الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المناسبة ما يوجب التآلف والمحبة ويزيل الوحشة والتقاطع (1).
- أن يبدأ المسلم أخاه عند اللقاء والكلام بالسلام، فهي التحية العظيمة للمسلمين في الدنيا والآخرة، وأنها أولى من التحيات الأخرى التي انتشرت بين المسلمين مثل " صباح الخير " و" أهلا وسهلا" فضلا عن التحية باللغات الأجنبية .. نعم إذا بدأ بالسلام فلا مانع أن يعقبه بما شاء من هذه الألفاظ والتراحيب.
- أن إفشاء السلام ونشره من موجبات دخول الجنة.
- أنه علامة على تواضع المسلم ولينه وحسن خلقه.
(1) انظر: بهجة قلوب الأبرار للشيخ عبد الرحمن السعدي (ص 113).
المبحث الثاني: لين الكلام وطيبه وانتقاء الألفاظ والجمل الحسنة عند مخاطبة الناس:
ويدخل تحت هذا الأصل كل كلام حسن طيب، كما أمر الله عز وجل في قوله:{وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} (1)، وقوله تعالى:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (2).
قال ابن القيم: " كان يتخير في خطابه ويختار لأمته أحسن الألفاظ وأجملها، وألطفها، وأبعدها من ألفاظ أهل الجفاء والغلظة
(1) سورة البقرة الآية 83
(2)
سورة الإسراء الآية 53
والفحش " (1) وقال أيضا: " وأصل هذا الباب: قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} (2) فالشيطان ينزغ بينهم إذا كلم بعضهم بعضا بغير التي هي أحسن، فرب حرب وقودها جثث وهام، أهاجها القبيح من الكلام " (3).
فمن الأحاديث العظيمة الواردة في هذا الأصل:
1 -
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة (4)»
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والكلمة الطيبة صدقة (5)»
3 -
عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا طيرة (6) وخيرها الفأل قيل: يا رسول الله وما الفأل؟ قال: الكلمة
(1) زاد المعاد (2/ 352).
(2)
سورة الإسراء الآية 53
(3)
الطرق الحكمية (ص 43).
(4)
أخرجه: البخاري، كتاب الأدب، باب طيب الكلام (رقم 6023)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة (رقم 2349).
(5)
أخرجه: البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر (رقم 2891)، ومسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أم اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (رقم 2335) وهو جزء من حديث طويل.
(6)
أخرجه: البخاري، كتاب الطب، باب الفأل (رقم 5755)، ومسلم، كتاب السلام، باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من الشؤم (رقم 5798).
الصالحة يسمعها أحدكم»
4 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت (1)»
5 -
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم «من صنع إليه معروفا فقال لفاعله: جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء (2)»
ففي هذه النصوص جملة من الفوائد منها:
- أن الأصل في الكلام ومخاطبة جميع الناس أن يكون بكلام حسن طيب.
- يدخل في الكلام الحسن: الصدق والعدل في القول، وبذل
(1) أخرجه: البخاري، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان (رقم 6475)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير وكون ذلك كله من الإيمان (رقم 173).
(2)
أخرجه: الترمذي، كتاب البر والصلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في الثناء بالمعروف (رقم 2035)، وقال: حديث حسن صحيح. وقد وردت بمعناه أحاديث عديدة ينظر الترغيب والترهيب للمنذري، الترغيب في شكر المعروف ومكافأة فاعله والدعاء له وما جاء فيمن لم يشكر ما أولي إليه (2844).
السلام، وتشميت العاطس، والنصيحة برفق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم العلم وغيرها كثير مما لا يمكن حصره مما دلت على أفراده أحاديث كثيرة مشهورة في كتب الحديث لا يتسع المقام لذكرها.
- للكلمة الطيبة أثر كبير في نشر المحبة والمودة في المجتمع؛ يقول سيد قطب في قوله تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1) على وجه الإطلاق وفي كل مجال. فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه: بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة. فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت، وبالرد السيئ يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء، والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب، تندي جفافها، وتجمعها على الود الكريم {إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} (2) يتلمس سقطات فمه، وعثرات لسانه، فيغري بها العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه. والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات، وتقطع عليه الطريق، وتحفظ حرم الأخوة آمنا من نزغاته ونفثاته " (3).
(1) سورة الإسراء الآية 53
(2)
سورة الإسراء الآية 53
(3)
في ظلال القرآن (4/ 2234).