الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملخص قرار هيئة كبار العلماء المتعلق بمسالة النشوز والخلع
بعد: اطلاع المجلس على ما أعد من قبل اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء من أقوال أهل العلم وأدلتهم ومناقشتها وبعد تداول الرأي في ذلك قرر المجلس بالإجماع ما يلي: أن يبدأ القاضي بنصح الزوجة وترغيبها في الانقياد لزوجها وطاعته وتخويفها من إثم النشوز وعقوبته وأنها إن أصرت فلا نفقة لها عليه ولا كسوة ولا سكنى، ونحو ذلك من الأمور التي يرى أنها تكون دافعة الزوجة إلى العودة لزوجها، ورادعة لها من الاستمرار في نشوزها، فإن استمرت على نفرتها وعدم الاستجابة عرض عليهما الصلح، فإن لم يقبلا ذلك نصح الزوج بمفارقتها وبين له أن عودتها إليه أمر بعيد، ولعل الخير في غيرها ونحو ذلك مما يدفع الزوج إلى مفارقتها، فإن أصر على إمساكها وامتنع من مفارقتها واستمر الشقاق بينهما بعث القاضي حكمين عدلين ممن يعرف حالة الزوجين من أهلهما حيث أمكن ذلك، فإن لم يتيسر فمن غير أهلهما ممن يصلح لهذا الشأن، فإن تيسر الصلح بين الزوجين على أيديهما فبها وإلا أفهم القاضي الزوج أنه يجب عليه مخالعتها على أن تسلمه الزوجة ما أصدقها، فإن أبى أن يطلق حكم القاضي بما رآه الحكمان من التفريق بعوض أو بغير عوض، فإن لم يتفق الحكمان أو لم يوجدا وتعذرت العشرة بالمعروف بين الزوجين نظر القاضي في أمرهما وفسخ النكاح حسبما يراه شرعا بعوض أو بغير عوض، والأصل في ذلك الكتاب والسنة والأثر والمعنى.
أما الكتاب فقوله تعالى {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (1) ويدخل في هذا العموم الزوجان في حالة النشوز والقاضي إذا تولى النظر في دعواهما، وقوله تعالى:{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} (2) الآية، والوعظ كما يكون من الزوج لزوجته الناشز يكون من القاضي لما فيه من تحقيق المصلحة.
وقوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (3) فكما أن الإصلاح مشروع إذا كان النشوز من الزوج فهو
(1) سورة النساء الآية 114
(2)
سورة النساء الآية 34
(3)
سورة النساء الآية 128
مشروع إذا كان من الزوجة أو منهما.
وقوله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} (1) الآية وهذه الآية عامة في مشروعية الأخذ بما يريانه من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض.
وأما السنة فما روى البخاري في الصحيح عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما «قال: جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أنقم على ثابت في دين ولا خلق إلا أني أخاف الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفتردين عليه حديقته؟ " قالت نعم، فردت عليه فأمره ففارقها (3)» .
وقوله صلى الله عليه وسلم «لا ضرر ولا ضرار (4)» فهذا يدل بعمومه على مشروعية الخلع عند عدم الوئام بين الزوجين وخشية الضرر.
وأما الأثر فما رواه عبد الرازق عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال بعثت أنا ومعاوية حكمين قال معمر بلغني أن عثمان بعثهما وقال إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا. ورواه النسائي أيضا.
وما رواه الدارقطني من حديث محمد بن سيرين عن عبيدة قال جاء رجل وامرأة إلى علي مع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها وقال للحكمين هل تدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا فاجمعا وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما فقالت المرأة رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الزوج: أما الفرقة فلا. فقال علي: كذبت والله لا تبرح حتى تقر بمثل الذي أقرت به.
ورواه النسائي في السنن الكبرى ورواه الشافعي والبيهقي وقال ابن حجر: إسناده صحيح، وما أخرجه الطبري في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في الحكمين أنه قال: فإن اجتمع أمرهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز.
وأما المعنى: فإن بقاءها ناشزا مع طول المدة أمر غير محمود شرعا لأنه ينافي المودة والإخاء وما أمر الله من الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان مع ما يترتب على الإمساك من المضار والمفاسد والظلم والإثم وما ينشأ عنه من القطيعة بين الأسر وتوليد العداوة والبغضاء، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه. . .
(1) سورة النساء الآية 35
(2)
سورة البقرة الآية 229
(3)
صحيح البخاري الطلاق (5277)، سنن النسائي الطلاق (3463)، سنن ابن ماجه الطلاق (2056).
(4)
سنن ابن ماجه الأحكام (2340)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 327).