الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولهذا سلك طائفة من العلماء طريق الاستدلال بالزمن على الصانع، وهو كما يقول ابن القيم: "استدلال صحيح قد نبه عليه القرآن في غير موضع (1).
ومما يدل على ذلك إلقاء نظرة على السور القرآنية التي أقسم الله فيها بالزمن ووحداته، عندها سنجد أنها سور مكية، والسور المكية -كما نعلم- تركز على العقيدة بشكل خاص، ومن ذلك الاستدلال على وجود الخالق، ومن هنا جاء القسم بالزمن في السور المكية من أجل لفت الأنظار إليه باعتباره دليلا واضحا، وبرهانا قاطعا، على وجود الخالق، وعلى بديع حكمته سبحانه في هذا الكون.
وأستعرض فيما يلي المواضع إلى أقسم فيها سبحانه بالزمن وأجزائه في القرآن الكريم:
(1) ابن القيم: التبيان في أقسام القرآن، ص 40.
أولا: القسم بالعصر
أقسم سبحانه وتعالى بالعصر في السورة التي سميت باسمه، فقال:{وَالْعَصْرِ} (1){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) هذه السورة وبالرغم من قلة عدد كلماتها، إلا أنها تمثل منهجا كاملا
(1) سورة العصر الآية 1
(2)
سورة العصر الآية 2
(3)
سورة العصر الآية 3
للحياة البشرية كما يريدها الإسلام.
واختلف المفسرون في معنى " العصر" المقسم به في السورة على أقوال:
الأول: أنه الدهر أو الزمن، قال الراغب:" والعصر والعصر: الدهر، والجمع: العصور"، ومثل على أن العصر معناه الدهر بسورة العصر (1). وقال ابن كثير:"العصر: الزمان الذي يقع فيه حركات بني آدم من خير وشر"(2).
الثاني: أنه أقسم بزمان الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بزمان الرسالة، فيكون المقسم به هو العصر الذي فيه هذا الرسول أو هذه الرسالة لشرفه.
الثالث: أن المراد به صلاة العصر أو وقتها، أقسم سبحانه بها لفضلها، وقيل: هي المرادة بالصلاة الوسطى في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (3).
الرابع: أن العصر هو أحد طرفي النهار.
والراجح مما سبق -كما يبدو لي- أن يكون المراد بالعصر
(1) الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن، ص 569.
(2)
ابن كثير: تفسير القرآن العظيم، ج 4، ص 582.
(3)
سورة البقرة الآية 238