الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخذ يومين من المعدودات" (1).
فالله سبحانه وتعالى لما طلب منا أن نذكره في تلك الأيام على وجه الخصوص، يدلنا ذلك على عظيم فضل هذه الأيام، وأن الأجر فيها مضاعف، والثواب أعظم، فلنحرص على ذكر الله في مثل هذه الأزمان التي عينها الله لنا.
وفي وصفه لهذه الأيام بأنها (معدودات) ما يشير إلى قلة عددها، وفي هذا ما يدفع المسلم إلى الحرص على الإفادة من هذه الأيام، والتوجه إلى الله فيها.
(1) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج 3، ص 1.
سادسا: يوم الجمعة
أما يوم الجمعة، الذي هو يوم عظيم عند المسلمين، تقام فيه هذه الصلاة الجامعة، التي تمثل مؤتمرا أسبوعيا، يتناول هموم المسلمين وقضاياهم اليومية، ومواعظ تذكر بالله سبحانه وتعالى، فقد بين القرآن الكريم مكانة هذا اليوم وفضله، فنزلت سورة الجمعة توضح أهمية هذا اليوم من أيام الأسبوع. قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (1) وأصل الجمع في اللغة: ضم الشيء بتقريب بعضه من بعض. نقول: استجمع السيل، بمعنى: اجتمع من كل موضع، وتجمع
(1) سورة الجمعة الآية 9
القوم: اجتمعوا من هنا وهنا (1). ومنه (الجمعة)، سميت بذلك لاجتماع الناس إلى الصلاة (2).
ويلحظ في الآية السابقة التأكيد على ضرورة أداء صلاة الجمعة في وقتها دون تأخير، حتى لو أدى ذلك إلى ترك الأعمال فور سماع ندائها.
كما يلحظ هذا التشديد على أداء صلاة الجمعة في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في قوله عليه الصلاة والسلام:«لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات، أو ليختمن الله على قلوبهم، ثم ليكونن من الغافلين (3)» .
وفي التأكيد على الالتزام بهذه الصلاة إشارة إلى أهميتها وفضلها، وفي ذلك ما يدل على أهمية وفضل اليوم الذي تقع فيه.
وفضل هذا اليوم لا يقف عند هذا الحد، بل يصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة (4)» .
(1) ابن منظور: لسان العرب، مادة (جمع)، ج 8، ص 53.
(2)
الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن، ص 202 السمين الحلبي: عمدة الحفاظ ج 1، ص 337.
(3)
رواه مسلم. انظر: صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب رقم 12، حديث رقم 865، ج 2، ص 495.
(4)
رواه ابن حبان. انظر: صحيح ابن حبان مع تقريب الإحسان، كتاب الصلاة، باب رقم 30، حديث رقم 2770، ج 7، ص 5. وللتوفيق بين هذا الحديث ومثله من الأحاديث الدالة على أن يوم الجمعة هو أفضل الأيام، وبين ما جاء عن يوم عرفة أنه أفضل الأيام، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ (رواه مسلم: صحيح مسلم، كتاب الحج، باب رقم 79، حديث رقم 1348، ج 2، ص 802) للتوفيق بين ذلك، قال الزرقاني: "الأصح أن يوم عرفة أفضل أيام السنة، ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع ". انظر: الزرقاني: شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك، ج 1، ص 318.
وفي هذا اليوم ساعة عظيمة، يستجاب فيها الدعاء؟ كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن في الجمعة لساعة، لا يوافقها مسلم قائم يصلي، يسأل الله، إلا أعطاه إياه (1)» . وفي هذا اليوم حدثت أمور عظيمة، أخبر بوقوعها الذي لا ينطق عن الهوى، فقال:«خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق الله آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة (2)» .
وفي الإخبار عن وقوع الأمور العظام فيه، واختصاصها به دون سائر الأيام، حض على الاستكثار من الطاعات فيه، وزجر عن مواقعة المعاصي (3).
(1) رواه مسلم. انظر: صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب رقم 4، حديث رقم 852، ج 2، ص 489.
(2)
رواه مسلم. انظر: صحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب رقم 5، حديث رقم 854، ج 2، ص 490.
(3)
انظر: الباجي: المنتقى شرح موطأ الإمام مالك، ج 1، ص 201.