الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حفرة خاصة يسوى ظاهرها كسائر القبور، وبعد ذلك لا حرج في الصلاة في المسجد المذكور؛ لزوال المحذور.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو
…
عضو
…
نائب رئيس اللجنة
…
الرئيس
عبد الله بن قعود
…
عبد الله بن غديان
…
عبد الرزاق عفيفي
…
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
من الفتوى رقم 5316
س: ما
حكم الإسلام في الصلاة في المسجد الذي فيه بعض القبور
؛ لأن بعض الناس يقولون: يجوز؛ يستدلون بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام، ويستدلون بالآية التي في سورة الكهف:{قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} (1) هل هذا دليل في بناء المساجد على القبور، وهل تجوز الصلاة فيها؟ إذا قلت له بناء المساجد على القبور، وقلت لهم حديث رسول الله «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2)» - يقول لك: هذا نزل في حق اليهود، ونحن لسنا مثلهم فهم كانوا يعبدون من فيها، ونحن لا نعبدها ولكن نتبرك بهم. أفتونا في ذلك فإن الأمر فيه اختلاف شديد، وبعض الناس يتعدى مساجد كثيرة ليذهب إلى هذا المسجد
(1) سورة الكهف الآية 21
(2)
صحيح البخاري الجنائز (1390)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531)، سنن النسائي المساجد (703)، مسند أحمد (6/ 274)، سنن الدارمي الصلاة (1403).
الذي فيه الضريح ليصلي فيه، فما رأيكم في تلك الصلاة؟
ج: يحرم اتخاذ المساجد على القبور؛ لما ثبت في الحديث المتفق على صحته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (1)» .
والنبي صلى الله عليه وسلم دفن خارج المسجد في بيت عائشة رضي الله عنها، فالأصل في مسجد الرسول أنه بني لله تعالى ولم يبن على القبر، وإنما أدخل قبر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتوسعة، أما قوله تعالى:{قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} (2) فقال الإمام ابن كثير في تفسيره: حكى ابن جرير في القائلين ذلك قولين:
أحدهما: أنهم المسلمون منهم.
والثاني: أهل الشرك منهم. فالله أعلم.
والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا؟ فيه نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد يحذر ما فعلوا (3)» ، ففهم من هذا أن الله لم يقرهم عليه، وعلى تقدير تقريره فإن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وما دام ورد شرعنا بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد فلا تجوز الصلاة فيها ولا تصح.
(1) صحيح البخاري الجنائز (1390)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531)، سنن النسائي المساجد (703)، مسند أحمد (6/ 274)، سنن الدارمي الصلاة (1403).
(2)
سورة الكهف الآية 21
(3)
صحيح البخاري الجنائز (1390)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (531)، سنن النسائي المساجد (703)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 121)، سنن الدارمي الصلاة (1403).
أما قولهم: إن هذا في حق اليهود والنصارى، فليس بصحيح؛ لأن الأصل في الأدلة الشرعية أنها عامة، والرسول عليه الصلاة والسلام قال ذلك ليحذرنا أن نعمل مثل عملهم، ويدل على العموم ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك (1)» .
وأما ما ذكرته من التبرك بالصالحين الأموات رجاء نفعهم والقرب منهم وشفاعتهم: فهذا لا يجوز، وهو من الشرك الأكبر، قال تعالى عن المشركين أنهم قالوا:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (2)، وقال تعالى عنهم في سورة يونس:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (3)
وأما التبرك بالصالحين الأحياء فبدعة؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوه فيما بينهم لا مع الخلفاء الراشدين ولا مع غيرهم، ولأنه وسيلة إلى الشرك بهم فوجب تركه، وقد يكون شركا أكبر إذا اعتقد في الصالح أنه ينفع ويضر بتصرفه، وأنه يتصرف في الكون
(1) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (532).
(2)
سورة الزمر الآية 3
(3)
سورة يونس الآية 18