المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(نظرة متدبرة في آيات القرآن) - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٨

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌أولا: الودائع النقدية:

- ‌تعريف الوديعة النقدية:

- ‌مزايا الإيداع النقدي:

- ‌ أنواع الودائع النقدية:

- ‌الحساب العادي أو البسيط أو حساب الودائع:

- ‌حساب الادخار والتوفير:

- ‌(الحساب الجاري)

- ‌أركان الحساب الجاري:

- ‌الفوائد المتعلقة بالحساب الجاري:

- ‌العمولة على فتح الحساب الجاري:

- ‌وقف الحساب الجاري:

- ‌آثار قاعدة عدم التجزئة:

- ‌قفل الحساب الجاري:

- ‌ استعراض أهم خصائص الودائع والحساب الجاري

- ‌ثانيا: إيداع الوثائق والمستندات:

- ‌آثار العقد:

- ‌التكييف القانوني لعقد إيجار الخزانة:

- ‌التكييف الشرعي لعملية استئجار الخزانة:

- ‌خلاصة عمليات الإيداع

- ‌ عمليات الائتمان

- ‌ الإقراض:

- ‌تكييف الإقراض المصرفي في الفقه الإسلامي:

- ‌حكم الإقراض المصرفي في الفقه الإسلامي:

- ‌ فتح الاعتماد البسيط:

- ‌ تكوين العقد وإثباته:

- ‌ طبيعته:

- ‌ آثار عقد فتح الاعتماد:

- ‌ انتهاء العقد:

- ‌ انتقال الاعتماد:

- ‌حكمه في الفقه الإسلامي:

- ‌الصورة الثانية: خطاب الضمان

- ‌ أنواع خطابات الضمان:

- ‌ شروط خطابات الضمان:

- ‌الصورة الثالثة: الاعتماد بالقبول

- ‌تكييف الضمان المصرفي في الفقه الإسلامي وبيان حكمه:

- ‌ الاعتمادات المستندية

- ‌تحليل العلاقات القانونية المتفرعة عن الاعتمادات المستندية:

- ‌الخلاصة

- ‌ الصرف على المسجد لترميمه وفرشه ونحو ذلك من الزكاة

- ‌ من كان له على مليء دين يبلغ النصاب

- ‌ دفع الزكاة إلى الجمعية مع قيامهم بدفع الزكاة عادة إلى الجهات المختصة في الحكومة

- ‌ كان لإنسان أخت شقيقة متزوجة من إنسان فقير الحال، فهل يجوز لها من زكاة إخوانها شيء

- ‌ الزكاة في ربع الثمرة التي تخص الموصي

- ‌ العقار الذي يؤجر تجب الزكاة في أجرته

- ‌ الزكاة على من لا يتجر ولا يحرث

- ‌بيان مذهب أهل السنة في الاستواء

- ‌ البحوث

- ‌القضاء في الإسلاموأثر تطبيق السعودية له

- ‌ عناية الإسلام بالقضاء

- ‌الدرجة الأولى: المحكمة العامة

- ‌الدرجة الثانية: التقاضي بمحكمة التمييز

- ‌الدرجة الثالثة: التقاضي بالمجلس الأعلى للقضاء

- ‌التمسك بالسنةوأثره في استقامة المسلم

- ‌ أمثلة لأنواع السنة من حيث هي قول وفعل وتقرير

- ‌ الأفعال الخاصة به صلى الله عليه وسلم التي لا يشاركه فيها أحد:

- ‌ ترك النبي صلى الله عليه وسلم الأمر لمانع من الفعل يذكره سببا للترك ثم يزول هذا المانع

- ‌ ترك الرسول صلى الله عليه وسلم أمرا لم يظهر في عهده ما يقتضي فعله ثم طرأ حال يجعل المصلحة في الفعل:

- ‌ ترك الرسول صلى الله عليه وسلم لأمور لم تكن وسائلها قد تهيأت

- ‌ ما نقله الصحابة رضي الله عنهم من تركه صلى الله عليه وسلم لأمر من الأمور

- ‌ ترك بعض المندوبات خوفا من فهم العامة أنها واجبة

- ‌لفظ الجلالة" الله " هل هو مشتق أو مرتجل

- ‌مثال يدل على تقارب اللغتين العربية والعبرانية

- ‌أمثلة من الكلمات التي قيل إنها وقعت في القرآن من غير العربية

- ‌ أباريق:

