المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في المزارعة والمساقاة والشرب] - مجمع الضمانات

[غانم بن محمد البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الزَّكَاة]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْأُضْحِيَّةِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْعِتْقِ]

- ‌[بَابُ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ وَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ]

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل ضمان المستأجر وَفِيهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الدَّوَابّ]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْأَمْتِعَة]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْآدَمِيِّ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي فِي الْأَجِيرِ وَفِيهِ مُقَدِّمَة وَتِسْعَة عَشْر نَوْعًا]

- ‌[المقدمة فِي الْكَلَام عَلَى الْأَجِير الْمُشْتَرَك وَالْأَجِير الْخَاصّ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل ضمان الرَّاعِي والبقار]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي ضمان الْحَارِس]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان الْحَمَّال]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْمُكَارِي]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان النَّسَّاج]

- ‌[النَّوْع السَّادِس ضمان الْخَيَّاط]

- ‌[النَّوْع السَّابِع ضمان الْقَصَّار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن ضمان الصَّبَّاغ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع ضمان الصَّائِغ والحداد والصفار وَمنْ بِمَعْنَاهُ وَالنَّقَّاش]

- ‌[النَّوْع الْعَاشِر ضمان الْفِصَاد وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع الْحَادِي عَشْر ضمان الملاح]

- ‌[النَّوْع الثَّانِي عَشْر ضمان الْخَبَّاز وَالطَّبَاخ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث عَشْر ضمان الغلاف وَالْوَرَّاق وَالْكَاتِب]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع عَشْر ضمان الْإِسْكَاف]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس عَشْر ضمان النَّجَّار وَالْبِنَاء]

- ‌[النَّوْع السَّادِس عَشْر ضمان الطَّحَّان]

- ‌[النَّوْع السَّابِع عَشْر ضمان الدَّلَّال وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[ضمان الْبَيَّاع وَالسِّمْسَار]

- ‌[النَّوْع الثَّامِن عَشْر ضمان الْمُعَلَّم وَمنْ بِمَعْنَاهُ]

- ‌[النَّوْع التَّاسِع عَشْر ضمان الْخَادِم وَالظِّئْر]

- ‌[بَاب مَسَائِل الْعَارِيَّةِ]

- ‌[مُقَدِّمَة فِي الْكَلَام فِي الْعَارِيَّةِ]

- ‌[النَّوْعُ الْأَوَّلُ ضَمَانُ الدَّوَابِّ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي ضَمَانُ الْأَمْتِعَةِ]

- ‌[النَّوْع الثَّالِث ضمان القن]

- ‌[النَّوْع الرَّابِع ضمان الْعَقَار]

- ‌[النَّوْع الْخَامِس ضمان الْمُسْتَعَار لِلرَّهْنِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَدِيعَة وَفِيهِ فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْوَدِيعَة وَمَا يَجُوز لِلْمُودَعِ وَمَا لَا يَجُوز]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَنْ يَضْمَن الْمُودَع بالدفع إلَيْهِ وَمنْ لَا يَضْمَن]

- ‌[مطلب مُودَع الْغَاصِب]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي الْخَلْطِ وَالِاخْتِلَاطِ وَالْإِتْلَافِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَوْتِ الْمُودَعِ مُجْهِلًا]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]

- ‌[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا يَصِيرُ بِهِ رَهْنًا وَمَا لَا يَصِيرُ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّهْنُ]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الزِّيَادَة فِي الرَّهْن وَاسْتِبْدَاله وتعدده]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي التَّعَيُّبِ وَالنُّقْصَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي التَّصَرُّفِ وَالِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِيفَاءِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي الرَّهْنِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ]

- ‌[الْفَصْلُ التَّاسِعُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّاهِنِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْغَصْب وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [

- ‌الْفَصْل الْأَوَّل بَيَان الْغَصْب وَأَحْكَام الْغَاصِب مِنْ الْغَاصِب وَغَيْر ذَلِكَ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي إذَا ظَفِرَ بِالْغَاصِبِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْغَصْبِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يَصِيرُ بِهِ الْمَرْءُ غَاصِبًا وَضَامِنًا]

- ‌[الْفَصْل الرَّابِع فِي الْعَقَار وَفِيهِ لَوْ هَدَمَ جِدَار غَيْره أَوْ حَفَرَ فِي أَرْضه]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي زَوَائِدِ الْغَصْبِ وَمَنَافِعِهِ]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِيمَا لَيْسَ بِمَالِ وَمَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمِ وَمَا يَقْرَب مِنْ ذَلِكَ كالمدبر]

- ‌[الْفَصْل السَّابِع فِي نقصان الْمَغْصُوب وتغيره بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]

- ‌[الْفَصْل التَّاسِع فِي بَرَاءَة الْغَاصِب وَمَا يَكُون ردا لِلْمَغْصُوبِ وَمَا لَا يَكُون]

- ‌[بَاب فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ]

- ‌[بَاب فِي إتْلَاف مَال الْغَيْر وَإِفْسَاده مُبَاشَرَة وتسببا وَفِيهِ أَرْبَعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُبَاشَرَةِ وَالتَّسَبُّبِ بِنَفْسِهِ وَيَدِهِ]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِي الضَّمَان بِالسِّعَايَةِ وَالْأَمْر وَفِيمَا يَضْمَن الْمَأْمُور]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالنَّارِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِيمَا يُضْمَنُ بِالْمَاءِ وَمَا لَا يُضْمَنُ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْجِنَايَاتِ وَفِيهِ سَبْعَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْجِنَايَةِ بِالْيَدِ مُبَاشَرَةً وَتَسَبُّبًا]

- ‌[الْفَصْل الثَّانِي فِيمَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق فيهلك بِهِ إنْسَان أَوْ دَابَّة]

- ‌[الْفَصْل الثَّالِث فِيمَا يَحْدُثُ فِي الْمَسْجِد فيهلك بِهِ شَيْء وَمَا يَعْطَب بِالْجُلُوسِ فِيهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ]

- ‌[الْفَصْل الْخَامِس فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[الْفَصْل السَّادِس فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْجَنِينِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِل الْحُدُود وَفِيهِ ضمان جِنَايَة الزِّنَا وضمان السَّارِق وقاطع الطَّرِيق]

- ‌[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌[الْمَسَائِلُ الاستحسانية]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْآبِقِ]

- ‌[بَاب فِي الْبَيْعِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَكَالَةِ وَالرِّسَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْكَفَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الشَّرِكَةِ وَفِيهِ خَمْسَة فُصُولٍ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي شَرِكَةِ الْأَمْلَاكِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي شَرِكَةِ الْعَنَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ]

- ‌[بَاب فِي مَسَائِلِ الْمُضَارَبَةِ وَفِيهِ فصلان]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْمُبَاضَعَةِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

- ‌[بَاب فِي الْوَقْفِ]

- ‌[بَاب فِي الْهِبَةِ]

- ‌[بَاب فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[بَاب فِي الرَّضَاعِ]

- ‌[بَاب فِي الدَّعْوَى]

- ‌[بَاب فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[مَسْأَلَة خَطَأ الْقَاضِي فِي قَضَائِهِ إذَا رجع الشُّهُود عَنْ شَهَادَتهمْ]

- ‌[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَاب فِي الصُّلْح]

- ‌[بَاب فِي السَّيْر]

- ‌[بَاب فِي الْقِسْمَة]

- ‌[بَاب فِي الْوَصِيّ وَالْوَلِيّ وَالْقَاضِي]

- ‌[بَاب فِي الْمَحْجُورِينَ وَالْمَأْذُونِينَ]

- ‌[الْأَسْبَاب الْمُوجِبَة للحجر]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْعَاقِلِ الْبَالِغِ]

- ‌[بَابُ فِي الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَاب فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

الفصل: ‌[باب في المزارعة والمساقاة والشرب]

