الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السفر وإفطار رمضان
حكم التوسل إلى الله بالأنبياء والصالحين
فتوى رقم 1328 بتاريخ 9/ 7 / 1396
وورد إلى اللرئاسة العامة استفتاء يشتمل على سؤالين وقد أجابت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عليهما متبعة كل سؤال بجوابه: -
س1 - هل يشترط لترخص المسافر في سفره بالفطر في رمضان أن يكون سفره على الرجل أو على الدابة أو ليس هناك فرق بين الراجل وراكب الدابة وراكب السيارة أو الطائرة؟ وهل يشترط أن يكون في السفر تعب لا يستطيع الصائم تحمله؟ وهل الأحسن أن يصوم المسافر إذا استطاع أو الأحسن له الفطر؟
ج1 - يجوز للمسافر سفر قصر أن يفطر في سفره سواء كان ماشيا أو راكبا وسواء كان ركوبه بالسيارة أو الطائرة أو غيرهما وسواء تعب في سفره تعبا لا يتحمل معه الصوم أو لو يتعب، اعتراه جوع وعطش أو لم يصبه شيء من ذلك؛ لأن الشرع أطلق الرخصة للمسافر سفر قصر في الفطر وقصر الصلاة ونحوهما من رخص السفر ولم يقيد ذلك بنوع من المركب، ولا بخشية التعب أو الجوع أو العطش، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون معه في غزوه في شهر رمضان فمنهم من يصوم ومنهم من يفطر ولم يعب بعضهم على بعض لكن يتأكد على المسافر الفطر في شهر رمضان إذا شق عليه الصوم لشدة حر أو وعورة مسلك أو بعد شقة وتتابع سير مثلا، فعن أنس كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فصام بعض وأفطر بعض فتحزم المفطرون وعملوا وضعف الصائمون عن بعض العمل، فقال:" ذهب المفطرون اليوم بالأجر " وقد يجب الفطر في السفر لأمر طارئ يوجب ذلك كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ونحن صيام قال: فنزلنا منزلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم (1)» . فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من افطر، ثم نزلنا منزلا آخر، فقال:«إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا " وكانت عزمة، فأفطرنا، ثم قال: لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في السفر (2)» . رواه مسلم. وكما في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فرأى رجلا قد اجتمع الناس عليه، وقد ظلل عليه فقال: " ماله؟ " قالوا: رجل صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس البر أن تصوموا في السفر (3)» . رواه مسلم.
(1) صحيح مسلم الصيام (1120)، سنن أبو داود الصوم (2406).
(2)
صحيح مسلم الصيام (1120)، سنن أبو داود الصوم (2406).
(3)
صحيح البخاري الصوم (1946)، صحيح مسلم الصيام (1115)، سنن النسائي الصيام (2258)، سنن أبو داود الصوم (2407)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 317)، سنن الدارمي الصوم (1709).
س2 - هل يجوز للمسلم أن يتوسل على الله بالأنبياء والصالحين، فقد وقفت على قول بعض العلماء أن التوسل بالأولياء لا بأس به؛ لأن الدعاء فيه موجه إلى الله، ورأيت لبعضهم خلاف ما قال هذا، فما حكم الشريعة في هذه المسألة؟
ج2 - الولي كل من آمن بالله واتقاه ففعل ما أمره الله سبحانه به قال تعالى {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (1){الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} (2) وانتهى عما نهاه عنه، والتوسل إلى الله بأوليائه أنواع: -
الأول: أن يطلب إنسان من الولي الحي أن يدعو الله له بسعة رزق أو شفاء من مرض أو هداية وتوفيق ونحو ذلك فهذا جائز، ومنه طلب بعض الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم حينما تأخر عنهم المطر أن يستسقي لهم. فسأل صلى الله عليه وسلم ربه أن ينزل المطر فاستجاب دعاءه وأنزل عليهم المطر، ومنه
(1) سورة يونس الآية 62
(2)
سورة يونس الآية 63
استسقاء الصحابة بالعباس في خلافة عمر رضي الله عنهم وطلبهم منه أن يدعو الله بنزول المطر فدعا العباس ربه وأمن الصحابة على دعائه، إلى غير هذا مما حصل زمن النبي صلى الله عليه وسلم من طلب مسلم من أخيه المسلم أن يدعو له ربه بجلب نفع أو كشف ضر.
الثاني: أن ينادي الله متوسلا إليه بحب نبيه واتباعه إياه وبحبه لأولياء الله بأن يقول: اللهم إني أسألك بحبي لنبيك واتباعي له وبحبي لأوليائك أن تعطيني كذا، فهذا جائز لأنه توسل من العبد إلى ربه بعمله الصالح ومن هذا ما ثبت من توسل أصحاب الغار الثلاثة بأعمالهم الصالحة.
الثالث: أن يسأل الله بجاه أنبيائه أو ولي من أوليائه بأن يقول اللهم إني أسألك بجاه نبيك أو بجاه الحسين مثلا فهذا لا يجوز؛ لأن جاه أولياء الله وإن كان وجيها عند الله وخاصة حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم غير أنه ليس سببا شرعيا ولا عاديا لاستجابة الدعاء، ولهذا عدل الصحابة حينما أجدبوا عن التوسل بجاهه صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستسقاء إلى التوسل بدعاء عمه العباس مع أن جاهه عليه الصلاة والسلام فوق كل جاه، ولم يعرف عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم توسلوا به صلى الله عليه وسلم بعد وفاته وهم خير القرون وأعرف الناس بحقه وأحبهم له.
الرابع: أن يسأل العبد ربه حاجته مقسما بوليه أو بنبيه أو بحق نبيه أو أوليائه بأن يقول: اللهم إني أسألك كذا بوليك أو بحق نبيك فلان فهذا لا يجوز، فإن القسم بالمخلوق على المخلوق ممنوع وهو على الله الخالق أشد منعا ثم لا حق لمخلوق على الخالق بمجرد طاعته له سبحانه حتى يقسم به على الله.
هذا هو الذي تشهد له الأدلة وهو الذي تصان به العقيدة الإسلامية وتسد به ذرائع الشرك. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.