينقل كالحيوان والثياب والسفن والحجارة والزرع والثمار أو لا ينقل كالبناء والغراس إذا بيع مفردا وبهذا قال الشافعي وأصحاب الرأي. اهـ (1).
وذهب الحنفية إلى أن الثمرة في الأرض تابعة للأرض في استحقاق الشفعة استحسانا إذا شرطها المبتاع، وأما القياس فإن الشفيع لا يأخذها لأنها في حكم المنفصل أشبه المتاع في الدار قال في الهداية: ومن ابتاع أرضا وعلى نخلها ثمر أخذها الشفيع بثمرها، ومعناها إذا ذكر الثمر في البيع لأنه لا يدخل من غير ذكر وهذا الذي ذكره استحسان، وفي القياس لا يأخذه لأنه ليس يتبع، ألا يرى أنه لا يدخل في البيع من غير ذكر فأشبه المتاع في الدار، وجه الاستحسان أنه باعتبار الاتصال صار تبعا للعقار كالبناء في الدار وما كان مركبا فيه فيأخذه الشفيع. اه (2). وأما ما كان منفصلا عن الأرض كأثاث الدار والعروض والسفن والحيوانات وغير ذلك من المنقولات فلا شفعة فيها لأن الشفعة إنما وجبت لدفع ضرر سوء الجوار على الدوام والملك في المنقول لا يدوم مثل دوامة في العقار فلا تلحق به (3).
واختلفت الروايات عن الإمام مالك رحمه الله في الثمرة على الأرض هل تؤخذ بالشفعة أم لا؟ قال ابن رشد: فتحصيل مذهب مالك أنها في ثلاثة أنواع: أحدها مقصود وهو العقار من الدور والحوانيت والبساتين. . والثاني ما يعلق بالعقار مما هو ثابت لا ينقل ولا يحول كالبئر. . والثالث ما تعلق بهذه كالثمار وفيها عنه خلاف. اه (4).
وقد ذكر ابن رشد: في مقدماته أن النخل يوم الابتياع لا تخلو من ثلاثة أوجه، الأول: ألا يكون فيها ثمرة أصلا أو يكون فيها ثمرة إلا أنها لم تؤبر، وهذه الحال لا خلاف في أن الشفيع يأخذ النخل بثمرته، الثاني أن يكون فيها يوم الابتياع ثمرة مؤبرة وقد ذكر الخلاف في استحقاق الثمرة تبعا للأصل فذكر أن قول المدنيين في المدونة وهو قول أشهب وأكثر الرواة أنه لا حق للشفيع في الثمرة إذا لم يدركها حتى أبرت وأصل الخلاف في ذلك هل الأخذ بالشفعة كالأخذ بالبيع أو أن الثمرة تصير غلة بالإبار، الثالث أن يكون في النخل يوم الابتياع ثمرة قد أزهت وهذا الوجه كالوجه الثاني فيه الخلاف بين أصحاب مالك وقد قال ابن القاسم في المدونة: أن الشفيع أحق بها ما لم تجد ويأخذها الشفيع بحكم الاستحقاق لا بحكم الشفعة (5). .
(1) المغني ج5 ص258.
(2)
الهداية ج4 ص34.
(3)
فتح القدير لابن الهمام ج7 ص434.
(4)
بداية المجتهد ج2 ص254
(5)
مقدمات ابن رشد ج2 ص586 - 589