فِي الْوِكَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ) الْمُزَارَعَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ وَقَعَتْ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِهَا، وَكَانَ الْخَارِجُ لَهُ يَطِيبُ لَهُ قَدْرُ بَذْرِهِ، وَمَا أَنْفَقَ، وَمَا غَرِمَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبٍ خَبِيثٍ لِأَنَّهُ رَبَّاهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ، وَيَغْرَمُ لِلزَّارِعِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَالزَّرْعُ يَطِيبُ لَهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَقَالَا جَائِزَةٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لَتَعَامُلِ النَّاسِ، وَلِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا، وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ، وَلِصِحَّتِهَا عَلَى قَوْلِهِمَا شُرُوطٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْكُتُبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَطْوِيلِ الْكِتَابِ بِذِكْرِهَا، وَإِذَا صَحَّتْ فَالْخَارِجُ عَلَى الشُّرُوطِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى مِقْدَارِ مَا شَرَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَهَلْ يُزَادُ عَلَى مَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ فِي الذِّمَّةِ وَعَدَمِ الْخَارِجِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ حَيْثُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِلْعَامِلِ إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ حِينَئِذٍ الْمُسَمَّى، وَهُوَ مَعْدُومٌ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ، وَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ يُفْسِدُهَا، وَعَمَلُ الْمُزَارَعَةِ كُلُّ عَمَلٍ يُنْبِتُ وَيَزِيدُ فِي الْخَارِجِ، وَمَا لَا يُنْبِتُ وَلَا يَزِيدُ لَا يَكُونُ مِنْ عَمَلِ الْمُزَارَعَةِ، وَشَرْطُ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا يُفْسِدُ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُهُ لِلتَّعَامُلِ، وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُ بَلْخِي كَمَا مَرَّ مِنْ الْوَجِيزِ، وَالْكَلَامُ فِي الْمُسَاقَاةِ كَالْكَلَامِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُزَارَعَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ قِبَلِ مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ، وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ.

دَفَعَ بَذْرًا إلَى آخَرَ وَقَالَ لَهُ ازْرَعْهُ فِي أَرْضِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهَذَا قَرْضٌ لَا هَدِيَّةٌ، وَإِنْ دَفَعَ الْبَذْرَ يَزْرَعُهُ فِي أَرْضِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا فَهِيَ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ مِنْ الصُّغْرَى.

وَإِذَا عُقِدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرُ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْعَمَلِ إلَّا إذَا كَانَ عُذْرٌ تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ فَتُفْسَخُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ. وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مِنْ قِبَلِهِ وَقَدْ كَرَبَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي عَمَلِ الْكِرَابِ قِيلَ هَذَا فِي الْحُكْمِ فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ يَلْزَمُهُ اسْتِرْضَاءُ الْعَامِلِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

مَخَرَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ ثُمَّ نُقِضَتْ الْمُزَارَعَةُ فَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ لِلْمُزَارِعِ فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَخَرَهَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ كَرَبَ الْأَرْضَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بِحُكْمِ إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْخَارِجِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ، وَفِي كِتَاب خُلَاصَةِ الْمُفْتِينَ، وَفِي عَامَّةِ الْكُتُبِ لَا شَيْءَ لِلْمُزَارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إذْ لَيْسَ لِلْمُزَارِعِ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٍ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ.

تَرَكَ الْأَكَّارُ سَقْيَ الزَّرْعِ حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ

ص: 314

ضَمِنَ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَرَكَ السَّقْيَ وَلَوْلَا قِيمَةٌ لِلزَّرْعِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ فَيَضْمَنُ نِصْفَ فَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَنَعَ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِ رَجُلٍ حَتَّى هَلَكَ زَرْعُهُ عَطَشًا لَمْ يَضْمَنْ الْمَانِعُ شَيْئًا وَلَوْ أَخَّرَ الْأَكَّارُ سَقْيَهُ تَأْخِيرًا يَفْعَلُهُ النَّاسُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَأْخِيرًا غَيْرَ مُتَعَارَفٍ ضَمِنَهُ.

وَلَوْ تَرَكَ الزَّرْعَ حَتَّى أَصَابَتْهُ آفَةٌ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَأَمْكَنَهُ دَفْعُهُ، وَلَمْ يَدْفَعْ، وَلَا يَضْمَنُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَلَوْ أَكَلَهُ الْجَرَادُ ضَمِنَ لَوْ أَمْكَنَهُ طَرْدُهُ، وَإِلَّا فَلَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَرَكَ الْحِفْظَ مَعَ إمْكَانِهِ ضَمِنَ لَا بِدُونِهِ.

تَرَكَ شَدَّ شَجَرَةٍ يَضُرُّهَا الْبَرْدُ كَشَجَرَةِ التِّينِ وَالْكَرْمِ أَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرْدُ ضَمِنَ لَوْ قَالَ لِلْأَكَّارِ أَخْرِجْ الْبُرَّ إلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ رَطْبٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ ضَمِنَ.

الْأَكَّارُ لَوْ تَرَكَ الْكَرْمَ، وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا يَحْفَظُهُ فَدَخَلَ الْمَاءُ، وَسَقَطَ حَائِطُهُ، وَهَلَكَ الزَّرَاجِينُ ضَمِنَ قِيمَةَ الزَّرَاجِينِ لَا الْحَائِطَ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ الزَّرَاجِينِ لَا الْحِيطَانِ وَلَوْ عَلَى الزَّرَاجِينِ عِنَبٌ لَا يَضْمَنُ إذْ حِفْظُهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَا كَانَ بَعْدَ بُلُوغِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ يَكُونُ عَلَيْهِمَا، وَلَكِنْ يَجِبُ نُقْصَانُ الْكَرْمِ إذْ حِفْظُ الْكَرْمِ يَلْزَمُهُ فَيَقُومُ الْكَرْمُ مَعَ الْعِنَبِ، وَبِدُونِهِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا.

لَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْأَكَّارِ بروآب بيار، وَزُمَيْن رااب ده، وَأَكَرَ رَبُّ الْأَرْضِ آبَ آدرد، وَأَمَرَهُ بِالسَّقْيِ فَأَبَى ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ.

وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الْأَكَّارُ لَوْ لَمْ يَسْقِ الزَّرْعَ حَتَّى فَسَدَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ بُلُوغِ الزَّرْعِ، وَنِهَايَتِهِ، وَجَفَافِهِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُقَسِّمَهَا، وَمَا كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مِمَّا يَصْلُحُ بِهِ الزَّرْعُ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ بَعَثَ الْأَكَّارُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ بَقَرِ الْمَالِكِ إلَى السَّرْحِ لَا يَضْمَنُ هُوَ، وَلَا الرَّاعِي.

لَوْ قَالَ رَبُّ الْوَضِيعَةِ لِأَكَّارِهِ أَخْرِجْ هَذَا الْبُرَّ إلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ هَذَا الْجَوْزَ أَوْ هَذَا الجوزق فَإِنَّهُ رَطْبٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ لَوْ قَبِلَ الْأَكَّارُ مِنْ رَبِّ الضَّيْعَةِ ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قِيمَةَ الْجَوْزِ وَالْبُرِّ، وَالْفَاسِدُ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ الرَّطْبِ مِثْلًا ضَمِنَ الْقِيمَةَ.

لَوْ زَرَعَ الْمُزَارِعُ خِلَافَ مَا أُمِرَ بِهِ يَصِيرُ مُخَالِفًا أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْأَرْضِ أَمْ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَاحِدٌ هَذِهِ فِي الْإِجَارَاتِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

لَهَا حِنْطَةٌ رَبِيعِيَّةٌ فِي خَابِيَةٍ، وَخَرِيفِيَّةٌ فِي أُخْرَى فَأَمَرَتْ أُخْتَهَا أَنْ تَدْفَعَ إلَى حَرَّاثِهَا الْخَرِيفِيَّةَ فَأَخْطَأْت فَدَفَعَتْ الرَّبِيعِيَّةَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ الْمَرْأَةُ بِنْتَهَا مَعَ الْحَرَّاثِ لِتَنْقُلَ إلَيْهِ الْحِنْطَةَ لِلْبَذْرِ فَفَعَلَتْ، وَبَذَرَهَا فَلَمْ تَنْبُتْ ثُمَّ تَبَيَّنَ إنَّهَا رَبِيعِيَّةٌ تُضَمِّنُ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَتْ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْطَأَتْ الْأُخْتُ صَارَتْ غَاصِبَةً، وَالْبِنْتُ، وَالْحَرَّاثُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ، وَهَذَا دَقِيقٌ حَسَنٌ يَخْرُجُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

