الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه الميزات والآثار تجعل من الحساب الجاري نظاما خاصا مستقلا بنفسه تحكمه القواعد المقررة بشأنه في قانون التجارة وفي العرف والاجتهاد القضائي.
وعلى أي حال فسواء وجد تعليل وجيه لقاعدة تحول الدين الجديد في الحساب الجاري إلى بند من بنوده أولم يوجد فإن التقنين التجاري والعرف المصرفي قد أقرا هذه القاعدة وأوجبا العمل بمقتضاها فصارت سمة لازمة للحساب الجاري.
آثار قاعدة عدم التجزئة:
تترتب على قاعدة عدم التجزئة في الحساب الجاري آثار أهمها ما يلي:
1 -
لا يجوز رفع الدعوى بالمطالبة بدين أدخل في الحساب الجاري؛ لأنه بدخوله فيه أصبح غير مستحق حتى يظهر الرصيد النهائي.
2 -
إذا دفع أحد طرفي الحساب الجاري مبلغا ما لإدخاله فيه فإن هذا المبلغ لا يعتبر وفاء لمديونيته فيه؛ لأن كل طرف فيه لا يعتبر دائنا أو مديونا قبل قفل الحساب وظهور الرصيد النهائي فيه.
3 -
إن أي دفعة فيه لا يجوز إجراء مقاصة عليها؛ لأن المقاصة تعتمد على اعتبار الدفعة الجديدة فيه دينا مستقلا والقاعدة تقضي بأن أي دين جديد في الحساب الجاري يعتبر بندا من بنوده ويفقد ذاته واستقلاله.
4 -
إن الدين الذي يدخل في الحساب الجاري لا يخضع للتقادم المسقط؛ لأنه باعتباره بندا من بنوده الجاري عليها الحساب يعتبر متحركا حتى قفل الحساب وظهور رصيده النهائي (1).
(1) انظر ص 635 - 637 من كتاب " العقود التجارية وعمليات المصارف " للدكتور أدوار عيد، مطبعة النجوى
قفل الحساب الجاري:
إن قفل الحساب الجاري يعني إيقاف التعامل به نهائيا والاتفاق على إنهاء
جانبيه بعدم السماح بدخول مدفوعات جديدة ومن ثم تصفيته واستخلاص الرصيد النهائي من مجموع مفرداته ليمكن تحديد مركز طرفيه من ذلك الرصيد من دائن ومدين.
ولقفل الحساب أسباب إرادية وأسباب خارجة عن الإرادة، ويمكن تلخيص الأسباب الإرادية فيما يلي:
(1)
اتفاق الطرفين صراحة على إنهاء الحساب ولو كان ذلك قبل مضي مدة اتفقا على تحديدها مدة لجريان حسابهما.
(2)
اتفاق الطرفين ضمنا على إنهاء الحساب الجاري بينهما كأن تتوقف عمليات المدفوعات المتبادلة بين طرفيه ويتوقف تبعا لتوقفها إرسال ميزان الحساب مرة أخرى أو أن يفقد الحساب قدرته على تلقي المدفوعات بين الطرفين.
(3)
رغبة أحد الطرفين في قفله إذا لم يكن بينهما اتفاق على مدة معينة لجريانه إلا أنه يشترط لهذه الرغبة أن تكون في وقت مناسب ومتفق مع العادة المتبعة في المصارف.
أما الأسباب الخارجة عن الإرادة فأهمها ما يلي:
(1)
الإفلاس: ذلك أن إفلاس أحد طرفي الحساب يؤدي إلى عجزه عن تتابع المدفوعات بين طرفيه للحجز على يد المفلس في إدارة أمواله.
(2)
الوفاة: وقد خالف بعضهم في اعتبار الوفاة سببا موجبا لقفل الحساب إذا أبدى الورثة رغبتهم في استمرار الحساب مع أن مجموعة من القوانين التجارية في البلاد العربية قد نصت على أن الوفاة سبب لقفل الحساب، فقد ذكرت المادة (306) من قانون التجارة اللبناني، والمادة (401) من قانون التجارة السوري، والمادة (114) من قانون التجارة الأردني على أن عقد الحساب الجاري ينتهي بوفاة أحد طرفيه أو فقدانه الأهلية، أو بإفلاسه.
وقد علل شراح القوانين اعتبار الوفاة سببا موجبا لقفل الحساب: بأن الحساب الجاري يشبه بعض العقود الجائزة كالوكالة أو الشراكة.
وقد انتقد الأستاذ الدكتور محمد عوض هذا الرأي وقال: وأولى أن يشبه عقد الحساب الجاري بالعقود المستمرة فهو عقد مستمر وككل العقود المستمرة هو يقوم على الثقة؛ لأن استطالة مدة التنفيذ تتطلب من كل من طرفي العقد أن يركن إلى أمانة الطرف الآخر، ومن الثابت أن موت أحد طرفي العقود المستمرة لا يؤدي إلى إنهائها فورا وبقوة القانون؛ فضلا على أن عقد الحساب الجاري هو عقد تابع مقصود به تسوية العمليات المترتبة على عقود أخرى بين طرفيه فإذا كانت هذه العقود لم تنته بالوفاة فما معنى انتهاء عقد الحساب الجاري وهو تابع خادم للعقود الأصلية.
ولعل بعض القضاة قد راعى هذه الملاحظات فحكم أن في وسع ورثة المتوفى إطالة أجل الحساب الجاري الذي كان مورثهم طرفا فيه، وتستخلص رغبتهم في ذلك من عدم قيامهم بإخطار البنك بوفاة العميل ورغبتهم في قفل الحساب وتسويته، كما حكم أن الحساب الذي يفتحه البنك لورثة عميله وهم في حالة شيوع مع استمرارهم في ذات الاستغلال الذي كان مورثهم يباشره لا يعد حسابا مستقلا قانونا عن الحساب الأول اهـ (1).
وإذا تم قفل الحساب ترتبت عليه الآثار الآتية:
(أ) وقوع المقاصة بين مفردات الحساب.
(ب) استخراج الرصيد وتسويته.
(ج) الوفاء بالرصيد بمعنى أنه بمجرد تسويته واستخراجه يكون مستحق الأداء فورا ما لم يتفق الطرفان على تأجيل الوفاء أو إدراجه في حساب جديد.
(د) جواز الحجز عليه تحت يد المدين به باعتباره دينا واجبا مستحق الأداء.
(هـ) عدم جواز إحياء الحساب بعد قفله لكون رصيده أصبح دينا مستحقا واجب الأداء، فإذا أراد طرفاه استئناف التعامل بينهما بطريق الحساب الجاري فتحا حسابا جديدا (2).
(1) انظر كتابه ص 278 " عمليات البنوك من الوجهة القانونية "
(2)
انظر ص 238 - 240، من العقود وعمليات البنوك التجارية للدكتور علي البارودي، الطبعة الثانية