الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كفلت لنا التحديد وبدقة متناهية والرجوع إلى الأطباء وأهل التخصص عند الاختلاف في ذلك أمر هام وضرورة ملحة.
الفصل الثالث
مسائل متفرقة ومتعددة في العدة
(1)
المطلقة رجعيا يتوفى عنها زوجها قبل انقضاء عدتها:
اتفق الفقهاء جميعهم على أن المطلقة رجعيا يتوفى عنها زوجها قبل انقضاء عدتها استأنفت عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرا لعموم وجوب العدة على المتوفى عنها زوجها {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (1)، ولأن العدة هنا للتعبد، وموت الزوج يوجب عدة (2) والمطلقة رجعيا زوجة
(1) سورة البقرة الآية 234
(2)
مختصر الخرشي 4/ 144 - 145.
حكما يلحقها طلاق زوجها وترثه إذا توفي عنها وتنتقل من عدة المطلقة لعدة المتوفى عنها زوجها ولو حصلت الوفاة قبل تمام عدتها بيوم واحد (1) أما غير المدخول إن مات عنها زوجها فتعتد تعبدا (2).
(2)
المتوفى عنها زوجها البائن في صحة زوجها:
لم تنتقل عن عدة الطلاق لأنها ليست زوجة حقيقة ولا حكما فالزوجية قد زالت بالإبانة فتبقى عدة الطلاق على حالها لأنها أجنبية منه (3) وهذا مذهب مالك (4) والشافعي (5) ورأي الحنفية (6)
(1) انظر: بلغة السالك 1/ 465.
(2)
انظر: الروض المربع 2/ 900.
(3)
انظر: أحكام المتوفى في التشريع الإسلامي 703، المغني 11/ 226.
(4)
انظر: المجموع 18/ 152.
(5)
انظر: الأم 5/ 198، المجموع 18/ 152.
(6)
انظر: البحر الرائق 4/ 149.
والحنابلة (1) أما مذهب أبي حنيفة (2) ورأي للحنابلة (3) تعتد أطول الأجلين كما لو طلقها في مرض موته.
والراجح: القول الأول لانقطاع النكاح بالبينونة والله أعلم.
(3)
المتوفى عنها زوجها البائن في مرض موت زوجها:
تعتد الأطول من عدة وفاة وطلاق لأنها (أ) مطلقة فوجب عليها عدة الطلاق، (ب) وارثة فتجب عليها عدة الوفاة.
ويندرج أقلهما في أكثرهما.
فإرثها هنا مقابل عدتها عدة الوفاة فحقها في الإرث يثبت مقابل تأديتها لحقه وهي العدة (4) ويلزمها عدة الطلاق لأنها بائن في النكاح فهي ليست زوجة له (5).
(1) انظر: شرح منتهى الإرادات 3/ 219.
(2)
انظر: شرح فتح القدير 4/ 142، رد المحتار 3/ 513، مجمع الأنهر 1/ 467.
(3)
انظر: المغني 11/ 226.
(4)
انظر: أحكام المتوفى في التشريع الإسلامي 706، المغني 11/ 225.
(5)
انظر: المغني 11/ 225.
وهذا عند أبي حنيفة ومحمد ونص في مذهب أحمد (1).
أما عند مالك والشافعي (2) وأبي يوسف (3) فعدتها عدة طلاق دون عدة الوفاة لأنه مات وليست زوجة له، لأنها بائن من النكاح فلا تكون منكوحة (4).
(4)
عدة المستحاضة غير المميزة:
سنة فإنها تعتد بالأقراء لا بالأشهر، لأن الدم المميز بعد طهر تام يعد حيضا (5).
(5)
من ارتفع حيضها ولم تدر سبب رفعه:
اختلف الفقهاء فيها على عدة أقوال:
(1) انظر: المغني: 11/ 225، شرح منتهى الإرادات 3/ 219.
(2)
انظر: المجموع 18/ 152 - 153، المغني 11/ 225.
(3)
انظر: مختصر اختلاف الفقهاء 2/ 394، شرح فتح القدير 4/ 142 - 143.
(4)
انظر: المغني 11/ 225.
(5)
انظر: الفواكه الدواني 2/ 62.
القول الأول: عند مالك وأحد قولي الشافعي (1) ومذهب أحمد (2) عدتها سنة، تسعة أشهر كغالب مدة الحمل فإن لم يظهر حمل حكم ببراءة الرحم، وثلاثة أشهر كعدة الآيسات ولا تنقضي العدة بعود الحيض بعد المدة لانقضاء عدتها (3).