غَصَبَ أَرْضًا، وَدَفَعَهَا إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ سَنَةً عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْمُزَارِعِ فَزَرَعَهَا، وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ، وَالْغَاصِبُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ فَمَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ مِنْ الزَّرْعِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَهَا قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ رَبُّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمُزَارِعُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ فَصَارَتْ لَهُ قِيمَةٌ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ فَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْحَبِّ، وَجَمِيعِ ذَلِكَ لِلْغَاصِبِ

ص: 315

وَالْمُزَارِعِ عَلَى شَرْطِهِمَا وَلَوْ دَفَعَ الْغَاصِبُ بَيْنَهُمَا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الدَّافِعِ فَبَذَرَهَا أَوْ لَمْ يَبْذُرْهَا أَوْ بَذَرَهَا فَخَرَجَ زَرْعٌ فَصَارَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّ الْمُزَارَعَةِ فَإِجَازَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ، وَالْمُزَارِعِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَجَازَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ يَزْرَعُ الزَّرْعَ الَّذِي نَبَتَ بَعْدَ إجَازَتِهِ فَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَنْقُضَ الْإِجَازَةَ اسْتِحْسَانًا فَإِنْ كَانَ أَجَازَ بَعْدَمَا طَلَعَ الزَّرْعُ، وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِجَازَةِ، وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ أَرْضَهُ بَعْدَمَا سَنْبَلَ الزَّرْعُ، وَلَمْ يَسْتَحْصِدْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُقَالُ لِلْغَاصِبِ اغْرَمْ لَهُ أَجْرَ مِثْلِ أَرْضِهِ فَيَبْقَى حَتَّى يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعُ، وَسُلِّمَتْ الزِّرَاعَةُ بَيْنَ الْمُزَارِعِ وَالْغَاصِبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

لَوْ دَفَعَ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارِعَةً بِالنِّصْفِ فَزَرَعَ الْعَامِلُ فَنَبَتَ أَوْ لَمْ يَنْبُتْ ثُمَّ سَقَاهُ وَقَامَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْمُزَارِعِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ وَلَوْ لَمْ يَزْرَعْ حَتَّى زَرَعَهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَسَقَاهُ حَتَّى نَبَتَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمُزَارِعُ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَالْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعٌ لِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ بِالتَّدْبِيرِ وَالسَّقْيِ صَارَ مُسْتَرِدًّا لِلْبَذْرِ، وَنَاقِضًا لِلْمُزَارَعَةِ فَانْتَقَضَتْ حُكْمًا لِعَمَلِهِ لَا قَصْدًا كَرَبِّ الْمَالِ إذَا أَخَذَ رَأْسَ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُضَارِبِ، وَتَصَرَّفَ فِيهِ وَرَبِحَ، صَارَ نَاقِضًا لِلْمُضَارَبَةِ، وَلَوْ لَمْ يَسْقِهِ، وَلَمْ يَنْبُتْ فَسَقَاهُ الْمُزَارِعُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالْخَارِجُ نِصْفَانِ لِأَنَّ سَقْيَ الْمَزَارِعِ حَصَلَ بِإِذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ فَلَا يَصِيرُ نَاسِخًا لِلْمُزَارَعَةِ السَّابِقَةِ فَوَقَعَ عَمَلُهُ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَنَبَتَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَرَبُّ الْأَرْضِ لَا يَصِيرُ نَاسِخًا لِلْمُزَارَعَةِ بِالْبَذْرِ بِدُونِ السَّقْيِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْعَامِلِ لِأَنَّهُ غَائِبٌ، وَفَسْخُ الْعَقْدِ حَالَ غَيْبَةِ الْمُزَارِعِ لَا يَصِحُّ قَصْدًا، وَدَلَالَةً كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْمُزَارِعِ فَبَذَرَ، وَلَمْ يَسْقِ، وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى سَقَاهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ أَوْ بَذَرَهُ رَبُّ الْأَرْضِ، وَلَمْ يَنْبُتْ، وَلَمْ يَسْقِهِ حَتَّى سَقَاهُ الْمُزَارِعُ وَقَامَ عَلَيْهِ فَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ كَانَ رَبُّ الْأَرْضِ بَذَرَهُ وَسَقَاهُ حَتَّى نَبَتَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمُزَارِعُ وَسَقَاهُ فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَيَضْمَنُ الْبَذْرَ، وَالْمُزَارِعُ مُتَطَوِّعٌ فِي سَقْيِهِ، وَخُرُوجُ الطَّلْعِ فِي النَّخْلِ كَخُرُوجِ الزَّرْعِ وَنَبَاتِهِ فِي الْمُزَارَعَةِ حَتَّى لَوْ سَقَى صَاحِبُ النَّخْلِ نَخْلَهُ بِغَيْرِ أَمْرِ الْعَامِلِ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى طَلَعَ طَلْعُهُ ثُمَّ سَقَاهُ الْعَامِلُ وَقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ تَمْرًا فَجَمِيعُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ النَّخْلِ.

كَذَا فِي الْوَجِيزِ قَالَ فِي الْفُصُولَيْنِ فَالْحَاصِلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ الْمُزَارِعِ زَرَعَهُ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنِ الْآخَرِ، وَنَبَتَ الزَّرْعُ أَوْ لَمْ يَنْبُتْ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِلَا إذْنِهِ حَتَّى أَدْرَكَ فَفِي كُلِّ الصُّوَرِ يَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَزَرَعَهُ رَبُّهَا بِلَا إذْنِ الْمُزَارِعِ، وَنَبَتَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْمُزَارِعُ فَفِي هَذِهِ الْخَارِجُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذِهِ الْمَسَائِلِ دَفَعَ أَرْضًا، وَبَذْرًا مُزَارَعَةً إلَى رَجُلَيْنِ لِيَعْمَلَا فِيهِ فَكَرَبَاهَا، وَزَرَعَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ بِلَا إذْنِ الْآخَرِ فَلِمَنْ لَمْ يَزْرَعْ نَصِيبٌ انْتَهَى.

لَوْ مَاتَ الْمُزَارِعُ بَعْدَ الِاسْتِحْصَادِ، وَلَمْ يُوجَدْ الزَّرْعُ، وَلَا يُدْرَى مَا فَعَلَ كَانَ حِصَّةُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي مَالِ الْمُزَارِعِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ لِأَنَّهُ مَاتَ مُجْهِلًا لِلْأَمَانَةِ فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْعَامِلُ بَعْدَ طُلُوعِ الثَّمَرِ بَلَغَ أَوْ لَمْ يَبْلُغْ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي النَّخِيلِ شَيْءٌ هَذَا إذَا عَرَفَ خُرُوجَ الثَّمَرَةِ وَنَبَاتَ الزَّرْعِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَا يَضْمَنُ

ص: 316

شَيْئًا.

دَفَعَ إلَى عَبْدٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَحْجُورٍ أَرْضًا وَبَذْرًا مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ فَالْخَارِجُ نِصْفَانِ اسْتِحْسَانًا كَمَا لَوْ أَجَرَ نَفْسَهُ لِزِرَاعَةٍ بِالدَّرَاهِمِ، وَسَمَّا الْعَمَلَ يَصِحُّ. وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ فِي عَمَلِ الْأَرْضِ ضَمِنَ صَاحِبُهَا قِيمَتَهُ، وَالزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ مِنْ عَمَلِهِ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ اسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ يَضْمَنُ عَاقِلَةُ صَاحِبِ الْأَرْضِ دِيَتَهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْصَادِ لَا يَضْمَنُ، وَتَكُونُ حِصَّةُ الصَّبِيِّ لِوَرَثَتِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.

لَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ بَعْدَمَا كَرَبَ الْأَرْضَ، وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ بِمُقَابَلَةِ مَا عَمِلَ، وَإِذَا فُسِخَتْ الْمُزَارَعَةُ بِدَيْنٍ فَادِحٍ لِحَقِّ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَاحْتَاجَ إلَى بَيْعِهَا جَازَ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُطَالِبَ بِمَا كَرَبَ الْأَرْضَ، وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ بِشَيْءٍ، وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ، وَلَمْ يُسْتَحْصَدْ لَمْ تُبَعْ الْأَرْضُ فِي الدَّيْنِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ، وَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُزَارَعَةِ، وَالزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ كَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ، وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّرْعِ عَلَيْهِمَا فِي مِقْدَارِ حُقُوقِهِمَا حَتَّى يَسْتَحْصِدَ فَإِذَا أَنْفَقَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ، وَأَمْرِ الْقَاضِي فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ مِنْ الْهِدَايَةِ.

