الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التمسك بالسنة
وأثره في استقامة المسلم
بقلم الشيخ / صالح بن سعود العلي
مدير المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالرياض
من مواليد مدينة حائل سنة 1357هـ
نال الشهادة العالمية من كلية الشريعة بالرياض
نال شهادة الماجستير من المعهد العالي للقضاء سنة 1394هـ
عمل مدرسا في المعاهد العلمية وفي كلية الشريعة
ولا يزال أستاذا مشاركا في الكلية
عمل مديرا للمعهد العالي للدعوة الإسلامية منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ولا يزال.
1 -
مقدمة عن:
أ- كمال الشريعة. ب- الحث على التمسك بالسنة ونشرها.
2 -
معنى السنة في اللغة - معناها في الشرع - العلاقة بين المعنيين.
3 -
أمثلة لأنواع السنة من حيث هي قول وفعل وتقرير - اعتبار قول الرسول صلى الله عليه وسلم حجة - اعتبار تقريره حجة - فعل الرسول صلى الله عليه وسلم متى يكون حجة وتفصيل القول في هذا.
4 -
ترك الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الأشياء متى يكون سنة ومتى لا يكون وبسط القول في هذا.
5 -
رأي بعض العلماء في ترك بعض المندوبات خوفا من فهم العامة وجوبها ومناقشة هذا الرأي.
6 -
بعض المندوبات قد لا يحافظ عليه إلا بعض المبتدعة فهل يجوز هجر هذا المندوب خوفا من التشبه بالمتبدعة.
(1)
مقدمة عن:
أ- كمال الشريعة.
ب- الحث على التمسك بالسنة ونشرها.
أ- من الله على هذه الأمة بأن بعث فيها محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا وجعله خاتم النبيين وأرسله إلى الثقلين الجن والإنس العرب والعجم وأنزل عليه قرآنا عربيا غير ذي عوج ما ترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا وحكم ما بيننا من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم.
فكانت شريعته صلى الله عليه وسلم أكمل الشرائع ورسالته خاتمة
الرسالات يدل على هذا قوله تعالى {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (1) وقوله سبحانه: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (2) وقوله سبحانه في الآية الأخرى من سورة النساء التي بين فيها كثيرا من أحكام الأموال والأبضاع
{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3) وقوله سبحانه: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} (4) وقد وكل سبحانه وتعالى بيان ما أشكل من التنزيل إلى رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} (5) لهذا بلغ عليه السلام رسالة ربه وأدى الأمانة ونصح للأمة وما قبض صلى الله عليه وسلم حتى أكمل الله له ولأمته هذا الدين كما أخبر سبحانه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (6) وأخبر عن هذا الكمال المصطفى عليه السلام بقوله: «إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه (7)» رواه الحاكم وقال صحيح (8) الإسناد وقال أبو ذر رضي الله عنه: «توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر يحرك جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما (9)» ، ولما شك ناس في موت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمه العباس بن عبد المطلب: والله ما مات رسول الله حتى ترك السبيل نهجا واضحا وأحل الحلال وحرم الحرام ونكح وطلق وحارب وسالم وما كان راعي غنم يتبع بها رؤوس الجبال يخبط عليها العضاة (10) بمخطبته ويمدد (11) حوضها بيده بأنصب ولا أدأب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم (12).
(1) سورة الأنعام الآية 38
(2)
سورة النحل الآية 89
(3)
سورة النساء الآية 176
(4)
سورة التوبة الآية 115
(5)
سورة النحل الآية 44
(6)
سورة المائدة الآية 3
(7)
موطأ مالك الجامع (1661).
(8)
60/ 1 الترغيب والترهيب
(9)
مسند أحمد بن حنبل (5/ 153).
(10)
العضاة: وزان كتاب وهي الأشجار ذات الشوك كالطلح
(11)
يمدد بمعنى يصلح
(12)
انظر جامع العلوم
وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لسلمان: قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراء؟؟ فقال سلمان أجل، «نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو نستنجي باليمين أو أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو بعظم (1)» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (2).
فمن هذا يتضح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقى هذا الدين عن ربه جل وعلا كاملا لا يعتريه نقص، شاملا لجميع متطلبات الناس وهذا مقتضى حكمته وعدله لأنه سبحانه لا يطلب من عباده أن يأتمروا بأمر أو ينتهوا عن نهي إلا وقد وضحه لهم أتم توضيح كم قال تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (3)، وكما قال سبحانه:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (4). ب- الحث على السنة والتمسك بها ونشرها:
أوجب الله على هذه الأمة أن تتبع في أمر دينها نبيها محمدا صلى الله عليه وسلم: تأتمر بأمره وتنتهج سنته وتنزجر عما عنه نهاها كما قال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (5) يوضح هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم (6)» رواه الشيخان (7).
