الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السبب: سبب التزام كل من الطرفين هو تنفيذ الطرف الآخر التزامه ولا جديد في ذلك، وأما سبب العقد فهو الغاية التي يستهدفها الطرفان من إبرامه وتنفيذه والسبب يجب أن يكون مشروعا ولذلك يبطل الاعتماد المفتوح لشخص بقصد تمكينه من إدارة محل للقمار، طبقا للقواعد العامة في الالتزامات.
إثبات العقد: يثبت العقد طبقا للقواعد العامة فإذا كان مدنيا بالنسبة لطرفيه وجب اتباع القواعد المدنية، أما إذا كان مدنيا بالنسبة لطرف وتجاريا بالنسبة للطرف الآخر جاز إثباته ضد الأخير بكافة الطرق أيا كانت قيمته، مثلا يقيده في الحساب الجاري بين الطرفين أو يتقاضى البنك العمولة التي يتقاضاها لفتح الاعتماد أو حتى بمجرد الشهود أو عبارات واردة في عقد رهن أبرم ضمانا للاعتماد، وإثبات فتح الاعتماد مستقل عن إثبات عمليات تنفيذ الاعتماد ذاته. (1)
(1) عمليات البنوك من الوجهة القانونية 321 - 325.
[د]-
طبيعته:
ثار الخلاف في تحديد طبيعة عقد فتح الاعتماد البسيط هل يقال: إنه قرض، أو إنه قرض معلق على شرط واقف أو إنه عقد غير مسمى أو إنه وعد بالقرض أو إنه عقد مركب من القرض والوديعة، وفما يلي ذكر هذه الآراء ومناقشتها وبيان الراجح منها في نظرهم.
قال الدكتور أدوار عيد: يلاحظ أولا أن ثمة فرقا بين فتح الاعتماد والقرض البات إذ إن العميل المعتمد له لا يستلم المبلغ فور التعاقد، كما هي الحال في القرض، وقد لا يتسلم أي مبلغ إذا لم يجد حاجة له ويظل مع ذلك عقد فتح الاعتماد قائما منتجا لجميع آثاره في حين أن استلام المبلغ في عقد القرض هو أمر أساسي يتوقف عليه نشوء آثار هذا العقد.
ولا يمكن القول أيضا: إن فتح الاعتماد هو قرض معلق على شرط واقف،
هو استفادة العميل فعليا من الاعتماد، ما دام أن عدم تحقق هذا الشرط لا يؤثر في صحة العقد ولا في إنتاج آثاره. . . ويذهب فريق إلى أن فتح الاعتماد هو عقد غير مسمى وهو يشتمل على اتفاق من جانب واحد إذ إن المصرف يلتزم بمنح الاعتماد بينما العميل لا يجبر على الاستفادة منه.
أما غالبية الفقهاء فتعتبر أن العقد يشكل وعدا بالقرض ويتحول إلى قرض بات عندما يطلب العميل تسلم الأموال تنفيذا لوعد المصرف.
وأن هذا الرأي الأخير هو الراجح من الناحية القانونية، غير أنه يلاحظ مع ذلك أن هذا العقد لا يترتب عليه التزام أساسي إلا على عاتق طرف واحد هو المصرف الذي يتعهد بفتح الاعتماد، أما الطرف الآخر، أي العميل فلا يجبر على سحب المبلغ الموضوع بتصرفه، إنما يحق له أن يسحب منه بمقدار حاجته فقط، وقد لا يسحب شيئا عند انعدام الحاجة، كما يتغلب في هذا العقد الطابع الشخصي بحيث إن المصرف لا يلتزم إلا تجاه العميل شخصيا ويعتبر العقد منتهيا عند وفاة هذا الأخير أو إفلاسه وفقد أهليته. (1).
وقال الدكتور علي البارودي بعد كلام سابق يتفق مع ما قاله الدكتور أدوار عيد، قال: والواقع أن فكرة فتح الاعتماد تتميز بوجه عام عن فكرة القرض بأنها أشمل وأوسع حتى إذا تغاضينا عن الصعوبة الناشئة عن عدم استفادة العميل من فتح الاعتماد عقب العقد مباشرة، ذلك أن القرض الذي تعرفه العامة يواجه -في قصد المقترض حاجة عاجة إلى مبلغ معين من المال الوعد بالقرض يواجه هو الآخر- في قصد المستفيد من الوعد حاجة آجلة محتملة إلى مبلغ معين من المال، وفي الحالتين ينحصر العقد في حدود ضيقة معينة يبينها الطرفان ويرتكز عليها العقد. . . أما في فتح الاعتماد فطلبه لا يعرف مدى حاجته ولا مواعيد هذه الحاجة بل وقد لا يعرف أن ثمة حاجة مقبلة تلجئه إلى استعمال الاعتماد المفتوح، وإنما هو يقصد من عقد الاعتماد إلى
(1) العقود التجارية وعمليات المصارف 569 - 570.
الحصول على مجرد الاطمئنان إلى قوة مركزة الائتماني إزاء ديون تحل في المستقبل أو عمليات تجارية ينوي إبرامها.
هذا المركز الائتماني الوحيد هو الهدف الأساسي للعقد وليس كما في القرض أو الوعد بالقرض مجرد الحصول على مبلغ معين من المال، لذلك قد تكون الاستفادة من الاعتماد المفتوح عن طريق سحب شيكات أو تحرير أوراق تجارية أو تكليف البنك بالقيام بعمليات معينة لصالح العميل، وإذا اقترن فتح الاعتماد بفتح الحساب الجاري -كما هو الغالب في العمل- فإن كل هذه العملات بما فيها عملية فتح الاعتماد تصبح مدفوعات متبادلة متشابكة لا يمكن أن نصف أحدها بأنه قرض أو بأنه وفاء لهذا القرض.
لذلك لا بد من الاعتداد بهذا الشمول والاتساع في فكرة فتح الاعتماد عند تكييف طبيعته القانونية، فلا نتبع الغرض الاقتصادي لعقد فتح الاعتماد باعتباره عملية مركبة تتميز عن العقود البسيطة التي يعرفها القانون المدني.
وإذا أردنا أن نتتبع هذه العمليات المركبة ونحلل أهداف العميل فيها، فإننا نراه يهدف إلى تحقيق غرضين متتاليين:
أولا: أن يطمئن إلى الحصول على هذا المبلغ النقدي.
ثانيا: أن يطمئن إلى أن هذا المبلغ موجود في مكان أمين حتى يستفيد منه عندما يحتاج إليه في عملياته التجارية المختلفة.
فلو أن العميل أراد أن يصل إلى هذين عن طريق العقود المدنية فإنه لا بد أن يلجأ إلى عقدين لا إلى عقد واحد، يلجأ أولا إلى اقتراض المبلغ الذي يكفيه، ثم يلجأ إلى إيداع هذا المبلغ عند أمين، إذا لا بد له من عقد قرض يتبعه عقد وديعة، ولما كان العميل يقترض من البنك ثم يقوم بالإيداع في ذات البنك فلا مناص من اندماج هذين العقدين في عملية واحدة هي بلا شك عملية فتح الاعتماد.
ومن ذلك يتضح لماذا لا يتبع فتح تسليم المبلغ كما هو الأمر في القرض.