الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الأسلوب وجلالة في المعنى؛ لأن في ذلك مطابقة بين نور الضحى ونور الوحي، فنور الضحى جاء بعد ظلام الليل، ونور الوحي جاء بعد احتباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال أعداؤه: قلى محمدا ربه، فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل، على ضوء الوحي ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه، ثم إن فالق ظلمة الليل بضوء النهار، هو الذي فلق ظلمة الجهل والشرك بنور الوحي والنبوة (1).
(1) انظر: ابن القيم، التبيان في أقسام القرآن، ص 100.
خامسا: القسم بالشفق
قال سبحانه في القسم بالشفق: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ} (1)، ويلحظ هنا أن القسم جاء بصورة مختلفة، حيث سبقه حرف (لا). فكيف يكون المعنى على هذا النظم؟
قيل: إن لا في السياق الزائدة (2). والصحيح هو الوقوف ضد القول بزيادة أي حرف في كتاب الله سبحانه وتعالى؛ لأن ذلك مخل بإعجاز هذا الكتاب، وباب للطعن فيه جملة وتفصيلا.
وقيل بأنها نافية. والذين قالوا ذلك، ذهب بعضهم إلى أنها
(1) سورة الانشقاق الآية 16
(2)
انظر: الكلبي: التسهيل في علوم التنزيل، ج 4، ص 163. المحلى والسيوطي: تفسير الجلالين، ص 589.
نافية لكلام محذوف؟ كأنه قال: ليس الأمر كذلك، ثم قال: أقسم (1). وذهب بعضهم إلى أنها نافية للقسم نفسه، وذلك على أن المطلوب أجل وأوضح من أن نحاول إثباته بالقسم (2).
وقيل: إن (لا) أصلها لام الابتداء، وأشبعت فتحتها (3).
والقول الآخر هو الذي رجحه الدكتور فضل عباس (4)، وهو ما أختاره وأرجحه، وذلك:
1 -
لأن هذه قراءة سبعية. كما في قراءة ابن كثير لقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} (5) فقد قرأها بغير ألف: {لأقسم بيوم القيامة} (6).
2 -
ثم إنه في كلام العرب ما يشهد لإشباع لام الابتداء. ومن ذلك قول عنترة:
ينباع من ذفري غضوب جسرة
…
زيافة مثل الفنيق المكدم
(1) انظر: ابن فارس: الصاحبي في فقه اللغة، ص 170 الشنقيطي: أضواء البيان، 8، ص 634.
(2)
الرازي: التفسير الكبير، ج 15، ص 720.
(3)
الشنقيطي: أضواء البيان، ج 8، ص 634.
(4)
عباس، فضل: لطائف المنان، ص 244.
(5)
سورة القيامة الآية 1
(6)
انظر: ابن خالويه: الحجة في القراءات السبع، ص 356.
قوله: ينباع، من نبع ينبع، ثم أشبعت الفتحة فصارت ألفا.
والشفق: هو الحمرة التي تكون في الأفق وقت الغروب. قال الراغب: " الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس "(1).
والقول بأن الشفق يعني الحمرة، هو قول عامة الفقهاء، وبزواله يخرج وقت المغرب، ويدخل وقت العشاء. إلا ما روي عن أبي حنيفة رحمه الله في إحدى الروايتين أنه البياض، وروى أسد بن عمرو أنه رجع عنه (2) وأصل الشفق في اللغة أنه يدل على رقة في الشيء. ومنه الشفق على الإنسان بمعنى رقة القلب عليه. والشفق من الثياب: الرقيق والرديء منها (3).
أما تسمية الحمرة شفقا فلأن الضوء يأخذ في الرقة والضعف عند مغيب الشمس إلى أن يستولي سواد الليل على الآفاق كلها (4).
(1) الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن، ص 458.
(2)
الزمخشري: الكشاف، ج 4، ص 714.
(3)
ابن منظور: لسان العرب، مادة (شفق)، ج 10، ص 180 الزمخشري: الكشاف، ج 4، ص 714.
(4)
الرازى: التفسير الكبير، ج 11، ص101 البرسومي: روح البيان، ج 10، ص 380.