- ‌ الآب:

- ‌ ابلعي:

- ‌(أخلد)

- ‌(أسباط)

- ‌ إستبرق

- ‌ السندس

- ‌ أسفار

- ‌التغيير في حياة الأمموعوامل الثبات والاهتزاز

- ‌بين السنن الكونية والسنن الاجتماعية:

- ‌الفطرة والسنن:

- ‌ثبات السنن والقيم في الإسلام واضطرابها عند غيره:

- ‌أسباب الاهتزاز والضعف:

- ‌المراجع

- ‌ثمرات الإيمان بالله واليوم الآخر

- ‌(مكانة الإيمان بالله واليوم الآخر)

- ‌(سبب الكفر بالبعث أو باليوم الآخر)

- ‌واجبنا نحو ثمرة الإيمان بالله واليوم الآخر

- ‌(تقوية عقيدة الإيمان باليوم الآخر)

- ‌(نظرة متدبرة في الأكوان)

- ‌(نظرة متدبرة في آيات القرآن)

- ‌(وقفة متأنية أمام قضيتي الموت والبعث)

- ‌(مكانة عقيدة البعث في الدين الإسلامي):

- ‌(موقف الأنبياء السابقين وأممهم من عقيدة البعث)

- ‌ دعوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان باليوم الآخر)

- ‌الطائفة الأولى: طائفة أنكرت البعث والجزاء

- ‌الطائفة الثانية: طائفة اعترفت بالله، ولكنها كفرت بجزائه ولقائه والبعث ليوم عظيم

- ‌الطائفة الثالثة: صدقت بالله إلها حقا، قادرا عليما، وعدلا حكيما، واستدلوا على ذلك بعقولهم، وفطرتهم:

- ‌ الشبه التي أثارها منكرو اليوم الآخر) - والرد عليها

- ‌أسئلة وأجوبةمع سماحة الشيخ / عبد العزيز بن عبد الله بن بازعن الغزو الفكري

- ‌ تعريف الغزو الفكري

- ‌ الوسائل التي يستخدمها الغرب لترويج أفكاره

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌(نظرة متدبرة في آيات القرآن)

وهذه المزايا الأربع: (التفكير، والقصد، والقدرة، والصلاحية للخير وللشر). لم تكتمل للإنسان كلها دفعة واحدة، ولا في وقت واحد - بل إنه - قبل اكتمالها فيه - مر بأطوار مادية متعددة، تقع تلك الأطوار المادية، وتتكرر بتكرر الأفراد أمامنا، ولا ينكرها أي إنسان - وقد صرحت بها آيات من كتاب الله الكريم. في أكثر من موضع.

ص: 255

(نظرة متدبرة في آيات القرآن)

لقد نظرنا في آيات الله (الكونية) وعرفنا يقينا أن الإنسان نشأ متنقلا ومتطورا من حالة إلى حالة، من نطفة إلى علقة إلى مضغة، إلى أن صار إنسانا سميعا بصيرا، فإذا نظرنا في آيات الله (القرآنية): نراها قد صرحت بذلك تصريحا لا غموض فيه، وقررت حقائق لا يشك فيها أي إنسان ولا يمكن أن ينالها شيء من الارتياب، ففي (سورة المؤمنون) يقول تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (1){ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً} (2) إلخ الآية، وفي سورة المؤمن يقول:{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} (3) إلخ الآية، وفي سورة الحج يقول:{إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} (4) إلخ الآية، وفي سورة الروم يقول:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} (5){وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} (6).

ويلاحظ القارئ الكريم أن هذه الآيات وأمثالها بعد أن ذكرت نشأة الإنسان وتدرجه المادي من تراب إلى نطفة إلى علقة إلى مضغة. . . إلى أن صار إنسانا سميعا

(1) سورة المؤمنون الآية 12

(2)

سورة المؤمنون الآية 13

(3)

سورة غافر الآية 67

(4)

سورة الحج الآية 5

(5)

سورة الروم الآية 54

(6)

سورة الروم الآية 55

ص: 255

بصيرا صالحا لانتهاج سبيل الخير أو الشر أتبعت ذلك التدرج الذي لا شك فيه بقضيتين اثنتين:

القضية الأولى: قضية يقينية أيضا متفق عليها لا ينازع فيها كافر ولا مؤمن، ولكنها مع تيقنها ومشاهدتها والجزم بوقوعها - تشبه الشك عند الناس، بمعنى أنهم يتصرفون في حياتهم ومسالكهم تصرفا لا يشعر باستعدادهم لها، كأنها في نظرهم لن تقع ولن تكون - تلك القضية هي (قضية الموت) التي قال في شأنها (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه:"ما رأيت يقينا أشبه بالشك من الموت".

