الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى غير ذلك من الخصائص والفضائل العديدة لهذا اليوم، التي ألفت فيها الكتب والمصنفات.
سابعا: وقت السحر
ومن الأزمان التي أشار القرآن الكريم إلى فضلها وقت السحر. ووقت السحر هو الوقت الذي يسبق طلوع الفجر. ومنه السحور وهو اسم الطعام الذي يؤكل في وقت السحر (1).
يقول سبحانه واصفا حال عباده المتقين الموعودين بالجنات، مادحا فيهم صفة الاستغفار في هذا الوقت:{الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (2) ويقول عنهم في موضع آخر: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (3)، وذكر القرآن الكريم أن هذا الوقت هو الذي نجى الله فيه آل لوط، قال تعالى:{إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} (4).
أما الحكمة من تخصيص وقت الأسحار بالاستغفار، فهي أن هذا الوقت هو وقت غفلة الناس عن التعرض للنفحات الرحمانية، ذلك
(1) الرازى: التفسير الكبير، ج 3، ص 167.
(2)
سورة آل عمران الآية 17
(3)
سورة الذاريات الآية 18
(4)
سورة القمر الآية 34
أن وقت السحر هو أطيب أوقات النوم، وعند ذلك تكون العبادة أشق، والنية خالصة، والرغبة في التوجه إلى الله وافرة، فيكون الدعاء في هذا الوقت أقرب للإجابة، والذكر والاستغفار أعظم ثوابا.
ويكون سبحانه في هذا الوقت من الليل قريبا من عباده، كما دل عليه الحديث الصحيح:«إذا مضى شطر الليل، أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من سائل يعطى، هل من داع يستجاب له، هل من مستغفر يغفر له، حتى ينفجر الصبح (1)» .
فالاستغفار في هذه الفترة الزمنية الفاضلة منة من الله سبحانه وتعالى، لا يفقهها إلا من ذاقها، وشعر بها في خلجات نفسه، فالتقت روحه مع خالق السماوات والأرض.
"والاستغفار بالأسحار بعد هذا كله يلقي ظلالا رفافة ندية عميقة، ولفظة (الأسحار) بذاتها ترسم ظلال هذه الفترة من الليل قبيل الفجر، الفترة التي يصفو فيها الجو ويرق ويسكن، وتترقرق فيها خواطر النفس وخوالجها الحبيسة، فإذا انضمت إليها صورة الاستغفار، ألقت تلك الظلال المنسابة في عالم النفس وفي ضمير الوجود سواء، وتلاقت روح الإنسان وروح الكون في الاتجاه لبارئ
(1) رواه مسلم. انظر: صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب رقم 24، حديث رقم 758، ج 1، ص 439.