وهذا قضاء عمر بين المهاجرين والأنصار.
القول الثاني:
عند الشافعي في أحد قوليه (4) عدتها أربع سنين لأنها أكثر مدة الحمل، ثم تعتد عدة الآيسات ثلاثة أشهر، وذلك حتى تتيقن براءة رحمها من الحمل باعتدادها أكثر مدة الحمل.
(1) انظر: الأم 5/ 195، المجموع 11/ 135.
(2)
انظر: المغني 11/ 195، 11/ 214 - 215، زاد المعاد 5/ 584، شرح منتهى الإرادات 3/ 221.
(3)
انظر: الروض المربع 2/ 906، شرح منتهى الإرادات 3/ 221.
(4)
انظر: الأم 5/ 195، المجموع 18/ 136.
القول الثالث:
عند أبي حنيفة (1) وقول للشافعي (2) تعتد أبدا حتى تحيض أو تبلغ سن الإياس فتعتد ثلاثة أشهر.
وذلك لأن العدة بالأشهر بعد اليأس فلا تعتد بها قبله، ولإمكانية عودة الدم إليها.
الراجح:
ما ذهب إليه أصحاب القول الأول؛ لأن المقصود من العدة معرفة براءة الرحم وعادة ما تحصل في السنة، والتطويل أكثر من ذلك فيه ضرر على المرأة يمنعها من الزواج، وعلى الرجل بإيجاب السكن والنفقة عليه (3) إضافة إلى أن العلم الحديث يسر أمر معرفة براءة الأرحام فلله الحمد والمنة.
(6)
عدة امرأة المفقود (4)
إذا كانت غيبته غير منقطعة بحيث يعرف خبره فهذا ليس
(1) انظر: رد المحتار 3/ 508، مجمع الأنهر 1/ 465، بدائع الصنائع 3/ 195.
(2)
انظر: الأم 5/ 195، المجموع 18/ 135، 139.
(3)
انظر: الاختيارات الفقهية 3/ 313.
(4)
المفقود هو من انقطع خبره. انظر: حاشية الدسوقي 2/ 479.
لامرأته أن تتزوج بإجماع أهل العلم (1).
أما إذا غاب وانقطع خبره فهذا له حكمان:
أ- إن كان ظاهر غيبته الهلاك تتربص أربع سنين من فقده وهذا عند أحمد (2) والمالكية (3) وأضافوا ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا.
ب- إن كان ظاهر غيبته السلامة فاختلف الفقهاء في ذلك: عند الإمام أحمد تتربص تسعين سنة من ولادته ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا، لأن الظاهر أنه لا يعيش أكثر من هذا العمر (4).
وعند مالك والشافعي في القديم تتربص أربع سنين ثم تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرا واحتجوا بحديث عمر رضي الله عنه في المفقود (5).
(1) انظر: المغني 11/ 247، المجموع 11/ 158.
(2)
انظر: الروض المربع 2/ 907، المغني 11/ 248، شرح منتهى الإرادات 3/ 222.
(3)
انظر: حاشية الدسوقي 2/ 479.
(4)
انظر: الروض المربع 2/ 907، المغني 11/ 247 - 248، شرح منتهى الإرادات 3/ 222.
(5)
انظر: المغني 11/ 247، المجموع 18/ 159، كتاب العدد من الحاوي 1/ 766.
وعند الشافعي في الجديد تتربص حتى تعرف موته أو طلاقها (1).
والراجح:
جاء في الشرح الممتع (2)" الصحيح أننا لا نقدر ذلك بما ذكره الفقهاء، وأن الأمر في ذلك راجع إلى اجتهاد القاضي في كل قضية بعينها، فربما تكون أربع سنين كثيرة يغلب على الظن أنه مات قبل ذلك، وربما تكون قليلة بحسب الحال ".
(7)
عدة المختلعة
للفقهاء في ذلك قولان:
القول الأول: عدتها عدة طلاق. وهذا مذهب مالك (3) والشافعي (4) وأحمد في المشهور عنه وصححه ابن قدامة في المغني (5).
وأدلتهم في ذلك:
1 -
قوله تعالى:
(1) انظر: المجموع 18/ 159.
(2)
13/ 373.
(3)
انظر: المغني 11/ 195.
(4)
انظر: الأم 5/ 181.
