المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الخلاصة معنى كل من النشوز والخلع لغة وشرعا أولا (أ) النشوز مصدر - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌التضامن الإسلامي

- ‌دور عالمي لرسالة عالمية

- ‌تصدير

- ‌البحوث

- ‌حكمالطلاق الثلاثبلفظ واحد

- ‌القول الثاني: أن جمع الثلاث ليس بمحرم

- ‌المسألة الثانيةما يترتب على إيقاع الطلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌المذهب الأول أن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثا بلفظ واحد وقعت ثلاثا دخل بها أو لا

- ‌المذهب الثانيإن الرجل إذا طلق زوجته ثلاثا بلفظ واحد وقعت واحدة دخل بها أو لا

- ‌المذهب الثالث يقع في المدخول بها ثلاثا وبغير المدخول بها واحدة

- ‌المذهب الرابع: عدم وقوع الطلاق مطلقا

- ‌الخلاصة

- ‌المسألة الأولى: في حكم الإقدام على جمع الثلاث بكلمة واحدة

- ‌المسألة الثانية: فيما يترتب على إيقاع الطلاق الثلاث بلفظ واحد

- ‌المذهب الأول أنه يقع ثلاثا

- ‌المذهب الثانيإن الطلاق الثلاث دفعة واحدة يعتبر طلقة واحدة

- ‌المذهب الثالثأن الطلاق الثلاث يمضي ثلاثا في المدخول بها وواحدة في غير المدخول بها

- ‌المذهب الرابع:أنه لا يعتد به مطلقا

- ‌مصادر بحث الطلاق الثلاث بلفظ واحد:

- ‌القرار

- ‌ النشوز والخلع

- ‌النشوز قد يكون من الرجل وقد يكون من المرأةوقد يدعيه كل منهما على صاحبه

- ‌ مصالحة المرأة زوجها

- ‌ الكلام عن الخلع

- ‌حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخلع

- ‌ الحكمين كيف يعملان

- ‌ بعث الحكمين

- ‌الخلاصة

- ‌ملخص قرار هيئة كبار العلماء المتعلق بمسالة النشوز والخلع

- ‌الشفعة بالمرافق الخاصة

- ‌الشفعة في الاصطلاح الشرعي

- ‌مشروعية الشفعة

- ‌دفع شبه القول بمنافاتها للقياس

- ‌الحكمة في مشروعية الشفعة

- ‌الاشتراك فيما لا يقبلالقسمة من العقار

- ‌الاشتراك في المنقولات

- ‌ الجوار

- ‌أدلة القائلين بقصر الشفعة على الشريك في المبيعدون الجار. . . أو الشريك في حق المبيع

- ‌أدلة القائلين بثبوت الشفعةبحق المبيع والجوار

- ‌المناقشة

- ‌ الشفعة فيما انتقل إلى الغير بعوض غير مسمى

- ‌الشفعة بشركة الوقف

- ‌شفعة غير المسلم

- ‌شفعة غير المكلف من صبي أو مجنون

- ‌شفعة الغائب

- ‌شفعة الوارث

- ‌الدعوة الإصلاحية فيالجزيرة العربيةوحركة الجامعة الإسلامية

- ‌الحرب والصلح فيالإسلام

- ‌الوضع العام

- ‌مفاجأة محزنة

- ‌احترام البيت

- ‌بدء المفاوضات

- ‌ساعة الصفر

- ‌بوادر السلم تلوح في الأفق

- ‌تنفيذ العقد يبدأبمفاجأة غريبة

- ‌افتراء مغرضحولسعد بن معاذ

- ‌الأمومةفي حياة النبي ووصاياهونظرة على دورها في البناء والتوجيه

- ‌نشيد الفرحبمقدمالنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌تعيين مواقيت الصلاة في أي زمان ومكان على سطح الأرض

