الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد ذلك، فهل هناك أفضل من هذه الليلة؟ وهل أعظم من هذا الأجر؟ فلنحرص على هذه الليلة، التي لا تأتي إلا مرة في العام.
خامسا: أيام التشريق
ذكر الله سبحانه فضل أيام التشريق في سورة البقرة، فقال:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (1) والأيام المعدودات، هي أيام التشريق، كما روي عن ابن عباس، وعكرمة، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد، وغيرهم (2).
قال القرطبي: "ولا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية هي أيام منى، وهي أيام التشريق"(3).
كما يدل على أن الأيام المعدودات هي أيام التشريق، تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي يصف فيها أيام التشريق بأنها أيام ذكر لله عز وجل، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:«أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله (4)» . وإطلاق الرسول للذكر من غير تقييده بشيء جاء مساويا لإطلاق الله اسم الذكر {وَاذْكُرُوا اللَّهَ} (5)، مما يعد دليلا واضحا على أن الرسول عنى بذلك ذات
(1) سورة البقرة الآية 203
(2)
انظر: الطبري: جامع البيان، ج 2، ص 302، 303، ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ج1، ص 232.
(3)
القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج 3 ص 1.
(4)
رواه مسلم. انظر: صحيح مسلم، كتاب الصيام، باب رقم 23، حديث رقم 1141، ص 658.
(5)
سورة البقرة الآية 203
الذكر الذي أشار إليه الله في كتابه الكريم، وعينه في الأيام المعدودات.
ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة، فمن جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمع، فقد تم حجه، أيام منى ثلاثة أيام، فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم عليه (1)» . قال ابن رجب الحنبلي: "وهذا صريح لي أنها أيام "التشريق" (2).
أما بالنسبة لتحديد هذه الأيام، فهناك قولان رئيسان (3):
الأول: أنها أربعة أيام، يوم النحر وثلاثة بعده. وهذا مروي عن ابن عباس وغيره.
الثاني: أنها ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وليس يوم النحر منها.
وعزا ابن رجب هذا القول إلى ابن عمر وأكثر العلماء. وقال عنه بأنه: "هو القول الأظهر (4).
وهذا ما أراه راجحا، وذلك كما قال القرطبي: "لإجماع الناس أنه لا ينفر أحد يوم النفر، وهو ثاني يوم النحر. ولو كان يوم النحر في المعدودات، لساغ أن ينفر من شاء متعجلا يوم النفر؛ لأنه قد
(1) رواه أحمد عن عبد الرحمن بن يعمر. انظر: ابن حنبل: مسند أحمد، ج 4: ص 310.
(2)
ابن رجب الحنبلي: لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، ص 301.
(3)
انظرهما في: المرجع السابق، نفس الصفحة. القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج3، ص 1.
(4)
ابن رجب الحنبلي: لطائف المعارف، ص 301.