نَبَتَ الزَّرْعُ فَمَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ الْحَصَادِ، وَالْبَذْرُ لِلْمُزَارِعِ يَبْقَى الْعَقْدُ إلَى الْحَصَادِ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ عَلَى الْمُزَارِعِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الزِّرَاعَةِ بَعْدَمَا عَمِلَ فِي الْأَرْضِ بِأَنْ كَرَبَهَا، وَحَفَرَ الْأَنْهَارَ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَا يَغْرَمُ وَرَثَةُ رَبِّ الْأَرْضِ لِلْمُزَارِعِ شَيْئًا، وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ زَرْعِهِ وَقَبْلَ نَبَاتِهِ فَفِي انْتِقَاضِ الْمُزَارَعَةِ خِلَافٌ، فَلَوْ نَقَضَتْ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ تُتْرَكُ الْأَرْضُ بِيَدِ الْمُزَارِعِ إلَى الْإِدْرَاكِ بِأَجْرِ مِثْلِ نِصْفِ الْأَرْضِ (قُلْتُ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ الْمُزَارَعَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَأَبَى فَعَلَى الْمُزَارِعِ أَجْرُ مِثْلِ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ إلَى الْحَصَادِ.

وَلَوْ دَفَعَ زَرْعًا فِي أَرْضٍ صَارَ بَقْلًا مُعَامَلَةً أَوْ نَخْلًا فِيهِ طَلْعٌ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَمَلِ حَتَّى انْعَقَدَ حَبُّهُ، وَزَادَ الطَّلْعُ بِعَمَلِهِ يَبْقَى الْعَقْدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَرَثَةِ الْآخَرِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَزِيدَ الزَّرْعُ وَالطَّلْعُ انْتَقَضَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَالزَّرْعُ وَالثَّمَرُ كُلُّهُ لِلْمَالِكِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إذْ لَيْسَ لِلْعَامِلِ حَقٌّ حَتَّى يَجِبَ اسْتِيفَاءُ الْعَقْدِ صِيَانَةً لِحَقِّهِ وَلَوْ مَاتَ عَامِلُ الْكَرْمِ بَعْدَ حُدُوثِ الْغَلَّةِ فَلِوَرَثَتِهِ حِصَّتُهُ لَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْحُدُوثِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ.

أَلْقَى حَبَّ الْقُطْنِ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ غَصْبًا، وَنَبَتَ فَرَبَاهُ مَالِكُ الْأَرْضِ فالجوزقة لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ، وَلَا يَكُونُ تَعَهُّدُهُ رِضًا بِهِ إلَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّ تَعَهُّدَهُ لِلْغَاصِبِ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ قَالَ نُصَيْرٌ يَنْظُرُ بِكَمْ تُسْتَأْجَرُ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا، وَبِكَمْ تُسْتَأْجَرُ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ نُقْصَانُ ذَلِكَ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ يَنْظُرُ بِكَمْ تُشْتَرَى قَبْلَ اسْتِعْمَالِهَا، وَبِكَمْ تُشْتَرَى بَعْدَ اسْتِعْمَالِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ نُقْصَانُ ذَلِكَ. قَالَ: تَأْوِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ زَرَعَ بِطَرِيقِ الْغَصْبِ زَرَعَ أَرْضَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ أَمْرٍ فَإِنْ نَقَصَتْ بِالزِّرَاعَةِ ثُمَّ زَالَ النُّقْصَانُ قَالَ بَعْضُهُمْ إنْ زَالَ النُّقْصَانُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ الْأَرْضَ إلَى صَاحِبِهَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَإِنْ زَالَ بَعْدَ الرَّدِّ لَا يَبْرَأُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ قَدْ قِيلَ يَبْرَأُ فِي الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْعَيْبِ إذَا زَالَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ لَا يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْخُصُومَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

غَصَبَ أَرْضًا وَزَرَعَهَا قُطْنًا فَزَرَعَهَا رَبُّهَا شَيْئًا آخَرَ لَا يَضْمَنُ الْمَالِكُ إذْ فَعَلَ مَا يَفْعَلُهُ الْقَاضِي.

ص: 317

بَذَرَ أَرْضَهُ بُرًّا فَبَذَرَهَا آخَرُ شَعِيرًا فَصَارَ مُسْتَهْلِكًا بُرَّ الْأَوَّلِ فَلَوْ شَاءَ ضَمَّنَهُ بُرًّا مَبْذُورًا فِي الْحَالِ يَعْنِي تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً، وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَضْمَنُ الْفَضْلَ، وَيَصِيرُ الْبُرُّ الْمَبْذُورُ مِلْكًا لِلثَّانِي، وَلَوْ شَاءَ صَبَرَ حَتَّى يَمِيزَ الْبُرَّ مِنْ الشَّعِيرِ فَيُؤْمَرَ بِقَلْعِ الشَّعِيرِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَحْصَدَ فَالشَّعِيرُ لِمَالِكِهِ، وَالْبُرُّ لِمَالِكِهِ، وَلَوْ سَقَاهَا رَبُّهَا حِينَ بَذَرَهَا فَنَبَتَ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَعَلَيْهِ الشَّعِيرُ لِصَاحِبِهِ، وَكَذَا لَوْ غَصَبَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا ثُمَّ زَرَعَ آخَرُ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلثَّانِي، وَيَضْمَنُ لِلْأَوَّلِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَنُقْصَانُ الْأَرْضِ عَلَى الْأَوَّلِ، مِنْ غَصْبِ الْعَقَارِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.

زَرَعَ الْأَكَّارُ سِنِينَ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُزَارَعَةِ جَوَابُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُزَارَعَةً فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْأَكَّارِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ مِنْ بَذْرِهِ وَأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَهَكَذَا كَانُوا يُفْتُونَ بِبُخَارَى وَقِيلَ: يَكُونُ مُزَارَعَةً. وَقِيلَ: لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ بِأَنْ كَانَ رَبُّهَا مِمَّنْ لَا يَزْرَعُ بِنَفْسِهِ، وَيَدْفَعُهَا مُزَارَعَةً فَذَلِكَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ حِصَّةٌ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ لَكِنْ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ الزِّرَاعَةِ أَنَّهُ زَرَعَهَا عَلَى وَجْهِ الْغَصْبِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً أَوْ عَلَى تَأْوِيلٍ فَإِنَّ مَنْ أَجَرَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ، وَلَمْ يُجِزْهُ رَبُّهَا وَقَدْ زَرَعَهَا الْمُسْتَأْجِرُ فَالزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ لَا عَلَى الْمُزَارَعَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُعَدَّةً لِلزِّرَاعَةِ، إلَّا فِي الْوَقْفِ يَجِبُ فِيهِ الْحِصَّةُ أَوْ بِالْأَجْرِ بِأَيِّ جِهَةٍ زَرَعَهَا أَوْ سَكَنَهَا أُعِدَّتْ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ لَا عَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ فَتْوَى عَامَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفَصْلِ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ الذَّخِيرَةِ لَكِنْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ، مَنْ زَرَعَ أَرْضَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ يَجِبُ الثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ عَلَى مَا هُوَ عُرْفُ الْقَرْيَةِ كَذَا أَجَابَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ، وَفِيهِ رِوَايَةُ كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ سُئِلَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بُرْهَانُ الدِّينِ درديهي كه مَعْهُود سِتّ كه ايشان غَلَّهُ صبكارند، وَحِصَّة زُمَيْن سه يك يَا جهاريك بُدّ هِنْد كسى بِهِ وَجْه كدبورى كَشَتِّ غَلَّة، وَاجِب شودياني أَجَابَ شود انْتَهَى (قُلْتُ) وَقَدْ مَرَّتْ فِي غَصْبِ الْعَقَارِ.

لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِنِي يَوْمًا مِنْ نَهَرِك لِأَسْقِيَك يَوْمًا مِنْ نَهْرِي لَا يَجُوزُ، وَلَا يَضْمَنُ لِمَا أَخَذَ مِنْ شُرْبِهِ لِأَنَّ الْمَاءَ مُبَاحٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ، وَبِدُخُولِهِ فِي النَّهْرِ لَا يَصِيرُ مِلْكًا، وَلِهَذَا يَمْلِكُ اسْتِهْلَاكَهُ بِالشَّفَةِ فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى لَا يَضْمَنُ مِنْ الْوَجِيزِ.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ لَوْ نَزَحَ مَاءَ بِئْرِ رَجُلٍ حَتَّى يَبِسَتْ لَمْ يَضْمَنْ إذْ مَالِكُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَبَّ مَاءً مِنْ الْجُبِّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِمْلَائِهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ اهـ.

لَوْ سَقَى زَرْعَهُ مِنْ شِرْبِ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ لَا يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ، وَفِي رِوَايَةٍ يَضْمَنُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ.

الْمُزَارِعُ إذَا بَعَثَ حِمَارَهُ إلَى رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى يَدِ ابْنٍ لَهُ فَمَنَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ الِابْنَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْحِمَارِ فَاسْتَعْمَلَهُ الِابْنُ فِي حَاجَتِهِ فَضَاعَ الْحِمَارُ إنْ كَانَ الِابْنُ بَالِغًا لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا ضَمِنَ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

مَنَعَ وَكِيلُ الرَّعِيَّةِ الْمَاءَ مِنْ صَاحِبِ الضَّيْعَةِ حَتَّى يَبِسَ زَرْعُهُ لَا يَضْمَنُ، هَذِهِ فِي

ص: 318

الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

لَوْ سَلَّمَ حِمَارَهُ إلَى الْمُزَارِعِ لِيَشُدَّهُ فِي الدَّالِيَةِ فَفَعَلَ، وَنَامَ، وَانْقَطَعَ حَبْلُهُ، وَوَقَعَ فِي الْمَقَرَّاتِ، وَهِيَ مُجْتَمَعُ مَاءِ الْمَطَرِ، وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ، هَذِهِ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

زَرَعَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ يُقَالُ لِلْآخَرِ أَنْفِقْ أَنْتَ وَارْجِعْ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِك، فَلَوْ أَنْفَقَ وَلَمْ يُخْرِج الزَّرْعُ مِقْدَارَ مَا أَنْفَقَ هَلْ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِتَمَامِ نِصْفِ النَّفَقَةِ أَمْ بِمِقْدَارِ الزَّرْعِ ذَكَرَهُ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا أَنْفَقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَبَيْنَ مَا إذَا أَنْفَقَ الْمُزَارِعُ.

وَفِي وَاقِعَاتِ النَّاطِفِيِّ نَخْلٌ أُوصِيَ لِرَجُلٍ بِأَصْلِهَا، وَلِآخَرَ بِثَمَرِهَا فَالنَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَرِ فَإِنْ لَمْ يُثْمِرْ سَنَةً فَأَبَى صَاحِبُ الثَّمَرِ الْإِنْفَاقَ فَأَنْفَقَ صَاحِبُ الرَّقَبَةِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ثُمَّ أَثْمَرَ سَنَةً أُخْرَى فَإِنَّ صَاحِبَ الرَّقَبَةِ يَرْجِعُ فِيمَا أَنْفَقَ، وَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا.

وَلَوْ دَفَعَ نَخْلًا مُقَاطَعَةً فَمَاتَ الْعَامِلُ فِي بَعْضِ السَّنَةِ فَأَنْفَقَ رَبُّ النَّخْلِ بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي لَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا، وَرَجَعَ بِهِ فِي الثَّمَرِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْعَامِلُ لَكِنَّهُ غَابَ فَأَنْفَقَ رَبُّ النَّخْلِ كَانَ مُتَبَرِّعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَمْرِ الْقَاضِي.

وَعَنْ خَلَفٍ قَالَ سَأَلْت مُحَمَّدًا عَنْ حَرْثٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْقِيَهُ قَالَ أَجْبِرْهُ عَلَى ذَلِكَ قُلْتُ فَإِنْ فَسَدَ الزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَفِعَ فَأَبَى أَنْ يَسْقِيَهُ قَالَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْكَبِيرُ رحمه الله بِهِ نَأْخُذُ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَإِذَا رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ ثُمَّ مَنَعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا فَسَدَ، كَذَا فِي الصُّغْرَى مِنْ الْقِسْمَةِ.

لَوْ أَخَذَ ثَلَاثَةٌ أَرْضًا بِالنِّصْفِ لِيَزْرَعُوهَا بِالشَّرِكَةِ فَغَابَ أَحَدُهُمْ وَزَرَعَ اثْنَانِ بَعْضَ الْأَرْضِ بُرًّا فَحَضَرَ الثَّالِثُ، وَزَرَعَ بَعْضَ الْأَرْضِ شَعِيرًا فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَالْبُرُّ بَيْنَهُمْ، وَيَرْجِعُ رَبُّ الْبُرِّ بِثُلُثِ الْبُرِّ عَلَى الثَّالِثِ، وَالشَّعِيرُ بَيْنَهُمْ أَيْضًا أَوْ يَرْجِعُ هُوَ أَيْضًا عَلَيْهِمَا بِثُلُثَيْ الشَّعِيرِ الَّذِي بَذَرَ بَعْدَ دَفْعِ نَصِيبِ رَبِّ الْأَرْضِ وَلَوْ فَعَلُوا بِلَا إذْنٍ فَالْبُرُّ ثُلُثُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَثُلُثَاهُ لَهُمَا، وَيَغْرَمَانِ نُقْصَانَ ثُلُثِ الْأَرْضِ، وَأَمَّا رَبُّ الشَّعِيرِ فَخَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ لَهُ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ سُدُسُهُ لِأَنَّ ثُلُثَيْ الشَّعِيرِ زُرِعَ غَصْبًا فَهُوَ لَهُ، وَثُلُثُهُ زُرِعَ بِحَقٍّ، وَعَلَيْهِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ فِي قَدْرِ ثُلُثَيْ ذَلِكَ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ.

عَامِلُ الْخَرَاجِ لَوْ أَخَذَ الْخَرَاجَ مِنْ الْأَكَّارِ، وَرَبُّ الْأَرْضِ غَائِبٌ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَفِي فَوَائِدِ النَّسَفِيِّ يَرْجِعُ، وَالْمُشْتَرِي كَأَكَّارٍ، وَكَذَا الْجَوَابُ فِي الْجِبَايَةِ لَوْ أَخَذَهُ الْعَامِلُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ، كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ آخِرِ أَحْكَامِ الْعِمَارَةِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ.

رَجُلٌ لَهُ نَوْبَةُ مَاءٍ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْأُسْبُوعِ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَسَقَى أَرْضَهُ فِي نَوْبَتِهِ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّ غَاصِبَ الْمَاءِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَا لَوْ أَرَادَ سَقْيَ زَرْعِهِ مِنْ مَجْرًى لَهُ فَجَاءَ رَجُلٌ فَمَنَعَهُ الْمَاءَ فَفَسَدَ زَرْعُهُ قَالُوا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ مَنَعَ الرَّاعِي حَتَّى ضَاعَتْ الْمَوَاشِي، مِنْ الْخُلَاصَةِ.

تَرَكَ أَرْضَهُ الْمَزْرُوعَةَ بِبَذْرِهِ فَرَبَاهُ رَجُلٌ بِإِذْنِ الْوَالِي حَتَّى اُسْتُحْصِدَ فَالرِّيعُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَنْفَقَ الْمَوْلَى لَكِنَّهُ إذَا أَدَّى الْخَرَاجَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ الزَّكَاةِ.

رَجُلٌ أَرَادَ سَقْيَ أَرْضَهُ فَمَنَعَهُ إنْسَانٌ حَتَّى فَسَدَ زَرْعُهُ لَمْ يَضْمَنْ، هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

اشْتَرَى حِصَّةَ مَاءٍ، وَأَشْرَفَ عَلَى الْإِدْرَاكِ فَقَالَ لِلْبَائِعِ لَا تَسْقِهِ فَإِنَّ السَّقْيَ يَضُرُّهُ فَسَقَاهُ، وَجَفَّ الْعِنَبُ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ إنْ سَقَاهُ سَقْيًا غَيْرَ مُعْتَادٍ.