- ‌مقدمة

- ‌تحديد الشرع الإسلامي لمواقيتالصلاة

- ‌وقت الظهر

- ‌وقت العصر

- ‌وقت المغرب

- ‌وقت العشاء

- ‌وقت الصبح

- ‌الربط بين تحديد الشرع والفلك والحسابلتبين مواقيت الصلاة

- ‌المعادلات الرياضية لحساب مواقيت الصلاة

- ‌بيان المصطلحات الفلكية والرموز الخاصة

- ‌ الأقطاب والنقط الأساسية

- ‌الدوائر العظمى

- ‌الزوايا الرئيسية

- ‌المثلث الفلكي

- ‌تعيين المعادلات الرياضية لحساب مواقيت الصلاة لكل واحدة من الفروض الخمسة

- ‌أولا وقت الظهر

- ‌ثانيا وقت الشروق والغروب

- ‌ثالثا وقت الفجر والعشاء

- ‌رابعا وقت العصر

- ‌استعمال الحاسب الإليكتروني 45 ( H. P)في حل المعادلات المذكورة

- ‌استعمال الرسم البياني لتعيينلمواقيت الصلاة

- ‌كيفية استعمال المنحنى لتعيينالوقت المطلوب

- ‌تحويلالوقت الزواليوقت غروبي

- ‌ الفتاوى

- ‌في النذر

- ‌في الصيام

- ‌في الأضحية وصلاة العيد

- ‌في اللحم المذبوح ببلاد الكفاروأهل الكتاب

- ‌حكم الحلف بغير اللهحكم لبس الباروكة للزوجحكم حلق المرأة رأسها وحواجبها

- ‌السفر وإفطار رمضانحكم التوسل إلى الله بالأنبياء والصالحين

- ‌في قراءة القرآن من أجل التكسب

- ‌ المؤتمر السادس لجمعية التعليم لعموم الهند

- ‌مؤتمرات

- ‌الفائدة الأولى: إذ قال لزوجته أنت طالق أو نحوه من الصريح

- ‌الفائدة الثانية: إذا وقع به الطلاق فكم طلقة تقع به

- ‌كتب تصدر قريبا

- ‌أساليب القسم والشرط في القرآن

- ‌الولايات المتحدة

- ‌إنجلترا

الفصل: ‌ ‌الخلاصة معنى كل من النشوز والخلع لغة وشرعا أولا (أ) النشوز مصدر

‌الخلاصة

معنى كل من النشوز والخلع لغة وشرعا

أولا (أ) النشوز مصدر نشز ينشز بضم الشين وكسرها في المضارع، معناه ارتفع، وهو مأخوذ من النشز بسكون الشين وفتحها، وهو ما ارتفع من الأرض، ويطلق أيضا على ما ارتفع عن الوادي إلى الأرض، وليس بالغليظ، وقال أبو عبيد: النشز الغليظ الشديد، ويجمع النشز مطلقا عن أنشاز ونشوز، وقيل يجمع ساكن الشين على نشوز ومفتوحها عن أنشاز ونشاز بكسر النون ويتعدى بالهمزة فيقال: أنشز عظام الميت إنشازا إذا رفعها إلى مواضعها، وركب بعضها على بعض، ومنه قوله تعالى {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} (1) ويطلق النشوز على النهوض إلى الشيء بقوة ومنه قوله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا} (2) ويقال للدابة نشزة إذا لم يكد يستقر الراكب عليها ولا السرج على ظهرها. ونشوز الزوجين كراهية كل منهما الآخر، وسوء عشرته له، يقال: نشزت الزوجة بزوجها وعلى زوجها فهي ناشز أبغضته، وترفعت عليه وخرجت عن طاعته واستعصت عليه، ونشز الزوج على امرأته جفاها، وترفع عليها لبغضه إياها، وقد يقضي هذا إلى طلاقها، أو منعها حقها في المبيت أو النفقة مثلا.

