الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالشعير، ولا التمر بالتمر، ولا الملح بالملح، إلا سواء بسواء عينا بعين، يدا بيد، ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر بالشعير والشعير بالبر، والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم (1)».
فسمى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مبادلة الذهب بالذهب والورق بالورق، والورق بالذهب والذهب بالورق، وما ذكر معها سماه بيعا.
(1) سنن الترمذي البيوع (1240)، سنن النسائي البيوع (4562)، سنن ابن ماجه التجارات (2254).
حكمه في الفقه الإسلامي:
إذا ثبت أنه بيع فهو من البيوع المنهي عنها ما دام في معاملات ربوية؛ لأنه يتضمن ربا الفضل وربا النسيئة، فالعميل يدفع للمصرف ما أخذه منه وزيادة مشروطة متفقا عليه بينهما، ويتحقق ربا النساء من جهة أن العميل يدفع ما يستحقه عليه المصرف بعد مدة من استلامه المبلغ من المصرف وهذه المدة يتفق عليها بينهما.
وقد ينتهي الأجل المحدد لتسليم العميل المبلغ المستحق لديه مع العمولة والفائدة ولكنه لا يتمكن من الوفاء فيمد الأجل في مقابل فائدة على أصل المبلغ وعلى العمولة والفائدة حسبما يقتضيه العقد الأول فيكون هذا من الربا المركب.
وهو في جميع هذه الحالات داخل في عموم أدلة الربا وقد سبق ذكر طائفة منها في بيان حكم الإقراض المصرفي في الفقه الإسلامي فيستغنى بما ذكر هناك من الأدلة لتكون أدلة لبيان حكم فتح الاعتماد البسيط.
ما سبق هو في حالة ما إذا تسلم العميل من المصرف المبلغ المتفق عليه كله أو بعضه.
أما إذا لم يتسلم شيئا ودفع للبنك في مقابل رصده المبلغ مدة من الزمن ما يسمونه عمولة ويدخلون فيها الفائدة فهذا مع أنه عقد ربوي فهو
أيضا من أكل أموال الناس بالباطل؛ لأن البنك لم يدفع شيئا مطلقا وقد قال تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} (1) الآية.
وعلى فرض أن يكون عقد فتح الاعتماد البسيط عقد قرض على اختلاف تعبيراتهم عنه فهو عقد محرم؛ لأنه قرض جر نفعا، وكل قرض جر نفعا مشروطا فهو محرم، وسيبقى في الكلام على القرض البات ذكر طائفة من كلام أهل العلم في بيان حكم القرض الذي جر نفعا وما استدلوا به من الكتاب والسنة والأثر، وأرى ترك ذكرها هنا اكتفاء بذكرها هناك.
(1) سورة البقرة الآية 188
ثالثا: الضمان: قد لا يحتاج العميل إلى أن يكون الاعتماد المصرفي على صورة القرض كما سبق بيانه في القسم الأول ولكنه يكتفي بما يصدره البنك من تعهد له إذ إنه يحصل به على الثقة من الشخص الذي يريد أن يتعامل معه أو يمنحه الأجل الذي يريده، وأهم صور ضمان البنك للعميل أمام الغير ثلاث صور: فالبنك قد يقوم بدور الكفيل لعميله أمام دائن هذا العميل طبقا لما يتفقان عليه من الشروط، وقد يكون ضمان البنك بصفة خطاب الضمان، وقد يكون على صورة ورقة تجارية -كمبيالة من جانب العميل.
ويتعهد البنك بقبول هذه الكمبيالة تيسيرا لتداولها فيمكن العميل عندئذ من خصمها بسهولة والحصول على ما يريده من نقود من البنك الذي يقوم بخصمها: فهذه ثلاث صور: الكفالة، وخطابات الضمان، والاعتماد بالقبول، وفيما يلي الكلام على كل واحدة منها وبيان واقعها ثم بيان حكمها في الفقه الإسلامي:
الصورة الأولى: الكفالة
كثيرا ما تقوم البنوك بدور الكفلاء لعملائها أمام دائنيهم وذلك على حسب ما تقتضيه طبيعة الكفالة وما يتفق عليه من شروط، وفيما يلي الكلام عليها من حيث واقعها وحكمها في الفقه الإسلامي: أما الأول فيشمل الكلام على: تعريفها، والفرق بينها وبين تأمين الضمان، وبيان الضمانات التي يطلبها البنك.