ص: 319

أَجَرَ أَرْضَهُ مِنْ رَجُلٍ بِحِنْطَةٍ فَلَمَّا حَصَدَ الْمُسْتَأْجِرُ زَرْعَهُ، وَدَاسَهُ مَنَعَهُ الْمُؤَجِّرُ مِنْ نَقْلِهِ لِيَدْفَعَ الْأُجْرَةَ فَأَفْسَدَهُ الْمَطَرُ لَا يَضْمَنُ.

غَرَسَ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالشَّجَرَةُ لِلْغَارِسِ، وَيَتَصَدَّقُ بِمَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ غَرْسِهِ وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقًّا فَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ يَجُوزُ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ تَمَلُّكُهَا بِالْقِيمَةِ، وَلَكِنْ يَغْرَمُ الْغَارِسُ نُقْصَانَ الْأَرْضِ إنْ ظَهَرَ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ مَلَكَهَا بِالْقِيمَةِ إنْ أَضَرَّ الْقَلْعُ بِالْأَرْضِ وَقِيلَ قِيمَةُ شَجَرَةٍ لِغَيْرِهِ حَقُّ الْقَلْعِ، فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ غَصَبَ أَرْضَ رَجُلٍ وَزَرَعَهَا حِنْطَةً ثُمَّ اخْتَصَمَا، وَهِيَ بَذْرٌ لَمْ تَنْبُتْ بَعْدُ فَصَاحِبُ الْأَرْضِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ تَرَكَهَا حَتَّى تَنْبُتَ ثُمَّ يَقُولَ لَهُ اقْلَعْ زَرْعَك، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُ مَا زَادَ الْبَذْرُ فِيهِ، وَتَفْسِيرُهُ عَنْ مُحَمَّدٍ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ، وَلَيْسَ فِيهَا بَذْرٌ وَتُقَوَّمُ وَفِيهَا بَذْرٌ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَةَ بَذْرِهِ لَكِنْ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ.

رَجُلٌ زَرَعَ فِي أَرْضِهِ شَعِيرًا، وَجَاءَ آخَرُ فَزَرَعَ عَلَيْهِ حِنْطَةً بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الشَّعِيرِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْحِنْطَةِ، وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الشَّعِيرِ مَا زَادَ الشَّعِيرُ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً، وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ.

رَجُلٌ زَرَعَ فِي أَرْضِهِ بُرًّا، وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى جَاءَ آخَرُ وَبَذَرَ فِيهَا شَعِيرًا ثُمَّ سَقَى رَبُّ الْأَرْضِ فَنَبَتَ الزَّرْعُ فَعَلَى الَّذِي بَذَرَ الشَّعِيرَ قِيمَةُ بُرٍّ مَبْذُورٍ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ قِيمَةُ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ مَخْلُوطًا مَبْذُورًا لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُمَا بِالسَّقْيِ.

رَجُلٌ زَرَعَ أَرْضَ نَفْسِهِ فَجَاءَ آخَرُ وَأَلْقَى بَذْرَهُ فِيهَا وَسَقَى الْأَرْضَ أَوْ أَلْقَى بَذْرَهُ فِيهَا وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ بَذْرُ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ، وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَ الْبَذْرَانِ فَمَا نَبَتَ يَكُونُ لِلْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ قِيمَةُ بَذْرِهِ، فَلَوْ جَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ، وَأَلْقَى فِيهَا بَذْرَ نَفْسِهِ ثَالِثَةً وَقَلَّبَ الْأَرْضَ قَبْلَ أَنْ يَنْبُتَ فِيهَا الْبَذْرُ أَوْ لَمْ يُقَلِّبْ، وَسَقَى الْأَرْضَ فَنَبَتَ الْبُذُورُ كُلُّهَا فَمَا نَبَتَ مِنْ الْبَذْرِ كُلِّهِ لَهُ، وَعَلَيْهِ لِلْغَاصِبِ مِثْلُ بَذْرِهِ مَبْذُورًا فِي أَرْضِ غَيْرِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ نَابِتًا. أَمَّا إذَا زَرَعَ الْمَالِكُ وَنَبَتَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَأَلْقَى بَذْرَهُ إنْ لَمْ يُقَلِّبْ وَنَبَتَ فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرْنَا فَإِنْ قَلَّبَ إنْ كَانَ الزَّرْعُ النَّابِتُ إذَا قَلَّبَ مَرَّةً أُخْرَى يَنْبُتُ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبُتُ فَالزَّرْعُ لِلثَّانِي، وَعَلَى الثَّانِي قِيمَةُ زَرْعِهِ ثَانِيًا.

وَفِي مُتَفَرِّقَاتِ أَبِي جَعْفَرٍ رَجُلٌ بَذَرَ فِي أَرْضِهِ فَجَاءَ آخَرُ فَسَقَى تِلْكَ الْأَرْضَ حَتَّى أَدْرَكَ الزَّرْعُ فَإِنَّ الزَّرْعَ فِي الْقِيَاسِ لِلسَّاقِي، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْحَبِّ مَبْذُورًا فِي الْأَرْضِ عَلَى شَرْطِ الْقَرَارِ إنْ سَقَى قَبْلَ أَنْ يَفْسُدَ الْبَذْرُ فِي الْأَرْضِ، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَمَا فَسَدَ الْبَذْرُ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يُنْبِتَ نَبَاتًا لَهُ قِيمَةٌ، وَنَبَتَ بِسَقْيِهِ فَإِنَّ فِي الْقِيَاس عَلَيْهِ نُقْصَانَ الْأَرْضِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَقَدْ فَسَدَ حَبُّهَا، وَتُقَوَّمُ غَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَغْرَمُ النُّقْصَانَ، وَالزَّرْعُ لِلسَّاقِي، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَمَا نَبَتَ الزَّرْعُ، وَصَارَ لَهُ قِيمَةُ الزَّرْعِ يَوْمَ سَقَاهَا فَالزَّرْعُ لِلسَّاقِي، وَإِنْ سَقَاهَا بَعْدَمَا اسْتَغْنَى الزَّرْعُ عَنْ السَّقْيِ لَكِنَّ السَّقْيَ أَجْوَدُ لَهُ فَإِنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَلَا شَيْءَ لِلسَّاقِي، وَهَذَا جَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَجَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ الْأَجْنَبِيُّ السَّاقِي مُتَطَوِّعٌ، وَلَا شَيْءَ لَهُ.

أَرْضٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا، لِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ وَلَوْ أَرَادَ الْعَامَ الثَّانِيَ أَنْ يَزْرَعَ زَرْعَ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ زَرَعَ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ هَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا فَزَرَعَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ الْمُشْتَرَكَةَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ، وَسَقَاهَا قَالَ فِي النَّوَازِلِ إنْ كَانَ

ص: 320

الزَّرْعُ لَمْ يُدْرِكْ، لِشَرِيكِهِ أَنْ يُقَاسِمَ الْأَرْضَ، فَمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي نَصِيبِ الزَّارِعِ أَقَرَّهُ، وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ أُمِرَ بِقَلْعِهِ، وَيَضْمَنُهُ النُّقْصَانُ، وَإِنْ أَدْرَكَ الزَّرْعُ أَوْ قَرُبَ مِنْ الْإِدْرَاكِ غَرِمَ نُقْصَانَ نِصْفِ الْأَرْضِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاسِمْ، وَتَرَاضَيَا أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ الْبَذْرِ، وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ بَعْدَمَا نَبَتَ الزَّرْعُ جَازَ وَقَبْلَ النَّبَاتِ لَا يَجُوزُ، وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْإِمَامِ قَالُوا إنْ كَانَ الْأَرْضُ تَنْفَعُهَا الزِّرَاعَةُ أَوْ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَنْقُصُ فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ الْكُلَّ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِأَنَّ فِي مِثْلِ هَذَا يَكُونُ الْغَائِبُ رَاضِيًا دَلَالَةً، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يُنْقِصُ الْأَرْضَ أَوْ كَانَ تَرْكُ الزِّرَاعَةِ يَنْفَعُهَا، وَيَزِيدُهَا قُوَّةً لَا يَكُونُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا أَصْلًا.