وهي حينما تقتدي به في هذا إنما ستفعله لأنه السبيل الوحيد الذي يرضى الله عنه لأن ما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم إنما هو وحي يوحى من عند الله كما قال سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} (8){إِنْ هُوَ إِلَاّ وَحْيٌ يُوحَى} (9).
(1) صحيح مسلم الطهارة (262)، سنن الترمذي الطهارة (16)، سنن النسائي الطهارة (41)، سنن أبو داود الطهارة (7)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (316)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 439).
(2)
الجامع الصحيح 24/ 1
(3)
سورة الإسراء الآية 15
(4)
سورة النساء الآية 165
(5)
سورة الحشر الآية 7
(6)
صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الفضائل (1337)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 508).
(7)
الأربعون النووية الحديث التاسع
(8)
سورة النجم الآية 3
(9)
سورة النجم الآية 4
ثم إن اتباعه عليه السلام إنما هو دليل على محبة الله وشرعه والله جعل اتباع نبيه دليلا على محبته جل وعلا كما أخبر سبحانه بقوله: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1) وقال جل من قائل {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (2) فاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم دليل محبة الله سبحانه التي لا يحصل إيمان دونها وطاعة هذا الرسول من طاعة الله التي لا ينجو أحد بسواها.
ثم إن نهجه عليه السلام هو النهج المقبول عند الله تعالى كما قال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} (3) فالمهتدي به هو الأهدى سبيلا والأصح عملا ومن حاد عن سنته فلا إيمان له وهو من الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
والتحكيم فيما يعرض للأمة هو أمر يجب أن يكون الرسول عليه السلام هو القدوة فيه والمحكم كما قال سبحانه: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (4).
وعند التنازع نحتكم لسنته عليه السلام كما نحتكم إلى كتاب الله حتى يصح إيماننا بالله واليوم الآخر كما أخبر الباري جل وعز {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (5) قال الإمام النووي (6) رحمه الله: قال العلماء: معناه إلى الكتاب والسنة، وقد ظهر من هذا أن الله لا يقبل من عبد عملا ما لم يستن صاحبه فيه برسول الله عليه السلام وقولا كان أو فعلا، فالعمل الذي يمكن أن يقبله الله سبحانه هو ما التزم
(1) سورة آل عمران الآية 31
(2)
سورة النساء الآية 80
(3)
سورة الأحزاب الآية 21
(4)
سورة النساء الآية 65
(5)
سورة النساء الآية 59
(6)
رياض الصالحين 85
فيه صاحبه الإخلاص لله وحده والمتابعة لرسوله عليه السلام الهادي إلى الصراط المستقيم صراط الله القويم كما أخبر سبحانه بقوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (1){صِرَاطِ اللَّهِ} (2)، وكما قال سبحانه:{وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (3).
وأما ما يدل على وجوب التمسك بسنته صلى الله عليه وسلم من الأحاديث فأكثر من أن يحصر منها:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: «دعوني ما تركتكم إنما أهلك من كان قبلكم لكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (4)» متفق عليه (5).
2 -
وقال عليه السلام من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ (6)» رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح (7).
3 -
وقال عليه السلام فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى (8)» رواه البخاري.
4 -
وعن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ألفين أحدكم متكئا على أريكة يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري: ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه (9)» حديث صحيح (10) رواه الشافعي، قال الشافعي رحمه الله: فيما وصفت من فرض الله على الناس اتباع أمر رسول الله دليل على أن
(1) سورة الشورى الآية 52
(2)
سورة الشورى الآية 53
(3)
سورة البينة الآية 5
(4)
صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7288)، صحيح مسلم الحج (1337)، سنن الترمذي العلم (2679)، سنن النسائي مناسك الحج (2619)، سنن ابن ماجه المقدمة (2)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 508).
(5)
رياض الصالحين 85
(6)
سنن الترمذي العلم (2676)، سنن ابن ماجه المقدمة (44)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 126)، سنن الدارمي المقدمة (95).
(7)
نفس المصدر السابق
(8)
صحيح البخاري الاعتصام بالكتاب والسنة (7280)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 361).
(9)
سنن الترمذي العلم (2663)، سنن أبو داود السنة (4605)، سنن ابن ماجه المقدمة (13).
(10)
نفس المصدر
سنة رسول الله إنما قبلت عن الله فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها ولا نجد خبرا ألزمه الله خلقه نصا بينا إلا كتابه ثم سنة نبيه (1).