[أ]- تعريفها: عرفها الدكتور علي جمال الدين عوض بقوله: الكفالة عقد بمقتضاه يكفل شخص لتنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن أن يفي بهذا الالتزام إذا لم يف به المدين نفسه (م 772) وتجوز الكفالة في الدين المستقبل إذا حدد مقدما بالمبلغ المكفول، كما تجوز الكفالة في الدين الشرطي، على أنه إذا كان الكفيل في الدين المستقبل لم يعين مدة الكفالة كان له في أي وقت أن يرجع فيها ما دام الدين المكفول لم ينشأ (م 778)(1)
(1) عمليات البنوك من الوجهة القانونية 351 - ا.
[ب]- الفرق بين الكفالة وتأمين الضمان: عند المقارنة بين شيئين قد يكون الاتفاق بينهما تاما وقد يتشابهان من بعض الوجوه ويختلفان من وجوه أخرى وقد لا يكون بينهما تشابه مطلقا وبالمقارنة بين الكفالة بالمعنى المتقدم وبين تأمين الضمان نجد أنهما يتشابهان من جهة أن عدم وفاء المدين بالدين يحرك التزام كل من الكفيل والمؤمن وهدف كل منهما هو تأمين أو ضمان وفاء الدين لكن الكفيل يساعد المدين، والمؤمن يساعد الدائن ويفترقان من وجوه أخرى، وفيما يلي تفصيل ذلك:
قال الدكتور علي جمال الدين عوض: قد تشتبه الكفالة بالمعنى المتقدم مع عملية أخرى قريبة منها يقوم بها البنك أو شركات التأمين وهي المسماة بتأمين الضمان.
ووجه الشبه بينهما أن عدم وفاء المدين الدين يحرك التزام كل من الكفيل والمؤمن ولكن بين العمليتين فروقا كثيرة، فالهدف من كل منهما هو تأمين أو ضمان وفاء الدين، أو بعبارة أخرى تفادي نتائج التخلف عن وفائه، ولكن الكفيل إذ يتدخل فهو يساعد المدين ويقوي ائتمانه ويمكنه من الحصول على ما يريد من نقود أو أجل وهو دور البنك، أما في تأمين الضمان فالمؤمن لا يهدف إلى مساعدة المدين بل الدائن لأنه هو الذي يبرم التأمين ويؤمن نفسه ضد مخاطر تخلف المدين، أما الفروق بين العمليتين فكثيرة أهمها: أنه في الكفالة يتعهد الكفيل -بعلم المدين أو بغير علمه- أن يدفع الدين إذا لم يدفعه المدين.
وهذا التعهد قد يكون بطلب من المدين دون اقتراح الدائن أو بناء على اشتراطه تقديم كفيل، ويكون تعهد الكفيل بالوفاء للدائن أيا كان سبب عدم وفاء المدين أي ولو لم يكن معسرا، وأمام الدائن طريقان: إما أن يطلب إلى المدين أن يقدم له كفيلا، وإما أن يلجأ هو إلى التأمين لصالح نفسه من خطر تخلف المدين عن الوفاء، بخلاف المدين فهو لا يستطيع التأمين لصالح نفسه من خطر عدم الوفاء؛ لأن هذا التخلف من جانبه لا يصلح أن يكون محلا للتأمين بوصفه فعلا إراديا من جانبه، وإنما له أن يبرم تأمينا لصالح نفسه من خطر إعساره.
والكفيل يتدخل لضمان عملية هو غريب عنها وتتم دون تدخله، كما أنه لا يعتبر مؤمنا لا للدائن ولا للمدين، وتعهده غير مشروط بإعسار المدين ولا يقبض قسطا يحسب على أساس القسط الذي يتقاضاه المؤمن بل يتقاضى من المدين ثمن الخدمة التي يقدمها له بتدخله.
كما أن الكفالة في جوهرها عقد ملزم لجانب واحد هو الكفيل، وهو عقد تابع، أما التأمين فهو ملزم للجانبين ويقوم استقلالا؛ لأن التزام المؤمن مستقل عن التزام المدين الذي يعطي التأمين إعساره، وسببه هو اقتضاء