إذَا مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ بَعْدَمَا نَبَتَ الزَّرْعُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَحْصَدَ، وَالْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ يَبْقَى الْعَقْدُ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ اسْتِحْسَانًا. هَذَا إذَا قَالَ الْمُزَارِعُ أَنَا لَا أَقْلَعُ الزَّرْعَ، وَإِنْ رَضِيَ الْمُزَارِعُ بِقَلْعِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَا يَبْقَى عَقْدُ الْمُزَارَعَةِ، وَإِذَا اخْتَارَ الْمُزَارِعُ الْقَلْعَ فَلِوَرَثَةِ رَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثٌ، إنْ شَاءُوا قَلَعُوا الزَّرْعَ وَالْمَقْلُوعُ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا أَنْفَقُوا عَلَى الزَّرْعِ بِأَمْرِ الْقَاضِي حَتَّى يَرْجِعُوا عَلَى الْمُزَارِعِ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ، وَإِنْ شَاءُوا غَرِمُوا حِصَّةَ الْمُزَارِعِ مِنْ الزَّرْعِ وَالزَّرْعُ لَهُمْ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْمُزَارَعَةِ قَبْلَ النَّبَاتِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَلَوْ لَمْ يَمُتْ لَكِنَّ الْمُزَارِعَ أَخَّرَ الزِّرَاعَةَ حَتَّى انْقَضَتْ السَّنَةُ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ الزَّرْعَ، وَأَبَى الْمُزَارِعُ لَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَ، وَيَثْبُتُ بَيْنَهُمَا إجَارَةٌ فِي نِصْفِ السَّنَةِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ، وَالْعَمَلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْمُزَارِعُ الْقَلْعَ فَإِنْ أَرَادَ الْقَلْعَ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ خِيَارَاتٌ ثَلَاثٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَإِذَا أَنْفَقَ بَعْدَ انْتِهَاءِ الْمُدَّةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي رَجَعَ عَلَى الْمُزَارِعِ بِنِصْفِ النَّفَقَةِ. وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمُعَامَلَةِ، وَالثَّمَرُ لَمْ يُدْرِكْ، وَأَبَى الْعَامِلُ الصَّرْمَ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ إجَارَةٍ.

إذَا هَرَبَ الْمُزَارِعُ فِي وَسَطِ السَّنَةِ، وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَأَنْفَقَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ حَتَّى اسْتَحْصَدَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَامِلِ بِمَا أَنْفَقَ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُزَارِعِ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى عِلْمِهِ.

زَرَعَ فُومًا، وَأَخَذَ بَعْضَهَا مِنْ الْأَرْضِ، وَبَقِيَ الْبَعْضُ مَقْلُوعًا أَوْ غَيْرَ مَقْلُوعٍ حَتَّى نَبَتَ فَهُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الشَّرْطِ، فَإِنْ قَلَعَهُ وَرَفَعَ الزَّرْعَ، وَكَانَ يَتَنَاثَرُ فِي الْأَرْضِ فَنَبَتَ زَرَعَ آخَرَ فَهُوَ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَرَبِّ الْأَرْضِ بِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ الْأَكَّارُ بِالْفَضْلِ مِنْ نَصِيبِهِ، وَإِنْ نَبَتَ بِسَقْيِ رَبِّ الْأَرْضِ وَمُؤْنَتِهِ فَهُوَ لَهُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْحَبِّ قِيمَةٌ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَاهُ أَجْنَبِيٌّ كَانَ مُتَطَوِّعًا، وَالزَّرْعُ بَيْنَ الزَّارِعِ وَرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى مَا شَرَطَا. قَالَ رحمه الله هَذَا جَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ، وَجَوَابُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ قَدْ ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فِي مُزَارَعَةِ مَبْسُوطِ الْإِمَامِ الطَّوَاوِيسِيُّ إذَا وَقَعَ الزَّرْعُ، وَتَنَاثَرَ الْحَبُّ، وَجَاءَ إنْسَانٌ وَسَقَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا حَتَّى نَبَتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ كُلُّهُ لِلسَّاقِي لِأَنَّهُ بِالسَّقْيِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا حَتَّى لَوْ سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ نَبَتَ بِغَيْرِ السَّقْيِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.

إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَصْلًا، فَلَوْ دَفَعَ الْمُزَارِعُ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِبَذْرِهِ، وَالشَّرْطُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْأُولَى أَيْضًا بِالنِّصْفِ فَالْخَارِجُ بَيْنَ رَبِّ الْأَرْضِ وَالْمُزَارِعِ الثَّانِي نِصْفَانِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ

ص: 321

عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَدَفَعَهَا الْأَوَّلُ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا بِبَذْرِهِ عَلَى أَنَّ لِلْأَوَّلِ ثُلُثَ الْخَارِجِ وَالثُّلُثَانِ لِلثَّانِي فَالثُّلُثُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَالثُّلُثَانِ لِلْمُزَارِعِ الثَّانِي، وَيَغْرَمُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ ثُلُثِ الْأَرْضِ.

وَلَوْ دَفَعَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ إلَى غَيْرِهِ عَارِيَّةً لِيَزْرَعَهَا لِنَفْسِهِ كَانَتْ الْإِعَارَةُ جَائِزَةً، وَإِذَا زَرَعَهَا الْمُسْتَعِيرُ سَلَّمَ الْخَارِجَ لَهُ، وَيَغْرَمُ الْمُزَارِعُ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِ جَمِيعِ الْأَرْضِ وَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً لَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأُجَرَاءَ بِمَالِهِ فَلَوْ دَفَعَ مَعَ هَذَا مُزَارَعَةً مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْأَرْضِ فَالْمُزَارَعَةُ جَائِزَةٌ بَيْنَ الْمُزَارِعِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ أَنْ يُضَمِّنَ بَذْرَهُ أَيَّهُمَا شَاءَ إنْ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ لَا يَرْجِعْ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ ضَمَّنَ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنْ انْتَقَصَتْ الْأَرْضُ ضَمَّنَ النُّقْصَانَ الثَّانِيَ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ. هَذَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ أَمَّا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ إمَّا نَصًّا أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ قَالَ لَهُ اعْمَلْ فِيهِ بِرَأْيِك فَدَفَعَ لِعَامِلٍ آخَرَ مُعَامَلَةً فَعَمِلَ فِيهِ فَمَا خَرَجَ فَهُوَ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ، وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَوَّلِ. وَلَوْ هَلَكَ الثَّمَرُ فِي يَدِ الْعَامِلِ الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ، وَهُوَ عَلَى رُءُوسِ النَّخِيلِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّمَرُ مِنْ عَمَلِ الْآخَرِ فِي أَمْرٍ خَالَفَ فِيهِ الْآمِرَ الْأَوَّلَ فَالضَّمَانُ لِصَاحِبِ النَّخِيلِ عَلَى الْعَامِلِ الْأَخِيرِ، وَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ.

رَجُلٌ دَفَعَ كَرْمًا مُعَامَلَةً فَلَمَّا أَثْمَرَ الْكَرْمُ وَالدَّافِعُ وَأَهْلُهُ يَدْخُلُونَ، وَيَأْكُلُونَ، وَيَحْمِلُونَ، وَالْعَامِلُ لَا يَدْخُلُ إلَّا قَلِيلًا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ لَا يَضْمَنُ، وَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِينَ أَكَلُوا، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، وَهُمْ مِمَّنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ ضَمِنَ نَصِيبَ الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ، فِي النَّوَازِلِ، وَإِنْ كَانُوا قَبَضُوا بِإِذْنِهِ، وَهُمْ مِمَّنْ لَا يَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْكَرْمُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ مِلْكٍ أَوْ كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ الْأَكَّارِ وَصَاحِبِ الْأَرْضِ أَوْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَأَصْحَابِ أَحَدِهِمَا يَدُقُّونَ السَّنَابِلَ قَبْلَ الدِّيَاسِ وَيُنْفِقُونَهَا، أَمَّا إذَا بَاعَ ثِمَارَ كَرْمِهِ ثُمَّ أَصْحَابُهُ كَانُوا يَأْكُلُونَ الثِّمَارَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَا أَكَلُوا بِإِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذِهِ الثِّمَارِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَصِحُّ إذْنُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ انْتَهَى.

وَإِنْ حَصَدَ الزَّرْعَ، وَجَمَعَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الدَّافِعِ، وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ ضَمِنَ حِصَّةَ الدَّافِعِ، وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ فَتَغَافَلَ حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ ضَمِنَ لِلْمَالِكِ نَصِيبَهُ، إذَا شَرَطَ الْحَصَادَ عَلَيْهِ فَتَرَكَ حَتَّى هَلَكَ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَبُولِهِ فَإِذَا تَرَكَ فَقَدْ ضَيَّعَهُ.