وبعد: فهذه نصوص من الكتاب والسنة تدل على أن الله لا يقبل أن يعبد إلا بما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وأن الخير كل الخير في اجتناب ما عنه نهى وزجر فمن زاد أو استزاد فقد خسر خيري الدنيا والآخرة وعمله عليه مردود كما أخبر صلى الله عليه وسلم بقوله: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» رواه مسلم (3)، فلا مجال بعد هذه النصوص التي تقرع الأسماع لأحد أن يلتمس لنفسه العذر في الابتعاد عن السنة والميل عن هدي محمد صلى الله عليه وسلم يمينا أو شمالا لأنه لا خيار بعد هذه الآيات والأحاديث الصحيحة الصريحة فالأمر إما اهتداء وإما ضلال ولا ثالث لهما.
(1) مقدمة صحيح الترمذي لأحمد شاكر 69/ 1
(2)
صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).
(3)
الأربعون النووية حديث 5
2 -
معنى السنة في اللغة - معناها في الشرع - العلاقة بين المعنيين:
السنة في اللغة:
قال في المصباح المنير: معنى السنة في أصل اللغة الطريقة حسنة كانت أم سيئة، والسنة: السيرة حميدة كانت أم ذميمة.
وقال صاحب المفردات في غريب القرآن: السنن جمع سنة، وسنة الوجه طريقته وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها، وسنة الله تعالى قد تقال: لطريقة حكمته وطريقة طاعته نحو قوله سبحانه: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا} (1)، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا} (2).
(1) سورة الفتح الآية 23
(2)
سورة فاطر الآية 43
وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث:
السنة وما تصرف منها: الأصل فيها الطريقة والسيرة.
من هذا يتضح أن هذه التعاريف متفقة على أن السنة معناها اللغوي هو الطريقة ذميمة أم حسنة.
السنة في الشرع:
* قال ابن الأثير رحمه الله (1): إذا أطلقت السنة في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا مما لم ينطق به الكتاب العزيز ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب والسنة، أي القرآن والحديث.
* وقال الشاطبي رحمه الله (2): يطلق لفظ السنة على ما جاء منقولا عن النبي عليه السلام على الخصوص مما لا ينص عليه في الكتاب العزيز.
ويطلق أيضا في مقابلة البدعة فيقال فلان على سنته إذا عمل على وفق ما عمل عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
* وقال الآمدي: (3) السنة في الشرع: قد تطلق على ما كان من العبادات نافلة منقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تطلق على ما صدر من الرسول عليه السلام من الأدلة الشرعية مما ليس بمتلو ولا هو معجز ولا داخل في المعجز ويدخل في ذلك أقوال النبي عليه السلام وأفعاله وتقاريره. اهـ.
(1) النهاية في غريب الحديث والأثر 409/ 2
(2)
الموافقات 2/ 4 وما بعدها بتصرف
(3)
الأحكام 169/ 1
من هذا يظهر أن لفظ السنة إذا أطلق في الاصطلاح فإنه يعني واحدا من ثلاثة معان:
1 -
ما يقابل القرآن فيراد به قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره.
2 -
ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه مما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه.
3 -
ما يقابل البدعة، فيراد بها ما وافق القرآن أو حديث النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير. وسواء كانت دلالة القرآن أو الحديث على طلب الفعل مباشرة أو بوسيلة القواعد المأخوذة منها ويدخل في هذا ما عمل عليه الصحابة رضي الله عنهم سواء وجد ذلك في الكتاب والسنة أم لا لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا أو اجتهادا مجمعا عليه منهم أو من خلفائهم كما فعلوا في جمع المصحف وتدوين الدواوين وما أشبه ذلك، ويدل لهذا الإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي (1)» الحديث. فالسنة إذا هي مجموع أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته يدل لهذا قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (2) فإنه شامل لكل ما جاء به صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، كما يدل أيضا قوله سبحانه:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (3) والاتباع له صلى الله عليه وسلم يتحقق في جميع ما ذكر.
وقال الرسول عليه السلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي (4)» رواه (5) البخاري فأمر أن نقتدي بفعله وأن نستن بهديه وهذا يدل على أن الفعل من سنته.
أما تقريره فمثل مشاهدته للأحباش في المسجد وهم يلعبون ولم ينكر عليهم.
(1) انظر الموافقات 58/ 4، وأصول الفقه للخضري 267، ورسائل الإصلاح لمحمد الخضر حسين 75/ 3
(2)
سورة الحشر الآية 7
(3)
سورة آل عمران الآية 31
(4)
صحيح البخاري الأذان (631).
(5)
بلوغ المرام ص38