الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لذا ينبه القرآن على ضرورة استثمار هذا الوقت القصير في عمل الخير الذي لن يفيد الإنسان غيره، ولن يبقى معه في قبره سواه، فضلا عن سؤاله وحسابه عن تضييع هذا الوقت، وعما صنعه فيه (1).
ويعرض القرآن الكريم لنا نماذج لهؤلاء الذين يستغلون وقتهم على أتم وجه ليكون لنا الاقتداء بهم، {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (2) فهم يستغرقون كل زمانهم في ذكر الله عز وجل والتفكر في خلقه. نستنتج مما سبق أن القرآن الكريم نوه بشرف الزمن وفضله، وفي هذا ما يدعونا إلى ضرورة تقدره بقدره؛ لأن ذلك يساعد على الفلاح ويهم للنجاح، وعلى العكس تماما، فإن إغفال الزمن وعدم إعطائه الأهمية اللازمة، فيه تفريط بهذه النعمة، وتحقيق لتعاسة الإنسان.
(1) انظر: غنايم، محمد "منهج الإسلام في العناية بالزمن "، مجلة الجندي المسلم، ص 17.
(2)
سورة آل عمران الآية 191
المبحث الثاني: القسم بالزمن في القرآن الكريم
مما يدل على عظيم أهمية الزمن في القرآن الكريم، قسم الله سبحانه وتعالى به، فهو سبحانه قد أقسم بعدة أمور في كتابه
الكريم، ولا شك أن الله لا يقسم بشيء إلا إذا كان هذا الشيء عظيما، فقد أقسم سبحانه بنفسه، وبالقرآن (1)، ونحو ذلك من الأمور العظيمة في مواضع كثيرة من القرآن الكريم.
وأقسم القرآن بالزمن سواء بذاته أو بأجزائه، وفي ذلك "تنبيه على أنه آية كبرى من آيات الله، وتنبيه على عظم نفعه ووجوب استغلاله، والإفادة من كل أجزائه".
ففي القسم بالزمن قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3)، كما أقسم سبحانه بأجزاء الزمان وهي: الفجر، والصبح، والضحى، والشفق، والنهار، والليل، والليالي العشر، ويوم القيامة، والعمر، على ما سأبينه بعد قليل إن شاء الله.
وفي القسم بهذه الوحدات الزمنية تنبيه على الاعتبار بها في الاستدلال على حكمة نظام الله في هذا الكون وبديع قدرته (4).
(1) قال تعالى: {ق والقرءان المجيد} سورة ق، الآية 1.
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
ابن عاشور: التحرير والتنوير، ج 30، ص 387.