الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مزايا الإيداع النقدي:
يذكر الأستاذ الدكتور أدوار عيد: أن لعملية إيداع النقود مزايا عديدة تجاه الطرفين سيما إذا اقترنت بأجل ما، فإنها بالنسبة للمودع تشكل نوعا من الادخار، وتدر عليه في ذات الوقت فائدة يختلف معدلها باختلاف المدة التي تبقى فيها الأموال بيد المصرف.
وبالنسبة للمصرف فإنها تؤمن من المبالغ اللازمة للقيام بعمليات الخصم والائتمان التي تضمن له عائدات هامة من فوائد أو عمولات (1)، وفضلا عما ذكره الدكتور أدوار فإن الودائع النقدية تعتبر للبنك مصدر ثقة في نفوس المودعين تعطيهم الاطمئنان على سلامة ودائعهم وقدرتهم على سحبها أو سحب ما يريدون منها متى شاءوا، كما أنها القوة التي يستطيع بها البنك ممارسة نشاطه المصرفي.
(1) انظر ص (511) من كتابه العقود التجارية وعمليات المصارف، طبعة النجوى
الودائع لدى الاطلاع أو لدى الطلب
أنواع الودائع النقدية:
تتخذ الودائع النقدية عدة أشكال تبعا لطبيعة إيداعها، ويذكر الأستاذ أدوار عيد: أن أهم الودائع النقدية ما يلي:
(1)
الودائع لدى الاطلاع أو لدى الطلب، وهي تشكل أهم صورة الودائع النقدية، ويكون لمودعها حق استردادها أو جزء منها متى شاء مباشرة أو بطريق إصدار شيكات أو التحويل، ونظرا لما يقتضيه هذا النوع من الودائع من ضرورة احتفاظ المصرف في خزائنه بأموال كافية لدفع قيمتها فإن المصرف لا يدفع عنها سوى فائدة قليلة جدا، وقد يدفع عنها شيئا.
(2)
الودائع لأجل ولاستحقاق معين، وهذا النوع من الودائع لا يسترد قبل أجل معين يجري الاتفاق على تحديده، وهو أقل شيوعا من الودائع تحت الطلب، ولكنه أكثر فائدة للمصارف؛ لأنها تستطيع استعمال هذه المبالغ المؤجل دفعها طيلة مدة التأجيل، وتكون الفائدة عليه مرتفعة نسبيا تبعا للمدة التي يتفق على بقائها لدى المصرف.
(3)
الودائع بشرط الإخطار: وهي ودائع يكون لأصحابها حق استردادها دون انتظار أجل معين، لكن بشرط إشعار المصرف بذلك قبل استردادها بمدة ما، ويعطى هذا النوع من الفوائد مثلما تعطى الودائع تحت الطلب؛ لأن البنوك لا تستطيع الاعتماد عليها في تمويل نشاطها المصرفي.
(4)
الودائع المخصصة لغرض معين لمصلحة المودع كالمبالغ المودعة لدى المصرف، لشراء أسهم أو للاكتتاب بأسهم في شركة تحت التأسيس أو لدفع ديون معينة وقد يكون الإيداع لمصلحة المصرف، كأن تكون الوديعة ضمانا لمصلحة حساب آخر أو لمصلحة شخص ثالث كما هو الحال في تجميد مئونة شيك مؤشر عليه لمصلحة الحامل بصورة مؤقتة، وهاتان الحالتان لا يجوز فيهما للمودع استرداد وديعته حتى انقضاء المودع لأجلها. اهـ، باختصار (1).
وقد اختلف علماء الاقتصاد في التكييف القانوني للوديعة النقدية، فذهب بعضهم إلى أنها وديعة بالمعنى الحقيقي للوديعة بالمقاصة بها كما يبرأ البنك منها لو هلكت بقوة قاهرة، ويتعين عليه أن يرد المبلغ المودع بذاته ويقوم بحفظه حتى طلبه.
وينتقد الأستاذ الدكتور محمد عوض هذا الرأي فيقول: ولكن هذه المبادئ الخاصة بعقد الوديعة لا تنطبق على الوديعة المصرفية؛ لأنه فيما عدا الحالة الاستثنائية لإيداع نقود بذاتها فإن البنك لا يقصد أبدا المحافظة على النقود التي تلقاها بذاتها بل
(1) انظر ص (511 - 513) من كتابه العقود التجارية وعمليات المصارف، طبعة النجوى
يقصد استخدامها على أن يرد مثلها، كما أن القضاء يجيز له أن يرد طلب الاسترداد بالمقاصة بمسئوليته عن رد الوديعة ولو هلكت بقوة قاهرة فيلزمه أن يرد مثلها.