(ب) الخلع مصدر خلع يخلع على وزن منع يمنع، ويطلق لغة على معان، منها: فصل القبيلة لرجل منها لسوء حاله حتى لا تتحمل جريرته، وهو خليع ومخلوع، ويطلق على التواء العرقوب وانتقاله عن محله، ويطلق على خلع الملابس، ويطلق بمعنى النزع إلا أنه أقل منه شدة، ويطلق على فصم عروة النكاح وإنهاء الحياة الزوجية، وكلها تدور على معنى الفصل، وخص في الشرع بفصم عقدة النكاح ومفارقة الرجل زوجته بعوض منها أو من غيرها.

ثانيا: إذا لم يعاشر الرجل زوجته بالمعروف بأن جفاها أو ترفع عليها، أو قصر فيما وجب لها عليه من نفقة أو بيت مثلا، أو توقع من نفسه حصول ما يسوؤها فإن لم يكن ذلك عن إساءة منها إليه، فعليه أن يمسك عن ذلك، ويعاشرها بمعروف أو يفارقها بإحسان، ولا يجوز له أن يعضلها أو يضارها ليأخذ منها شيئا أو لتتنازل له عن بعض حقوقها، لقوله تعالى {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (3) وقوله:{وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (4)

(1) سورة البقرة الآية 259

(2)

سورة المجادلة الآية 11

(3)

سورة البقرة الآية 229

(4)

سورة النساء الآية 19

ص: 219

وللزوجة إذا تحققت من زوجها النشوز أو الإعراض عنها، أو توقعت ذلك منه، ورغبت في البقاء معه لمصلحة تراها، أن تصالح زوجها على التنازل عن بعض حقوقها عليه، أو على مال تدفعه إليه ليبقيها في عصمته، لقوله تعالى {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (1) ولقوله تعالى:{فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (2) ولأن سودة تنازلت عن ليلتها لعائشة لتبقى زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم فأقر ذلك، ولا حرج على الزوج فيما تصالحا عليه إلا أن يكون عن مضارة منه لها.

ثالثا: إذا نشزت المرأة فتركت الحقوق التي ألزمها الله بها لزوجها دون أن يكون منه إليها ما يسوؤها وعظها ثم هجرها ثم أدبها، فإن أطاعته عاشرها بالمعروف، وإلا جاز له أن يضارها حتى تفتدي نفسها منه فيطلقها أو يخالعها على عوض، سواء كان نشوزها ترفعا عليه أم امتناعها من فراشه أم قولها له: لا اغتسل لك من جنابة، ولا أطأ لك فراشا، ولا أبر لك قسما، أم كان خروجا من بيته بغير إذنه أم تمكينا لأحد من فراشه، أم زناها إلى غير هذا مما يدل على سوء العشرة، وقال أبو قلابة وابن سيرين لا يحل الخلع حتى يجد على بطنها رجلا.

ومنشأ الخلاف بينهما وبين الجمهور، الخلاف في المراد بالفاحشة في قوله تعالى {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (3) هل المراد بها خصوص الزنا أو كل ما يدل على سوء العشرة وترك الحقوق التي ألزمها الله لزوجها. وقال بكر بن عبد الله وعطاء والمالكية: لا يحل له أن يمسكها ويضيق عليها حتى تفتدي منه وإن أتت بفاحشة من زنا أو بذاء أو نشوز لعموم قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} (4) الآيتين وقوله {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (5) وادعوا أن الإذن في العضل إذا أتت بفاحشة منسوخ بهذه النصوص، وأجاب الجمهور عن ذلك بمنع النسخ، لا مكان الجمع بحمل الإذن في العضل والمضارة على ما إذا أتت بفاحشة، وحمل النهي عن المضارة وأخذ العوض على ما إذا لم يحصل منها نشوز.

وقيل: لا يجوز أخذ الزوج العوض منها إلا إذا خافا جميعا ألا يقيما حدود الله، لكراهية كل منهما الآخر لقوله تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (6) واختيار ابن جرير، واعترض عليه بأنه يلزمه ألا يحل للزوج أخذ الفدية إذا كان سوء العشرة

(1) سورة النساء الآية 128

(2)

سورة النساء الآية 4

(3)

سورة النساء الآية 19

(4)

سورة النساء الآية 20

(5)

سورة النساء الآية 4

(6)

سورة البقرة الآية 229

ص: 220

من قبلها فقط، وأجاب عنه بأن الأمر ليس كما ظن، فإن سوء عشرتها يقتضي كراهيته إياها وذلك يقتضي الخوف ألا يقيما حدود الله.

