الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العلاقة بين المعنيين اللغوي والشرعي:
بالنظر إلى تعريف "سنة" لغة وشرعا يتضح أن المعنى اللغوي أعم وأشمل لأن السنة فيه تعني الطريقة حميدة أو ذميمة كما أنها شاملة لطريقة كل شخص سواء كان الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الناس، في حين أن معناها في الاصطلاح قاصر على ما يقابل القرآن وهو سنته صلى الله عليه وسلم التي تعني قوله وفعله وتقريره، أما من عدا الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يطلق على طريقته سنة بهذا المعنى سوى الخلفاء الراشدين لقوله صلى الله عليه وسلم:«عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ (1)» .
(1) سنن الترمذي العلم (2676)، سنن ابن ماجه المقدمة (44)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 126)، سنن الدارمي المقدمة (95).
3 -
أ *
أمثلة لأنواع السنة من حيث هي قول وفعل وتقرير
.
ب * اعتبار قول الرسول صلى الله عليه وسلم حجة.
ج * اعتبار تقرير الرسول عليه السلام حجة.
د * فعل الرسول صلى الله عليه وسلم متى يكون حجة وتفصيل القول في هذا.
أ- 1) مثال قول الرسول عليه السلام: ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه «أن النبي عليه السلام قال له رجل أوصني، قال: " لا تغضب فردد مرارا، قال: لا تغضب (1)» ومثاله أيضا ما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (2)» .
فالرسول صلى الله عليه وسلم بين شيئا من سنته التي يجب أن يطاع فيها وأن
(1) الأربعون النووية رقم 16 و 34
(2)
الأربعون النووية رقم 16 و 34
يقتدى به بطريق هو القول بكبح الغضب في الحديث الأول وتغيير المنكر في الحديث الثاني.
2) ومثال فعله صلى الله عليه وسلم: ما جاء من قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي (1)» وقوله: «لتأخذوا عني مناسككم (2)» فهذان الحديثان يدلان على أن من صلى كفعله للصلاة أو أخذ نسكه وفق نسك الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ممتثل له مقتد به يحظى بشرعية عمله ومثاله أيضا قطعه يد السارق من الكوع بيانا لقوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (3) وكتيممه صلى الله عليه وسلم حين ضرب الأرض بكفيه ومسح بهما وجهه وظاهر كفيه بيانا لقوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} (4) الآية.
2) ومثال تقريره ما روى مسلم (5) عن عبد الله بن مفضل رضي الله عنه قال: «أصبت جرابا من شحم يوم خيبر قال: فالتزمته فقلت: لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا قال: فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مبتسما (6)» .
ووجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم تبسم دون إنكار فكان إقرارا منه صلى الله عليه وسلم لهذا العمل وهذا يدل على أن الإقرار نوع من أنواع التشريع كالقول تماما.
ومثله: قصة قيافة المدلجي في أسامة بن زيد وأبيه وكذا أكل الضب على مائدته عليه الصلاة والسلام.
(1) رواه البخاري، انظر: بلوغ المرام / 38
(2)
رواه مسلم، انظر: مختصر صحيح مسلم للمنذري ص 192
(3)
سورة المائدة الآية 38
(4)
سورة النساء الآية 43
(5)
صحيح مسلم كتاب الجهاد.
(6)
صحيح البخاري فرض الخمس (3153)، صحيح مسلم الجهاد والسير (1772)، سنن النسائي الضحايا (4435)، سنن أبو داود الجهاد (2702)، مسند أحمد بن حنبل (5/ 55)، سنن الدارمي السير (2500).
ب) دلالة قول الرسول صلى الله عليه وسلم على أن مقتضاه من شرع الله أمر لا إشكال فيه ولا تفصيل كما يقول الشاطبي (1) أي أن الامتثال لقوله صلى الله عليه وسلم واضح أنه مطلوب، ولكن المجتهد مطالب بأن ينظر في هذه الأقوال من حيث
(1) الموافقات 58/ 4 بتصرف.
كونها أوامر أو نواهي أو غيرهما وهل الأمر للوجوب أو للندب، أو للإباحة وكذا النهي هل هو للتحريم أو للكراهة، كما ينظر في هذه الأقوال من حيث سلامتها من المعارضة أو وجود معارض يتعين معه الترجيح، أو البحث عنها من حيث كونها ناسخة أو منسوخة إلى آخر ما يستدعيه نظر المجتهد كما هو مبين في كتب الأصول.
جـ) تقرير الرسول صلى الله عليه وسلم للفعل مع القدرة على إنكاره دليل إباحته وينسخ ما سبقه مما يدل على تحريم الفعل أو يخصصه لأنه لو لم يعتبر كذلك لكان سكوت الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإنكار تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة. وهو محال، فإن رئي النبي صلى الله عليه وسلم مستبشرا من الفعل كان ذلك أدل على إباحته ومثال هذا: تبسمه صلى الله عليه وسلم من عبد الله بن المفضل في قصة الجراب التي مرت قريبا، وكما في قصة المدلجي لما دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أسامة بن زيد وأبوه زيد بن حارثة عليهما قطيفة قد غطيا رؤوسهما وقد بدت أقدامهما فقال المدلجي: إن هذه الأقدام بعضها من بعض (1)، فدخل الرسول صلى الله عليه وسلم على عائشة مسرورا تبرق (2) أسارير وجهه فهذا إقرار منه صلى الله عليه وسلم لما رأى فكان العمل به كالعمل بالقول الصادر منه صلى الله عليه وسلم.
(1) انظر الموافقات 67/ 4 وما بعدها
(2)
لفظ الحديث رواه الجماعة انظر منتقى الأخبار الحديث رقم 3796 (باب الحجة في العمل بالقافة)
2 -
فعل الرسول صلى الله عليه وسلم متى يكون فيه أسوة؟
أفعاله عليه الصلاة والسلام أنواع:
1) ما يفعله على وجه الجبلة والعادة كالقيام والقعود والأكل والشرب ونحوه: فهذا لا نزاع في كونه على الإباحة بالنسبة إليه وإلى أمته وهو غير داخل فيما يطلب فيه التأسي بل كل ما يفيده فعله صلى الله عليه وسلم لهذه الأشياء الإباحة، فإذا جلس أو قام في مكان أو زمان أو ركب نوعا من الدواب أو تناول لونا من