الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفسخ بالإنهاء إنما يرد على عقد الاعتماد ذاته المبرم بين البنك وعميله، أما العمليات والعقود التي تمت تنفيذا لعقد الاعتماد فهذه لا تتأثر بفسخ الاعتماد أو انتهائه، بل تظل مستقلة عنه من حيث شروطها وآثارها ومصيرها كما قدمنا فإذا تحمل البنك - نتيجة الاعتماد أو عملية من هذه العمليات المشار إليها- التزاما أمام شخص من الغير ظل ملتزما ولو تحلل من التزامه الناشئ من الاعتماد المفتوح لصالح العميل، فإذا كان الاعتماد بالقبول مثلا وقدمت للبنك كمبيالة قبلها ثم فسخ الاعتماد ظل قبوله صحيحا والتزم به أمام الغير، وإذا كان الاعتماد بالضمان وأصدر خطاب الضمان بالفعل ثم فسخ عقد الاعتماد الذي صدر الخطاب تنفيذا له ظل مع لك ملزما بعبارات الخطاب أمام المستفيد منه وهكذا. (1)
(1) عمليات البنوك من الوجهة القانونية / 331 - 337 - ا.
[ز]-
انتقال الاعتماد:
بيان المراد منه، المشكلة الناشئة عن ذلك واختلاف النظر في الإجابة عنها:
قال الدكتور علي جمال الدين عوض: المقصود بانتقال الاعتماد -في هذا الخصوص- هو انتقال الحقوق أو الالتزامات الناشئة من العقد أثناء تنفيذه إلى شخص آخر غير طرفيه، وتثور المشكلة من الناحية العملية في كيفية الإبقاء على الاعتماد مع تأميناته رغم انتقاله إلى شخص آخر.
ويمكن النظر إلى المسألة من ناحيتين: ناحية المستفيد، وناحية البنك فاتح الاعتماد.
أما من ناحية المستفيد فلا يعتبر نقلا للاعتماد أن يوكل المستفيد غيره في
استخدام الاعتماد لحسابه لأنه يظل هو الموكل الأصيل، وكذلك لا يعتبر نقلا له أن ينقل المستفيد حقه المالي الناشئ من استخدامه الاعتماد بمعرفته، إذا المقصود دائما هو معرفة ما إذا كان يمكنه نقل الرخصة أو الحق في المطالبة بتنفيذ الاعتماد أي بإلزام البنك أن ينفذ تعهده الناشئ من العقد.
إن الإجابة على هذا السؤال تحكمها قاعدتان: الأول: أنه إذا جاز نقل الحقوق فلا يجوز نقل الديون دون رضا الدائن.
الثانية: أن الاعتبار الشخصي يمنع -بحسب الأصل- أن ينقل الدائن حقه القائم على هذا الاعتبار إلى شخص آخر.
ومقتضى ذلك أنه يلزم لينقل المستفيد حق الإفادة من الاعتماد إلى غيره أن يكون ذلك باتفاق مع البنك على إحلال هذا الغير محله في الحقوق وفي الديون التي تنشأ من العقد، فمتى تم ذلك كانت العملية تجديدا أي إنشاء لعلاقة جديدة لا تحظى بالضرورة بالضمانات التي كانت مقررة للعلاقة الأولى ما لم تتخذ لذلك الإجراءات اللازمة.
وهذا الرأي وسط بين رأيين متطرفين، يقول أحدهما: إن الحقوق الناشئة من الاعتماد لا تقبل الانتقال إطلاقا بسبب الاعتبار الشخصي لدى الطرفين أو أحدهما، وعيبه أنه يرقى بهذا الاعتبار إلى جوهر العقد في حين أننا قد رأينا أنه وإن كان من طبيعة فتح الاعتماد إلا أنه ليس من جوهره، وللطرفين أن يستبعداه باتفاقهما، والرأي الثاني يجيز دائما نقل الاعتماد ولو بغير رضى البنك مستثنيا من ذلك حالة الاعتماد التي يكون فيها التزام البنك أو تدخله شخصيا بالدرجة الأولى كضمانه احتياطيا كمبيالات يسحبها العميل، وهو رأي يعيبه أنه يتجاهل الطبيعة الشخصية للاعتماد، ويقيم تفرقة تحكمية بين صوره.
وإذا تمت حوالة الاعتماد من جانب المستفيد بشكل صحيح ونافذ كان من حق المحال إليه الإفادة من العقد في حدود الحوالة.
ومتى تضمنت العملية إبراء البنك للمستفيد القديم كانت إنابة كاملة يترتب عليها تجديد الدين بحيث تسقط الضمانات التي كانت مقررة لدين المستفيد القديم، هذا من جهة المستفيد، أما من جهة فاتح الاعتماد فالأصل أنه ليس له أن يحيل التزامه أمام المستفيد وذلك لقيام هذا التعهد على الاعتبار الشخصي ما لم يكن متفقا على ذلك أو كان مفهوما ضمنا بين الطرفين. (1)
(1) عمليات البنوك من الوجهة القانونية 337 - 389.
تكييف عقد فتح الاعتماد البسيط المصرفي في الفقه الإسلامي وبيان حكمه:
مما تقدم يتبين أنه عقد يتعهد البنك بمقتضاه أن يضع تحت تصرف العميل بطريق مباشر أو غير مباشر أداة من أدوات الائتمان في حدود مبلغ نقدي معين ولمدة محدودة أو غير محدودة، وأن العميل بمقتضى هذا العقد يسحب من البنك بالتدريج كلما احتاج إلى مبلغ منها وأنه يدفع للبنك ما أخذه في الوقت المحدد ويدفع ما اتفقا عليه من عمولة وفائدة فإما أن يقال: إنه عقد إقراض وإما أن يقال إنه عقد بيع وقد يقال: لا يجوز أن يكون قرضا في نظر فقهاء الشريعة الإسلامية؛ لأن القرض عندهم دفع مال إرفاقا محضا لمن ينتفع به ويرد بدله بدون زيادة مشروطة أو جريان عرف بها، وما يدفعه المصرف للعميل بمقتضى عقد فتح الاعتماد البسيط لا يقصد منه إلا الاستثمار وإن حصل إرفاق للعميل فعلى وجه المتبع.
وقد يقال: إنه من باب البيع لأنه يتضمن معاوضة مالية فالمصرف يدفع للعميل مبلغا من المال حالا ويرد العميل هذا المبلغ مع العمولة والفائدة بعد أجل وقد سمى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مثل هذا بيعا فيما رواه عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، ولا الشعير