الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعا: ليلة القدر
أما ليلة القدر، فهي جزء من شهر رمضان الفضيل، ومع ذلك فقد خصها الله سبحانه بالذكر، مما يدل على أهميتها وعظمتها، كيف لا وهي ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى، وهي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم، وهو الكتاب الذي لم تشهد الأرض مثله، في عظمته، وفي تأثيره على حياة البشرية.
يقول سبحانه عن هذه الليلة في سوره من السور القصار: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (1){وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} (2){لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (3){تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ} (4){سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} (5).
وهي ذات الليلة التي جاء ذكرها في سورة الدخان: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} (6){فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} (7)، وإنما سميت بـ "ليلة القدر" لعظمتها وشرفها وقدرها، من قولهم: لفلان قدر، أي منزلة وشرف. وقيل: لأن للطاعات فيها قدرا عظيما، وثوابا جزيلا. أو لأن الله تعالى يقدر فيها ما يشاء من أمره إلى مثلها من السنة القابلة، من أمر الموت والأجل والرزق وغيره. أو لأنه أنزل فيها كتابا ذا قدر على رسول ذي قدر، على
(1) سورة القدر الآية 1
(2)
سورة القدر الآية 2
(3)
سورة القدر الآية 3
(4)
سورة القدر الآية 4
(5)
سورة القدر الآية 5
(6)
سورة الدخان الآية 3
(7)
سورة الدخان الآية 4
أمة ذات قدر. وغير ذلك من الأقوال.
وهي معاني متقاربة يشملها جميعا المعنى الأول، فهي جميعا دالة على قدر هذه الليلة، وفضلها، وعظيم منزلتها.
وهذه الليلة من العظمة بحيث تفوق حقيقتها حدود الإدراك البشري، وهي خير من آلاف اللحظات الزمنية في حياة البشر، فكم من آلاف الشهور، بل وآلاف السنين قد انقضت دون أن تترك في الحياة بعض ما تركته هذه الليلة المباركة السعيدة، من آثار وتحولات (1).
ولهذا فلا غرابة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على تحريها في الفترة الزمنية التي تقع فيها فيقول لنا: «تحروا ليلة القدر، في العشر الأواخر من رمضان (2)» .
ولا غرابة في أنه صلى الله عليه وسلم يحثنا على قيام هذه الليلة مبينا عظيم أجرها، فيقول:«من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه (3)» .
(1) انظر: قطب، سيد: في ظلال القرآن، ج 6، ص 3945.
(2)
رواه البخاري. انظر: الصحيح مع الفتح، كتاب فضل ليلة القدر، باب رقم 3، حد رقم 2020، ص 790.
(3)
رواه البخاري. انظر: الصحيح مع الفتح، كتاب الصوم، باب رقم 6، حديث رقم 1901، ج 4، ص 608.