رابعا: اتفق العلماء على بعث حكمين إذا وقع الشقاق بين الزوجين ولم يعلم الناشز منهما أو كان كل منهما ناشزا فأبى الزوج أن يمسك بمعروف أو يسرح بإحسان وأبت الزوجة أن تؤدي الحقوق التي ألزمها الله عز وجل بها لزوجها، واتفقوا على أن أحد الحكمين يكون من أهل الزوج والآخر من أهلها إن أمكن وإلا فمن غيرهما حسب ما تقتضيه المصلحة، واتفقوا على أن الحكمين ينفذ ما رأياه في الصلح بينهما وعلى أنهما إذا اختلفا لم ينفذ قولهما، واختلفوا بعد ذلك في مسائل:

الأولى: اختلافهم في المخاطب ببعث الحكمين في قوله تعالى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (1) فقيل السلطان أو نائبه لأنه هو الذي إليه الفصل في الخصومات والأخذ على يد الظالم، وقيل المخطاب بذلك الزوجان، لأن الشأن شأنهما، وكل منهما أدرى بمن يحرص على استيفاء حقه والدفاع عنه، وقيل أولياء الزوجين، ويمكن أن يقال: إن الأمر ببعث الحكمين مطلق فإن قام به الزوجان فبها، وإلا بعث أولياؤهما من يقوم بالواجب، فإن لم يتم البعث من قبل أوليائهما تعين على السلطان أو نائبه بعثهما.

الثانية: اختلافهم في الحكمين، هل هما وكيلان أو بمنزلة القضاة. فقيل: هما وكيلان ينفذ قولهما فيما وكلا فيه فقط، لأن الطلاق بيد الزوج لا يملكه غيره إلا بتوكيل منه ولأن التعويض عن الطلاق لا يكون إلا برضا الزوجة وطيب نفسها، ولحديث علي، وفيه " فقال الرجل: أما الفرقة فلا فقال علي: والله لا تنقلب حتى تقر بمثل ما أقرت به المرأة " فاعتبر بذلك إذنه كما أذنت، وقيل هما حاكمان فينفذ قولهما إذ هما بمنزلة السلطان، والسلطان يطلق بالضرر إذا تبين كما في مسالة العنين، ولحديث علي فإنه قال للحكمين: هل تدريان ما عليكما، إن رأيتما أن تجمعا جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما. ولتسمية الله المبعوثين حكمين، والحكم كالقاضي ينفذ ما حكم به من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض رضي الزوجان بذلك أم كرها.

وقال بعض العلماء إذا بعث السلطان أو نائبه حكمين فليس لهما إلا النظر لمعرفة المسيء منهما والنصح لهما والإصلاح بينهما، فإن تم الصلح فبها، وإلا رفعا الأمر للسلطان أو نائبه، وكانا بمنزلة الشاهدين، أما الحكم فإلى السلطان أو نائبه دونهما.

الثالثة: هل الخلع طلاق أو فسخ، وهل ينفذ طلاق الحكمين إذا طلقا ثلاثا دون تفويض في ذلك من الزوج، وهل للزوج الرجعة بعد الخلع ما دامت المخالعة في العدة، وهل يجوز الخلع دون السلطان أو لا يكون إلا عن طريقه، وهل الخلع خاص بين الزوجين أو عام فيها وفي غيرها؟ في كل هذه المسائل خلاف.