والقضية الثانية: قضية يقينية مثل أختها، لكنها ليست محل اتفاق بين الناس: فمنهم مؤمن بها جازم بتحققها ووقوعها - ومنهم منكر لها جاحد لتصديقها بل كافر بإمكانها مستهزئ بمن يخبر بها أو يطالب الناس أن يؤمنوا بها.

ومنهم صنف ثالث متحير مرتاب، متردد بين التصديق بها والتكذيب وصدق الله العظيم:{عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} (1){عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} (2){الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} (3).

هذه القضية الثانية: هي قضية (البعث بعد الموت)، أو قضية (الإيمان باليوم الآخر، والجزاء العادل).

هاتان القضيتان: (أعني الموت، ثم البعث) - ذكرتا عقب الأطوار السبعة التي مر بها الإنسان في نشأته المادية فهما طبقان من الأطباق التي يركبها الإنسان واحدا بعد واحد {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} (4). واقرأ قوله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ} (5) إلى أن تصل إلى قوله: {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (6){ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (7) فسترى أنهما ذكرتا نصا صريحا بعد الأطوار السبعة التي سلمنا بها، واتفقنا على أنها واقعة بلا شك ولا ارتياب، وهاتان

(1) سورة النبأ الآية 1

(2)

سورة النبأ الآية 2

(3)

سورة النبأ الآية 3

(4)

سورة الانشقاق الآية 19

(5)

سورة المؤمنون الآية 12

(6)

سورة المؤمنون الآية 15

(7)

سورة المؤمنون الآية 16

ص: 256

القضيتان: مصورتان تصويرا عمليا، كما تصور وسائل الإيضاح - في نماذج متعددة وفي مظاهر مشهودة في الصباح وفي المساء، وفيما بينهما:

ينام الإنسان، فيموت الموتة الصغرى، ثم يستيقظ فيحيا من موتته، فيقول إما بحاله أو بمقاله:«الحمد الله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور (1)» - أليس ذلك نموذج للحياة بعد الممات؟ {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} (2).

تيبس الأرض، وتهمد وتخمد وتموت، ثم ينزل عليها ماء السماء، وهو - كما تعلم - جماد لا روح فيه - ولكن بنزوله على الأرض الميتة تحيا بعد موتها، وتتمخض عن ألوان لا حصر لها من أولادها الأحياء - يا للعجب!! ميت يلتقي بميت فتنبعث منهما الحياة!! سبحان الله، صنع الله الذي:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} (3).

تذبل الشجرة: وتذوي أوراقها، وتضمر وتساقط ثمارها، ويجف ويغيض ماؤها، ثم تكون حطاما يتناثر في أحشاء الأرض، ويضطمر في بطنها، ويصير ترابا من ترابها، ثم لا تلبث الشجرة أن تنبت وتعود مورقة زاهية الإيراق، ناضرة الزهر، يانعة الثمر - ممه؟ من ماء ميت العناصر (أيدروجين وأكسوجين) ومن تراب ميت العناصر أيضا. . . ومثل الشجرة قل في الحبة والبقلة، واقرأ واستمع وتمعن في قول ربك القدير:{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} (4){وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} (5){رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} (6).

ولن أطيل عليك الحديث، ولكني أدعوك مرة ثانية لإطالة النظر والإمعان فيما ترى من آيات الله في الأكوان، وفيما تقرأ وتسمع من آياته البينات في كتابه الكريم.

(1) صحيح البخاري الدعوات (6314)، سنن الترمذي الدعوات (3417)، سنن أبو داود الأدب (5049)، سنن ابن ماجه الدعاء (3880)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 387)، سنن الدارمي الاستئذان (2686).

(2)

سورة الزمر الآية 42

(3)

سورة الروم الآية 19

(4)

سورة ق الآية 9

(5)

سورة ق الآية 10

(6)

سورة ق الآية 11

ص: 257