هذه الأحكام تباعد بين الوديعة العادية والوديعة المصرفية، ففي كلتيهما يلتزم الوديع بالرد لكن هناك في الأولى التزام بالحفظ، بينما في الثانية لا يلتزم البنك بالمحافظة على ذات الوديعة، وكل ما هناك أنه يحفظ للمودع حقه في استرداد مثل ما أودعه.
وذهب آخرون: إلى أنها شاذة أو ناقصة، ويذكر الأستاذ محمد عوض: أن الوديعة الناقصة أو الشاذة، وديعة تملكها المودع، ويلتزم برد مثلها بخلاف الوديعة الكاملة التي لا يجوز للوديع أن يتملكها مطلقا، ويناقش هذا الرأي بقوله: والواقع أن طبيعة الوديعة الشاذة محل خلاف في فرنسا حتى لقد أنكر البعض تسميتها بالوديعة على أساس أنه مادام الوديع مأذونا في استعمال الوديعة فقد سقط التزام الحفظ لأن الوديعة تهلك بالاستعمال؛ ولذلك وجب حتما استبعاد فكرة الوديعة والقول بفكرة القرض، ولم يدع القانون المصري مجالا لفكرة الوديعة الشاذة بل قضى في المادة (726) منه أنه: إذا كانت الوديعة مبلغا من النقود أو أي شيء آخر مما يهلك بالاستعمال، وكان المودع عنده مأذونا له في استعماله اعتبر العقد قرضا. اهـ (1).
وذهب فريق ثالث: إلى أن الوديعة النقدية تعتبر قرضا يلتزم المقترض برد شيء مماثل للوديعة عند الطلب، فيجوز له دفع طلب استردادها بالمقاصة ولا يتعين عليه حفظها بل يعتبر مالكا لها ضامنا لهلاكها، ملزما برد مثلها عند طلبها، ويذكر الدكتور محمد عوض أنه مراعاة للوضع الغالب في العمل، فإن مجموعة الشراح وعلماء الاقتصاد يميلون إلى هذا الرأي فالوديع، وهو البنك مثلا يعتبر تاجرا يعطي ائتمانا للغير وهو بذلك يضطر للحصول على ما يقرضه للغير من طريق الاقتراض، والاستيداع، وليس من طريق الاستعانة برأس ماله، وكذلك المودع فإن له مصلحة في
(1) انظر ص (21 - 22) من كتابه عمليات البنوك من الوجهة القانونية، طباعة النهضة العربية
الإيداع تتجسم في الفائدة التي يستحصلها من البنك، فإذا لم تقرر له فائدة فحسبه حفظ ماله (1).
ويرى الدكتور محمد عوض: أن تكييف عقد الوديعة النقدية من الناحية القانونية يكمن في إرادة الطرفين، ويستقل بالكشف عنها قاضي الاختصاص، فإذا كان البنك مأذونا له في استعمال المال المودع، كانت الوديعة النقدية قرضا تسري عليها أحكام القرض، وهذا هو الغالب على معظم الودائع النقدية المصرفية.
أما إذا كان البنك غير مأذون له في الاستعمال، فإن المال المودع يعتبر وديعة بما تعنيه الوديعة من معنى، وتسري عليه أحكام الوديعة، ويمثل لذلك بالوديعة المصرفية المصحوبة بتخصيصها لغرض معين أو لمجرد حفظها بذاتها لدى البنك (2).
والغالب على عمليات الإيداع النقدي أن تكون الوديعة تحت الطلب بحيث يسهل على المودع سحبها متى شاء أو تجزئة السحب منها، ومن هنا ترتبط فكرة الإيداع بفكرة فتح الحساب، وفي فتح الحساب وفي هذا يقول الأستاذ علي البارودي: - ويكون العقد الذي يتم بين البنك والعميل، ليس مجرد عقد وديعة نقود، وإنما عقد فتح حساب ودائع يلقي فيها العميل بالمبلغ الأول الذي يحتمل الزيادة بواسطة العمليات التي قد يكلف البنك بها وتؤدي إلى دخل نقدي للعميل، ويحتمل النقصان بعمليات السحب أو غيرها من العمليات التي تقتضي الإنفاق من النقود المودعة على ألا تتجاوز هذه العمليات قيمة النقود المودعة فعلا. اهـ (3).
ونظرا إلى أن الغالب على عمليات الإيداع النقدي أن تكون الوديعة تحت الطلب بمعنى أن يدخل العميل مع البنك في فتح حساب ودائع فمن المتعين أن يتناول مبحث الودائع النقدية أنواع الحسابات المصرفية والتفرقة بينها ومعرفة طبيعة كل نوع من هذه الحسابات.
(1) انظر ص (22) من كتابه عمليات البنوك من الوجهة القانونية، طباعة النهضة العربية
(2)
انظر ص (24 - 25) من عمليات البنوك من الوجهة القانونية، للدكتور محمد جمال عوض
(3)
انظر ص (274) من كتابه العقود وعمليات البنوك التجارية، الطبعة الثانية