الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معبودا لا شريك له - في ربوبيته، ولا يجوز أن يشرك معه أحد في عبادته.
والإيمان بالله على هذا الوجه يستلزم تصديقه في كل ما أخبر به في كتابه، وعلى لسان رسوله الذي أيده بالمعجزة الدالة على صدقه في كل ما بلغه عن ربه.
ومن بين ما أخبر به في كتابه، وعلى لسان رسوله، بل وعلى ألسنة رسله كلهم، وأمرهم أن يبلغوه للناس ليؤمنوا به (اليوم الآخر) أو (البعث) أو (الدار الآخرة).
ويلاحظ: أنه سبحانه وتعالى قد عبر عن هذا اليوم الآخر بعبارات كثيرة تشعر بما يقع فيه، أو يتصل به من أحداث، وجزاء، وبما يتصف به من صفات، وبما ينتسب إليه من إضافات.
فسماه (اليوم الآخر، ويوم البعث، والجزاء، والحشر، والنشر، والتناد، والقيامة، والساعة، والحساب، والفصل).
وسماه (بالآزفة، والواقعة، والحاقة، والقارعة، والطامة، والصاخة، والغاشية).
وسماه (الدار الآخرة، ودار القرار، ودار الخلود).
وسماه (يوم الخروج، والخلود، والحسرة، والتغابن).
وأمرنا أن نكون دائما على ذكر من هذا اليوم، وألا ننساه، وأن نذكره كل يوم، على الأقل سبع عشرة مرة بعنوان (يوم الدين) أي الجزاء. وبعبارة أدق: أمرنا سبحانه وتعالى أن نذكره في كل صلاة نتقرب بها إليه باسم من أسمائه الحسنى، وبصفة من صفاته العلا:(مالك يوم الدين).
فمن كذب بهذا اليوم فهو مكذب لله ولرسله ولكتبه - وبهذا يكون كافرا - والعياذ بالله -.
3 -
(موقف الأنبياء السابقين وأممهم من عقيدة البعث)
كان كل رسول يبعث إلى أمته يطالبهم مبادرة أن يؤمنوا بالله واليوم الآخر، أي
المعاد والجزاء، حسبما علمه وأمره أن يبلغ.
فهذا (آدم) عليه السلام حينما أمره ربه هو ومن معه أن يهبطوا إلى الأرض {قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} (1)، {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} (2){وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} (3).
{إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (4){إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} (5)، وفي سورة ثالثة سميت باسمه عليه السلام:{وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} (6){ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا} (7).
وهذا أبو الأنبياء (إبراهيم) عليه السلام يقول للذي حاجه وخاصمه في شأن ربه: {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} (8) ويقول لأبيه وقومه في شأن من عبدوهم من دون الله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَاّ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (9){الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} (10){وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ} (11){وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} (12){وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ} (13){وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} (14) أي يوم الجزاء.
ثم هذا كليم الله، ونجيه (موسى) عليه السلام يقول الله له:{إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} (15).
وفي عهد (موسى) عليه السلام تقع أحداث مشهودة، تدل على البعث
(1) سورة الأعراف الآية 25
(2)
سورة طه الآية 123
(3)
سورة طه الآية 124
(4)
سورة الأعراف الآية 59
(5)
سورة هود الآية 26
(6)
سورة نوح الآية 17
(7)
سورة نوح الآية 18
(8)
سورة البقرة الآية 258
(9)
سورة الشعراء الآية 77
(10)
سورة الشعراء الآية 78
(11)
سورة الشعراء الآية 79
(12)
سورة الشعراء الآية 80
(13)
سورة الشعراء الآية 81
(14)
سورة الشعراء الآية 82
(15)
سورة طه الآية 15
دلالة محسوسة، فهاهم أولاء بنو إسرائيل طلبوا أن يروا الله جهرة، وأصروا على طلبهم هذا، قائلين:{لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} (1)، فأخذتهم الصاعقة وماتوا، ثم أحياهم الله بعد موتهم، قال تعالى:{ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (2).
وقصة البقرة، وما ترتب عليها من إحياء الله لذلك الميت - قصة معروفة مشهورة، ومسجلة في كبرى سور القرآن الكريم، لم يمسها أي طعن ولا مغمز، من أي عدو من أعداء الله تعالى وما أكثر أعداء الله، وأعداء دينه وما أحرصهم على غمز القرآن والطعن فيه - إن برقت لهم بارقة أمل في مطعن أو مغمز.
أما كلمة الله (عيسى) عليه السلام: فكان من معجزاته {أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} (3) ومن كلماته عليه السلام: {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} (4) هؤلاء هم (أولو العزم) من الرسل عليهم السلام وغيرهم من أنبياء الله ورسله كان كل منهم يطلب إلى قومه أن يؤمنوا بالله واليوم الآخر.
أما أممهم: فمنهم من كان يستجيب للدعوة، ويؤمن - مثل مؤمن قوم موسى الذي كان يقول لقومه:{وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} (5)، {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} (6).
ومن الأمم: من كانت تجحد البعث وتنكره، ويقول بعضهم لبعض ساخرين
(1) سورة البقرة الآية 55
(2)
سورة البقرة الآية 56
(3)
سورة آل عمران الآية 49
(4)
سورة مريم الآية 33
(5)
سورة غافر الآية 32
(6)
سورة غافر الآية 39