الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيقال: غلا في النقص، كما سبق في قول اليهود في المسيح ابن مريم عليهما الصلاة والسلام، وكذلك في الزيادة إذا بالغ فيها كقول النصارى في المسيح ابن مريم.
والتطرف: الانحياز إلى طرفي الأمر، فيشمل الغلو، لكن الغلو أخص منه في الزيادة والمجاوزة، ليس فقط بمجرد البعد عن الوسط إلى الأطراف، أو بمعنى آخر: كل غلو فهو تطرف، وليس كل تطرف غلو.
الفرق بين التمسك بالنصوص والغلو:
في الواقع لا تلازم بين التمسك بالنصوص والغلو، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم أشد الناس تمسكا والتزاما لنصوص الشريعة مطلقا، ومع هذا لم يحصل لهم غلو أو تشديد إلا في قضايا عينية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أرشد عليه الصلاة والسلام أصحابه إليها، وعلمهم وبين لهم طريق العبادة المعتدل، فانتهوا وتركوا ما هم عليه.
وسببه هو موافقة هذا الالتزام منهم رضي الله عنهم لعلم صحيح، وفهم سليم وهمة حريصة على العلم والبصيرة، فتجرا من الغلو فضلا عن الاستمرار فيه، لكن لما بعد الناس عن زمان الأفاضل، وصار الدين غريبا، وأطبق الجهل على كثير من أهل الإسلام، صار المتمسك بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم العاض عليها بنواجذه منبوذا مستهزءا به في تلك المجتمعات، وأطلقوا عليه عبارات النبز كالمتزمتين والغالين والمتطرفين والأصوليين، ونحوها من الألقاب التي روجتها بعض وسائل الإعلام.
والواقع أن التمسك بنصوص الكتاب والسنة، وفهمها فهما صحيحا يعتبر عند هؤلاء المتهاونين بأحكام الشريعة الغافلين عنها غلوا وتطرفا وذلك بالنظر إلى ما هم عليه من تفريط ظاهر وقصور في التزام منهج الإسلام جلي ملموس.
ولنأخذ مثالا يوضح ما سبق: فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية اتهمت من كثير من الناس علماء وغيرهم بتكفير الناس الذي هو مظهر من مظاهر الغلو البارزة أو أنهم خوارج ونحوها من ألقاب تفيد مجاوزة اعتدال الإسلام وسماحته، ينبزونهم بألفاظ هي في الشريعة وصف لأقوام متشددين لا فقه لهم ولا نظر، وهي من ذلك براء براءة الذئب من دم يوسف