لَوْ قَالَ لِلْأَكَّارِ أَخْرِجْ الْجَوْزَ أَوْ الْحِنْطَةَ إلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهَا رَطْبَةٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ ضَمِنَ إنْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ وَتَرْكُ التَّشْدِيدِ بِمَنْزِلَةِ السَّقْيِ وَلَوْ تَرَكَ حِفْظَ الزَّرْعِ حَتَّى أَفْسَدَهُ الدَّوَابُّ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَطْرُدْ الْجَرَادَ حَتَّى أَكَلَ إنْ كَانَ الْجَرَادُ بِحَالٍ يُمْكِنُ طَرْدُهُ وَدَفْعُهُ فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ ضَمِنَ.

وَفِي الْفَتَاوَى لِلنَّسَفِيِّ إذَا كَانَ بَقَرُ الْمَالِكِ فِي يَدِ الْأَكَّارِ فَبَعَثَهَا مَعَ الرَّاعِي إلَى السَّرْحِ فَضَاعَ لَا يَضْمَنُ هُوَ، وَلَا الرَّاعِي الْبَقَرَ الْمُسْتَعَارَ، وَالْمُسْتَأْجِرُ عَلَى هَذَا وَقَدْ اضْطَرَبَتْ الرِّوَايَاتُ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ تَرَكَ الْبَقَرَ يَرْعَى اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ

ص: 322

الْخُلَاصَةِ سِوَى الْمَنْقُولِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

الْأَكَّارُ كَانَ يَسْتَعْمِلُ بَقَرَ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْعَمَلِ ذَهَبَ بِالْآلَاتِ إلَى مَنْزِلِهِ، وَتَرَكَ الْبَقَرَ يَرْعَى فَجَاءَ سَارِقٌ، وَسَرَقَهُ مَعَ بَقَرِ الْقَرْيَةِ، وَلَمْ يَقْدِرْ الْأَكَّارُ عَلَى التَّخْلِيصِ أَجَابَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ الْأَكَّارُ، وَغَيْرُهُ أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقَالَ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ لَوْ سَلَّمَ الْمُزَارِعُ الْبَقَرَ إلَى الرَّاعِي فَهَلَكَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى الرَّاعِي، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا بَعَثَهُ إلَى السَّرْحِ يَضْمَنُ، وَالصَّحِيحُ مَا أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ النَّسَفِيُّ رحمه الله.

دَفَعَ الْأَشْجَارَ مُعَامَلَةً عَلَى أَنْ يَقُومَ عَلَيْهَا، وَيَشُدَّ مِنْهَا الْمُحْتَاجُ إلَى الشَّدِّ فَأَخَّرَ الشَّدَّ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرْدُ، وَهِيَ أَشْجَارٌ إنْ لَمْ تُشَدَّ يَضُرُّ بِهَا الْبَرْدُ يَضْمَنُ الْعَامِلُ قِيمَةَ مَا أَصَابَ الْبَرْدُ، وَعَنْ الثَّانِي زَرْعٌ بَيْنَهُمَا أَخَّرَ أَحَدُهُمَا السَّقْيَ يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَسَدَ الزَّرْعُ بَعْدَ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحَاكِمِ بِذَلِكَ فَامْتَنَعَ عَنْهُ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ.

دَفَعَ أَرْضَهُ مُزَارَعَةً إلَى مَحْجُورٍ، وَهَلَكَ الْعَبْدُ مِنْ الْعَمَلِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَبْدِ لَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رَبِّهَا يَكُونُ مُسْتَأْجَرًا فَيَكُونُ عَمَلُهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَبْدِ يَكُونُ مُسْتَأْجَرًا فِي الْأَرْضِ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ عَامِلًا لِنَفْسِهِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ.

غَرَسَ تَالَةً عَلَى نَهْرِ قَرْيَةٍ فَطَلَعَتْ، وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِ رَجُلٍ يَخْدُمُهُ فَقَالَ الْمَخْدُومُ الْغَرْسُ لِي لِأَنَّك خَادِمِي فَإِنْ كَانَتْ التَّالَةُ لِلْغَارِسِ فَلَهُ، وَإِنْ لِلرَّجُلِ وَالْغَارِسُ فِي عِيَالِهِ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ فَالشَّجَرَةُ لِلرَّجُلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْمَلُ لَهُ مِثْلَ هَذَا الْعَمَلِ، وَلَمْ يَغْرِسْهَا بِإِذْنِهِ فَهِيَ لِلْغَارِسِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التَّالَةِ لِصَاحِبِهَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِالْقِيمَةِ.

قَلَعَ تَالَّةَ إنْسَانٍ، وَغَرَسَهَا، وَرَبَّاهَا فَهِيَ لِلْغَارِسِ بِالْقِيمَةِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

اسْتَأْجَرَ أَرْضًا، وَدَفَعَهَا مُزَارَعَةً فَكَرَبَهَا الْمُزَارِعُ ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ أَجَرَهَا مِنْ آخَرَ قَبْلَ أَنْ يَبْذُرَهَا الْمُزَارِعُ صَحَّ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلِلْمُزَارِعِ أَنْ يُطَالِبَ الْمُسْتَأْجِرَ بِأَجْرِ مِثْلِ عَمَلِهِ لَوْ لَمْ يَشْرُطْ عَلَى الْحَرَّاثِ.

حَفْرُ النَّهْرِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا حُفِرَ.

مُزَارِعٌ جَمَعَ سِرْقِينًا، وَكَانَ التُّرَابُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَالْبَقَرُ مِنْ الْمُزَارِعِ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْخَلْطَ بِالْإِذْنِ. نَجْمُ الْأَئِمَّةِ الْبُخَارِيُّ: السِّرْقِينُ كُلُّهُ لِلْمُزَارِعِ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ التُّرَابِ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. قَاضِي غُلَام غزى سِرْقِينٌ كُلُّهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَالَ أُسْتَاذُنَا، وَهُوَ الْأَصْوَبُ فَإِنَّ الْمُزَارِعَ لَا يَجْمَعُ سِرْقِينًا لِنَفْسِهِ بَلْ لِيُلْقِيَهُ فِي أَرْضِ رَبِّ الْأَرْضِ، عَادَةً الْحَرَّاثُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمْ قَرْضٌ لِأَرْبَابِ الْأَرَاضِيِ بِسَوَادِ الْبَلَدِ يُخْرِجُونَ السِّرْقِينَ مِنْ قَبْلِ الْإِدْخَالِ فِي الْأَرْضِ إلَّا إذَا قَالَ لَهُ رَبُّ الْأَرْضِ خُذْ السِّرْقِينَ مِنْ مَكَانِ كَذَا بِعَيْنِهِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ الَّذِي يُقَالُ ذَرَّاتُ الْأَرْضِ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْحِفْظِ كَدَسِّهِ لَيْلًا إذَا كَانَ الْحِفْظُ عَلَيْهِ مُتَعَارَفًا مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ أَتْلَفَ شِرْبَ إنْسَانٍ بِأَنْ سَقَى أَرْضَهُ بِشِرْبِ غَيْرِهِ قَالَ الْإِمَامُ الْبَزْدَوِيُّ ضَمِنَ، وَتَفْسِيرُ ضَمَانِ الشِّرْبِ فِي شِرْبِ الْأَصْلِ لِلسَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَنْظُرُ بِكَمْ يُشْتَرَى لَوْ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا وَقَالَ الْإِمَامُ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَا يَضْمَنُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى مِنْ الْخُلَاصَةِ.

يَجُوزُ رَفْعُ الْجَمَدِ مِنْ الْحِيَاضِ الَّتِي فِي بِلَادِنَا لِلشَّفَةِ كَالْمَاءِ وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ فانجمد الْمَاءُ فِيهِ فَلِكُلِّ أَحَدٍ رَفْعُ ذَلِكَ الْجَمَدِ إلَّا إذَا أَعَدَّ أَرْضَهُ لِيَجْمُدَ الْمَاءُ فِيهِ.

السَّاقِي مِنْ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ بِنَفْسِ مِلْءِ الدَّلْوِ حَتَّى يُنَحِّيَهُ

ص: 323