(5)
انظر: المغني 11/ 195 - 196.
2 -
ولأنها فرقة بعد الدخول في الحياة الزوجية فهي كعدة الطلاق.
3 -
عموم قوله صلى الله عليه وسلم في عدة الأمة «طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان (2)»
وقول ابن عمر رضي الله عنهما: " عدة المختلعة عدة المطلقة "(3).
القول الثاني: عدتها حيضة. وذلك في رواية عن أحمد وبه قال أكثر أهل العلم (4).
وأدلتهم في ذلك:
1 -
«اختلعت امرأة ثابت بن قيس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عدتها حيضة (5)»
(1) سورة البقرة الآية 228
(2)
أخرجه أبو داود كتاب الطلاق /باب في سنة طلاق العبد رقم (2189).
(3)
أخرجه مالك في الموطأ كتاب الطلاق /باب طلاق المختلعة رقم (1192 - 1193).
(4)
انظر: المغني 11/ 195.
(5)
ابن ماجه كتاب الطلاق باب في عدة المختلعة رقم (2058). ونص ذلك: اختلعت الربيع بنت معوذ بن عفراء من زوجها فجاءت عثمان فسألت ماذا علي من العدة. فقال: لا عدة عليك، إلا أن يكون حديث عهد بك، فتمكثين حتى تحيضين حيضة. قال: وإنما نتبع قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مريم المغالية. وكانت تحت ثابت بن قيس، فاختلعت منه.
2 -
قضاء عثمان رضي الله عنه بذلك (1).
وقد رد الفريق الأول على أدلة الفريق الثاني بما يلي:
1 -
حديث امرأة ثابت مرسل وفيه راو ضعيف (2).
2 -
قضاء عثمان رضي الله عنه يخالفه قضاء غيره من الصحابة (3).
الراجح: القول الثاني لقوة أدلة القائلين به. " والله أعلم ".
(8)
عدة المطلقة قبل الخلوة والدخول:
نص القرآن الكريم على عدم إيجاب العدة على المطلقة قبل الخلوة والدخول قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (4).
(1) وذلك في حق الربيع بنت معوذ، أخرجة ابن ماجه كتاب الطلاق /باب عدة المختلعة رقم (2058).
(2)
انظر: اختيارات ابن قدامة الفقهية 3/ 292، المغني 11/ 196.
(3)
انظر: المغني 11/ 196.
(4)
سورة الأحزاب الآية 49
النكاح في الآية يطلق على العقد، وهو يطلق في الحقيقة على الوطء، وقد كنى عن الوطء بالملامسة (1).
وقد أجمعت الأمة على أن المطلقة قبل المسيس لا عدة عليها لتيقن براءة رحمها (2).
واختلف الفقهاء فيمن فارقها زوجها بعد الخلوة وقبل المس على قولين:
القول الأول:
تجب العدة عليها وهذا عند أبي حنيفة (3) والشافعي في القديم (4) ومذهب أحمد (5) وبه قال عدد من الصحابة (6).
(1) انظر: المجموع 18/ 125.
(2)
انظر: المجموع 18/ 624.
(3)
انظر: بدائع الصنائع 3/ 191، رد المحتار 3/ 54.
(4)
انظر: الأم 5/ 197، المجموع 18/ 126، كتاب العدد من الحاوي 1/ 370.
(5)
انظر: المغني 11/ 197.
(6)
انظر: المغني 11/ 197، المجموع 18/ 126.
وأدلتهم في ذلك:
1 -
قضاء الخلفاء الراشدين أن من أرخى سترا أو أغلق بابا فقد وجب المهر ووجبت العدة.
2 -
لأنه عقد على المنافع فالتمكين فيه يجري مجرى الاستيفاء في الأحكام المتعلقة كعقد الإجارة (1).
3 -
التمكين في الخلوة وارد، وينعدم التمكين بعدم الخلوة، والخلوة أقيمت مقام الدخول التي فيها حق الله وحق الله يحتاط في إيجابه (2).
القول الثاني:
لا تجب العدة عليها وهو قول الشافعي في الجديد (3).
والدليل على ذلك صريح نص القرآن الكريم قال تعالى:
(1) انظر: اختيارات ابن قدامة 3/ 27، المغني 11/ 198.
(2)
انظر: بدائع الصنائع 3/ 191.
(3)
انظر: المجموع 18/ 126، كتاب العدد من الحاوي 1/ 371، المغني 11/ 197 - 198.