خامسا: اختلف العلماء في مقدار ما يؤخذ من العوض في الخلع فقيل: لا يأخذ الزوج أكثر مما أعطاها لقوله صلى الله عليه وسلم لمن أرادت فراق زوجها " تردين

(1) سورة النساء الآية 35

ص: 221

إليه ما أخذت منه " قالت نعم وزيادة، فقال صلى الله عليه وسلم " أما الزيادة فلا " ويمكن أن يخصص عموم نصوص الافتداء بهذا الحديث، لما فيها من الاحتمال. وقيل: يجوز بأكثر مما أعطاها لعموم قوله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (1) ولما رواه الدارقطني عن أبي سعيد الخدري في مخالعة الأنصاري لأخته «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: " تردين عليه حديقته ويطلقك "، قالت نعم وأزيده، قال: " ردي عليه حديقته وزيديه (2)».

ويمكن أن يقال إن هذا الحديث مقابل لحديث منع الزيادة على ما أعطاها، وعلى هذا يتم الاستدلال بعموم الآية على جواز أخذه ما تراضيا عليه أو حكم به حاكم ولو كان أزيد مما دفع لها أو يقال: في كل من الحديثين مقال، فيتم الاستدلال بعموم الآية على ما ذكر.

سادسا: لم نقف على تحديد مدة تضرب للناشز، عقوبة لها وتأديبا أو زجرا لها عن النشوز عسى أن ترجع عن تقصريها في حقوق زوجها وتطيعه في أداء ما وجب عليها له شرعا، ويظهر أن ضرب مدة للنشوز وتحديدها من باب التعزير، وهو مما يختلف باختلاف الظروف والأحوال، وما يترتب عليه من أضرار قد تربو على سوء عشرتها للزوج وقد تنقص عنه، وما يرجى من جدوى التعزير وصلاح الأحوال به، وما يخشى من سوء عاقبة الزيادة في التعزير من توتر العلاقات بين أسر المجتمع، وما قد يحدث عن شدته للنواشز من الانحدار إلى ما لا تحمد مغبته.

سابعا: ذهب بعض العلماء إلى أن حكم ولي الأمر أو نائبه بما يراه من جمع أو تفريق بعوض أو بغير عوض نافذ سواء رضي الزوج بالطلاق أم أبى، ورضيت الزوجة بدفع العوض أم كرهت رعاية لمصلحة الأسرة خاصة ومصلحة المجتمع الإسلامي عامة، ورأوا أن هذا نظير التفريق بالعنة والإيلاء والعسر بالنفقة وطول الغيبة، وغير ذلك مما يلجأ فيه إلى التفريق لدفع المضرة والقضاء على مادة الفساد وذرائعه.

وذهب آخرون على أنه لا يجوز التفريق إلا برضا الزوج، لأن الطلاق جعل بيده شرعا فلا يكون إلا منه أو بتوكيله، ولا يجوز أخذ عوض من الزوجة عن الفراق إلا برضاها وعن طيب نفس منها، لعموم قوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (3) ولحديث: " إن «أموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا (4)» ولحديث «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه (5)» .

ويمكن أن يقال: إن هذه النصوص عامة دخلها التخصيص والاستثناء منها بالأدلة التفصيلية فليكن التفريق بالطلاق أو الفسخ من غير رضا الزوج، وكذا أخذ العوض من الزوجة مستثنى من عموم هذه

(1) سورة البقرة الآية 229

(2)

صحيح البخاري الطلاق (5273)، سنن النسائي الطلاق (3463)، سنن ابن ماجه الطلاق (2056).

(3)

سورة البقرة الآية 188

(4)

صحيح البخاري الفتن (7078)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1679)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 39)، سنن الدارمي المناسك (1916).

(5)

مسند أحمد بن حنبل (5/ 73).

ص: 222

النصوص كذلك بما ذكر من أدلة الرأي الأول، جمعا بين الأدلة بدلا من ضرب بعضها ببعض ومن وقوف المسلمين منها موقف الحيرة أو الاختلاف.

هذا ما تيسر إيراده، وبالله التوفيق، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. . .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو اللجنة

عضو

نائب الرئيس

رئيس اللجنة

عبد الله بن سليمان بن منيع

عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان

عبد الرزاق عفيفي

إبراهيم بن محمد آل الشيخ

ص: 223